وجّه وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية بسام مولوي، يوم الثلاثاء الماضي، كتاباً إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، لمنع تظاهرة للّاجئين السوريين أمام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، تنديداً بسكوت المفوضية عمّا يتعرض له اللاجئون من حملات ترحيل تعسفي، وذلك بعد دعوات من قبل وسائل التواصل الاجتماعي للتظاهر، وإمكانية حدوث إشكالات أمنية بعد أن دعت مجموعة تسمّي نفسها "الحملة الوطنية لتحرير لبنان من الاحتلال الديموغرافي السوري"، إلى تظاهرة منددة باللاجئين في المكان والزمان نفسيهما.
وكان الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان قد أطلق هذه الحملة خلال مؤتمر صحافي في "بيت العامل" في جل الديب، الخميس في 20 نيسان/ أبريل الجاري، بحضور حشد من مؤسسي الحملة من كل المناطق اللبنانية، ألقى فيه رئيس الاتحاد مارون الخولي، كلمةً قال فيها: "عقدنا العزم على مواجهة أكبر تحدٍّ في بلادنا وأكبر خطر يشهده لبنان منذ تكوينه، تسلل في العام 2011، تحت غطاء إنساني برعاية وحماية دوليتين، ليصبح بعد سنوات احتلالاً ديموغرافياً".
بعد أيام، تُرجم هذا الخطاب على أرض الواقع، حيث داهم الجيش اللبناني المنازل التي تسكنها عائلات سورية في مواقع مختلفة في جميع أنحاء البلاد، فبحسب المتحدثة باسم مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان ليزا أبو خالد، في حديثها إلى رصيف22، أنه "استناداً إلى معلومات من اللاجئين وبحسب تقارير عدة، تلحظ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان زيادةً في عدد المداهمات في صفوف سوريين في كلّ من جبل لبنان وشمال لبنان. ولغاية شهر نيسان/ أبريل الحالي، علمت المفوضية بما لا يقل عن 13 مداهمةً تم تأكيدها، كما تلقت أيضاً تقارير عن سوريين محتجزين بهدف ترحيلهم في ما بعد، ومن بينهم من هو معروف ومسجلّ لدى المفوضية".
علمت المفوضية بما لا يقل عن 13 مداهمةً تم تأكيدها، كما تلقت أيضاً تقارير عن سوريين محتجزين بهدف ترحيلهم في ما بعد
وتقول: "تدعو المفوضية إلى احترام مبادئ القانون الدولي وضمان حماية اللاجئين في لبنان من الإعادة القسرية، كما تتلقى تقارير ترحيل اللاجئين السوريين قسراً بقلق بالغ وتُتابعها مع الأطراف المعنية".
ورحِّل إلى سوريا بالعشرات اللاجئون الذين دخلوا البلاد بشكل غير نظامي أو يحملون بطاقات إقامة منتهية الصلاحية، حيث تم ترحيل أكثر من 50 سوريّاً من قبل الجيش في نحو أسبوعين، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس عن مسؤولين أمنيين لبنانيين.
وطالبت منظمة العفو الدولية السلطات اللبنانية، بـ"الكفّ فوراً عن ترحيل اللاجئين السوريين قسراً إلى سوريا، وسط مخاوف من أن هؤلاء الأفراد مُعرّضون لخطر التعذيب أو الاضطهاد على أيدي الحكومة السورية لدى عودتهم".
المشكلة قبل أزمة اللجوء
مع توسع القمع الممارَس ضدهم، وانخراط حزب الله في الحرب السورية بشكل كبير، في العام 2012، تصاعدت وتيرة لجوء السوريين إلى لبنان هرباً من الحرب والموت، وكبر دور المنظمات الدولية المعنية. مقابل ذلك لم تطرح الدولة اللبنانية حلولاً تنظيميةً، بل تعاملت مع الأزمة من منظور سياسي تخويفي، ومنفعة مادية كباقي الملفات، مثل الصحة والتعليم والنفايات والانتخابات... إلخ.
"كان المجتمع اللبناني مع بدء موجة اللجوء السوري مقسوماً، وكان حزب سياسي وشركاؤه جزءاً من الصراع السياسي في سوريا، وقد شارك في المعارك، وتالياً أصبح لدينا رأي عام مقسوم بين من عدّ اللاجئين هاربين من الحرب، وآخر عدّهم معارضين للنظام السوري، وتالياً انقسم المجتمع اللبناني تجاههم، ومعظم اللبنانيين في تلك المرحلة كان لديهم نوع من التعاطف أكثر من الإدانة"، يقول المدير التنفيذي لشبكة المنظمات غير الحكومية العربية للتنمية، زياد عبد الصمد.
الورقة الرابحة لتلاشي الانقسام
بدأت الفرق السياسية في لبنان بالبحث عن مصالح مشتركة مع بعضها البعض لتناسي الخلافات حول الحرب الدائرة في سوريا، فطرح مجلس الوزراء اللبناني في أيار/ مايو 2014، إمكانية إقامة مخيمات داخل الأراضي السورية أو في المنطقة الحدودية العازلة بين لبنان وسوريا، وذلك في محاولة لإبعاد اللاجئين إلى خارج مسؤولية الدولة، فيما طالب البعض بإقامتها داخل الأراضي اللبنانية، ولكن بعيداً عن التجمعات السكانية وفي أماكن آمنة "حدودياً".
المقترح الحكومي أعاد الخلاف بين الأحزاب السياسية اللبنانية، لتنقسم بين من رأوا الموضوع لأغراض سياسية وعسكرية، وأبرزهم وزير الطاقة آنذاك جبران باسيل، وفريق آخر من ضمنه وزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق الذي كان من حصة تيار المستقبل، رحب بهدف تحييدهم عن اللبنانيين واحتوائهم في أماكن غالباً ما تكون بعيدةً عن المدن، ما يسهّل السيطرة على وجودهم وتنقلهم، وإبقاءهم بعيداً عن الأنظار وتالياً تخفيف الأعباء الاقتصادية والاجتماعية.
انتهى الجدال إلى عدم اعتماد هذا المقترح في "ورقة سياسة النزوح السوري"، التي أقرّها مجلس الوزراء في تشرين الأوّل/ أكتوبر 2014.
"لم تُقَم مخيمات رسمية في لبنان لاحتواء تدفق اللاجئين السوريين تماشياً مع سياسة الحكومة اللبنانية التي أُقرّت في بداية الأزمة السورية"، تقول أبو خالد، وتضيف: "نتيجةً لذلك، تم توجيه المساعدات الدولية إلى المجتمعات المضيفة واللاجئين على حد سواء، مما يعود بالفائدة على لبنانيين هم من الأكثر ضعفاً، ويضمن تشبيك التدخلات الإنسانية مع خطط التنمية الوطنية والبلدية على المدى الطويل، وتالياً فإن الدعم الدولي للمجتمعات يساعد كلّاً من اللبنانيين واللاجئين".
يدفع اللاجئون الإيجار ويدفعون مقابل الخدمات، حتى هؤلاء الذين يعيشون في تجمّعات خيم. وبلغ متوسط الإيجار للعائلة اللاجئة الواحدة 371% أكثر مما كانت عليه في منتصف عام 2021
وتشير إلى أنه "ضمنت الحكومة اللبنانية أن اللاجئين قادرون على الإقامة في جميع أنحاء البلد، وقد شملتهم ضمن الخدمات البلدية بطريقة متساوية. ولهذا السبب، وعلى مدى السنوات العشر الماضية، تمّ دعم هذه الجهود من خلال تنفيذ أكثر من 270 مشروعاً للمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية (أي ما يعادل أكثر من 7.68 مليون دولار أمريكي)، في مختلف أنحاء لبنان لتحسين شبكات المياه ومرافقها وأنظمة الصرف الصحي في المناطق الأكثر ضعفاً".
