شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
عن الحب والسحر والجن والإسلام؟ السيرة الأسطورية لحمزة عمّ الرسول

عن الحب والسحر والجن والإسلام؟ السيرة الأسطورية لحمزة عمّ الرسول

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الجمعة 28 يوليو 201707:00 م

تبدأ سيرة حمزة في الجزيرة العربية، حيث كان أحد أشهر شخصيات الجاهلية والإسلام، وأحد أعمام الرسول، وكان يقال إنه من "أشدّ" فتيان الجاهلية وأكثرهم فروسية وشجاعة، وبعد إسلامه، تأكدت هذه الصفات حين منحه الرسول لقب "أسد الله". سحرت قوة شخصية حمزة وبسالته المخيلة الشعبية، وانتشرت سيرته بشكل واسع بين الرواة الشعبيين، خاصة في بلاد فارس والهند، فألفوا قصصاً نقلت الصحابي من الجزيرة شرقاً في سفرات وصلت حتى البنغال. ومن هذه القصص تطورت الملحمة التي تعرف بالـ"حمزه‌نامه". تتحدّث حكايات الـ"حمزه‌نامه"، عن مغامارات بطلها حمزة الذي يضطلع بمهمة نشر الدين الإسلامي. 

كيف أصبح الصحابي حمزة بطل سيرة أسطورية عن صراع الخير والشر في بلاد فارس والهند
حيث انتشرت الثقافة الإسلامية، اكتسبت من البيئات المحلية ألواناً جديدة من السرد والفن والخيال
ويواجه في سبيل ذلك، مخاطر كثيرة، حيث يواجه الجنّ، ويقع في الحبّ، ويصارع الشرّ الذي يجسده العملاق "زمرّد شاه". يرافق حمزة في مغامراته صديقه الوفي عمر بن أمية الضميري، وهو صحابيّ، اشتهر قبل الإسلام وبعده، كمقاتل شجاع، وكان سفير الرسول إلى النجاشي ملك الحبشة. ويرافقهما كذلك شخص تقدمها الـ"حمزه ‌نامه" على أنها ابن حمزة، واسمه رُستام، كما ترد في القصص شخصية إمبراطور هندوستان، لاندهور بن سادان، الذي كان صديقاً وحليفاً لحمزة سانده في مواقف عدّة.

لعلّ أسطورة حمزة بن عبد المطلب، الـ"حمزه‌نامه"، تمثل في إيقاعها الأعمق انتشار الإسلام في منطقة الشرق، حيث نجد فيها العديد من المشاهد التي تصوره وهو ينجح في إقناع شخصيات السيرة من أمم مختلفة بدخول الإسلام. يخبرنا التاريخ بأن الإٍسلام بدأ انتشاره شرقاً عن طريق ما يعرف بـ"الفتوحات". ولكن هذه السيرة الخيالية ليس فيها جيوش ولا حروب ولا فتوحات، غير أنّها مبنية على مغامرات شيقة ومثيرة لحمزة، تمزج بين الخيال والأخبار، والقصص القرآنية والحكايات الخرافية. وفي هذا المستوى، يرافق القارئ/المستمع حمزة في رحلاته، حيث يقابل الجن والساحرات والأميرات الفاتنات.

مخطوطة الـ"حمزه‌نامه" المصورة

كان الإمبراطور المغولي جلال الدين أكبر (1556–1605)، من بين أكثر المعجبين بقصة الملحمة، ولذلك أمر بتأليف نسخة فنية مصورة من السيرة مخصصة للبلاط، وهكذا بعد قرون من تناقل القصة شفوياً تم تدوينها في عصره، وهي النسخة الأشهر للـ"حمزه‌نامه". عُرف عن الإمبراطور المغولي تسامحه، فعلى الرغم من أنه كان مسلماً، فقد منع إجبار الناس على الدخول في الإسلام، ومن هنا نرى أهمية سيرة حمزة في سياسته، حيث أنها أبرزت الجانب الشعبي للدخول في الإسلام في إطار قصصي ممتع. تم اتمام المشروع بين 1557م و1577م وتُعتبر هذه النسخة من الـ"حمزه‌نامه"، من أضخم المشاريع التي تمّ تنفيذها من هذا النوع في تاريخ الحضارة الإسلاميّة، ففيها 1400 صورة ملونة، رسمها الفنانان الفارسيين ميرسيد علي وعبد الصمد. هنا صورة لحمزة وهو يقاتل أحد زعماء قوم "القاف" وهي مجموعة غريبة من الجن والساحرات التي لها آذان فيلة. هذه الحادثة التي ينتصر فيها حمزة، أكسبته لقب "مزلزل القاف" في الأسطورة.

استطاع الفنانان مزج الفن الفارسي للمنمنمات وتقنيّات الرسم في بلاد الهند، ومن إبداعمها خلق أسلوبٌ جديدٌ للرسم المغولي. توجد اليوم 200 صورة من أصل المجموعة الأصلية، منتشرة في عدّة متاحف حول العالم. العدد الأكبر منها، 60 صورة، محفوظ في المتحف النمساوي للفنون التطبيقية، الذي يعرف أيضاً بمتحف الفن المعاصر، ومنه صور المقالة. تستند قصص الـ"حمزنامه" على وقائع أرختها كتب الأخبار وقصص خرافية من تأليف الرواة الشعبيين، ففيها استشهادات من قصص قرآنية وعدد كبير من الشخصيات الآسرة والمواقف العجائبية أيضاً، فليس من الغريب أن تقرأ فيها عن ساحرات ووحوش، وأميرات وجنّ التقى بهم حمزة في مغامراته. نكتشف في هذه السيرة، أن شعوب الشرق التي انتشرت فيها الثقافة الإسلامية، أغنت التاريخ العربي الإسلامي بألوان إبداعية مبتكرة من بيئتها المحلية، وأضافت بعداً جديداً لسير الصحابة ولسيرورة انتشار الإسلام.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image