يرى البعض أن وسائل منع الحمل تهدد متعة العلاقة الحميمة، خاصةً في السنوات الأولى من الزواج. فهل يشكل مانع الحمل خطراً بالفعل على العلاقة الجنسية بين الزوجين؟ وهل يتسبب في تقليل الرغبة الجنسية عند النساء؟
برود جنسي وآلام في أثناء الجماع
تزوجت شيماء (اسم مستعار)، المقيمة في منطقة المطرية في القاهرة، قبل أربع سنوات وأنجبت طفلةً عمرها عامان ونصف.
وإثر نصائح صديقاتها، قامت بتركيب "لولب" كوسيلة آمنة لمنع الحمل، غير أنه وبعد مرور نحو 6 أشهر، بدأت تشعر بآلام مستمرة في الرحم في أثناء الجماع وكان زوجها يشعر بدوره بوخز في القضيب في أثناء العلاقة الحميمة، ما دفعها للذهاب إلى طبيبة النساء والتوليد لإجراء فحص طبي، وحينها تبيّن أن المانع نفسه غاص في الرحم، وأصبح غير ظاهر حتى مع استخدام السونار المهبلي.
تعليقاً على هذه النقطة، قالت الشابة البالغة من العمر 30 عاماً، لرصيف22: "رحت للدكتورة قعدت تدور عليه بأداة زي المقص حوالي 20 دقيقةً، شفت المرّ بعيني وكنت حاسة إن روحي بتطلع وحلفت إني مش هاركبه تاني".
هل يشكل مانع الحمل خطراً بالفعل على العلاقة الجنسية بين الزوجين؟ وهل يتسبب في تقليل الرغبة الجنسية عند النساء؟
بدورها، قررت أسماء (اسم مستعار)، البالغة من العمر 27 عاماً، تأجيل الإنجاب بعد الزواج مباشرةً، فلجأت إلى استخدام حبوب منع الحمل.
بعد مرور ثلاثة أشهر، بدأت تشعر بتغيّر في حالاتها المزاجية بشكل غريب، إذ تجد نفسها في حالة انهيار عصبي مفاجئ برغم استقرارها الأسري، وتطور الأمر إلى الشعور بالبرود الجنسي، بحيث باتت تتهرب من الجنس، كما كشفت لرصيف22: "في معظم المواقف، كنت بتهرب من العلاقة أو بزهق أو برفض"، مشيرةً إلى أنها حين توقفت عن تناول حبوب منع الحمل تلاشى البرود الجنسي.
استخدمت شيرين (50 عاماً)، وهي مديرة إدارة في إحدى الشركات في دبي، اللولب بعد عامين من الزواج وكان عمرها 25 عاماً، تأثرت العلاقة الجنسية بسبب شعورها بآلام واضحة في أثناء الممارسة، وبعد مرور 6 أشهر من تركيبه حملت بجنين آخر، غير أنها أجهضت وفق ما قالت لرصيف22: "أجهضت نفسي عشان ما كنتش حقدر على طفل جديد وأنا معايا رضيع أصلاً".
توفي زوجها، وتركت اللولب ثم وضعته من جديد بعد الزواج الثاني غير أنها لم تتحمله هذه المرة بسبب النزيف المستمر والآلام الشديدة التي أصابتها، ما أثر على حالتها النفسية.
في هذا الصدد، أوضح الدكتور أحمد البربري، طبيب نساء وتوليد، في حديثه إلى رصيف22، أن وسائل منع الحمل علمياً لا تقلل الإثارة الجنسية، سواء كانت وسائل هرمونيةً مثل اللولب، الكبسولة، والحقن، أو الوسائل غير الهرمونية مثل الواقي الذكري أو الوسائل الموضعية التي تضعها النساء في المهبل: "وسائل منع الحمل الهرمونية تحسّن انتظام الهرمونات عند النساء وتعالج بعض المشكلات مثل تكيّسات المبيض وتحسن الرغبة الجنسية".
وأكد البربري، أن وسائل منع الحمل غير الهرمونية قد تتسبب في حدوث التهابات في منطقة المهبل مما يترتب عليه تقليل الرغبة الجنسية بسبب الألم الذي تشعر به النساء عند ممارسة الجنس.
وأضاف قائلاً: "التخوف من الحمل المتزامن مع تركيب الوسيلة، يقلل الرغبة الجنسية ويضعفها وهو سبب نفسي ولا علاقة له بأثر الوسيلة نفسها"، كما تحدث عن أسباب أخرى تقلل الرغبة الجنسية، منها التقدم في السن والمشكلات الصحية والجسدية عند النساء، بالإضافة إلى عدم الملاطفة من قبل الرجل لزوجته.
مشكلات صحية
في العام 2018، أنجبت حسناء (26 عاماً)، طفلتها الأولى ثم استخدمت حبوب منع الحمل، لكن هذه الطريقة لم تكن آمنةً، إذ حملت مرةً أخرى. بعد مرور 8 أشهر فقط من تناول الحبوب، تأثرت حالتها النفسية والعصبية بسبب قلة ساعات النوم: "أول ما استخدمت الحبوب، وزني ازداد، وحالتي النفسية تراجعت وصرت أشعر بصداع بسبب النزيف ومبقتش عارفة أعمل إيه".
بدورها، قررت نور تركيب "لولب" لمنع الحمل، لكن حالات من النزيف المتكرر والمستمر أرهقت صحتها وأضعفتها، وبعد زيارات عدة لمجموعة من أطباء النساء والتوليد اكتشفت أن اللولب تم تركيبه خطأً، وتسبب في إحداث احتقان في الرحم، وأجرت له عمليةً باللايزر.
من يدفع تكلفة آلام النساء النفسية التي تعيشها النساء بسبب وسائل منع الحمل؟ ولماذا لا يقبل الرجل الشرقي تناول الوسائل المانعة للحمل؟
وتحدثت الشابة البالغة من العمر 29 عاماً عن المضاعفات التي كادت أن تصاب بها في حال أهملت الموضوع: "الدكتور قال لي لو كنتي تأخرتي شوية، اللولب كان هيعملك سرطان"، وبعد تجارب مختلفة مع بعض الوسائل الأخرى، قررت في نهاية المطاف أن تقوم بعملية ربط لمنع الإنجاب نهائياً.
في هذا السياق، كشف إمام المحاكم الجنائية والشرعية أحمد توني الكيال، في حديثه لرصيف22، أن إحدى السيدات طلبت منه رفع دعوى قضائية ضد طبيبة قامت بتركيب "لولب" لها بشكل خطأ مما أدى إلى تلفه داخل رحمها، ونتجت عنه مشكلات صحية وجسدية قاسية، وانتهت المشكلة بتحمّل الطبيبة تكلفة علاج المريضة.
لكن من يدفع تكلفة آلام النساء النفسية التي تعيشها النساء بسبب وسائل منع الحمل؟ ولماذا لا يقبل الرجل الشرقي تناول الوسائل المانعة للحمل؟
التربية الجنسية والواقي الذكري
"بسبب عدم تدريس التربية الجنسية في مصر، لا يعرف الكثير من الرجال الطريقة الصحيحة لوضع الواقي الذكري واستخدامه، مما ينتج تمزقات فيه، وتالياً يحدث حمل"، بهذه الكلمات استهلّت الطبيبة الصيدلانية آيه الجندي، حديثها إلى رصيف22.
هل ينبغي أن تعرّض المرأة صحتها وجسدها ونفسيتها لأهواء وسائل منع الحمل من دون أن يحمل الرجل معها جزءاً من هذا العبء خوفاً من أن تؤثر مثل هذه الوسائل على رغبته الجنسية؟
وكشفت الجندي عن وجود أنواع رديئة من الأوقية الذكرية في الأسواق التي تتعرض للتلف خلال الاستخدام: "إن استخدام المزلقات الجنسية مع الواقي الذكري من دون معرفة النوع المناسب يساعد على تلف الواقي ويحدث حمل".
وبناءً على مواقف قابلتها بنفسها خلال عملها، كشفت آية الجندي أن بعض الرجال لا يُقبلون على شراء الواقي الذكري لأنه، بحسب رأيهم، يقلل الشعور بالمتعة الجنسية، بالرغم من دوره الفعال في حماية المرأة من أمراض الالتهابات المهبلية.
من هنا، قد يتساءل البعض: هل ينبغي أن تعرّض المرأة صحتها وجسدها ونفسيتها لأهواء وسائل منع الحمل من دون أن يحمل الرجل معها جزءاً من هذا العبء خوفاً من أن تؤثر مثل هذه الوسائل على رغبته الجنسية؟
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...