وبرغم ذلك، أشارت المتحدثة إلى أن "اللاجئين يدفعون الإيجار ويدفعون مقابل الخدمات، حتى هؤلاء الذين يعيشون في تجمّعات خيم. هذا وتستمر كلفات الإيجارات في الارتفاع بشكل حاد، حيث بلغ متوسط الإيجار للعائلة اللاجئة الواحدة 371% أكثر مما كانت عليه في منتصف عام 2021".
من جهته، يرى عبد الصمد أن "فكرة المخيمات كان جزء من السلطة يؤيدها بهدف عزل اللاجئين عن المجتمع، وجزء آخر كان معارضاً للفكرة عادّاً إياها غير إنسانية، وكانت هناك نسبة كبيرة من السوريين لا يمكن معرفة نسبتهم، موجودةً في لبنان قبل الأزمة السورية ويعمل أفرادها في الزراعة والعمار وغيرهما من القطاعات، إذ إن لبنان قبل أزمة اللجوء كان بحاجة إلى اليد العاملة".
ويضيف: "عندما نقول يجب عزلهم في المخيمات، فنعني أنه يجب أن تكون هناك سياسة واضحة وتخطيط واضح كي لا يصبحوا عبئاً، وما حصل من غياب القوانين والتنظيم، ساهم في انفلات الأمور ولم يعد معروفاً هل نسجلهم أم لا؟ يعملون أم لا؟ نعزلهم أم لا؟ لقد وضعوا اللاجئين السوريين في مواجهة مباشرة مع اللبنانيين".
دور الأمن العام
بعد عام من تعليق فكرة إنشاء المخيمات، تحوّل اللاجئ السوري إلى الضحية الأولى لممارسات داعش في بلاده، عبر ربطه بالإرهاب والبطالة وبث الخطابات العنصرية، فأصدر الأمن العام قراراً في الشهر الأول من العام 2015، للحدّ من اللجوء، عبر فرض سمات دخول على الهاربين من الحرب في سوريا، وقيود على إقامات السوريين في لبنان، بهدف إرغامهم على الرجوع إلى بلدهم.
شكّل هذا القرار مخالفةً للمعاهدات الدولية والمنظمات القانونية التي تنصّ "على عدم إمكانية الإبعاد القسري الى مناطق تشهد حروباً"، وفشل في تحقيق هدفه، إذ لم يستطع إرغام السوريين على العودة إلى بلدهم، ولم يتمكن من تنظيم إقامتهم داخل لبنان. يقول عبد الصمد: "الدولة اللبنانية منذ بداية أزمة اللجوء تعاطت مع الموضوع باستخفاف وبنوع من الإنكار وعدم تقدير حجم المشكلة، فبدأت بالتخبط، حيث دعت في بداية الأمر اللاجئين السوريين إلى التسجيل في المفوضية، لأنها غير مسؤولة عنهم بل هم من مسؤولية المجتمع الدولي، وعندما كبر العدد طلبوا من المفوضية إيقاف التسجيل وتالياً صار أغلب اللاجئين غير شرعيين، وصارت الأرقام أكبر".
بعد عام من تعليق فكرة إنشاء المخيمات، تحوّل اللاجئ السوري إلى الضحية الأولى لممارسات داعش في بلاده
ويضيف: "في حين لم تتخذ الدولة اللبنانية أي توجه حول ما إذا كانت تريد وضعهم في المخيمات أو دمجهم ضمن المجتمع. لم يكن هناك أي توجه مطلقاً في بداية الأزمة، وفي العام 2015، قررت الحكومة اللبنانية تسليم الملف لوزارة الشؤون الاجتماعية، وحينها قلنا لهم إن هذا الملف أكبر من الوزارة، إذ يجب العمل على مستوى وطني وليس على مستوى وزير في وزارة، وهنا كان الاستخفاف في التعاطي مع موضوع اللاجئين".
تضخّم هذه الأرقام كشفت عنه المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، كرقم تخطيطي معتمد من الجهات الرسمية اللبنانية للمسجلين فقط بشكل قانوني. تقول أبو خالد: "هناك 1.5 ملايين لاجئ سوري في لبنان. وكان قد تم تعليق تسجيل اللاجئين السوريين في لبنان من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين منذ أيار/ مايو 2015، وذلك بقرار من الحكومة اللبنانية".
وتضيف: "منذ ذلك الحين، تواصل المفوضية اعتماد أعداد اللاجئين المسجلين قبل عام 2015، واعتباراً من نهاية شهر آذار/ مارس الماضي، بلغ الرقم 805،326 لاجئاً سورياً مسجلاً في لبنان، ومنذ عام 2016، تحققت المفوضية مما يقارب 83،500 حالة عودة من لبنان إلى سوريا"، مشيرةً إلى أن "الأرقام المبلّغ عنها هي فقط تلك التي تم التحقق منها من قبل المفوضية، ولا تعكس العدد الكامل للعائدين، والذي قد يكون أعلى بكثير".
الاستثمار السياسي والفشل
ومع كل أزمة في لبنان منذ الانهيار الاقتصادي عام 2019، وقبله، تعود سردية تحميل اللاجئين السوريين مشكلات البلاد إلى الواجهة، وتتبناها قوى وأحزاب سياسية، وبعض المؤيدين على وسائل التواصل الاجتماعي، برغم تقارير أممية تفيد بعدم قدرة اللاجئين على تأمين أدنى مقومات الحياة، إذ احتاجت مفوضية شؤون اللاجئين إلى 553.7 ملايين دولار لتمويل عملياتها في لبنان عام 2021، مُوّلت منها 49% حتى تشرين الأول/ أكتوبر من العام نفسه. أما في 2022، فهي تحتاج إلى 534.3 ملايين دولار، مُوّلت منها 32% حتى حزيران/ يونيو الماضي، بحسب UNHCR.
ترى الباحثة في مجموعة "سينابس"، روزالي بيريتي، في مقال لها بعنوان "اللاجئون السوريون مكاسب غير متوقعة للاقتصاد اللبناني"، أن "على أولئك الذين ينتقدون هذا الوضع أن يفكروا ملياً قبل الإعراب عن رغبتهم في رؤيتهم يغادرون البلاد، حيث أن العودة المكثفة للسوريين إلى بلادهم، بعد سنوات من الحرب، قد تتسبب بضرر أكبر من المنفعة"، عادّةً أن "سياسيين لبنانيين تعاطوا مع القضية بطريقة حاولت أن تجعل من هذا الوجود السوري كبش فداء لمشكلات اجتماعية واقتصادية تعاني منها بلادهم، وتتمثل على الخصوص في ركود الاقتصاد وتقادم المؤسسات العمومية".
برأيها، "هذه النظرة يشوبها عيبان: فمن جهة لم يؤدِّ وصول أكثر من مليون لاجئ منذ عام 2011 إلى خلق مشكلات جديدة بقدر ما زاد من حدة آفات قديمة ناجمة عن عقود من سوء الإدارة والسياسات الاقتصادية غير المنتظمة. ومن جهة أخرى، فإن لدى هؤلاء السياسيين نزعةً مبالغةً في تقدير الأثر السلبي لوجود اللاجئين وإخفاء الجوانب الأكثر إيجابيةً منه".
بحسب عبد الصمد، فإن "أساس المشكلة، يتلخص في ثلاث نقاط: أولاً، الأزمة الحاصلة في لبنان ناتجة عن الفساد والسياسات الخطأ والإدارة السيئة ولا أحد يتحمل مسؤوليتها، بل السلطة تتهرب وترميها على السوريين، أي أن لبنان ليست لديه كهرباء لا لأن السوريين يزيدون الاستهلاك بل لأن لبنان منذ 30 سنةً لم يبنِ مصانع كهرباء، وليس لدينا ماء لأن الشبكة لا تعمل. طبعاً اللاجئون أثّروا ولكن سبب الأزمة تتحمل السلطة مسؤوليته، وتتهرب بحجة أن لدى لبنان مليوني لاجئ لا تستطيع تحملهم".
لم يؤدِّ وصول أكثر من مليون لاجئ منذ عام 2011 إلى خلق مشكلات جديدة بقدر ما زاد من حدة آفات قديمة ناجمة عن عقود من سوء الإدارة والسياسات الاقتصادية غير المنتظمة
يتابع: "ثانياً، ابتزاز الدولة اللبنانية للمجتمع الدولي؛ إذا كنتم تريدون بقاءهم، فادفعوا لنا الأموال، وإلا ندفعهم نحوكم أو نعيدهم إلى النظام، وفي المقابل المجتمع الدولي يطلب من السلطة أن تقوم بالإصلاحات كي يساعدها إلا أن الأخيرة لا تقبل".
ويضيف: "ثالثاً، محاولة التطبيع مع النظام للتنسيق والتفاوض على موضوع العودة، فيما النظام السوري يستخدم اللاجئين كورقة ابتزاز للمجتمع الدولي مقابل الأموال وإعادة الأعمار، وهو كان يميع الموضوع وهو في الأساس لا يريد عودتهم على ما يبدو".
البنوك تسرق المساعدات؟
برغم كل الخطابات من قبل الأحزاب اللبنانية المناهضة للّاجئين السوريين وتحميلهم مسؤولية الأزمة الحاصلة، كشف تحقيق أجرته وكالة رويترز، أن البنوك في لبنان "ابتلعت" ما لا يقل عن 250 مليون دولار من أموال المساعدات الإنسانية الأممية المخصصة للّاجئين والمجتمعات الفقيرة في البلاد التي تعاني من أسوأ أزمة اقتصادية وسياسية في تاريخها الحديث".
وأكد مسؤول إغاثة ودبلوماسيون من الدول المانحة للبنان، للوكالة، أن ما بين ثلث المساعدات النقدية المباشرة التي قدّمتها الأمم المتحدة في لبنان، ونصفها، "امتصتها" البنوك منذ بداية الأزمة عام 2019، وخلال عام 2020 والأشهر الأربعة الأولى من عام 2021، استبدلت البنوك الدولارات لصالح وكالات الأمم المتحدة بمعدلات أقل بنسبة 40% في المتوسط من سعر السوق.
وتلقّى لبنان نحو 1.5 مليارات دولار من المساعدات الإنسانية خلال العام 2020، بحسب أبو خالد، التي تشير إلى أن "لبنان تلقّى ما يقارب 9.3 مليارات دولار أمريكي منذ عام 2015، لدعم اللاجئين السوريين واللبنانيين واللّاجئين الفلسطينيين والمؤسسات العامة في إطار خطة لبنان للاستجابة للأزمة (LCRP). وهذا المبلغ يشمل فقط الأموال التي يتم توجيهها من خلال خطة لبنان للاستجابة للأزمة، ولا يشمل الدعم الدولي الآخر المقدّم إلى لبنان".
وتضيف: "أما في ما يتعلق بدعم المفوضية وحدها للمؤسسات اللبنانية، فمنذ عام 2011، قدّمت المفوضية 200.46 مليون دولار أمريكي لدعم الحكومة اللبنانية".
هذه المساعدات يعدّها عبد الصمد غير كافية، برغم أنها ساعدت في بناء القدرات من خلال البلديات والوزارات، ولا تزال تساعد اللاجئين السوريين، لأسباب عدة، منها "أن المجتمع الدولي يضع الأموال في المصارف، والمصارف بدورها تأخذ هذه الأموال بالدولار وتعطي السوريين بالليرة اللبنانية، وتلعب بسعر صرف الدولار وتربح بسعر الصرف".
ويشير إلى أنه "عندما اكتشفت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين هذا التلاعب، طلبت من الدولة اللبنانية السماح للّاجئين باستلام المساعدات بالدولار، لكن الدولة رفضت، وكذلك وزارة الشؤون، أن تسلمهم بالدولار، وتالياً هناك علامات استفهام حول هل يوجد اتفاق ضمني بين الدولة اللبنانية والمصارف للمزيد من الضغط بهدف إعطاء اللاجئين أموالاً أقل؟".
لبنان تلقّى ما يقارب 9.3 مليارات دولار أمريكي منذ عام 2015، لدعم اللاجئين السوريين واللبنانيين واللّاجئين الفلسطينيين والمؤسسات العامة
ورقة ابتزاز من دون عودة
في كل عام، يرتفع صوت السلطة اللبنانية حول أزمة اللاجئين بالتزامن مع مؤتمر المانحين، وتنتهي القضية بإعادة تمويل لبنان بملايين الدولارات كمساعدة للّاجئين واللبنانيين، وهذه المرة يبدو أنها أعلى وأوسع من السابق لانضمام كُثر إلى الحملة، أو في الحد الأدنى السكوت عنها.
في الرابع من نيسان/ أبريل الجاري، طلب وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال، هكتور حجّار، خلال لقائه مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز لينارتشيتش، تنظيم مؤتمر دولي مخصص لبحث هذا الملف، "يبدأ بقراءة معمقة للأسباب المتعددة لوجود السوريين في لبنان، والانطلاق منها للبحث عن حلول جدية لهم، بهدف عودتهم إلى سوريا أو إعادة توطينهم في دولة ثالثة".
وردّ لينارتشيتش، بأنه في 14 و15 حزيران/ يونيو المقبل، "سيستضيف الاتحاد الأوروبي مؤتمر بروكسل السابع حول دعم مستقبل سوريا وسيكون من الأهمية بمكان تحقيق استجابة مجدية في لبنان"، معلناً عن "تقديم الاتحاد الأوروبي 60 مليون يورو كمساعدات إنسانية للفئات الأكثر ضعفاً في لبنان، لكن المساعدات الإنسانية ليست حلاً مستداماً على المدى الطويل، بل هي مساعدات طارئة للحفاظ على الحياة، فما يحتاجه لبنان هو إصلاحات وانتخاب رئيس للجمهورية وحكومة كاملة الصلاحية واتفاق مع المجموعة الدولية، خصوصاً مع صندوق النقد الدولي".
يقول عبد الصمد: "إلى الآن، لا توجد خطط بين مؤسسات الدولة والمجتمع الدولي لحل هذا الملف. فالموضوع يحتاج إلى حوار وطني مع الجهات المعنية لطرح حجم المشكلة الأساسية، ومن ثم وضع إستراتيجية للتعاطي مع هذا الملف؛ المخيمات، الضغط على البنية التحتية، والقطاعات".
ويضيف: "لا أحد ضد عودة اللاجئين السوريين، وقسم كبير منهم يريدون العودة ولكن المشكلة أنه لا يوجد حل للعودة. قبل حدوث أي معالجة سياسية للأزمة في سوريا، تستحيل عودتهم لأن النظام لا يريدهم ولا يستطيع استيعابهم ولا المناطق الأخرى تستوعبهم، ومن الآن حتى تصبح عودتهم منطقيةً وواقعيةً، لبنان محكوم بأن يفكر في كيف يعالج هذه القضية حتى يصبح احتمال العودة وارداً، مع مراعاة معايير الحد الأدنى لحقوق الإنسان وفي الوقت نفسه مراعاة مصالح لبنان".
"حتى اليوم، لا يوجد توجه نحو عمل سياسي من قبل الدولة تجاه أزمة اللاجئين، والتوجه الوحيد السياسي هو عودتهم فقط، وحصل ذلك على أيام اللواء السابق للأمن العام عباس إبراهيم، بعودة طوعية بلغ عدد المنضوين فيها بين 200 أو 300 ألف من غير المسجلين رسمياً، لكنهم عادوا مجدداً إلى لبنان، وهذه الخطة اتخذها مجلس الأمن وكلّف الأمن العام بها وتنصلت الدولة من مسؤوليتها"، يختم عبد الصمد.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 23 ساعةمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع