يعد وزير الآثار المصري الأسبق زاهي حوّاس أحد أشهر الشخصيات في علم المصريات، محلياً وعالمياً. وقد تم اختياره ضمن قائمة أهم 100 شخصية في العالم من قبل مجلة الـ"تايم" الأمريكية، كما حصل على الدرع الذهبية من الأكاديمية الأمريكية للإنجازات عام 2001، ورغم أنه فارق وزارة الآثار منذ زمن بعيد، إلا أن اسمه لا يزال يثير الجدل ويظهر بين الحين والآخر مع الاكتشافات الأثرية الجديدة.
رصيف22 التقاه وكان هذا الحوار.
هناك عدد كبير من الاكتشافات الأثرية التي يُعلن عنها تباعاً في هذه الفترة، ما الذي تغيّر؟
هذا هو العدد الطبيعي الذي كان يحدث باستمرار، هناك اكتشافات ضخمة تمت في فترات سابقة مثل الأبواب التي تقع داخل الهرم، و مقابر العمال بناة الأهرام، والمدينة الذهبية. الاكتشافات التي تتم حالياً عادية جداً وليست كثيرة كما يقال، فحتى الآن لم نكتشف من آثارنا أكثر من 30%، وما زال هناك 70% منها في باطن الارض.
كيف قمتَ بتحديد النسبة ونحن لا نعلم الكم الحقيقي للآثار المصرية التي لم تكتشف بعد؟
حددتها من خلال خبرتي، فقد عملت في الآثار لخمسين عاماً، ولا بد أن نعلم أن مصر الحديثة بنيت فوق مصر القديمة، يعني لو حفرت في منتصف الدار التي تمتلكها في أخميم أو في أسوان القديمة أو في الاسكندرية ستجد آثاراً. أو حتى في المطرية، المطرية كلها تحتها مقابر قديمة، ببساطة الآثار منتشرة في كل مكان في أرض مصر.
لديك علاقات دولية كثيرة، هل تعتقد أنك اكتسبت شهرتك من خلال عملك الأكاديمي أم من خلال منصبك السابق كوزير للآثار؟
لو كانت شهرتي جاءت من خلال الوظيفة، فوزارة الآثار تولاها ألف واحد من قبلي فلماذا لم يكتسبوا شهرتي؟ الله سبحانه أوجد علاقة خاصة بيني وبين الآثار، فعندما أتحدث عنها أكون كمن يتحدث عن معشوقته. هذا العشق بدأ عندما اكتشفت أول تمثال خاص بالآلهة "أفروديت" آلهة الحب والجمال عند الفراعنة. عندما وجدته قلت لقد وصلت إلى معشوقتي.
زاهي حوّاس لرصيف22: الآثار منتشرة في كل مكان في أرض مصر، وحتى الآن لم نكتشف من آثارنا أكثر من 30%، وما زال هناك 70% منها في باطن الارض
على مدى سنوات عملك هذه، كنت ممثلاً للدولة في زيارات العديد من الشخصيات العالمية، ما هي ذاكرتك عن أهم الزيارات؟
كنت أرافقهم وأشرح لهم ومن ثم يصبحون أصدقائي، عندما زار الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما الأهرامات وأراد أن يركب الجمل، قلت له "مفيش مشكلة هجيبلك جمل"، لكن أنا أطلب منك ألا تركب الجمل، سألني لماذا فأجبته: "لو حضرتك ركبت الجمل صورتك هتطلع في كل مكان في الدنيا وإحنا ما عندناش غير عشرة جمال في الهرم"، فوافق على اقتراحي. أما الأميرة ديانا فجمعتني بها علاقة طيبة جداً، لدي معها 36 صورة، لقد كانت إنسانة جميلة ودودة وعاشقة للآثار المصرية والأهرامات والحضارة الفرعونية، ودائماً ما نظرت إليها بحب وكبرياء.
كذلك قابلت ملكة إسبانيا صوفيا من فترة قريبة، وحين سألتني "هل تعتقد في الحياة الأخرى؟" ضحكت وقلت لها نعم، فسألتني من أعتقد أنني كنته في حياتي السابقة، فقلت لها "الملك خوفو".
حوّاس: "لدي 36 صورة مع الأميرة ديانا، كانت عاشقة للآثار المصرية وتنظر إليها بحب وكبرياء".
تقوم حالياً بكتابة مذكراتك، ما أهم ما ورد فيها؟
جاءت الفكرة أثناء جائحة كورونا التي أعطتني الوقت الكافي كي أبدأ في كتابتها. هي لا تؤرخ لحياتي الشخصية فقط ولكنها تشمل ما تعرضت له الآثار خلال 10 سنوات مذ كنت وزيراً للآثار، كما تشمل حادثة سرقة المتحف المصري في التحرير عام 2011، كما تتناول المذكرات بناء المتاحف وعمليات الترميم وتدريب العاملين، وأيضاً الوعي الأثري الذي شهدته مصر، والاكتشافات التي شهد لها العالم أجمع مثل مقابر العمال وبناة الأهرامات ووادي المومياءات الذهبية.
كذلك ضمنتها امتناني لأساتذتي ومن تعلمت على يديهم مثل الشيخ الدسوقي الذي حفظت على يديه القرآن، والذي كان حكاءً ماهراً وهو من علمني "فن الحكي"، وأساتذتي ديفيد كونر وجمال مختار والسفير عبد الرؤوف الريدي وغيرهم.
سيكون لك وثائقي على "نتفليكس" تعارض به الفيلم الذي أنتجته المنصة نفسها عن كليوبترا ولاقى معارضة واسعة، ما هي النقاط الأهم التي تعارضها وترغب بتوضيحها من المنظور التاريخي؟
لقد أفزعني الإعلان عن الفيلم عندما شاهدت اللعب في الجذور والتاريخ المصري القديم، هناك أخطاء في سرد الأحداث وأماكن بعضها، بالإضافة إلى خلفيات وطبيعة كليوباترا نفسها. هذا الفيلم فيه تزوير للتاريخ، مثلاً كليوباترا لم تكن سوداء، وهذا ليس تصريحاً ضد لون البشرة ولكنها دقة تاريخية.
قمت على الفور بتفنيد تلك الأكاذيب والرد عليها بعدد من المقالات باللغة الإنكليزية في عدد من الصحف الأمريكية، والفيلم الذي نعمل على إنتاجه حالياً يحتوي على الحقائق الكاملة لتلك الحقبه، سنرد بالحقائق على الشبهات.
هناك شائعات تقول إن كل المناصب العليا في القطاع يشغلها تلاميذك إلى اليوم، إلى أي حد تمثل استشارتك القول الفصل في المناصب العلمية والإدارية في قطاع الآثار في مصر؟
الدولة هي صاحبة القرار الأول والأخير في اختيار وتعيين الكفاءات في المناصب المناسبة لها. ليس لدي أكثر من هذه الإجابة.
حوّاس: "سيكون لدي وثائقي على نتفليكس أفنّد فيه الأكاذيب والأخطاء في سرد الأحداث والأماكن التي تناولها فيلم المنصة عن كليوبترا"
وباعتقادك، من الملام في إهمال قطاعات الآثار الإسلامية والقبطية؟ وأيضاً الآثار المصرية الواقعة خارج مناطق الجذب السياحي؟
لا يوجد إهمال، من الذي يقول هذا الكلام؟ كل ما ينشر مجرد شائعات، فالدولة تضع خططاً متتالية للترميمات والصيانة. من الطبيعي بفعل التغيرات المناخية أن تتأثر بعض الكنائس أو المساجد القديمة، إلا أن الترميمات تعيد الآثار إلى طبيعتها دون أية مشاكل. أما بخصوص المناطق السياحية خارج الجذب السياحي فلدينا بالفعل مشكلة حقيقية في التسويق السياحي، خاصة أن مصر واحدة من الدول الأكثر آثاراً وحضارة في العالم، ناهيك عن تنوع الحضارات فيها. فهناك الحضارة الفرعونية والحضارة الإسلامية، ولكل منهما آثارهما الخاصة، إضافة إلى الآثار الإغريقية واليونانية، كما أن هناك نسبة كبيرة من أماكن مصر الأثرية السياحية لا يتم زيارتها بالشكل المناسب مع قيمتها، ولا توضع على خريطة مصر السياحية للترويج لها، فباتت تعانى من بعض الإهمال. المشكلة أن البرامج السياحية ثابتة، وتحتاج للتنويع وإظهار التباين وإظهار الثراء الأثرى والتاريخى لمصر، لذا يجب زيادة عملية التسويق لوضع تلك الأماكن بجانب الأماكن الشهيرة الكلاسيكية كالهرم وسقارة والمتحف المصري والقلعة وآثار الأقصر وأسوان.
حوّاس: "لا يوجد انهيارات في مناطق السياحة الإسلامية والقبطية في مصر، من الذي يقول هذا الكلام؟"
هناك تأكيدات حكومية أن افتتاح المتحف المصري الكبير سيكون في نهاية هذا العام، هل لديك معلومات عن شكل الاحتفالات؟
المتحف الكبير بدأنا ببناءه أنا ووزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، ومن وجهة نظري سيكون أحد أعظم متاحف العالم، الاحتفالات ستكون فعلاً عظيمة والعالم كله سيتحدث عنها، لأن العالم كله ينتظر بشغف هذا الحدث الكبير.
بحسب معلوماتي الدولة تنتظر حتى يتم في نفس الوقت الذي سيفتتح فيه المتحف الانتهاء من تطوير منطقة الأهرامات بالكامل، وبهذا ستكون منطقة الهرم قد تغيرت تماماً وتم تنظيمها، وسيتزامن هذا مع افتتاح مطار سفنكس رسمياً، والذي سيخدم هذه المناطق ويسهل وصول السياح إليها نظراً لأن المطار يبعد 10 كيلو مترات فقط عن المتحف، بهذا سيتمكن السائح من قضاء أسبوع كامل في منطقة الأهرامات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين