ضمن فعاليات مهرجان التصوير بالموبايل في نسخته الأولى، والذي أُطلق في القاهرة خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر من هذا العام وتواصل حتى شهر تشرين الثاني/نوفمبر، من قبل مؤسسة ومدرسة التصوير "فوتوبيا"، نظمت المؤسسة معرضاً فنياً أيضاً تحت عنوان "صنع في مصر".
دعت "فوتوبيا" مصوري الفوتوغرافيا، للتقدم بصور تتسق مع اسم المعرض مع الالتزام بأن تكون التقطت باستخدام كاميرا الهاتف المحمول. فخرج لنا حدث فني فريد، سرّ تألقه يكمن في 180 صورة دمجت بين مشاركات فنانين محترفين لهم ثقلهم الفني وخبراتهم، وبين صور الهواة المصنوعة بخفة ومزاج.
دعت "فوتوبيا" مصوري الفوتوغرافيا، للتقدم بصور تتسق مع اسم المعرض مع الالتزام بأن تكون التقطت باستخدام كاميرا الهاتف المحمول
حسب مروة أبو ليلة، مؤسسة "فوتوبيا"، فإن غرض المعرض في البداية كان تقديم الفكرة الهزلية المتجسدة في الشارع المصري بشكل غير تقليدي. وكعادة المصريين، فإنهم يقدمون الجِدّ على طبق هزلي ويقدمون الهزل بمنتهى الجدية.
طباعة فريدة
نظراً إلى عدد الصور الكبير المطلوب طباعتها، اختار منظمو الحدث طريقة إخراج فني غير تقليدية، تنازلوا فيها عن البرواز الخشبي المعتاد واستخدموا ورقاً فوتوغرافياً خفيفَ الوزن طُبع عليه بطريقة الليزر، وبخط يشبه الكتابة اليدوية، أسماءَ المصورين تحت كل صورة، فبدت كأنها توقيع الفنان ذاته على صورة التقطت للتوّ بطريقة التصوير والطباعة الفورية "بولارويد"، مما رسخ لفكرة البساطة والسرعة التي أتاحتها كاميرات الهواتف المحمولة.
على اسم مصر
وقفت طويلاً داخل ساحة المعرض حائرة في اختيار وصفاً له، وجدته ساخراً، وحزيناً، ومدهشاً، ومؤثراً، وصادقاً، وغاضباً، وسعيداً.
كيف نصف خلطة المتناقضات السحرية تلك بكلمة معبرة غير أنها فقط "مصرية"؟ هنا وباقتران شرطي، سمعت صوت شاعرنا صلاح جاهين يردد في أذني مقاطع من قصيدته "على اسم مصر"، سواءً خلال تجولي بين صور المعرض أم في أثناء محاولاتي الكتابة عنه في هذه المقالة:
"صبية ولادة يابا ولحمها جلاب… بحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء، وأكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء… الكاتب المصري ذاته مندمج في مقال ومصر قدامه اكتر كلمة مقرية".
تناغم دون اتفاق مسبق
في شرحها لكواليس تنظيم الحدث أوضحت فريدة مهدي، منسقة المعرض، أن طريقة تقسيم المعرض لمجموعات داخلية تحوي مصر القديمة، والمواصلات، والأكلات المصرية، وتصوير الوجوه، واللافتات وغيرها، قد تمت بعد استقبال المشاركات.
حدث ذلك عندما وصلت أفكار متشابهة بدت كأن أصحابها اجتمعوا لوضع خطة للمعرض وخرجوا لتصويرها معاً. ربما تلك هي حالة التوارث التي تحدث للمصريين دون وعي كامل منهم ويسمونها "الجينات".
حسب مروة أبو ليلة، مؤسسة "فوتوبيا"، فإن غرض المعرض في البداية كان تقديم الفكرة الهزلية المتجسدة في الشارع المصري بشكل غير تقليدي. وكعادة المصريين، يقدمون الجدّ على طبق هزلي، ويقدمون الهزل بمنتهى الجدية
لعبت العفوية دور البطل الخفي، ففي القسم الخاص بمنطقة الأهرامات كأشهر مثلٍ على تاريخنا القديم أو الحضارة الفرعونية، حتى وإن بدا موضوعاً تقليدياً، نجد فيه عفوية في صورة لجمل يرتدي "سانتاكلوس"، وآخر يُقبّل صاحبه.
أما في مجموعة وسائل النقل، نرى شخصيات عادية لم تنتبه للتصوير، تصرفت بعفوية، فسجلت حالاتٍ تنقلنا بين زحامٍ حدّ الاختناق، وبين تراحم حد القوى الخارقة.
من القاهرة: "الحرية لفلسطين"
توحي طريقة تنسيق البطيخ في صورة الفنان كريم بدر، وكأنها لمعرض فني، على الرغم من بساطة المكان وصاحبه. ومن بُعد آخر ظهر وكأنه مشهد سياسي مقصود يدعم القضية الفلسطينية. مثلما تجلت المساندة الشعبية والتضامن المعنوي من قبل المصريين منذ بداية الحرب، في إظهار العلم الفلسطيني أو إنتاج تصميمات تحوي فاكهة البطيخ في رمزية لنفس ألوان العلم.، وجدناها مطبوعة على الجدران والسيارات وشبابيك البيوت وعلى منتجات كالملابس والشنط. وثقت موبايلات عدد من العارضين تلك المشاهد، واحتلت ركناً من ساحة العرض.
تحدث كريم بدر، صاحب صورة البطيخ، إلى رصيف22، قائلاً: "على الرغم من كوني مصوراً محترفاً، فإنه لا غنى عن كاميرا الموبايل. التقطت تلك الصورة وباقي مشاركاتي في المعرض من داخل سيارتي بالصدفة". ويضيف بدر: "استخدام الموبايل أسهل وأسرع، ويعتمد فقط على قدرة المصور الإبداعية، وكان له الفضل في السماح لنا بإعادة اكتشاف مناطق الجمال المتأصل في أعماق الشخصية المصرية العفوية".
أما الفنان لؤي زيدان، فقد بدأ مشواره في التصوير مستخدماً كاميرا هاتفه كهوايةٍ، تطورت في ما بعد للاحتراف، لكنّ ولاءه ظل لرفيق البدايات.
يقول زيدان في تصريح خاص لرصيف22: "الموبايل جعل تصوير الشارع أكثر جرأة وأضاف إليه حياةً تتجدد لحظياً، فهو أداة تصوير خفيفة الوزن وسهلة الحمل مما يجعله شديد التميز، لا نستطيع مقارنة جهازاً متطوراً محمولاً في الجيب، بحقيبة كاميرا احترافية قد يصل وزنها إلى ثمانية كيلوغرامات".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
HA NA -
منذ 3 أياممع الأسف
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ أسبوعحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينعظيم