شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
جدل الأذان الموحد... حيرة

جدل الأذان الموحد... حيرة "الأوقاف" بين ضيق المشاهير والاستسلام للأمر الواقع

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والخطاب الديني

السبت 11 فبراير 202304:35 م

أعلنت وزارة الأوقاف المصرية قبل أيام عن بدء تلقي طلبات شغل عدد من الوظائف الشاغرة لديها في إمامة وخدمة المساجد (أئمة وعمال) وذلك بعد نحو شهر تقريباً من إعلانها عن الحاجة لملء وظائف (إمام ومؤذن وخادم مسجد) فيما بدا استسلاماً للأمر الواقع، بعد سنوات من محاولة التطبيق الجبري لخطة الدولة لإذاعة الأذان الموحد.

يأتي هذا بينما نجحت الإجراءات الأمنية الصارمة في تطبيق قرار الدولة الخاصة بتوحيد خطبة الجمعة، من خلال تعميم الخطبة نفسها التي يقدمها وزير الأوقاف أسبوعياً إلى الأجهزة المعنية قبل تعميمها على مساجد وزوايا مصر البالغ عددها 140 ألفاً و809 مساجد وزاويا، تترك الحرية لروادها وأئمتها في رفع الأذان كيفما شاءوا من دون تقيد بقرارات الدولة في إذاعة الأذان الموحد.

الأذان والسياحة

في سبتمبر/ أيلول الفائت كرر الكاتب الصحافي إبراهيم عيسى تصريحاته حول بث أصوات المؤذنين عبر مكبرات الصوت من المساجد في مصر، وكان قد أطلق دعوته لوقف تلك الممارسات، وإلزام المساجد بقرار إذاعة الأذان الموحد في رمضان الفائت، الذي توافق مع إبريل/ نيسان الماضي.

انتقد عيسى في برنامجه "حديث القاهرة" ما وصفه بـ"الفكر السلفي" في إشارة إلى تيارات الدعوة السلفية التي تتمتع بنفوذ جماهيري، أضيف إليه نفوذ سياسي بعد دعم تيارها الأكبر "الدعوة السلفية" للرئيس المصري في بيان 3 يوليو/ تموز 2013،  معتبراً أن بث الأذان وأصوات الصلوات عبر مكبرات الصوت هو سبب رئيسي في تراجع السياحة في مصر، راوياً واقعة شخصية جرت له قبل سنوات في فندق ميناهاوس (الأهرامات) حين اعترض على ارتفاع صوت الأذان والدروس من الزاوية المُقابلة لجناح الأمير تشارلز، فكان رد المسؤول الذي شكا له عيسى، حسب زعمه: "حنمنع الأذان علشان السياحة؟".

هل يعني فشل الوزارة المسؤولة عن إدارة المساجد في تنظيم الأذان رغم نجاحها في فرض الخطبة الموحدة "فشلاً اختيارياً"؟

واصل عيسى في برنامجه اتهام "موظفي الدولة" بالمسؤولية عن "دعم انتشار الفكر السلفي"، وواجه هو اتهامات بالكفر ومحاربة الإسلام لصالح السياحة، فطرح تساؤلاً حول كيفية جذب الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية هذا الكم من السياح في فترة قصيرة بينما تراجعت مصر مقارنة بما كانت تحققه سابقاً.

واتفق معه الآثاري المصري الدكتور زاهي حواس فذكر في لقاء تلفزيوني أن "مصر هي الدولة السادسة عربياً [في عدد السائحين] رغم امتلاكها لمقومات سياحية لا توجد في أي مكان في العالم"، ملقياً باللائمة على إذاعة الأذان من عدة مساجد في وقت واحد في التسبب بإزعاج السائحين ونفورهم من العودة إلى البلاد، مضيفاً: "مفيش دين يقول إني أعمل الأصوات دي كلها".

ولكن هل المشكلة في تعدد جهات إذاعة الآذان أم في الأصوات التي تطلقه؟ وهل يعني فشل من الوزارة المسؤولة عن إدارة المساجد في تنظيم الأذان رغم نجاحها في فرض الخطبة الموحدة "فشلا اختيارياً"؟

تقرباً لله

بين أصوات المشايخ محمد رفعت، وعبدالباسط عبدالصمد، ونصر الدين طوبار، وغيرهم نشأ عبدالحليم سعيد، 74 سنة، وأبناء جيله يميزون بين أصواتهم بسهولة شديدة، فاستحوذ المشايخ على قلوبهم وتمنى كل عشاقهم أن يتمتعوا بنصف موهبتهم، إلا أن بعضهم اقتنع بأنه يملك الموهبة لمجرد انتمائه لفترة تألق جواهر الأصوات.

