أعادت زيارة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، مالك عقار، إلى موسكو مؤخراً، الأحاديث حول إقامة قاعدة بحرية روسية على ساحل البحر الأحمر في البلاد. مساعد البرهان وعضو مجلس السيادة، ياسر العطا كشف عن ذلك، وأكده لاحقاً السفير السوداني في روسيا، محمد سراج.
عززت هذا الاعتقاد الزيارة المتزامنة التي أجراها نائب البرهان الآخر، شمس الدين كباشي، إلى دولتي النيجر ومالي، الحليفتين لروسيا، دون إعلان أهدافها، ما أثار التكهنات حول عملية تنسيق متعددة الأطراف وميل ملحوظ من قادة الجيش نحو روسيا.
في الأثناء، أشارت تقارير إلى حصول الحكومة السودانية على تعهدات روسية بـ"إمدادات عسكرية ضخمة" مقابل "ضمانات مؤكدة" لتنفيذ اتفاقية القاعدة البحرية وامتيازات في مجالي التعدين والزراعة.
وفي إشارة إلى تمسّكها بمصالحها في السودان، لم تغلق موسكو سفارتها في الخرطوم بعد بداية الحرب الأهلية السودانية كما فعلت دول غربية عدة، بل اكتفت بنقل أعمالها إلى بورتسودان، وظل السفير يباشر أعماله منها. ونقل موقع "سودان تربيون" عن مصادر دبلوماسية لم يسمها عرض موسكو على الخرطوم، خلال لقاء وفد روسي جلّه من كبار القادة العسكريين والأمنيين، بالبرهان، مساعدات عسكرية نوعيّة تتطلب وجود عناصر روسية على الأرض - ما بين جنود وموظفين مدنيين لتسيير المنشأة - مع بناء قاعدة عسكرية على ساحل البحر الأحمر.
وتسمح المنشأة البحرية الروسية المزمع إنشاؤها في بورتسودان الإستراتيجية على البحر الأحمر، حسب اتفاقية موقعة مع الرئيس المعزول عمر البشير عام 2017 لمدة 25 عاماً قابلة للتمديد تلقائياً لفترة 10 سنوات ما لم يعترض أحد الجانبين، باستقبال أربع سفن في وقت واحد، تستخدم في عمليات الإصلاح وإعادة الإمداد والتموين واستراحة عناصر البحرية الروسية، وتستوعب بحد أقصى 300 عسكرياً ومدنياً، مع قدرتها على استقبال سفن حربية تعمل بالطاقة النووية.
الجيش السوداني يتبنى اتجاهاً معلناً ومتسارعاً نحو إنشاء قاعدة بحرية روسية على ساحل البحر الأحمر مقابل دعم عسكري وسياسي ضخم من موسكو يعزز حظوظه في الحرب ضد الدعم السريع. ما الذي يستهدفه الكرملين من هكذا تحالف؟ وكيف قد ينعكس على الصراع الأهلي؟ وعلى علاقة السودان بجيرانه؟
لكن الخرطوم طلبت من موسكو، في أيار/ مايو 2021، تجميد الاتفاقية لحين إقرارها أو رفضها من المجلس التشريعي السوداني. مع ذلك، تعمل موسكو بإصرار على إحياء المشروع مقابل تمويل الجيش باحتياجاته من السلاح والعتاد في وقت يحتاجها بشدة في ظل استنزاف موارده بفعل الحرب الأهلية الدائرة منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023.
وفي هذا السياق، يقرأ المحلل السياسي، الهضيبي ياسين، "التحركات الروسية نحو السودان في سياق حالة التنافس بين موسكو والغرب، حول منطقة وسط وشرق أفريقيا بحثاً عن الموارد والسيطرة على منافذ المياه الإقليمية"، وفق ما يذكر لشبكة العين الإخبارية.
وتنوّه دراسة أجراها المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات (ECCI)، لمصالح روسيا الأمنية بالدرجة الأولى في السودان، مع دعم عسكري تقني، كون الأخير ثاني أكبر مشترٍ للأسلحة الروسية في أفريقيا. وتشير الدراسة إلى توقيع البلدين 16 اتفاقية منحت موسكو قواعد وأتاحت لها حرية استخدام المطارات السودانية لنقل الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية اللازمة لإنشاء قاعدة أو مركز لوجستي للبحرية الروسية في بورتسودان، كأول مركز بحري لروسيا في أفريقيا. وتسعى موسكو لإقامة قاعدة عسكرية بحرية تضمن لها وجوداً في المياه الدافئة في منطقتي البحرين المتوسط والأحمر، المليئة بالثروات والكنوز والمواد الخام.
الحديث عن قاعدة بحرية روسية بخليج فلامنجو في بورتسودان ليس جديداً على الأدبيات السياسية الروسية، حسب الأكاديمي والخبير بالشؤون الأفريقية، رمضان القرني، وإنما الجديد هي الإشارة إليه من قبل العديد من المسؤولين السودانيين، ولا سيما ياسر عطا ووزيري الخارجية والمالية السودانيين، حسين عوض وجبريل إبراهيم. فالاتفاق العائد بجذوره إلى عام 2017، والذي أعلنت عنه موسكو عام 2020، لم يقابله أي تعليق من قبل الحكومة السودانية أو المجلس السيادي السوداني آنذاك. وإنما خرجت بعدها أحاديث تقول إن توقيع أي اتفاق عسكري مع روسيا مرهون بتشكيل المجلس التشريعي في السودان. ومن ثم قادت التطورات والأحداث الداخلية السودان إلى مسار مختلف إلى أن جاءت التصريحات الأخيرة من قبل العطا.
أنجح الخطوات الروسية
مع تولي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زمام الحكم في موسكو، عام 2000، أضحى طموح روسيا لتوسيع نفوذها السياسي خارج حدودها أكثر بروزاً، في إطار نظرتها الجديدة للعالم ولدورها فيه، وتجلى ذلك أكثر بضمها شبه جزيرة القرم عام 2014، وتدخلها العسكري في سوريا عام 2015، والذي غيّر مسار الحرب فيها بشكل جذري، ما شكّل، بحسب موقع قراءات أفريقية، نقلة إستراتيجية لدفع السياسة الخارجية الروسية خطوة إلى الأمام وإثبات وجودها كأحد اللاعبين الأساسيين على الساحة الدولية، إضافة إلى إبراز قوتها في الشرق الأوسط.
وعبر توجهها نحو أفريقيا، تجلَّت محاولة روسية للانتقال من القوة الإقليمية إلى القوة العالمية بشكل واضح حيث تغلّبت موسكو على محدودية قدراتها الاقتصادية، بالتوجه إلى سوق الخدمات الأمنية العسكرية، وجعله مدخلاً لتوسيع نفوذها الجيوسياسي ومكاسبها الاقتصادية من القارة السمراء. وضمن هذا الإطار يندرج حديث موسكو عن بناء قاعدة عسكرية في أفريقيا وعلى شاطئ البحر الأحمر تحديداً. ويمثل اتفاقها مع الخرطوم على بناء مركز دعم لوجستي على الساحل السوداني عام 2017، أنجح الخطوات الروسية.
وفي حديثها لرصيف22، تقول الباحثة المتخصصة في الشأن الأفريقي، إيمان الشعراوي، إن حرص موسكو على إقامة قاعدة عسكرية في السودان يأتي في ظل تزايد اهتمام القوى الإقليمية والدولية بمنطقة البحر الأحمر، باعتبارها ممراً حيوياً لمرور النفط والتجارة الدولية، وموقعها الإستراتيجي عسكرياً. وذلك فضلاً عن سعي روسيا إلى أن تكون دولة بحرية قوية ذات حضور عالمي دائم، وهو ما ورد كأحد مبادئ العقيدة الروسية البحرية عام 2022، وفق الشعراوي التي تضيف أن هذه المبادئ تتضمن أيضاً أن يكون هناك اتفاقيات أخرى حول التعاون العسكري، وتصدير أسلحتها للسودان ولدول أفريقية أخرى.
تردف الباحثة: "على مدار التاريخ تستغل روسيا لحظات الضعف التي يعاني منها السودان وتتدخل لتحقيق مصالح خاصة بها، خاصة أنها تنظر لموقع السودان الإستراتيجي على البحر الأحمر الذي يمكنها من زيادة نفوذها في أفريقيا"، مؤكدةً توجّه روسيا إلى شرق أفريقيا لتعزيز نفوذها فيه عبر قاعدة بورتسودان، بعد أن استطاعت تعزيز وجودها في بعض دول الغرب الأفريقي ومنها مالي والنيجر وأفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو.
كما نشرت National Interest، عام 2020، مقالاً يستند إلى تقرير مسرّب مزعوم من وزارة الخارجية الألمانية، ذكرت خلاله نية روسيا بناء 6 قواعد عسكرية في دول أفريقية هي مصر وجمهورية أفريقيا الوسطى وإريتريا ومدغشقر وموزمبيق والسودان، مشيرةً إلى عدم نجاح محاولات موسكو مع عدد من الدول، نتيجة الضغوط الأمريكية. ومع دلالتها على الاهتمام الإستراتيجي الروسي المتزايد بأفريقيا، ستزيد القاعدة البحرية الروسية في بورتسودان، من الانتشار الإستراتيجي والوجود الروسي في الشرق الأوسط وأفريقيا، وفقاً لـGeopolitical Monitor. والاتفاق بشأنها، اتفاق إستراتيجي بالنسبة لروسيا، يسمح لها بوضع قوات ومواد بحرية في السودان لخدمة مصالحها الإقليمية عبر البحر الأحمر.
يمثل السودان في نظر الدول الكبرى كنزاً مدفوناً يحتوي على 200 مليون فدان من الأراضي الزراعية الخصبة و11 نهراً جارياً ونحو مئة مليون رأس ماشية و400 مليار متر مكعب أمطار سنوية و1.4 مليون طن من اليورانيوم و6.8 مليار برميل من النفط و85 مليار متر مكعب من الغاز، مع إنتاج 90 مليون طن من الذهب سنوياً، بقيمة خمسة مليارات دولار تقريباً. يحتل السودان المركز الثاني أفريقياً في إنتاج الذهب، إضافة لموارده من الفضة والنحاس وغيرهما بالتوازي مع موقعه الجيوسياسي كبوابة للقرن الأفريقي
وفي إضافته لرصيف22، يقول القرني: "مشروع القاعدة الروسية البحرية في السودان، أحد أدوات السياسة الروسية الساعية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الجيوسياسية في أفريقيا. أولها، يتعلق بإعادة التموضع المرتبطة بالسياسة الروسية تجاه أفريقيا، وخصوصاً تطوير الشراكة الإستراتيجية بين روسيا وأفريقيا، حيث احتلت الأخيرة المرتبة السادسة لشركاء روسيا الإستراتيجيين. وعليه، لوحظ نوع من الانخراط الروسي القوي مع دول القارة، اتخذ أشكالاً مختلفة، عسكري وتنموي واقتصادي وسياسي".
وهو أمر يربطه القرني بالمفهوم الإستراتيجي وبمجموعة من المرتكزات الإستراتيجية للسياسة الروسية التي بدأت تخرج عن النطاق التقليدي في القارة، خاصة في منطقة الجنوب الأفريقي ودعم حركات التحرر الوطني ووجود قوي في منطقة شرق أفريقيا تحديداً. والجديد حالياً وجود روسيا في منطقة غرب أفريقيا، مع دعم دول الانقلابات العسكرية، وأخيراً الزيارة الإستراتيجية المهمة لوزير الخارجية سيرجي لافروف إلى تشاد وبوركينا فاسو وغينيا، وقبلها إلى جمهورية الكونغو.
وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن وزارة النفط السودانية، في عام 2018، عن توقيعها اتفاقاً مع شركات روسية لم تذكر أسماءها، لإنشاء مصفاة تكرير نفط تعمل بطاقة 222 ألف برميل يومياً، وهو ما قد يساعد موسكو في تأمين إمدادات النفط عبر عمل القاعدة كجسر وقائي لشركات النفط الروسية العاملة في البحر الأحمر، وتالياً، يساعدها على تأمين مصدر دخل موثوق به، مع موقع إستراتيجي للجيش الروسي، وفق صحيفة The Hill.
وفق الصحيفة التي توقعت أنه على عكس الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي حول الأيديولوجية والجغرافيا السياسية، فإن صراعات القرن 21 تدور حول الجغرافيا الاقتصادية، والموارد الطبيعية، خصوصاً النفط والغاز واليورانيوم والغذاء والماء والذهب والماس.
