"المعرفة والكتب من بين أهم مصادر أي قضية في إعادة بناء وتقويم أي مجتمع"، بهذه الكلمات تعبّر مجموعة "عين الموصل" عن هدفها من مشروع إعادة بناء وترميم ما دمره تنظيم "داعش". فبعد فترة وجيزة من سيطرة التنظيم المتطرف على الموصل، عمد إلى إحراق مكتبة الموصل المركزية، والتي تقع داخل حرم جامعة الموصل، مدمراً بذلك كتباً ومراجع تعود إلى حقبات تاريخية سابقة.
مجموعة "عين الموصل" أطلقت حملة لإعادة ترميم المكتبة، وتجميع نسخ جديدة من الكتب المحروقة، أو استعادة وتنظيف ما يمكن إصلاحه. كل ذلك يتم عبر مجهود شخص واحد، يفضل حتى الساعة إبقاء هويته سرية، حفاظاً على سلامته وسلامة عائلته.
قصة المجموعة
يرفض القائم على الحملة الكشف عن هويته، ولكنه يشدد لرصيف22 على أهمية إعادة ترميم المكتبة التي قضى جزءاً يسيراً من حياته الدراسية بين كتبها. هو الذي كان أستاذاً محاضراً في جامعة الموصل، يؤكد أن ذلك كان المحفز الأساسي لإعادة ترميم المكتبة التي يعتبرها منزلاً ثانياً له. يقول لرصيف22 "المكتبة مهمة لأنها تحدد شكل مستقبلنا في الموصل، وأيضاً تعطينا جواباً واضحاً حول لماذا قامت داعش أو مثيلاتها على مدى التاريخ بتدمير الكتب. إلى أي حد الكتب خطيرة؟ نعم هي خطيرة إلى حد كبير، لكنها ليست خطيرة على المجتمعات بل على المتطرفين، ولهذا سنعيد المكتبة"، مضيفاً أن الكتب تعني الاطلاع على الثقافات المختلفة والمتعددة في بلادنا، وبذلك تعد عملية ترميم المكتبة مهمة وحيوية "لفتح أبواب الموصل للعالم". غادر القائم على المجموعة الموصل عام 2016 مع اتساع دائرة سيطرة "داعش" على المدينة ولكن المجموعة أكملت عملها على الرغم من المخاطر المتكررة.الجامعة التي خسرت مكتبتها
تأسست جامعة الموصل عام 1967 وكانت تعتبر من الجامعات المهمة في المنطقة، يقصدها طلاب من عدة دول بهدف دراسة اختصاصات مختلف، منها الهندسة والطب والتاريخ والعلوم السياسية. تضمنت المكتبة الأساسية في الجامعة مئات الكتب باللغات العربية والانكليزية، وخرائط ومخطوطات قديمة، ونسخة قديمة من القرآن الكريم تعود للقرن التاسع الهجري. ومع خروج "داعش" من المدينة، رأت مجموعة "عين الموصل" أن الوقت حان لإعادة تنظيم وبناء ما دُمّر، وتحديداً المكتبة. خسرت الجامعة آلاف الكتب، ولا بد أن استرجاع معظمها سيكون مستحيلاً، إلا أن الحملة التي انطلقت إبان إعلان القوات العراقية عن حملة استرجاع الموصل وتحريرها لاقت اهتماماً بارزاً منذ شهر مايو الماضي، ومع اكتمال تحرير المدينة في شهر يونيو، بات العمل على الأرض ممكناً، ونقل الكتب التي جُمعت ضرورياً. على الرغم من احتراق عدد كبير من الكتب، استطاعت المجموعة استرجاع حوالي 2000 كتاب، من بينها مئة كتاب نادر. أما حملة تجميع الكتب فلم تقتصر على العراق حصراً، بل اتسعت لتشمل العالم، واستطاعت المجموعة الحصول على نسخ كتب مختلفة من عدة دول. التجاوب مع الحملة كان سريعاً ولافتاً، من استراليا والولايات المتحدة الأميركية وحتى أوروبا. وقد تبرعت بغداد بـ1001 كتاب دعماً للمشروع. في جعبة المجموعة اليوم 10,000 كتاب، ولكنها تأمل باستعادة عدد أكبر، وتحديداً 200,000 كتاب. ويتخذ فريق العمل من إربيل مركزاً أساسياً لفرز وجمع كل كتاب يتم التبرع به.هل تمحو الكتب أثر داعش؟
تؤكد المجموعة أن إعادة إعمار المكتبة تحدٍ كبير، ولكن تعتبر أن الكتب هي السبيل الأهم لإعادة ربط الموصل بالعالم الخارجي، كي تعود المدينة إلى الصدارة، وتكون مركزاً ثقافياً مهماً، كما عهدها العالم قبل "داعش". وعلى الرغم من عدم معرفة بعضهم بعضاً، فإن التطوع من أجل إنجاح المشروع بدا أولوية أجمع عليها عدد كبير من الشبان، وهو أمر - بحسب القائم على المجموعة - يؤكد إصرارهم على التغيير. فهل تكون الكتب كافيةً لمحو أثر داعش من دمار ومجازر؟رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...