شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
تقرير الفيفا يكشف أخيراً لغز وصول المونديال إلى قطر... هل سيُسحب منها؟

تقرير الفيفا يكشف أخيراً لغز وصول المونديال إلى قطر... هل سيُسحب منها؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 11 يوليو 201703:06 م
بعد ثلاثة أعوام من اللغط والتكهنات، أبصر تقرير المحقق الأمريكي مايكل غارسيا، حول ملابسات منح تنظيم مونديالي 2018 و2022 إلى روسيا وقطر تباعاً، النور. 430 صفحة كانت مخفية لمدة طويلة، وجد الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" نفسه ملزماً بنشرها بعدما تم تسريبها إلى صحيفة "بيلد" الألمانية، مبرراً قراره بـ"تجنب نشر أي معلومات مضلّلة". توقيت تسريب التقرير وما تضمنه، وتحديداً لجهة قطر التي تمر بأزمة سياسية حرجة مع جيرانها في الخليج، وما سيجرّه على مصير مونديال 2022... كلها تساؤلات أثارها التقرير الذي كان قد تسبب أساساً في العام 2014 باستقالة مُعدّه بعدما رفضت لجنة الأخلاق في الفيفا نشر نصه كاملاً، واكتفت بنشر 42 صفحة منه، برأت ساحتي روسيا وقطر من تهم شراء الاستضافة. الآن تغيرت الظروف. سُرّب التقرير للصحيفة الألمانية بعدما كان مسؤولا لجنة الأخلاق كورنيل بوربيلي وهانس يواكيم إيكرت - اللذان حرصا على حجبه - قد استقالا في وقت سابق فلم يكن ثمة مفر من نشره كاملاً. ولكن هل الظروف اللوجستية وحدها ما أسهمت في إخراج التقرير / اللغز إلى العلن؟ أم ثمة أسباب أخرى، بعضها سياسي، ترتبط بتحريك هذا الملف مجدداً وقلب المواجع على قطر تحديداً؟ قبل الخوض في أسباب نشر التقرير في هذا التوقيت وتداعياته، لا بد من الوقوف عند أبرز شبهات الفساد التي تضمنها التقرير بشأن قطر.

ما أبرز ما تضمنه التقرير عن قطر؟

  • قبل مدة قليلة من ديسمبر 2010، موعد التصويت على الاستضافة، سافر 3 مسؤولين في الفيفا ممن لديهم حق التصويت على متن طائرة خاصة تعود للاتحاد القطري لكرة القدم لحضور حفل خاص في البرازيل، فضلاً عن نزولهم في فندق فخم والحصول على رفاهية تامة على الحساب القطري.
  • مليونا دولار من مصدر مجهول دخلا في حساب ابنة أحد أعضاء الفيفا (المخولين التصويت) والتي تبلغ العاشرة من العمر.
  • اتفاقيات مشكوك بأمرها لتمرير صفقات بناء الملاعب في قطر لمقربين من أعضاء في الفيفا، وتحديداً تلك المتعلقة بشركة البناء المملوكة من زوج أحد شركاء رئيس الفيفا.
  • إيميلات أرسلت من أعضاء في الفيفا إلى مسؤولين قطريين تشكرهم على حوالات مالية بمئات آلاف الدولارات.
  • أكاديمية "أسباير" القطرية، من أكبر المراكز الرياضية في العالم، كانت ضالعة بشكل حاسم في توريط أعضاء الفيفا الذين يحق لهم التصويت.
هذا ما بينه تقرير غارسيا بنسخته الكاملة بشأن قطر، علماً أن غارسيا كان قد بدأ بدراسة شبهات الفساد في العام 2012، لا سيما بعد ادعاءات بقيام القطري محمد بن همام، وهو رئيس اتحاد كرة القدم الآسيوي السابق، بدفع مبلغ 5 ملايين دولار لمسؤولين بمجال كرة القدم مقابل دعمهم لقطر.
Qatar 2022Qatar 2022
وكانت قطر قد نفت بشدة شراء الأصوات التي اختارتها للاستضافة من بين أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة، على اعتبار أن بن همام لم يتصرف بصفة رسمية.
وجاء في التقرير الأخير ما مفاده أن ما دفعه بن همام كان لمصالحه السياسية الشخصية، وليس دعماً لمحاولة قطر لاستضافة البطولة، من دون أن ينفي ذلك وجود "مؤشرات معينة على سلوك مثير للمشاكل لدى أفراد محددين".

هل يهدّد ما سبق استضافة قطر للمونديال؟

بحسب التقرير، هناك شبهات تتعلق بكيفية منح هذا الحق لقطر من دون أن يعني ذلك إمكانية اعتبار هذه الشبهات سبباً لسحب المونديال من قطر. انعكس ذلك ترحيباً قطرياً أبدته اللجنة العليا للإرث والمشاريع القطرية في بيان أثنى على نشر التقرير كاملاً، من دون أن يغفل التشكيك في توقيت التسريب، في إشارة إلى تزامنه مع الضغط الخليجي على قطر. وكان الأمين العام للجنة حسن الذوادي قد طمأن إلى سير التحضيرات للمونديال بشكل طبيعي، وافتتاح أول ملاعب البطولة (استاد خليفة الدولي)، مقللاً من شأن المخاوف التي أعقبت الأزمة الخليجية حول مستقبل المونديال في قطر بسبب المشاكل السياسية واللوجستية.

هل التحقيقات كافية؟

إذا عدنا إلى ما ذكره غارسيا، بحسب "نيويورك تايمز"، فقد قوبلت تحقيقاته مع أعضاء اللجنة التنفيذية ومعنيين آخرين بالملف بالتجاهل أو الانتقاد أو الفشل في التعاون. وقد عبر مراراً عن إحباطه الناتج عن محدودية قدراته في التحقيق لعدم امتلاكه صلاحية الاستدعاء على الرغم من أنه كشف تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على التصويت. وذكرت الصحيفة أن غارسيا قد كشف أن اللجنة التنفيذية للفيفا لم تناقش حرارة الطقس الحارقة التي تشهدها قطر خلال فصلي يونيو ويوليو، علماً أن محققي الفيفا كانوا قد اعتبروا هذه المسألة أساسية في النقاش. واستنتج تقرير غارسيا وجود فشل في النظر لمسألة درجة الحرارة في قطر بشكل صحيح، قبل التصويت لمنح الحق لهم في استضافة المونديال وما سيترتب على ذلك في المجال الصحي والطبي، كما لم تأخذ اللجنة الخسائر والتعويضات التي يسببها تعديل أجندة المباريات في حال تم تغيير موعد كأس العالم. بدوره، انتقد الصحافي بارني روني، في تقرير له في صحيفة "الغارديان"، التقرير نفسه وما يقدمه. استهزأ روني بادعاء الفيفا نيتها الدائمة نشر التقرير "توخياً للشفافية"، قائلاً "ولمَ لا؟ لم يقدم التقرير الكثير، أو بالأحرى قد قدم ما نعرفه أساساً وما نتوقعه". وأشار روني إلى "بديهية" استقالة غارسيا ووصفه التقرير المختصر سابقاً بـ"المنقوص والخاطئ"، فهو فوجئ بالأبواب الموصدة، والأبواب التي لا تُفتح سوى لتؤدي إلى أبواب أخرى والعجز عن الاستدعاء، في جسد الفيفا الذي يضم كافة التناقضات. مشكلة غارسيا الأساسية، بحسب الصحافي، تكمن في أنه لم يتمكن من سماع سوى ما كان مسؤولو الفيفا مجهزين لإخباره، لكن مع ذلك يبرز التحقيق ثقافة الجشع المترسخة في عالم (الرياضة) ينبغي أن يكون الأبعد عنها. في النهاية، يطمئن روني غارسيا داعياً إياه لعدم القلق، فالصورة الحقيقية عن الفيفا، ولو لم يبرزها التقرير، قد باتت واضحة.

ما هي التداعيات المحتملة للتقرير؟

في ما يحمله التقرير في طياته، وما أثاره من ردود، لا يبدو أنه كاف لسحب المونديال من قطر. لكن المراقبين يتوقعون أن يقود إلى إعادة فتح الملف في الفيفا، ربما من جهات لها حسابات تصفيها مع قطر في الظروف الاستثنائية التي تمر بها. في مطلق الأحوال، وقبل التقرير، كانت الشكوك قد بدأت تحوم حول مونديال 2022 بسبب الأزمة الخليجية، وعلاقة قطر المتأزمة مع جيرانها وما ستخلفه من آثار سلبية على قدرتها في إنجاح المونديال ومنها مثالاً الأمور اللوجستية كاستضافة الجيران لبعض ضيوف المونديال وحركة الطيران وغيرها. من هنا، تُترك الأمور للوقت الذي سيكشف عمق الأزمة الخليجية وطول مدتها. وفي الشق القضائي المتعلق بالفيفا، فلا يبدو من التقرير أن الاتحاد الدولي مستعد لخوضه، لكن على الأقل قد تتعزز المطالبات لإعادة فتح التحقيق مرة جديدة وتعزيز الحملات ضد استضافة قطر للمونديال، وهي حملات كانت قائمة أصلاً قبل التقرير.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image