عودة العلم الروسي إلى المحيط الهندي
مشاركة ثروات السودان كاليورانيوم والذهب وموارد الطاقة والإمكانات الزراعية الهائلة، إلى جانب تقوية نفوذها في القارة الأفريقية، عوامل تقف وراء مساعي روسيا للوجود العسكري في السودان، حسب الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أبو بكر الديب في حديثه لفرانس 24. وبرأيه، يمثل السودان في نظر الدول الكبرى كنزاً مدفوناً يحتوي على 200 مليون فدان من الأراضي الزراعية الخصبة و11 نهراً جارياً ومئة مليون رأس ماشية و400 مليار متر مكعب أمطار سنوية و1.4 مليون طن من اليورانيوم و6.8 مليار برميل من النفط و85 مليار متر مكعب من الغاز، مع إنتاج 90 مليون طن من الذهب سنوياً، بقيمة خمسة مليارات دولار تقريباً. يحتل السودان المركز الثاني أفريقياً في إنتاج الذهب، إضافة لموارده من الفضة والنحاس وغيرهما بالتوازي مع موقعه الجيوسياسي، كبوابة للقرن الأفريقي.
حديثاً، ذكر مصدر أمني سوداني، لرصيف22، أنّ العلاقة بين السودان وروسيا قائمة على المصالح المتبادلة، خاصة في مجالات القواعد العسكرية، والتعدين، والذهب وغيره من المواد الخام في السودان. وإلى ذلك، تشير الشعراوي: "من خلال إبرامها هذا الاتفاق، سعت الحكومة السودانية إلى تحقيق عدة أهداف: أهمها، تحجيم الدعم الروسي لقوات الدعم السريع، باعتبار أن روسيا طورت سابقاً علاقات مع قوات الدعم السريع التي تملك علاقات أيضاً مع شركة فاغنر للخدمات الأمنية الروسية الخاصة. علاوة على زيادة الدعم الروسي للجيش السوداني في الحرب عن طريق تزويده بأسلحة وذخائر قد تساهم في تحسين موقفه في المعارك الحالية، لا سيما في ظل حصول الدعم السريع على دعم من قبل بعض دول الإقليم. وثالث الأهداف الحصول على تأييد ودعم موسكو في المحافل الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن".
هل يتكرر سيناريو التدخل الروسي في سوريا؟
ويتوقع موقع "The maritime-executive"، المختص بالأخبار البحرية، أن تضمن قاعدة بورتسودان وجوداً دائماً للبحرية الروسية في البحر الأحمر والمحيط الهندي، وأن توفر على سفنها رحلات طويلة للوصول إلى المنطقة. كما أن من شأنها توسيع دعم استعراض القوة الذي توفره المنشأة البحرية الروسية في طرطوس بسوريا. فبعد تدخّل روسيا في الحرب الأهلية السورية لصالح نظام بشار الأسد عام 2015، ما مكّن الأخير من استعادة سيطرته على معظم أنحاء البلاد، أبرمت موسكو عام 2017 صفقة مع الأسد لتمديد عقد إيجار قاعدة طرطوس لمدة 49 عاماً، بما يسمح لها بالاحتفاظ بقرابة 11 سفينة حربية فيها، إضافة إلى تحديث وتوسيع المنشأة.
"روسيا بدأت مشوار الميل في سوريا بقاعدة بانياس"... سياسي سوداني يحذّر من أن وجود قاعدة بحرية لموسكو في السودان لن يغضب الولايات المتحدة والغرب فحسب وإنما أيضاً دول الجوار على ساحل البحر الأحمر، متخوّفاً من أن الأمر قد ينتهي بـ"طرفي الحرب ينتقلان من البحث عن قسمة السلطة والموارد إلى طريق جديد نحو اقتسام السودان نفسه"
ضمان وجود روسي إستراتيجي في القاعدة السودانية المهمة يحدث نوعاً من التشبيك العسكري والإستراتيجي مع القاعدة العسكرية الروسية في طرطوس، حسب القرني الذي يشير إلى بعض التحليلات التي تتحدث عن رغبة روسيا في إحداث تشبيك ثلاثي بين ميناء طرطوس وساحل البحر الأحمر ومنطقة اقتصادية لروسيا في مصر، على البحر المتوسط، والغرض إستراتيجي بدرجة كبيرة، مُذكّراً بالأدبيات السياسية الروسية الدائمة الحديث عن فكرة الوصول إلى المياه الدافئة، ومشيراً إلى تصور روسي بإفادة القاعدة لجهودها في مكافحة الإرهاب والقرصنة في منطقة البحر الأحمر. وهو هدف مهم يتعلق بحماية مصالحها في منطقة شرق أفريقيا تحديداً. إضافة إلى تسهيل عمل الأسطول البحري الروسي في منطقة المحيط الهندي.
وبحسب تقديرات موسكو، لن يكون "المركز اللوجستي العسكري" نقلة إستراتيجية للوجود الروسي في القارة الأفريقية فحسب، وإنما بداية لطريق روسي نحو العالمية، حسب المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية الذي ينقل عن المحلل العسكري الروسي دميتري ليتوفكين قوله: "يمكن للطرادات الروسية العاملة بالطاقة النووية استخدام المركز كمكان للراحة لأفراد طاقمها، ولن يضطر البحارة في أساطيل الشمال والبلطيق إلى إجراء انتقالات مرهقة لقضاء عدة أشهر في المحيط الهندي". وإلى جواره، يقول المحلل الروسي أليكسي كوبريانوف، إن هناك من ينتظر عودة العلم الروسي في المحيط الهندي، بما يمنح نيودلهي بديلاً للتقارب مع واشنطن من جهة، ومن جهة أخرى، يضمن لبكين أمن سفنها في المنطقة.
وأشار القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، شهاب إبراهيم، في تقرير سابق لرصيف22، إلى أنّ الحديث عن تعاون عسكري مع روسيا حالياً هو جزء من صراع النفوذ في منطقة البحر الأحمر وتعزيز للعمق الروسي في وسط وغرب أفريقيا فيما نوّه الباحث في العلاقات الدولية والتاريخ المقيم في موسكو، أحمد دهشان بتردد الجيش السوداني بشأن تطبيق الاتفاقية بداية، مع عدم إلغائها في نفس الوقت، وإنما لوح بها لاختبار النوايا الأمريكية والغربية، كونه يفضل في النهاية علاقات عسكرية مع الغرب إلا أن "يأس الجيش من دعم الغرب وتيقنه من دعم عسكري روسي كبير يمّكنه من حسم الحرب لصالحه، فعندئذ قد يذهب نحو تطبيق الاتفاقية، وهو ما يتم التفاوض حوله حالياً".
وفي هذا السياق، يضيف القرني أن الحرب الدائرة في السودان ستعجل باتفاق القاعدة البحرية الروسية، فنتيجة لاشتداد المواجهة العسكرية بين طرفي الصراع قد يعجل الجيش السوداني بتفعيل الاتفاق، لا سيما في ظل رغبته استقطاب أكبر دعم من التسليح الروسي. فالجيش السوداني أمام معادلة صفرية، إما الحصول على مكاسب وأسلحة من أطراف إقليمية ودولية، وإما فقدان السيطرة والهيمنة أو التوازن العسكري مع قوات الدعم السريع. لذا شهدنا توجه السوداني نحو روسيا والصين وإيران وتركيا، إلى جانب حصوله على دعم تقليدي من قبل مصر والسعودية.
وفي ختام حديثها لرصيف22، تلفت الشعراوي لما قد يترتب على إنشاء هذه القاعدة من إطالة أمد الحرب في السودان، بسبب تزويد روسيا الجيش السوداني بالسلاح، على النحو الذي قد يعطي فرصة للقوى الدولية الأخرى المناوئة للوجود الروسي لتقديم الدعم لقوات الدعم السريع، بالشكل الذي يحول السودان إلى ساحة للحرب بين القوى الدولية، هذا بالإضافة إلى زيادة حدة الانقسامات في الداخل بسبب رفض عدد من السودانيين وبعض زعماء شرق السودان إقامة هذه القاعدة.
وفي مقال تحليلي، نشرته صحيفة "سودان تربيون" هذا الأسبوع، يحذّر السياسي السوداني ياسر عرمان، من أن مضي الجيش قدماً في الاصطفاف مع روسيا قد "يُدخل السودان وهو في أضعف حالاته في الصراعات الإقليمية والدولية"، مذكراً بأن "روسيا بدأت مشوار الميل في سوريا بقاعدة بانياس". بحسب عرمان، لن يغضب هكذا تحالف الولايات المتحدة والغرب فحسب، وإنما من شأنه أن يُغضِب عدداً من دول الجوار "التي لا ترغب في قواعد على البحر الأحمر"، وهو ما قد ينقل، في نهاية المطاف، "طرفي الحرب من البحث عن قسمة السلطة والموارد إلى طريق جديد نحو اقتسام السودان نفسه".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 19 ساعةمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع