شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
الممكن والمتوقع من إدارة ترامب الثانية في الشرق الأوسط؟

الممكن والمتوقع من إدارة ترامب الثانية في الشرق الأوسط؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحقوق الأساسية

الخميس 7 نوفمبر 202402:50 م

أفضل دليل لقراءة ولاية الرئيس الأمريكي المقبل دونالد ترامب الثانية، هو ما فعله كرئيس في المرة الأولى. مع ذلك، الأمر غير مقتصر على شخص الرئيس الجديد، بل سيكون مقروناً بمن سيختارهم لتولّي مهام مستشار الأمن القومي ووزارتي الدفاع والخارجية إلى جانب مناصب رئيسية أخرى.

وبجوار ذلك، يجب النظر إلى من سيسيطر على الكونغرس بمجلسيه، الشيوخ والنواب، كعامل رئيس في تحديد وتوجيه السياسة الأمريكية الخارجية، من خلال إقرار الميزانيات التي تموّل ارتباطات أمريكا الخارجية، وتأكيد المرشحين الرئيسيين للمناصب، والإشراف على سياسات السلطة التنفيذية. ولمزيد من الدقة، يجب إيلاء الاهتمام اللازم لوعود وتصريحات الحملة الانتخابية، باعتبارها موجِّهةً لسياسات الإدارة الجديدة.  

بين السعودية وإيران 

في نظرة سريعة على سياسة ترامب وإنجازاته الشرق أوسطية السابقة، يتضح أنه بدأ زياراته الخارجية الأولى من المملكة العربية السعودية، وخلالها تم توقيع عقود عسكرية قُدّرت بنحو 380 مليار دولار، بهدف تعزيز قدرات المملكة في مواجهة الإرهاب، ما يخفف التزامات واشنطن تجاه الأمر.

كما أعلن خروج بلاده من الاتفاق النووي الموقّع مع إيران، وفرض على الأخيرة عقوبات اقتصاديةً واسعةً عُرفت بسياسة "الضغط الأقصى". وبجانب ذلك، أعطى الإذن بقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي "أبو مهدي المهندس". كما سعى لإنشاء تحالف إقليمي لمواجهة إيران، وهو ما لم يُكتب له النجاح حينها. 

الإبراهيمية السياسية  

وشكّلت اتفاقيات إبراهيم التطبيعية، إرث ترامب الأبرز، بالإضافة إلى إعلانه عن "صفقة القرن" لحلّ النزاع الفلسطيني-الاسرائيلي. إلى ذلك، أعلن اعتراف واشنطن بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وحضر مراسم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو ما تفاداه سابقوه، لمخالفته مقررات الأمم المتحدة. كما تسامحت إدارته في شأن المستوطنات في الضفة الغربية، ولم تعدّها مخالفةً للقانون الدولي، وأوقفت المعونات التي اعتادت واشنطن تقديمها للسلطة الفلسطينيّة، ما زاد من تهشيم الأخيرة، وتالياً ضرب أي إمكانية لتفاوض يفضي إلى منحها السيادة الكاملة في المناطق الفلسطينية المعترف بها دولياً. 

في نظرة سريعة على سياسة ترامب وإنجازاته الشرق أوسطية السابقة، يتضح أنه بدأ زياراته الخارجية الأولى من المملكة العربية السعودية، وخلالها تم توقيع عقود عسكرية قُدّرت بنحو 380 مليار دولار، بهدف تعزيز قدرات المملكة في مواجهة الإرهاب، ما يخفف التزامات واشنطن تجاه الأمر 

على ذلك، تتجه التقديرات لاعتبار ولاية ترامب الثانية تعزيزاً لموقف أقصى اليمين الإسرائيلي، والائتلاف الحاكم حالياً في إسرائيل بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. فبرغم انتقادات ترامب العلنية لنتنياهو، إلا أنه منسجم مع اتجاهات هذا المعسكر السياسي، الذي يرفض فكرة العودة إلى حدود العام 1967، ويمانع وقف بناء المستوطنات، مع مناهضة أي محاولة لإنعاش السلطة الفلسطينية. 

أما بخصوص الحرب الدائرة حالياً، فيرجَّح تحرر هذا المعسكر من ضغوط الإدارة الأمريكيّة الراهنة، التي تسعى إلى تجديد السلطة الفلسطينية، وتسليمها الحكم في قطاع غزّة، كما سيتحرّر من أي ضغوط أمريكية تدفع باتجاه استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة، للعودة إلى قاعدة الدولتين. مع ذلك، يرجَّح عدم إظهار الإدارة القادمة الكثير من الحماسة للتدخلات العسكرية الفاعلة في المنطقة. 

الشراكة الخليجية - الأمريكية 

وعلى ضفة الخليج العربية، يرجَّح أن يطوّر ترامب علاقات اقتصاديةً وأمنيةً مع هذه الدول، لا سيما السعودية والإمارات، لتعزيز التحالفات الأمريكية في مواجهة النفوذ الإيراني. لكنه قد يصطدم بعقبات مرتبطة أساساً بتطبيع العلاقات الخليجية الإيرانية، مع تراجع الخيارات العسكرية لديها، ما قد يدفع إدارة ترامب المقبلة للتفكير في خفض التصعيد مع إيران أو إيجاد صيغ توافقية بديلة، وخريطة تحالفات جديدة، مع إمكانية تعرّضها لضغوط من قبل الإدارة الأمريكية المقبلة للالتزام بأقصى قدر من الضغط على إيران.

على الجانب الآخر، قد يؤدي تعزيز هذه الشراكات إلى تسخين حالة التنافس الأمريكي الصيني في المنطقة، حيث عملت دول الخليج في السنوات الأخيرة على تنويع تحالفاتها في عالم متعدد الأقطاب، عبر تطوير علاقاتها مع الصين وروسيا، وسط شكوكها حيال دور واشنطن في المنطقة. 

تنظر قطر، بقلق بالغ إلى ما قد يكون عليه ترامب في ولايته الثانية، وهو الذي أيّد "حصار قطر" عام 2017، فيما قد تعمل إدارته على دفعها هي والكويت للانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم التطبيعية.

وفي ظل انضمام الإمارات ومصر إلى مجموعة "بريكس"، مع دعوة تنتظر الموافقة من قبل الرياض، ووضع الأخيرة كشريك حوار في منظمة شنغهاي للتعاون، إلى جانب استخدم الرياض وأبو ظبي للتكنولوجيا الصينية في بنيتهما التحتية الرئيسية، وقطاعات الذكاء الاصطناعي الناشئة، سيبقى السؤال معلّقاً حول إمكانية ممارسة الإدارة القادمة ضغوطاً أكبر على دول الخليج لفكّ ارتباطها بالصين في عدد من المجالات.

من جانبها، تنظر قطر، التي أصبحت حلقةً لا غنى عنها في جهود وساطة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، وبحكم علاقاتها مع الأخيرة، بقلق بالغ إلى ما قد يكون عليه ترامب في ولايته الثانية، وهو الذي أيّد بشدّة "حصار قطر" عام 2017، فيما قد تعمل إدارته على دفع كل من قطر والكويت للانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم التطبيعية.

وفي هذا السياق، ستزن الرياض قدرة هذه الإدارة على تذليل العقبات الأمريكية والإسرائيلية لتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية، بما يفضي إلى مسار يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، بجانب المكاسب الوطنية السعودية، بما فيها من اتفاقيات أمنية ونووية مع تخفيف قيود مشترياتها من الأسلحة الأمريكية. لذا قد تعمل هذه الإدارة على التركيز على تأكيدات المملكة على ضمانات من واشنطن لاحتواء إيران. 

والعلاقات مع إسرائيل

وعن الحرب الدائرة حالياً في المنطقة، كان ترامب قد أشار في أحد تصريحاته إلى أن "السلام في الشرق الأوسط هو ما نحتاجه"، مع تفضيله أن تنهي إسرائيل عملياتها العسكرية الكبرى قبل تنصيبه في 21 كانون الثاني/ يناير 2025. وما لم تضرب إسرائيل المنشآت النووية قبل تنصيبه بما يؤدي إلى تصعيد خارج السيطرة، ستكون القضية النووية الإيرانية من أبرز التحديات التي يجب على إدارة ترامب المقبلة التعامل معها مبكراً. مع ذلك، يرجَّح أن يخفف ترامب الضغوط على تل أبيب حيال الانتقام من إيران، مع إطلاق يدها في سوريا والعراق، في مقابل صرامة شديدة تجاه وضع سقف زمني للعملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان، برغم تساهله في شأن تجريد "حزب الله" من قوته العسكرية أو إضعافه إلى حدود كبيرة.

كذلك سيعمل على تسريع التوصل إلى اتفاق وقف القتال في غزّة، مع تساهل تجاه وجود عسكري إسرائيلي فيها، وهنا تثور إشكالية تفتح التساؤل حول إمكانية تحقيق التوازن بين هذين الخيارين.

وبالنظر إلى دعمه القوي والظاهر لإسرائيل، وممارسته الضغط الأقصى على إيران، قد يهدد بأن أي صاروخ يقتل أمريكياً على يد الحوثيين أو سواهم من وكلاء إيران الإقليميين، سيؤدي إلى ضربة مباشرة لإيران. وستكبر المسافة بين طهران وواشنطن وتحول دون التوصل إلى اتفاق بينهما، مع تزايد أصوات مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وكان صهر ترامب، جاريد كوشنر، قد نصح إسرائيل على صفحته على تويتر، بعد قتلها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، "بإنهاء العمل نصف المكتمل ومهاجمة إيران". 

تتجه التقديرات لاعتبار ولاية ترامب الثانية تعزيزاً لموقف أقصى اليمين الإسرائيلي، والائتلاف الحاكم حالياً في إسرائيل بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. فبرغم انتقادات ترامب العلنية لنتنياهو، إلا أنه منسجم مع اتجاهات هذا المعسكر السياسي، الذي يرفض العودة إلى حدود العام 1967

مع ذلك، يرجَّح متابعة إدارة ترامب الثانية لسياسة الضغط الأقصى مع المزيد من الدعم للشعب الإيراني، بأمل إحداث اضطرابات أو ثورة داخلية تؤدي إلى إسقاط النظام الحاكم في طهران. فوفقاً لمدير مكتب إيران في مجموعة الأزمات الدولية، علي فايز، تعتقد إدارة ترامب الأولى أن سياسة "الضغط الأقصى" لم تؤتِ ثمارها، بسبب افتقادها الوقت الكافي، ولعدم وصول الضغط إلى مستواه الأقصى، وعدم استمرار إدارة بايدن فيها بشكل حاسم. ولذلك "واشنطن يجب أن تتحرك أولاً نحو إحياء تلك السياسة ومتابعتها من خلال ضغوط أكثر صرامةً، وإعادة تفعيل عقوبات مجلس الأمن الدولي بمساعدة الاتحاد الأوروبي".

كذلك، أشار النائب القادم لترامب، جي دي فانس، إلى أن تجنّب الحرب مع إيران مصلحة أمريكية، بالإضافة إلى اعتقاده بضرورة وأولوية إنهاء واشنطن الصراع القائم والحؤول دون تصعيده إلى صراع إقليمي أوسع، لتجنّب الضغوط الكبيرة في الوقت الحالي أولاً، ولدعم حلفائنا الإسرائيليين ثانياً.

لكن العقبة التي ستواجه هذه السياسة، هي انتهاء صلاحية آلية إعادة فرض العقوبات على إيران بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 في تشرين/ أكتوبر 2025. وحينها، سيبرز السؤال الكبير حول إمكانية موافقة روسيا والصين على قرار جديد لإعادة فرض العقوبات الأممية على طهران. وبجانب ذلك، قد يكافح ترامب وفريقه الجديد للأمن القومي، للحصول على مستوى الدعم الإقليمي نفسه الذي كانوا يتمتعون به خلال ولاية ترامب الأولى، لمواجهة إيران بشكل أكثر قسوةً/ عدوانيةً. لكن بالنتيجة، سيبقى تصميم ترامب على منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، سياسةً ثابتةً.

وختاماً، تبقى لافتةً إشارة جي دي فانس، إلى "الدين" كأحد الأسباب التي تجعل العديد من الأمريكيين يدعمون إسرائيل، بحكم أن الولايات المتحدة "أكبر دولة ذات أغلبية مسيحية في العالم"، وأن المسيحيين يعتقدون أن حياة وموت وقيامة يسوع المسيح، حدثت في إسرائيل والضفة الغربية، ولذلك لا يمكن للسياسة الخارجية الأمريكية أن تتجاهل المنطقة. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image