نزع الشعر... أمراض منقولة جنسياً والتهابات قد تؤدي إلى الموت

تقوم بعض النساء ونسب متزايدة من الرجال، في الآونة الأخيرة، بحلاقة شعر العانة أو إزالته بالشمع. ومؤخراً، انتشر الليزر بصفته الأسهل والأكثر أماناً. ولكن يحكي البعض عن صلة بين العناية المفرطة بمنطقة العانة، على سبيل المثال، وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسياً (STIs أو STDs).

فهل نزع الشعر يمكن أن يؤدي إلى حدوث أمراض والتهابات؟

الثآليل والسرطان وليزر إزالة الشعر

"ظهرت لديّ حبوب غريبة في المنطقة التناسلية، وكنت قد أجريتُ جلسة ليزر لإزالة شعر العانة قبلها بأسبوع. أخبرني الطبيب بأنها عدوى بالتواليل (الثآليل)، وتنجم عن فيروس ينتقل من شخص إلى آخر، ويستغلّ وجود ضعف مناعة موضعي"؛ يقول محمد ( 42 عاماً)، لرصيف22.

وعن طريقة انتقال العدوى، يشرح محمد: "وضع الطبيب احتمال أن يكون جهاز الليزر هو سبب العدوى، بعد أن أخبرني بأنّ المركز الذي أجريتُ فيه جلسة الليزر غير مرخص، والأهمّ أنه أوصاني بأخذ زوجتي إلى طبيب/ ة نسائية، لأن التواليل قد تكون موجودةً ولا يمكن كشفها إلا بالفحص الطبي النسائي".

وفي هذا السياق، تقول يارا ديب، طبيبة في اختصاص الأمراض الجلدية والتجميلية والمنقولة بالجنس، في حديثها إلى رصيف22: "في حال وجود إنتان أو إصابة لدى المريض/ ة، فإنها قد تنتقل إلى مريض آخر عن طريق جلسات الليزر في حال عدم تعقيم قبضة الجهاز التي تُمرَّر على المناطق المستهدفة، وقد يحدث بعد جلسات الليزر حرق قد يصبح، في حال عدم علاجه أو تلوثه، مدخلاً للجراثيم التي قد تنتقل عبر ممارسة الجنس لذا فإنّ نظافة الجسم وتعقيم الجهاز هما حجر الأساس في منع هذه الإنتانات".

"ظهرت لديّ حبوب غريبة في المنطقة التناسلية، وكنت قد أجريتُ جلسة ليزر لإزالة شعر العانة قبلها بأسبوع. أخبرني الطبيب بأنها عدوى بالتواليل (الثآليل)، وتنجم عن فيروس ينتقل من شخص إلى آخر، ويستغلّ وجود ضعف مناعة موضعي"

وتضيف يارا التي تعمل في أحد مراكز التجميل وإزالة الشعر بالليزر: "عندما يأتينا إلى جلسات نزع الشعر بالليزر مريض/ ة لديه/ ا ثآليل أو مليساء سارية (عدوى فيروسية)، فإننا نحوّله/ ا لعلاج تلك الآفات بالآزوت السائل على سبيل المثال، وعندما يُشفى من تلك الآفات نُجري له/ ا جلسات الليزر ونحن مطمئنون إلى أنه لن ينقل العدوى لغيره".

ويُعدّ الفيروس الحليمي البشري HPV، من أكثر الفيروسات التي تنتقل عبر الجنس ويوجد منه أكثر من 100 سلالة، لكنّ أنماطاً محددةً منه هي التي تظهر على شكل ثآليل وأخرى قد تتطور إلى سرطان، ودون أن يسبب أي أعراض مزعجة سوى الشكل الغريب، لكنه يرتبط بأنواع من السرطان مثل سرطان الشرج والمهبل والفرج وعنق الرحم والقضيب.

في هذا السياق، توضح كارين هوبز، من منظمة "إيف أبيل"، إن فيروس الورم الحليمي البشري ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي والجلدي، ويشمل ذلك ممارسة الجنس الفموي، الجنس المهبلي والشرجي ومشاركة الألعاب الجنسية.

التهيّج بعد كريمات نزع الشعر

تقول سناء (29 عاماً)، التي تعمل موظفةً في القطاع الحكومي، لرصيف22: "بدأتُ ألاحظ حبوباً صغيرةً من لون الجلد في المنطقة التناسلية. لم تكن مؤلمةً، لذا تجاهلتها وعددتها ناتجةً عن حلاقة المنطقة بالشفرة، لكنّ ظهور الحبوب نفسها عند زوجي، دفعني لزيارة الطبيبة النسائية، التي قالت إنها إصابة فيروسية تُسمّى المليساء السارية، وهي غير خطيرة، لكنها نصحتني بالامتناع عن حلاقة المنطقة حتى الشفاء، لأنّ إزالة الشعر سيُساهم في نشر العدوى، والامتناع عن ممارسة الجنس لكيلا تنتقل".

"أتاني في أحد الأيام مريض يشكو من التهيّج في منطقة العانة، بعد الفحص تبيّن أنّه قد استخدم أحد كريمات إزالة الشعر، لكنه لم يلتزم بغسل المنطقة بعد خمس دقائق كما هو مكتوب ضمن النشرة المرفقة، ما جعل المنطقة مؤلمةً وذات رائحة كريهة"

تعليقاً على هذه النقطة، يقول الدكتور علي نزار نجوم، وهو طبيب متخصص في الأمراض الجلدية والتجميلية والمنقولة جنسياً، لرصيف22: "إنّ هذه الحالة قد تكون ناجمةً عن الحلاقة التي تسبب تمزقاً بسيطاً في الجلد ما يسهّل الإصابة بالفيروس، حيث يُعدّ الجلد الحاجز الميكانيكي الأهم الذي يمنع دخول البكتيريا والفيروسات وغيرها، ويُضاف إليها تلوث الأدوات، والأفضل هو لجوء المريضة إلى جلسات الليزر لإزالة الشعر من دون إحداث ضرر في الجلد".

وفي سياق متصل، يحكي الممرض علي شاش (28 عاماً)، عن إحدى الحالات التي عاينها بعد استخدام أحد كريمات إزالة الشعر: "أتاني في أحد الأيام مريض يشكو من التهيّج في منطقة العانة، بعد الفحص تبيّن أنّه قد استخدم أحد كريمات إزالة الشعر، لكنه لم يلتزم بغسل المنطقة بعد خمس دقائق كما هو مكتوب ضمن النشرة المرفقة، وتركها لفترة طويلة، ما جعل المنطقة مؤلمةً وذات رائحة كريهة وهو ما يشير إلى بداية إنتان، الذي يمكن أن ينتقل بطبيعة الحال عبر الجنس إلى الشريك".

وعن العلاج يشير شاش لرصيف22: "تم وصف كريم يحتوي على كورتيزون خفيف بالإضافة إلى كريم آخر هو مضاد حيوي موضعي، وعندها تحسن المريض".

ولا تقتصر مشكلات إزالة الشعر على الإنتانات والالتهابات الفيروسية والجرثومية المنقولة بالجنس، حيث وجدت دراسة سابقة أنّ النساء اللواتي أزلن الشعر من منطقة جبل العانة كنّ أكثر عرضةً بنسبة 74% للإصابة بآلام الفرج، أما اللواتي أزلن الشعر من منطقة العانة مرةً أسبوعياً أو أكثر فكنّ أكثر عرضةً للإصابة بالتهاب الفرج وآلامه بمقدار الضعف تقريباً.

التهابات تنتهي بالموت

لا يتوقف موضوع ازالة الشعر على المنطقة التناسلية فقط، إنما يطال كافة الجسم، وقد يسبب مخاطر صحية كثيرة.

يقول سمير (35 عاماً)، إنه اعتاد منذ فترة طويلة على إزالة الشعر البارز من داخل أنفه: "راجعت الطبيب بعد معاناتي من صداع يأتي على شكل نوبات متفرقة ومتباعدة، ويترافق مع غثيان ودوار، وبعد أن فحصني ولم يجد شيئاً لافتاً، ذكرتُ له أنّني تقيأتُ البارحة بعد نزع شعر أنفي، هنا قاطعني وأخبرني بأنه فعل خطيرٌ جداً قد يودي بحياتي، فقد تنتقل الجراثيم مباشرةً من الأنف إلى الدماغ بعد عملية نزع الشعر وقد تؤدي إلى مثل هذه الأعراض وأكثر منها، وأوصاني باستخدام الماكينة الآلية لقص الأجزاء العلوية من شعر الأنف دون إدخالها".

يعلّق الدكتور علي نزار نجوم، على حالة سمير، بالقول: "طبعاً إنّ عملية نتف شعر الأنف تنطوي على مخاطر كبيرة، لأنّ عملية النتف قد تُحدث تمزقات دقيقةً في مخاطية الأنف والتجويف الأنفي غنيّ بجراثيم متنوعة أهمها المكورات العنقودية المذهبة staphylococcus aureus، التي تنتقل بدورها مباشرةً إلى الدماغ".

ويضيف: "هناك ما نسمّيه ‘مثلث الموت’، وهو مثلث افتراضي رأسه في الأنف وقاعدته هي الخط الواصل بين زاويتي الفم، حيث يتصل عوده الوريدي مع أوردة الدماغ دون أي حواجز أو دسامات، لذا فإننا ننصح بعدم الارتجال بخصوص أي آفة في هذه المنطقة واستشارة الطبيب المختص".

ولا تقتصر مشكلات إزالة الشعر في المنطقة التناسلية على الحساسية والإنتان الموضعي، إذ إنها قد تحدث إنتاناً عميقاً يأكل اللحم -وإن كان نادراً- في المنطقة التناسلية وما حولها، وقد يسبب الوفاة في نهاية المطاف، ويُعرف باسم "غرغرينا فورنييه"، وهو أكثر انتشاراً عند الذكور، إذ تنتشر هذه الحالة عند 1 إلى 2 من كل 100 ألف رجل، وخصوصاً عند كبار السنّ ومرضى السمنة والسكري، حيث تكون مناعتهم ضعيفةً، فتتسلل الجراثيم من خلال جرح في أثناء الحلاقة وتتكاثر بفعل البيئة الرطبة التي تميز المنطقة، وقد تنتقل بطبيعة الحال عند ممارسة الجنس.

لا للحلاقة المفرطة

بالعودة إلى إزالة الشعر في المنطقة التناسلية، كشفت دراسة واسعة النطاق أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، وجود علاقة قوية بين ممارسات العناية الشخصية والأمراض المنقولة جنسياً.

وعلى ضوء النتائج، أوصت الدراسة بتجنّب الحلاقة المفرطة قبل ممارسة الجنس مباشرةً والامتناع عن ممارسة الجنس عند وجود جرح مفتوح.

من جهةٍ أخرى، أشارت دراسة نُشرت في PloS One، إلى أنّ النساء اللواتي يُزلن شعر العانة لا يزيد لديهنّ خطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسياً.

يظل قرار نزع الشعر اختياراً شخصياً في بعض المجتمعات، ويأخذ في غيرها طابع الإجبار، ما قد يدفع بعض الأشخاص إلى فرط العناية بالمنطقة الحميمة والتسبب بالتهابات وأمراض تنتقل عبر الجنس بين الشركاء

ويرى الباحثون أنّ الدراسات التي افترضت وجود علاقة بين إزالة الشعر والأمراض المنقولة بالجنس، لم تأخذ في الحسبان تكرار ممارسة الجنس، فالنساء اللواتي يمارسن الجنس مع العديد من الشركاء هنّ أكثر عرضةً للإصابة بالعدوى، ومن الطبيعي أن يكنّ أكثر ميلاً إلى إزالة الشعر بطرائق مختلفة، لكنّ ذلك لا يمنع استخدام المطرّيات في أثناء الحلاقة للتقليل من الاحتكاك وأذية الجلد وغسل المنطقة الحميمة وتنظيفها قبل حلاقتها وبعدها، وتعقيم أدوات الحلاقة ووضعها في مكان جاف ومفتوح بعيداً عن الرطوبة.

في الختام، يظل قرار نزع الشعر اختياراً شخصياً في بعض المجتمعات، ويأخذ في غيرها طابع الإجبار الذي تفرضه التربية والمجتمع ووسائل الإعلام المتنوعة التي تعرض أجساماً مثاليةً غير موجودة في الحياة الواقعية، ما قد يدفع بعض الأشخاص إلى فرط العناية بالمنطقة الحميمة والتسبب بالتهابات وأمراض تنتقل عبر الجنس بين الشركاء.