شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
صبري فوّاز… قصة نجاح نتمنى تكرارها طوال الوقت

صبري فوّاز… قصة نجاح نتمنى تكرارها طوال الوقت

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الأربعاء 29 مارس 202301:10 م

تأملت الصورة التي جمعته مع رفاقه، خالد صالح، خالد الصاوي، طارق عبد العزيز، أقلّهم موهبة كان الأخير، ربما لذلك انتشر بسرعة، لكن بعد مرور سنوات ظلّ في منطقة باهتة، أما خالد صالح فعقدت معه الحياة صفقة النجومية السريعة التي يستحق أضعافها، مقابل عمر قصير حرمنا منه، وفي الوقت الذي سبقه خالد الصاوي، كان هو، صبري فوّاز، تنمو موهبته على مهل، وتنضج في وقتها تماماً قبل أن نستمتع بها للدرجة التي لا يمكن إلا أن نقول عنها إنها موهبة تستحق تواجداً أكبر من ذلك بكثير، وأن صبري فواز فنان من العيار الثقيل.

لكني لا أعتقد أن حبي، وحب كثيرين غيري، للفنان صبري فواز مرجعه أنه فنان قادر على تقمّص ما يريد من شخصيات، وله بصمات فنية ستعيش طويلاً. تلك أسباب يستحق من أجلها الحب بالتأكيد، لكن برأيي أن قصته نفسها أعمق، وما جسّده لنا كجمهور ومتابعين أكبر من فكرة الفن نفسها.

للتوضيح أكثر، المتتبع لمشوار صبري فواز الفني سيراه كالتالي: موهبة مدفونة بدأت طريقها في بداية تسعينيات القرن الماضي، وقت سيطرة نجوم السبعينيات على السينما، وما هي إلا سنوات قليلة حتى ظهر جيل الشباب بقيادة محمد هنيدي وقتها، لذلك كانت الدراما هي المكان الذي يمكن أن يستقبل موهبة شابة بدأت فيها بأدوار صغيرة كبرت شيئاً فشيئاً، حتى أعاد اكتشافه المخرج خالد يوسف، حين قدّمه في دور رئيسي بفيلم "دكّان شحاته" عام 2009، وبعده بعام، كانت مشاركته الأبرز بدور الشيخ عرابي في فيلم "كلمني شكراً" عام 2010، وهو دور ثبت في ذاكرة الجمهور رغم مرور 13 سنة على تقديمه.

العامل الذي جعلني وكثيرين نحب صبري فواز بجانب الفن، أن قصته العادية تلك تشبه قصصنا اليومية التي نحياها في أعمالنا المختلفة وأحلامنا

من وقتها انطلقت نجومية صبري فوّاز ما بين أعمال سينمائية وفنية، وشيئاً فشيئاً توطّدت علاقته بالجمهور، وصار اسمه كافياً ليقبل المشاهدون على أعماله، لكن الأهم، أن المشاهدين شعروا أنه مثلهم تماماً، إنسان عادي شق طريقه بصعوبة و"اتمرمط" في البداية حتى استطاع الوصول لما هو عليه الآن، أي أنه ليس نجماً حظي بالبطولة من أول عمل، أو ثرياً سهّل له المال الكثير، أو حتى ابن فنان اقتحم المجال من بوابة التوريث، ولعل هذا ما خلق أُلفة منذ اللحظة الأولى بينه وبين الجمهور.

أما العامل الثاني الذي جعلني وكثيرين نحب صبري فواز بجانب الفن، أن قصته العادية تلك تشبه قصصنا اليومية التي نحياها في أعمالنا المختلفة وأحلامنا، فبالنسبة لمعظمنا الطريق ليس سهلاً، وحين نرى أن هناك من هو مثلنا وخاض نفس الطريق ونجح دون ضربة حظ أو هِبة من أحد، فهذا يجعلنا نرى أنفسنا فيه، وهذا ما حدث بشكل أو آخر مع فوّاز الذي شعرنا تجاهه بالألفة، وبأنه واحد منا ينجح.

نجاح صبري فواز ونجوميته، تشعرنا حقيقة أن الناجحين أناس من لحم ودم، وهذا يجعلنا نحس أننا على الطريق الصحيح، وأن الوصول ليس حِكراً على "خارقين" لا ننتمي إليهم بالتأكيد

وهذا يقودنا إلى السبب الأخير والأهم برأيي، فإننا نعيش في زمن النجاح الساحق من أول عمل، والتريند المموّل القادر على جذب ملايين المشاهدات في ساعات، ويدفع صاحبه إلى القمة دون الاضطرار إلى انتظار دوره، هذا إن كان يستحق أصلاً، وحين نرى نحن كأناس عاديين ذلك، يشعر الكثير منّا بالعجز والفشل لأنه لم يستطع أن يكون "نمبر وان" في مجاله، رغم أنه قد يكون في الطريق إليه، كما أنه ليس من الضروري أن يكون الجميع "نمبر وان" فالقائمة بذلك ستختل ولن نقف إلا على قمة من الفراغ!

لذلك يعيد إلينا صبري فواز قصة ليست جديدة، لأنها قصة عشرات المواهب في مصر، بدأوا حياتهم بأدوار صغيرة، وشيئاً فشيئاً تربعوا على العرش بعد نجاح مستحق، وأبرز هؤلاء فريد شوقي وعادل إمام، لكن تلك القصة غير الجديدة والعادية جداً نتمنى تكرارها، خاصة في هذا الوقت، لأنها تعيد إلينا قيماً، مثل التركيز والاجتهاد والصبر على المشقة والأمل الدائم الذي هو طوق النجاة الوحيد لمن يريد أن يصل، كما أنه يحمينا من أمراض مثل النِفاق والتملّق والظلم تحت مبرر الوصول سريعاً.

وأخير، نجاح صبري فواز ونجوميته، تشعرنا حقيقة أن الناجحين أناس من لحم ودم، عاشوا مثلنا، وتعبوا وشعروا بلحظات الإحباط والفشل، وتعثّروا ونجحوا، وهذا يجعلنا نحس أننا على الطريق الصحيح، وإن كلّاً منا في مجاله يمكنه النجاح، وأن الوصول ليس حِكراً على "خارقين" لا ننتمي إليهم بالتأكيد. 

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard