مع مرور كل دقيقة، يتم تصنيع 15 سلاحاً إضافياً مخصصاً للبيع. 639 مليون قطعة سلاح خفيف يتم تداولها في العالم، ما يعادل سلاحاً واحداً لكل 10 أشخاص. 16 مليار ذخيرة تصنّع كل عام، أي رصاصتان موجهتان لكل رجل أو امرأة أو طفل. 60% من الأسلحة الخفيفة موجودة بين أيادي المدنيين، وأكثر من 80% من الأسلحة غير الشرعية مصدرها في الأصل تجارة معترف بها دولياً، تنتهي بين أيادي جيوش، أو ثوار أو إرهابيين أو خارجين عن القانون. الإنفاق العسكري يمضي قدماً بشكل مخيف. ازداد في الشرق الأوسط وحده بنسبة 62% عن العام 1998 ليصبح في العام 2007 بقيمة 91.5 مليار دولار (أي ما يساوي 6.8% من النفقات العالمية)، ووصل في العام 2012 إلى 138 مليار.
نشرت منظمة العفو الدولية في شهر أكتوبر 2011 تقريراً مفصلاً عن الأسلحة التي تم تهريبها منذ العام 2005 إلى دول الشرق الأوسط. يعتبر التقرير أن دولاً عدّة ومن ضمنها الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي وروسيا باعت أسلحة بقيمة مليارات الدولارات إلى حكوماتٍ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا رغم وجود احتمالات كبيرة لاستخدامها بشكل ينتهك حقوق الإنسان، كما حصل خلال الربيع العربي.
إذا أخذنا ليبيا على سبيل المثال، أصدرت 10 دول تراخيص لتوريد الأسلحة والذخائر إلى نظام القذافي منذ العام 2005، بما فيها بلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وروسيا. ذخائر استخدمتها قوات القذافي وخصومها لابتكار جرائم حرب لا تغتفر. وقد تم العثور في مصراتة بعد أن تم قصفها من جانب قوات القذافي، على قنابل عنقودية من صناعة إسبانية مرخصة للبيع عام 2007، رغم كونها محظورة عالمياً بموجب معاهدة حظر القنابل العنقودية. حرص القذافي على تخزين أسلحة أكثر مما تستوعب الدول المجاورة له مثل مصر، والجزائر التي تضمّ شعباً يفوق شعبه بأضعاف كثيرة، دون أن تنفعه بشيء، إذ لم يتمكن حتى من إسقاط طائرة واحدة للناتو.
أما فيما يخص مصر، فتلك الدولة العريقة كانت تستقدم أسلحة مما لا يقل عن 20 دولة في العالم وكانت الولايات المتحدة أكبر الموردين لها، وتقدم لها مساعدات عسكرية سنوية بقيمة 1.3 مليار دولار. أسلحة استخدمتها السلطات لشل تحركات شعبها، وحرصت الولايات المتحدة على انتقادها بكل جرأة.
الوضع الأمني في مصر اليوم يسمح لدول العالم كافة في الاستفادة منه في مبيعات الأسلحة. ووفق منظمة العفو الدولية، قامت دول عدّة بنقل أسلحة إلى مصر لتستخدم في مناسبات عدة، نذكر منها 15062 مسدساً أرسل من جمهورية التشيك في مايو 2013، 1524 بندقية عسكرية ورشاش من الولايات المتحدة بين يناير 2011 ويونيو 2013، وأكثر من 10 مليون دولار أمريكي من الخراطيش في يناير 2012، 14406 مسدس من تركيا عام 2010، خراطيش بقيمة 562231 يورو من إيطاليا بين 2011 و2013، وأسلحة نارية معدة لاستخدام الجيش بقيمة 100831 دولار من الصين في 2010.
في ملتقى القارات الثلاث، تقع تلك المنطقة التي نعيش فيها دون احترام قدير لحقوق الإنسان، الأمر الذي يجعل منها سوقاً لتصريف الأسلحة القديمة الصنع، التي تعيد تدويرها بأجساد شعوبها. من خلال "تجار الموت" الشرعيين وغير الشرعيين، تتزود كل من إيران وسوريا بأسلحة حلفائها من روسيا والصين، في وقت تتدفق الأسلحة المصنوعة أوروبياً وأميركياً إلى دول الخليج وإسرائيل، لتقع أخطرها في أيادي منظمات إرهابية.
في العام 2011 وحده قامت دول أوروبية بترخيص تصدير أسلحة بقيمة 8 مليارات يورو إلى المنطقة، ما يساوي 21.2% من إجمالي صفقات الأسلحة التي قامت بها. 24.8% من الأسلحة التي صنعت في بلجيكا بين 2006 و2010 شقّت طريقها نحو الشرق الأوسط، أكثر من 80% منها كانت موجّهة إلى السعودية. المملكة العربية السعودية حققت مخزوناً من الأسلحة يفوق حاجاتها المشروعة لجيشها، وتعتبر اليوم أهم دولة مستوردة للأسلحة في عصرنا، بينما لا تصنّع أي نوع منها. في ظل “الربيع العربي”، قدمت السعودية كمية كريمة من الأسلحة خلف الكواليس إلى الجماعات المتمردة، وقامت بالمثل دولة قطر، إذ زودت ثوار ليبيا وسوريا بأسلحة مصدرها أوروبا. أسلحة مهرّبة بكميات كبيرة تتناوب عليها الأطراف العدة التي تتنازع في أمة واحدة.
لا بد من الذكر أن منطقة الشرق الأوسط هي من الأراضي الأكثر خصوبة في العالم لتجارة الأسلحة في السوق السوداء، والمسؤولية تقع عليها أيضاً بما أنها لم تقم يوماً بمبادرة تحدّ عبرها من تجارة الأسلحة، عكس معظم دول العالم المتطورة والأقل تطوراً، ولم ترضخ للمعاهدة التي تنظم تجارة الأسلحة والتي أقيمت في أبريل من العام الماضي، رغم أن 116 دولة قد وافقت عليها.
بصورة عامة، شكّل ارتفاع النفقات العسكرية ظاهرة معمّمة على الصعيد العالمي. في العام 2007 ارتفعت تلك النفقات إلى 1339 مليار دولار، ما يعادل ارتفاعاً بنسبة 45% منذ العام 1998. الدول الثلاث التي حققت المصاريف العسكرية الأعلى في المنطقة عام 2012 هي بالتسلسل: السعودية (56.7 مليار دولار)، تركيا (18.1 مليار دولار) وإسرائيل (14.6 مليار دولار).
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...