شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
مجموعة مغلقة تجمع 100 ألف شاب سوري على فيسبوك… ماذا يدور فيها؟

مجموعة مغلقة تجمع 100 ألف شاب سوري على فيسبوك… ماذا يدور فيها؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 10 يوليو 201708:08 م
في ظل التوزيع الجغرافي الواسع للسوريين في شتى أنحاء العالم، يبدو العالم الافتراضي المكان الوحيد القادر على جمعهم متجاوزاً الحدود الجغرافية. ولكنه يعجز غالباً عن تجاوز الفرقة السياسية والطائفية بينهم. إحدى المحاولات الافتراضية تحاول أن تنجح في هذا المجال: تمنع الخوض في السياسة والدين، تفتح بابها لجميع السوريين، وتزداد شهرةً كل يوم منذ أن تأسست بداية العام الحالي. كثر الحديث عنها، والتهجم عليها، وظهرت شعاراتها في العديد من الصفحات والحسابات الشخصية على فيسبوك. اسمها مجموعة "الفالوجيين"... فهل تنجح (ولو افتراضياً) في جمع جزء من الكثير الذي فرقته الحرب؟

بعيداً عن الانقاسامات

منذ بداية الاحتجاجات في آذار 2011، أصاب الانقسام السياسي – وما تبعه لاحقاً من انقسامات طائفية وإثنية – المجتمع السوري ومؤسساته. ورغم محاولات عديدة للاجتماع على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن غالبيتها انتهت بغلبة لون واحد وفقدت مشاركة الألوان الأخرى. واستطاعت أن تنجو بعض المحاولات المرتبطة بشؤون محددة، خدمية مثل "دوبارة" أو علمية مثل "الباحثون السوريون" و"ناسا بالعربي"، دون أن تجمع فعلياً سوى أصحاب الاهتمام المشترك من السوريين. في بداية العام الحالي، بدأ شاب مقيم في دمشق، عمره اثنان وعشرون عاماً، بمحاولة لإنشاء مجموعة تضع كل الانقسامات خلفها وتتجاهلها. فأسس ربيع السيروان، المصور الفوتوغرافي وخريج قسم التصوير الضوئي في معهد الفنون التطبيقية بدمشق، مع أصدقائه المقيمين في دمشق، مجموعة على فيسبوك أسموها "فالوجيين"، آملين أن تجمع السوريين من شتى أنحاء العالم والانتماءات. يقول السيروان لرصيف22 إن "الهدف الأول من المجموعة هو التسلية، والهدف الثاني هو أن نساعد بلدنا التي تحتاجنا في هذا الوقت، وإن كان بشيء بسيط ما دمنا سنترك بصمة". يتم قبول الأعضاء الجدد في المجموعة على أساس معيار واحد: الجنسية والجنس. فالمجموعة للرجال السوريين فقط. يبرر السيروان ذلك قائلاً إن عدم وجود نساء يعطي الرجال مجالاً لأخد راحتهم في الحديث، ولتفادي ما وصفه "بالمشاكل السائدة بين الجنسين عادةً"، كالتحرش ومحاولات التعارف. وتسمح هذه الحصرية بمناقشة العديد من المواضيع الحساسة، خصوصاً عبر منشورات طلب المشورة – كالحياة الجنسية والزوجية والصحية. وينفي السيروان أن يكون هناك أي اعتبار سياسي أو ديني أو ما شابه قائلاً: "كل هذه الأشياء لا تهمنا، ما يهمنا أن يحمل الجنسية السورية فقط".

ما معنى "فالوجي"؟

تعني كلمة "فالوجي" في اللهجة السورية المحلية "ممتاز" أو "خارق"، وتأتي من كلمة "فالج" التي تعني الشلل النصفي، إذ يقال مجازاً عن الأمر المذهل بأنه "يفلج"، أو يسبب شللاً لشدة روعته. تحوي المجموعة اليوم أكثر من 100 ألف شاب، يُعتقد أنهم جميعاً سوريون، إلا أنه يصعب التحقق من ذلك فعلياً. يقيم الأعضاء في شتى أنحاء سوريا والعالم، بعضهم يقبع في أقصى الاتجاهات السياسية يجيب السيروان، الذي يقول إن فيه مقاتلين من الطرفين. وتضم مشاهير كالممثل التلفزيوني أويس مخللاتي الذي ارتفعت شعبيته في رمضان الأخير بعد مشاركته في مسلسل "الهيبة"، ومغنيي الراب بوكلثوم وتشاكي الذي أنتج أغنية عن المجموعة بعنوان "نحنا الفالوجيين"، كما أنتجت عدة أغاني للمجموعة، إحداها توصف بأنها النشيد الرسمي.
إلا أن هناك الكثير من الاتهامات، إحداها تشير إلى أن المجموعة تدار من قبل النظام بسبب وجود مديريها في مناطق سيطرته. ينفي بعض الأعضاء ذلك الاحتمال قائلين إن السن الصغيرة للقائمين على المجموعة تنفي هذا الاحتمال، ولكنهم يعتبرونها في الوقت نفسه مجموعة "تسلية لأبناء المسؤولين"، أي أبناء الرجال النافذين في الدولة السورية.

