انتشرت مطلع فبراير/ شباط الحالي مقاطع فيديو تظهر شاباً غاضباً داخل السفارة السورية في العاصمة الألمانية برلين، وهو يحطم نوافذ في منطقة الانتظار شاتماً الموظفين، ومتحدثاً عن تمضيته عامين في مدينة تدمر، نسبة إلى سجنها الشهير.
وكان من الملاحظ عند تصفح التعليقات على الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي أن عدداً غير قليل من السوريين احتفى بالمشهد، رغم عدم ميلهم إلى استخدام العنف في التعامل. وتنبع ردات الفعل هذه، كما يبدو، من تراكم إحباط وغضب تملكا شريحة واسعة منهم جراء إجبار السلطات الألمانية للحاصلين على ما يُسمى "الحماية المؤقتة" على الذهاب للسفارة واستصدار أو تجديد جواز سفر سوري عندما يرغبون في تجديد إقاماتهم أو في إتمام إجراءات الحصول على الجنسية الألمانية.
انتشرت مقاطع فيديو تظهر شاباً غاضباً داخل السفارة السورية في العاصمة الألمانية برلين، وهو يحطم النوافذ ويشتم الموظفين، ويتحدث عن تمضيته عامين في سجن تدمر السوري
متحدثة باسم الشرطة الألمانية قالت لرصيف22 إن الحادثة وقعت في السادس من فبراير/شباط الجاري عند الساعة 10:45 صباحاً، فاستدعى موظف الأمن في السفارة الشرطة الألمانية، الموجودة خارج السفارة، للتعامل مع الشاب البالغ من العمر 31 عاماً، والذي جرح يده خلال تحطيم زجاج ثلاث نوافذ.
وأضافت أن الشاب، الذي لا يعرفون دوافعه، لم يعتقل، بل سيق إلى الخارج وأخذوا بياناته الشخصية وحرروا دعوى ضده بتهمة تخريب ممتلكات ثم نُقل بسيارة إسعاف إلى المستشفى ليتلقى العلاج، موضحةً أن أمن السفارة مسؤول عادة عن المسائل الأمنية لأنها منطقة تابعة لسيادة الدولة، ويمكنهم استدعاء شرطة حماية الممتلكات الألمانية المنتشرة خارج السفارة، لافتةً إلى أن رجلَيْ شرطة واقفين خارج المبنى علما بحدوث شغب في الداخل.
"حملة أوقفوا تمويل الأسد"
جاءت هذه الواقعة بعد بضعة أشهر من إطلاق منظمة "تبنى الثورة" بدعم من منظمات حقوقية مثل "برو أزول" و"اتحاد المنظمات الألمانية السورية" ومجلس اللاجئين في برلين، حملة بعنوان "أوقفوا تمويل الأسد"، يحاول من خلالها النشطاء ممارسة ضغوط على وزارة الداخلية الألمانية لإلغاء قرار كان وزير الداخلية السابق هورست زيهوفر قد أصدره في العام 2018، يعتبر من خلاله أنه من "المعقول" ذهاب السوريين/ات للسفارة السورية لاستصدار جوازات سفر قصد التحقق من هويتهم/ن.
وأجرت المنظمة دراسة واستبياناً شمل حوالى ألفين من السوريين المتضررين من القرار، كان من نتائجهما أن حوالى 100 مليون يورو تتدفق إلى خزائن النظام السوري بأيادٍ ألمانية، تجبرهم على الذهاب لسفارة نظام هم هاربون منه، كما يقولون.
"طُلب مني الذهاب إلى سفارة الأسد لاستصدار جواز السفر. في البداية رفضت لأنني سُجِنتُ في سوريا. وهربت منها بينما أبي لا يزال مفقوداً في سجون المخابرات منذ تسع سنوات". الناشطة السورية وفا مصطفى
تقول الناشطة المعروفة وفا مصطفى لموقع الحملة:"طُلب مني الذهاب إلى سفارة الأسد. في البداية رفضت لأنني سُجِنتُ في سوريا. وقد هربت من سوريا بينما أبي لا يزال مفقوداً في سجون المخابرات السورية منذ تسع سنوات. طلبت مني السلطات الألمانية تقديم دليل على اختفاء والدي، لا أصدق أنهم قد يكونون جادين بشأن ذلك. أنا لا أريد أن أشارك في تمويل سنوات سجن وتعذيب أبي وتدمير وطني".
فيما يشير آخرون أيضاً إلى الضغط النفسي الذي يعانون منه جراء ساعات انتظار تذكرهم بماض بائس ظنوا أنهم تجاوزوه. يقول نيكولا، أحد مراجعي السفارة المقيمين في ألمانيا:"في السفارة بدا الأمر كأنّ شخصاً ما بنى آلة الزمن وأعادني إلى سوريا. من الداخل تبدو السفارة كأي جهة حكومية سورية. أصوات الموظفين الذين يقفون خلف مكاتبهم عالية، كانوا يصرخون بوجهك، بينما توجد خلفهم صورة ضخمة للأسد على الحائط. أما البشر الذين فقدوا كل شيء - أسرَهم ومنازلَهم – فيجلسون في هذه السفارة بضع ساعات، بينما ينظر إليهم الأسد بازدراء من فوق".
ويتذمر البعض أيضاً من تعامل بيروقراطي من قبل موظفي السلطة الأجانب في التعامل معهم دون النظر لخلفيات رفضهم الذهاب للسفارة كشأن سما التي تقول: "تقارير من منظمة مراسلون بلا حدود، تقول إنه قد تم اعتقال أبي ثلاث مرات وإننا كعائلته في خطر. ما يزعجني في عمل المؤسسات الحكومية وخاصة مكاتب الأجانب هو أنهم ينظرون إلينا كحالات وأوراق بيروقراطية. نحن بشر تماماً كالذين يعملون في هذه المكاتب. من المهم جداً وجود تفهُّم لأوضاعنا وقصصنا وحالاتنا لكن ذلك لم يعنِ للسلطات الألمانية شيئاً وكان جوابهم: أنت تجاوزتِ 18 عاماً ولا علاقة لكِ بنشاط والدك".
ومنذ انطلاق الحملة باتت المشكلة حاضرة أكثر في النقاشات السياسية، مع تنظيم القائمين على الحملة فعاليات ذو صلة.
عندما سُئل "فرانك شفابه"، المتحدث عن مجموعة العمل المتخصصة بحقوق الإنسان والإغاثة في الحزب الاشتراكي الحاكم، في مناسبة نظمتها مؤسسة فريدريش ايبرت شتيتفتونغ الألمانية، عن مساهمتهم في تمويل النظام السوري عبر عدم تغيير هذا الإجراء الذي لا يحتاج إلى إصدار قانون، قال إن مثل هذه الموافقة ستدفع أشخاصاً من جنسيات أخرى كالإيرانيين للمطالبة بإعفائهم أيضاً من الذهاب للسفارة، وهذا ما دفع ميسرة الحوار إلى تذكيره بعدد السوريين/ات الذي يقارب المليون في ألمانيا، فتعهد بمناقشة الموضوع مع وزيرة الداخلية "نانسي فيزر".
وتطلب السفارة السورية في ألمانيا مبلغ 265 يورو مقابل إصدار جواز سفر وفق "نظام الدور"، و705 يورو لقاء إصدار الجواز بـ “النظام المستعجل".
ورغم أن إصدار جواز سفر ألماني لشخص تجاوز الـ24 من العمر مدته 10 سنوات لا يكلف المواطن/ة سوى 60 يورو، اعتبر وزير داخلية ولاية بايرن "يواخيم هيرمان" أنه لا يمكن الحديث عن تمويل النظام السوري بملايين اليورو لأن تكلفة جواز السفر بحسب معلوماته 250 يورو، وهو مبلغ معتاد، وأن تحديد مدى ارتفاع وملائمة المبلغ عائد لتقدير سلطة القرار السيادي للدولة التي تصدر الجواز.
وقال لرصيف22 طارق الأوس، المتحدث باسم منظمة "برو أزول" لشؤون اللاجئين، المشارك في الحملة، إن المبلغ الذي تدفعه العائلات السورية أكبر من المبلغ الذي يعلنه النظام، معبراً عن استيائه من كلام الوزير هيرمان الذي يتجاهل جرائم الحرب في سوريا، معتبراً حديثه عن السيادة "ضربة على وجه مئات الآلاف من السوريين/ات".
يتأخر إصدار جوازات السفر السورية أشهراً، بسبب قلة الورق ويضطر المتقدمون لدفع 400 يورو مقابل جواز سفر مدته عامان، أو طلب جواز سفر "عاجل" مقابل 800 يورو
وأشار إلى تأخر إصدار الجوازات، وإلى استفسار وجّهته العام الماضي كتلة حزب "دي لينكه “اليساري، نقلت فيه كلام بعض من استطلعت "تبنى الثورة" آراءهم من السوريين، عن تأخر إصدار جوازات السفر أشهراً عدة، بسبب قلة الورق واضطرارهم لدفع 400 يورو مقابل جواز سفر مدته عامان، أي مبلغ أكبر من المعلن، أو الطلب "العاجل" مقابل 800 يورو.
وأوضح الأوس المنتمي لحزب الخضر المشارك في التحالف الحاكم في ألمانيا أنهم سيواصلون الحملة ومساعيهم خلال حواراتهم مع نواب من أحزاب التحالف الحاكم الثلاث، ليس فقط حتى إلغاء الإجراء الذي دخل حيز التنفيذ في العام 2018، والذي اعتبر ذهاب السوريين للسفارة أمراً "معقولاً"، يمكنهم تحمله، بل يسعون لحل مستدام، تحديداً من أجل إلغاء البت في هوية الأجنبي عبر جواز السفر وتثبيت ذلك في القانون، حتى لا يعود العمل بذلك إلى أهواء وزير قادم، كما حدث في حالة زيهوفر، موضحاً أن ذلك لن يكون في مصلحة السوريين/ات فحسب.
ورأى أن مطالبهم وصلت إلى وزارة الداخلية، التي ردت على استفسار النائبة اليسارية "كلارا بونغر" حول سبب عدم تغيير قاعدة الوزير السابق، بأنهم يعلمون بالوضع وينبغي لهم تغييره، لكنهم ينتظرون تثبيت ذلك في قانون جديد عن تبيان الهوية قريباً. وبيّن أنهم يحاولون حلحلة الوضع الحرج للسوريين بإلغاء القاعدة حالياً دون انتظار دراسة القانون الجديد.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع