قبل أيام، أصدر مجلس النواب المصري تعليمات مشددة بحظر مشاركة أعضائه في المؤتمر السنوي العام لـ"المقاومة الإيرانية" الذي عُقد السبت في العاصمة الفرنسية باريس تحت شعار "من أجل إيران حرة".
وكانت قد ثارت العام الماضي أزمة نتيجة مشاركة وفد برلماني مصري بأعمال المؤتمر، وهو ما حاول البرلمان تداركه هذه المرة، عبر إرسال رسالة عاجلة للنواب وهم على متن الطائرة بضرورة الرجوع فوراً إلى القاهرة.
ويشارك في المؤتمر السنوي العام لـ"المقاومة الإيرانية" إيرانيون من الجاليات الإيرانية في مختلف أرجاء العالم، بحسب بيان صدر مؤخراً عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر، وذلك استمراراً لما يسمّيه المنظمون بالتحركات المناهضة للسلطات الإيرانية من أجل تغيير النظام الحاكم في طهران، اعتراضاً على القمع الذي يتعرض له الشعب الإيراني.
وفي المقابل يعتبر القائمون على الحكم في إيران منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، والتي تعتبر جزءاً من المجلس الوطني لـ"المقاومة الإيرانية"، تنظيماً إرهابياً.
أزمة بين إيران ومصر في 2016
وشهد العام الماضي أزمة بين إيران ومصر، بسبب مشاركة وفد برلماني مصري في أعمال مؤتمر المقاومة الإيرانية، تم على أثره استدعاء وزارة الخارجية الإيرانية للقائم بالأعمال المصري في طهران، وهو ما كشف تفاصيله، في ذلك الوقت، المتحدث باسم الخارجية المصرية المستشار أحمد أبو زيد، والذي قال، في بيان إن "أسباب استدعاء الخارجية الإيرانية للقائم بالأعمال المصري في طهران كان للإعراب عن استنكار الحكومة الإيرانية لمشاركة عدد من البرلمانيين المصريين في مؤتمر للمعارضة الإيرانية في باريس".
وأضاف أبو زيد أن القائم بالأعمال المصري أوضح أن مشاركة البرلمانيين المصريين في مثل تلك الفعاليات، لا تعتبر تمثيلاً للحكومة المصرية ولا تتم بالتنسيق معها، لأن مجلس النواب يتمتع بالاستقلالية التامة باعتباره يمثل السلطة التشريعية المستقلة عن السلطة التنفيذية.
عودوا إلى القاهرة فوراً
منذ البداية، عمل البرلمان المصري على تدارك نشوب أزمة جديدة هذا العام، وصرح أمين عام مجلس النواب المستشار أحمد سعد الدين قبل ساعات قليلة من بدء فاعليات المؤتمر، بأنه وردت لعدد من النواب دعوات شخصية غير رسمية للسفر إلى فرنسا لحضور المؤتمر السنوي العام للمقاومة الإيرانية، ولكن مكتب المجلس قرر عدم الموافقة على حضور ذلك المؤتمر "وبالتالي لا يوجد أي تمثيل برلماني رسمي لمصر بهذا المؤتمر" .
وكان خمسة نواب مصريين قد وافقوا على المشاركة في المؤتمر، وسافروا إلى العاصمة الفرنسية باريس للمشاركة فيه، وهم: جمال عباس، مرتضى العربي، داود سليمان، نعمان فتحي والبدري ضيف.
مشاركة نواب مصريين في مؤتمر المعارضة الإيرانية كاد أن يشعل أزمة… تم تدارك الأمر في آخر لحظة
مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس بمشاركة عربية... ولكن بغياب المصريين
رأينا رسالة البرلمان ونحن على متن الطائرة
يقول النائب جمال عباس، أحد النواب الذين سافروا إلى فرنسا للمشاركة في المؤتمر، إن النواب المسافرين تلقوا دعوة لحضور فعاليات المؤتمر من القائمين عليه، بعنوان "إلى أين تذهب إيران؟"، وبناء عليه تم قبول الدعوة، خصوصاً أن هناك وفداً برلمانياً مصرياً شارك في فاعلياته العام الماضي وبالتالي لا مشكلة في المشاركة.
وتابع لرصيف22: "فوجئنا ونحن على متن الطائرة، بوصول رسالة من الأمانة العامة لمجلس النواب المصري، تُطالبنا فيها بإلغاء السفر فوراً وعدم المشاركة في فاعليات المؤتمر على الإطلاق، ولكن للأسف لم نتمكن من العودة خصوصاً أننا كنا على متن الطائرة".
وأشار عباس إلى أنهم بمجرد وصولهم بدأوا في اتخاذ إجراءات عودتهم إلى القاهرة.
فيما قال النائب البدري ضيف إن قبول الدعوة جاء بعد أن تأكدوا من أن أحد أهداف المؤتمر هو مواجهة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة والجهادية والتي يأتي على رأسها تنظيم داعش الإرهابي "وبالتالي وجدنا أن أهداف المؤتمر تتماشى مع توجه مصر لمواجهة الإرهاب على المستوى العالمي، فوافقنا على المشاركة".
"عملتلهم بلوك هذا العام"
شاركت النائبة فايقة فهيم في مؤتمر "المقاومة الإيرانية" العام الماضي. الآن، تعتبر أن مشاركتها كانت خطأ لأكثر من سبب، أبرزها أنه مؤتمر سياسي في المقام الأول، وبالتالي "كان يجب عدم مشاركة أي نواب عن البرلمان المصري في فاعلية ذات طابع سياسي طالما ليست برلمانية وليس لها علاقة بأعمال مجلس النواب"، فضلاً عن أن المشاركة في المؤتمر حينها لم تكن بتنسيق مباشر مع مجلس النواب المصري خصوصاً أن الدعوات تمت بشكل شخصي، ولم تكن موجهة للبرلمان نفسه.
وتابعت: "أنا عن نفسي عملت ليهم بلوك علشان ميجليش منهم رسائل تانية".
لدينا تحفظات على إيران ولكن...
"جاء قرار حظر المشاركة في مؤتمر "المقاومة الإيرانية" لرفض المجلس حضور فاعليات لمعارضة تحتضنها وتمولها قوة دولية، وليست مجرد معارضة وطنية في الداخل، وذلك بغض النظر عن الموقف من النظام الإيراني نفسه، والذي عليه تحفظات شديدة جداً بشأن تدخل إيران في شؤون الدول الأخرى مثل العراق وسوريا"، قال أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري النائب طارق الخولي مضيفاً أن "الأمر ليس له علاقة بتأيد طرف على حساب طرف آخر".
وأضاف الخولي أنه تلقى دعوة لحضور المؤتمر ورفض المشاركة، لأنه "ليس من الصواب أن نشارك في فاعلية تنظمها معارضة تستغلها قوة دولية لتحقيق أهداف سياسية خاصة بها، حتى وإن كان لدينا تحفظ على النظام الإيراني نفسه، فالأمر كله له علاقة بمبادئ وسياسيات ثابتة لمصر".
عدم تكرار سيناريو قطر وتركيا
وعن ملابسات ما حصل، يقول أستاذ الدراسات الإيرانية في جامعة طنطا الدكتور مدحت حماد إن قرار مجلس النواب بحظر المشاركة في مؤتمر "المقاومة الإيرانية" في فرنسا، تدارك للخطأ الذي وقع فيه العام الماضي، خصوصاً أن مشاركة السلطة التشريعية في مصر بشكل رسمي أو غير رسمي، بمؤتمر لـ"منظمة مجاهدي خلق"، وهي منظمة تعتبرها إيران كياناً إرهابياً، شأنها شأن الإخوان بالنسبة مصر، تُعتبر إعلاناً صريحاً بأن مصر ضد الدولة الإيرانية والجمهورية الإسلامية هناك، وأنها تقف خلف "مجاهدي خلق"، مثلما تقف تركيا وقطر خلف الإخوان.
وأضاف حماد لرصيف22 أن عدم حضور المؤتمر لا يعني أن مصر تدعم الجمهورية الإسلامية في إيران، فالأمر ليس له علاقة بالتأييد، ولكن سياسية مصر هي عدم الدخول في عداوة مع أي دولة، واتخاذ سياسية متوازنة.
من هنا، أكد أن قرار المقاطعة أو المشاركة نابع من سياسية مصر الخارجية بغض النظر عن الدولة، خصوصاً أن مثل هذه القرارات تؤثر على العلاقات الإقليمية والتنسيق في الشرق الأوسط لمواجهة الإرهاب، لا سيما أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما اعتبرت مجاهدي خلق من المنظمات الإرهابية عندما كانت تحاول استرضاء ايران.
وإذا كانت الأزمة الدبلوماسية قد انتهت قبل أن تبدأ إلا أن فصول سفر النواب الخمسة تتابع، إذ قال أمين عام مجلس النواب المصري المستشار أحمد سعد الدين إن رئيس مجلس النواب علي عبد العال قرر إحالة هؤلاء النواب إلى مكتب المجلس للتحقيق.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...