أنواع المشاركات

يمكن بعد رصد المنشورات الموجودة على حائط المجموعة لعدة أيام، أن تُصنف ضمن بضع فئات، الأولى وهي الأكثر انتشاراً المنشورات الترفيهية. والثانية هي منشورات "التنقيط"، ويطلب عبرها الشخص مساعدة ما، غالباً ما تتعلق بفقدان طفل أو وثائق رسمية أو حاجة للتبرع بالدم، مع طلب "التنقيط"، وهو التعليق بنقطة فقط كي يستمر المنشور في الظهور لمن يزورون المجموعة لاحقاً. وتأتي الكثير من هذه المنشورات على شكل نسخة من رسالة أرسلت لأحد الأعضاء تطلب نشر الخبر على مجموعة "فالوجيين" تحديداً ليصل الخبر إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص. كما توجد منشورات يمكن التعبير عنها بأنها إثبات وجود، والتي يقوم المعلقون فيها إما بذكر أماكن وجودهم أو نشوئهم ليؤكدوا الانتشار والفعالية الواسعين للمجموعة. أو يقومون بدعم صفحة مشروع أو شخص ما منهم، مثل الاستنفار الأخير الذي قاموا به لدعم أسامة صلاح الفرخ أحد أعضاء المجموعة، المشارك في مسابقة لمؤسسة "Level U"، والتي تتطلب حصول المتباري على عدد من الإعجابات تزيد على منافسته، التي تنتمي بدورها لنسخة نسائية من المجموعة تدعى "فالوجيات". وأخيراً المنشورات التي تطلب المشورة بشأن ما، والتي قد يحصل الشخص بسببها على أكثر من ألفي رأي خلال ساعات قليلة.

شخصية ذكورية

يظهر أثر الوجود الذكوري الحصري على شخصية المجموعة جلياً في بعض المواقع. فالمنشورات مثلاً تكثر بها الألفاظ النابية، والتي يفضل غالبية المشاركين عدم استخدامها في وجود نساء، بالإضافة إلى الكثير من النكات الجنسية. كما يظهر عداء شديد للمثلية الجنسية، وهو يبدأ غالباً بعرض رسائل تحرش جنسي تعرض له أحد الأعضاء من شخص مثلي، ليظهر بعد ذلك رهاب المثلية لدى البعض، والذي يتكرس في المجموعات الذكورية.

نجاح أم جريمة إلكترونية؟

مع بداية انطلاق المجموعة، كانت تنتشر بشكل كبير حملات التبليغ الجماعية لحسابات وصفحات تتحدث بشكل عنصري عن السوريين. ولكن في ما بعد تسبب الأمر بمشكلات عدة، أشهرها الصدام مع جود عقاد، المدونة السورية المقيمة في السويد والمعروفة في الأوساط المعارضة، خصوصاً بفيديوهاتها المثيرة للجدل، والتي تخلغ في أحدها حجابها ما أثار ردود فعل متباينة. بدأت مشكلة عقاد، حسبما صرحت لرصيف22، بحملة تبليغات على حسابها، مضيفة أنها حركت دعاوى قضائية ضد عدد من أعضاء المجموعة ومديريها على خلفية مجموعة من المنشورات والتعليقات، وذلك بتهمة التهديد باغتصابها و"أفراد أسرتها" إضافة للتحريض على المثليين. وكانت هي السبب، حسب عقاد، في إغلاق المجموعة للمرة الأولى. تؤكد أن "هناك شاباً منهم يتعرض للمحاكمة في النروج حالياً، كما يوجد شاب آخر بانتظار المحاكمة في إمارة دبي، وقد يواجه عقوبات تراوح بين الترحيل والغرامات المالية أو السجن لسنتين". ينفي ربيع السيروان معرفته بوجود دعاوى قضائية، مؤكداً أن إغلاق المجموعة، أربع مرات حتى الآن آخرها منذ أقل من شهر، كان دائماً بسبب القرصنة وليس مخالفة سياسة فيسبوك. "إن كان الإغلاق يتم عن طريق فيسبوك بالفعل، يفترض أن أتلقى رسالة منهم يبلغونني بالأمر كما هي العادة، لكن لم يصلني شيء، أستيقظ لأجد المجموعة وقد اختفت".

الحيطة وقوائم الممنوعات

تمنع المجموعة حالياً في لائحة قواعدها الجديدة نشر حسابات للتبليغ عنها، كما تمنع الصور والفيديوهات الإباحية الصريحة، أو التكلم في السياسة والدين، أو الكفر وسب الأديان، أو شتم الأهل والعائلة لأحد الأعضاء "دون معرفة شخصية". كما تشترط أن يزيد سن الأعضاء الراغبين بالانضمام إليها عن 18 عاماً، وتبدو هذه القواعد في معظمها تهذيباً للنشاط الذي بدأت به المجموعة في سبيل الحفاظ على استمرارها وسمعتها الجيدة. تتجاوز نشاطات المجموعة العالم الافتراضي، حيث يلتقي بعض أعضائها في المدينة نفسها كلما تسنى لهم ذلك. كما يحصلون على حسومات في الكثير من المحال التجارية التي يملكها أعضاء آخرون، وبدأوا منذ فترة قريبة أعمالاً خيرية، مستغلين سهولة تجمعهم والتنسيق في ما بينهم.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image