المتعة، أو النكاح المنقطع، أو الزواج المؤقت، هو زواج شرعي في المذهب الشيعي، إذ تقرأ خطبة النكاح لفترة محدودة مع مهر معلوم، ومع نهاية تلك الفترة تنتهي العلاقة الزوجية.
يحرم ذلك أهل السنة، بجميع مذاهبهم، وحتى الزيديون من الشيعة، أما الشيعة الاثني عشرية فيحللونه. وعلى غرار ما جاء في أحكام الفقه الجعفري، وكذلك قوانين الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فإن هذا الزواج هو زواج شرعي وقانوني ويُنظّر له بعض رجال الدين على أنه اللذة الشرعية للسيطرة على الرغبة الجنسية لدى المسلمين.
ومع أن هذا الزواج يمكن تسجيله في مكاتب الزواج، والحصول على أوراق ثبوتية في حال لزم الأمر عند حجز فندق أو المراجعة في الدوائر الرسمية أو المحاكم وغيرها، إلا أن كثيرين يستغلون تجويز الزواج المؤقت من المنظور الشرعي، حيث يكتفون بقراءة خطبة النكاح بأنفسهم بعيداً عن تسجيله في المكاتب، وهو ما يساعدهم على الكتمان، خاصةً بالنسبة للمتزوجين الذين يرغبون في ممارسة المتعة الشرعية من دون علم زوجاتهم، بالإضافة إلى أن ثقافة المجتمع الإيراني وأعرافه لم تتقبل فكرة زواج المتعة، وتعدّها إهانةً لشخصية المرأة.
تذكر النساء الراغبات في ممارسة زواج المتعة، باسم مستعار، أو يحملن رقماً من دون أي صورة في المجموعات، وحتى المواقع الإلكترونية المختصة بهذا الشأن، وذلك لحفظ الخصوصية قبل أي لقاء بين الطرفين
كان بعض رجال الدين في العقود الماضية، يعملون في مجال "زواج الصيغة" كما يعرف في إيران، أي أنهم يعرفون الكثير من النساء الراغبات في هذا النوع من العلاقة الجنسية، ويعرّفونهن على الرجال المتزوجين وغير المتزوجين الذين يبحثون عن المتعة، ويقع ذلك في المدن الدينية أكثر من غيرها.
المتعة في عهد تليغرام
بعد انتشار منصة تليغرام في إيران، أصبح أمر الحصول على زواج المتعة أكثر إتاحةً وسهولةً، إذ دشّن البعض مجموعات تليغراميةً للتعرف إلى الفتيات الراغبات في هكذا ممارسة جنسية.
الحصول على زوج/ة، والحصول على رفيق/ة، والحصول على زواج المتعة؛ هي أسماء بعض المجموعات التليغرامية التي تلقى رواجاً لدى الراغبين، وينحصر عملها في وصل الرجال بالنساء مقابل أرباح جيدة.
كما يبدو أن السمسرة في هذا المجال تجني أرباحاً بآلاف الدولارات، وهنا نلقي نظرةً على إحدى هذه المجموعات، لنتعرف على طرائق نشاطها.
في الساعة الثامنة صباحاً تم وضع هذا الإعلان في مجموعة "مُحسنين لزواج المتعة":
"الرقم: 148 من مدينة طهران، الطول: 170، الوزن: 63، العمر: 22، لون البشرة: أبيض، لون العينين: أسود، درجة الجمال: 4 من 5، السكن: موجود، الحالة الاجتماعية: مطلقة، بطاقة الصحة: موجودة، المهر لساعة واحدة: 500 ألف تومان (10 دولارات)، المهر لأسبوع: مليون ومئتا ألف تومان ($24 دولاراً)، المهر لشهر كامل: 4 ملايين تومان (80 دولاراً)، ساعة الاستقبال: من 11 صباحاً حتى 8 مساءً.
مواصفات: نظيفة ومرتبة وأنيقة ورياضية وجذابة ومثيرة.
طلبات السيدة: لا يهمني عمر الرجل ومظهره، حتى لو كان كبيراً في العمر، شرط ألا يكون بخيلاً.
حق الوساطة: 100 ألف تومان (دولاران)".
هناك 250 ألف عضو في مجموعة "محسنين" التليغرامية، ويبدو أن جميعهم من الرجال الذين يبحثون عن ممارسة جنسية خارج دائرة الزواج، وليس بالضرورة أن يعتقد جلّهم بزواج المتعة، بل هي فرصة للحصول بسهولة على فتاة ترغب في ممارسة الجنس.
تتمثل المرحلة القادمة في أن يقدّم الرجل طلباً للمشرف/ة، مع إرسال صورة من بطاقة الهوية ودفع تكلفة الوساطة، ثم يستلم رقم هاتف الفتاة، ليتواصلا ويتواعدا.
بعد أيام على نشر ذلك الإعلان عن فتاة طهرانية رقمها 148، شكر شاب يبدو أنه في الـ25 من عمره، مشرف المجموعة: "أشكرك من أجل رقم 148، إنها كانت ممتازةً، ممتازةً جداً، كل ما أقوله في وصفها قليل. ذهبت وفقاً للموعد وقد قامت بدورها بشكل جيد، كانت جميلةً أفضل من الأخريات".
مواصفات المجموعات النشطة
تذكر النساء الراغبات في ممارسة زواج المتعة، باسم مستعار، أو يحملن رقماً من دون أي صورة في المجموعات، وحتى المواقع الإلكترونية المختصة بهذا الشأن، وذلك لحفظ الخصوصية قبل أي لقاء بين الطرفين، فيما تقوم بعض هذه المجموعات بنشر صورة كاملة للسيدات مع وضع بعض الملصقات على وجوههن أو تشويهها.
هناك شرح حول صور الفتيات يأتي في وصف إحدى هذه المجموعات، يساعدنا في فهم القضية أكثر: "صور النساء أمر خاص، وإرسالها مسؤولية لا يمكننا أن نتقبلها، كما أنهن يخشين على شرفهن من أن تُنشر صورهن كعاهرات في وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن للراغبين أن يحصلوا على صورة الفتاة بعد التواصل معها".
وفقاً للشريعة، يمكن للأزواج أن يقرأوا خطبة النكاح بأنفسهم بعد تعيين المدة والمهر، فتقول السيدة: "زَوَّجتُك نَفْسي في المُدَّةِ الْمَعْلوُمَة عَلَى الْمَهْرِ الْمَعْلوُم"، ويردّ الرجل: "قَبِلْتُ"، كما بإمكانهم قراءتها باللغة الفارسية، أو بأي لغة أخرى، شرط أن يتحقق المعنى في قبول النكاح، وفقاً لما جاء في المعنى العربي.
ليست لزواج المتعة خطبة طلاق، فمتى ما انتهت الفترة المحددة ينتهي الزواج شرعياً، وهذه المدة يمكن أن تكون ساعةً واحدة أو يوماً أو أسبوعاً أو شهراً أو سنة أو أكثر، ويحق للرجال أن يتزوجوا بأعداد كثيرة من الزوجات وفق هذا النمط من دون أي مسؤولية تجاههن، إذ تحرم زوجات المتعة من الإرث.
تلتزم المجموعات بقوانين عدة لحفظ سلامة الفتيات وأمنهن، كي يستمر عمل السمسرة من دون مشكلة وبعيداً عن الحكومة، ومن ضمن القوانين التي يضعها المشرفون، عدم تقديم الخدمة لمن هم دون سن الـ18، وعدم التعامل مع البنات العذراوات، كما يجب الالتزام بالنظافة العامة والداخلية واستخدام الواقي الذكري عند ممارسة الجنس مع الفتيات، والتأكيد على الحضور في الموعد المحدد في منزل الفتاة، والتعامل باحترام معهن، ويُحظر الجنس الفموي والجنس الشرجي، ويمكن ذلك برضا السيدة فحسب، كما أن عدد مرات ممارسة الجنس لمن يريد زواجاً لفترة شهر كامل، هو 8 مرات.
"غطاء شرعي"
ما جاء في شروط المجموعات التليغرامية وقوانينها، لا يشبه قوانين الزواج وتكوين علاقة عاطفية بين إنسانين، بل يذكّر ببيوت الهوى، وعاملات الجنس، وبائعات الهوى، ومن هذا المنطلق يأتي رفض المجتمع لزواج المتعة.
يعتقد مخالفو فكرة المتعة، أن قوانين الجمهورية الإسلامية تشبه "الغطاء الشرعي" لعمل غير قانوني، وتمنح الرجال قدرة أكبر من السلطة الجنسية على النساء، وفرصة أمام النساء اللواتي يقدّمن الخدمات الجنسية من أجل المال
يعتقد مخالفو فكرة المتعة، أن قوانين الجمهورية الإسلامية تشبه "الغطاء الشرعي" لعمل غير قانوني، وتمنح الرجال قدرة أكبر من السلطة الجنسية على النساء، وفرصة أمام النساء اللواتي يقدّمن الخدمات الجنسية من أجل المال.
لكن أصحاب المجموعات التليغرامية، يحتجون بأدلتهم الشرعية لدعم مشروعهم المربح في الزواج المؤقت: "يتمثل هدفنا في تقليل الفساد الجنسي والدعارة في المجتمع، إننا نبحث عن مساعدة المجتمع الإسلامي من خلال شبكة الحصول على زواج المتعة في طهران ونحو 60 في المئة من المدن الإيرانية. نعرّف الراغبات بالراغبين، وننسق لتأمين سلامة العلاقة وأمنها وشرعيتها، ليتم الزواج المؤقت بشكل صحيح. لم تكن هناك مخالفة مع مجموعتنا، وحساباتنا البنكية مفتوحة، ولو حصل ذلك لكنا واجهنا إغلاق المجموعة أو ملاحقة الشرطة".
صرح المشرف على أمانة لجنة الأسرة والنمو السكاني في مؤسسة الدعاية الإسلامية، محمد صادق أبوترابي، بأن "هناك 6 آلاف مؤسسة وموقع تنشط في مجال التعرف إلى الزوج/ة (للزواج الدائم أو المؤقت)، جلها غير قانونية، وهناك 300 مؤسسة قدّمت طلباً لنيل الرخصة الحكومية، يتم العمل على دراستها. ومن الآن فصاعداً لا يمكن لأي جهة أن تعمل من دون أخذ الإذن من مؤسستنا، كما سيتولى مهمة ترويج ثقافة التزويج والوساطة بين الزوجين، رجال الدين والمساجد، وفقاً لقانون شبابية السكان".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع