الصيدلية هي ميدان الجنس السعيد والحزين جداً. بالمنشطات الجنسية وموانع الحمل، وبأدوية الإجهاض ومستلزمات الختان وطلبات الأدوية المُخدّرة في ليلة الدُخلة نغوص معاً في حيوات النساء الجنسية، بعيون طبيبات صيدلانيات من محافظات مصرية مختلفة.
المنشطات الجنسية
أصبحت المُنشطات الجنسية رُكناً أساسياً في حياة أغلب الرجال المصريين، كامتداد لعقود من البحث عن الفحولة في دكاكين العطارة والوصفات البلدية. حتى هؤلاء الذين لا يعانون جنسياً، قد يلجأون للمنشطات في المناسبات، أو لأداء جنسي أفضل.
تعتبر المنشطات الجنسية من أكثر الأدوية ربحاً، وكثيراً ما يكون عليها عروض قد تصل إلى 70% حسماً من الثمن الأصلي، بحسب قول «غادة عبد العال»، طبيبة صيدلانية وكاتبة.
في المقابل، لا تتوفر المنشطات الجنسية النسائية بشكل دائم، وتُباع بصورة غير رسمية كالأدوية المستوردة في المحلة الكبرى والإسكندرية وبنها.
"أنا مبحسش بحاجة خالص". في الإسكندرية، تسأل بعض النساء عن المنشطات الجنسية النسائية، هامسات في أذن الصيدلانية «هدى رياض» عن مناديل الإثارة الجنسية Ultimate Wipes أو جل Butterfly. أما في المحلة الكبرى، فأغلب السائلين من الرجال، مُتعللين بأن زوجاتهم "باردات جنسياً".
بسبب عدم قانونية بيع المنشطات النسائية، تسأل عنه النساء في مدينة بنها، لكنه لا يكون متوفراً أغلب الوقت إلا في السوق السوداء. لم تذكر أي من الصيدلانيات أن البرود الجنسي كان بسبب الختان.
تروي الصيدلانية «أميرة لاشين» من محافظة بنها أن بعض المنشطات الجنسية الذكرية هي في الأصل أدوية لتوسيع الأوعية الدموية، ويتم الترويج لها أنها مُنشطات لأغراض تجارية.
وتخبر: "ولد كانت مامته بتعمل عملية قلب مفتوح ومكتوبلها Erec وهو نوع من أنواع الفياجرا يساعد على وصول الدم للأعضاء، وأما شاف العلبة زعق وقالي دة أمي اللي هتاخدها. ومشي".
ماذا تعرفون عن توفر المنشطات الجنسية النسائية؟ عن "الاغتصاب الحلال"، أدوية التخدير وهوس فض البكارة
ميدان الجنس السعيد والحزين جداً... حيوات النساء الجنسية بعيون طبيبات صيدلانيات
وسائل منع الحمل
ليست المنشطات الجنسية النسائية وحدها التي لا تتوفر للنساء في الصيدليات، فوسائل منع الحمل الطارئ كذلك. تُفيد «لاشين» أن وسائل منع الحمل الطارئ مثل Contraplan لا تتوفر بسهولة، وبالأخص بعد تعويم الجنيه المصري، رغم أنه مؤخراً أصبح متوفراً بشكل ما في الصيدليات الكبرى بالقاهرة.
الكونترابلان هو حبوب هرمونية تأخذها النساء في خلال 72 ساعة من ممارسة الجنس لمنع الحمل.
أما في المحلة الكبرى، فتسأل النساء عنها بعبارات مثل: "هو في كدة فعلاً يا دكتورة؟" وتُرجع «عبد العال» السبب في السؤال إلى عدم إمكانية وصول الثقافة الجنسية إلى هؤلاء النساء حتى من خلال الوحدات الصحية. وإن تم ترشيح الواقي الذكري تسأل عنه النساء باستنكار.
في الإسكندرية قد تشتريه النساء ضمن عدة مُشتريات، ويبقى أغلب المُشترين من الرجال. تقول «رياض» أن الرجال يخفتون أصواتهم عند شراء الواقي الذكري، ويرفعونها عند شراء الفياجرا، وهو ما تجده طريفاً.
أدوية الإجهاض
أما الحمل فهو النتيجة الحتمية التي لا مهرب منها عند ممارسة النساء للجنس. هذا لا يُستدل عليه فقط بعدم توفر حبوب منع الحمل الطارئ، ولكن أيضاً بشروط بيع الأدوية المُحفّزة للإجهاض، مثل سايتوتك أو ميزوتاك.
في ظل تجريم الإجهاض، لا تستطيع النساء الوصول لإجهاض آمن طبياً في المُستشفيات العامة أو العيادات الخاصة. إلا في حال كانت المرأة متزوجة وأفاد طبيبها أن الحمل يُشكّل خطراً على حياتها. في ما عدا ذلك، لا يُباح الإجهاض حتى في حالات الاغتصاب أو العلاقات الجنسية داخل الأسرة - أي ما يُعرف بزنا المحارم.
اتفقت الصيدلانيات الثلاث على وجوب تقديم روشتة مختومة بختم طبيب نساء وتوليد أثناء الإقبال على شراء أدوية تحفيز الإجهاض. ولكن بسبب تجريم الإجهاض في قانون العقوبات المصري، يخشى الأطباء كتابة اسم الدواء على روشتة العيادة.
الرجال يخفتون أصواتهم عند شراء الواقي الذكري، ويرفعونها عند شراء الفياجرا… دردشة مع صيدلانية
تقول «رياض» إن الأطباء يكتبون الدواء على ورقة خارجية، دون حتى إرشاد لطريقة الاستخدام والجرعات. وتضيف: "تتوفر أدوية الإجهاض بصعوبة، وفي الغالب تشتريه شابات مع صديقاتهن ويكنّ مترددات في الشراء والسؤال عن الجرعة. وبسبب عدم إتاحة معلومات عن الإجهاض الطبي، تبحث الشابات عبر الإنترنت على بدائل، كما حدث مع «ز.ز» التي قادها الإنترنت إلى حقنة مثبتة للحمل بدل الإجهاض، مما سبب مضاعفات طبية كادت أن تودي بحياتها".
تتجنب «عبد العال» بيع أدوية الإجهاض حفظاً لأمن الصيدلية في المقام الأول، ويليه عدم وجود عيادات نساء وتوليد قريبة من الحي الذي توجد فيه الصيدلية، مما قد يتسبب في نزيف حاد للمُجهضة إن لم تتمكن من الوصول لمستشفى في حال وجود مضاعفات من استخدام الدواء.
وتلجأ نساء الحي إلى إرشاد بعضهن للوصفات البلدية والطرق البدائية للإجهاض، كنتيجة لعدم توفر الدواء في الصيدلية. في بنها والمنيا، لا تتوفر أدوية تحفيز الإجهاض إما بسبب موقف الصيدلاني الأخلاقي من الإجهاض، أو بسبب عدم توافره لدى الشركة المورِّدة.
مستلزمات الختان
شاش، قطن، بيتادين، محلول ملح، بوليستر.... ومشرط.
هكذا تلاحظ الصيدلانيات أن المُشتريات سوف تستخدم للختان، وتحاولن بجديّة ثني المُشتري عن قرار الختان، لكن دون جدوى. نجد المُفارقة العجيبة هنا، بين تجريم القانون بيع أدوية الإجهاض وبين التغاضي عن بيع مستلزمات الختان، رغم أن الأول اختيار يخص الحق الجنسي والإنجابي للنساء، والثاني جريمة عنف جنسي صريحة.
أدوية التخدير: الإغتصاب الحلال
تتوالى الأسئلة في المحافظات السابقة عن أدوية تخدير من أشخاص يبدو أنهم عائلة واحدة، حيث يدخلون إلى الصيدلية ويقف الرجال في الخلف وتتولى النساء سؤال الصيدلانية عن دواء مُخدر لعروس حتى يتمكن العريس من فض بكارتها.
الصيدليات هي منافذ حيوية لحياة النساء الجنسية. على أعتابها ننجو بأجسامنا، أو لا ننجو
تلجأ عائلة العريس إلى أدوية التخدير في حال لم يستطع فض البكارة، ويكون الحل الأسرع هو تخدير العروس، وتختفي عائلة العروس من المشهد.
في أغلب الحالات لا تُفض البكارة بسهولة أثناء ممارسة الجنس لأسباب عدة، أهمها التشنج المهبلي الناتج عن الخوف وأوهام ليلة الدخلة، أو أن الزوج لا يُهيئ العروس جنسياً قبل الإدخال، أو كان هو نفسه ضعيف الانتصاب أو سريع القذف.
في الختام، الصيدليات هي منافذ حيوية لحياة النساء الجنسية. على أعتابها ننجو بأجسامنا، أو لا ننجو.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...