حلاوة الصوت لم تكن شرطاً أساسياً في اختيار رافع الأذان في أي من مساجد تلك المنطقة الشعبية في الإسكندرية، فقد فوجئ الأهالي بطفل صغير يؤذن في مكبر الصوت بدلاً من والده، استحسن الأهالي الفكرة، وإن لم يعجبهم صوت الطفل وطريقته

لم يسع سعيد لرفع الأذان في المسجد المجاور لمنزله في منطقة شعبية في الإسكندرية، فدوره أن يكون بديلاً لصديقه الثمانيني الذي يحظى باحترام أهالي منطقته الشعبية، مما جعله مؤهلاً_من وجهة نظره_ لرفع الأذان وإقامة الشعائر، وأن يكون مسؤولاً عن المسجد الصغير، من دون اهتمام بجودة الصوت والقدرة على التحكم في طبقاته ومن دون معرفة بفنيات رفع الأذان.

يقول عبدالحليم لرصيف22 إن الجميع يسعى للتقرب إلى الله بالخدمة في المساجد سواء بتنظيفها أو توفير النواقص من سجاد صلاة، ومقاعد، ومراوح، وغيرها. موضحاً أن الهدف من إقامة الشعائر ورفع الأذان "كسب الثواب"، فـ"نداء المُصلين وتذكيرهم بموعد الصلاة شرف يسعى إليه أي مُسلم"، حسب قوله.

حلاوة الصوت لم تكن شرطاً أساسياً في اختيار رافع الأذان في أي من مساجد المنطقة، فقد فوجئ الأهالي بطفل صغير يؤذن في مكبر الصوت بدلاً من والده، استحسن الأهالي الأمر وإن لم يعجبهم صوت الطفل وطريقته، فذلك في نظرهم أفضل من ترديد أغاني المهرجانات أو اللعب في الشارع، حسب سعيد الذي يضيف موضحاً أن عدداً من المساجد والزوايا الأهلية في الإسكندرية لم يتوفر لها خطيب أو مُقيم شعائر فيضطر الأهالي لإقامة الشعائر بأنفسهم دون معايير واضحة، وفي شهر رمضان يحضرون خطيباً أزهرياً من أبناء المنطقة أحياناً بمُقابل مادي، مضيفاً أن بعض المساجد كان يأتي لها خطيب من الأوقاف ومُقيم للشعائر بعد يونيو/تموز 2013 إلا أن ذلك لم يدم طويلاً.

مسابقة في الإزعاج

في محافظة الجيزة يقطن محمد عمر، 30 سنة، يقع بيته بين عدة مساجد لا يعمل في أي منها موظف أوقاف أو شيخ أزهري، إذ يقوم على شؤونها أفراد من المنطقة، منهم من يحمل مفتاح المسجد ويتطوع للأذان وإقامة الصلاة. يقول عمر لرصيف22 إن الفكر السلفي يُسيطر على بعض المساجد، بينما يتسابق آخرون_مؤهلهم الوحيد كبر السن_ لنيل وجاهة المؤذن ومُقيم الشعائر بين جيرانه رغم صوته المُنفّر، فيُفقد الأذان الهدف الأساسي من جذب الناس للصلاة.

يرى عمر أن مشروع الأذان الموحد يستلزم ضوابط لتطبيقه بصورة صحيحة، بأن تختار الأوقاف مسجداً كبيراً في كل منطقة يؤذن في الناس، ولحين تطبيق المشروع  يجب أن يُمنع استخدام مكبرات الصوت في الأذان ليؤذن كل مسجد فيمن حوله بالصوت الطبيعي، موضحاً أن في محيط منزله أربعة مساجد يعلق كل منهم أربعة مكبرات صوت في اتجاهات مختلفة، تتداخل الأصوات فيتشتت ذهنه ليتوقف عن ترديد الأذان. يقول لرصيف22 إن الناس تتسابق إلى إزعاج بعضها بعضاً، فكل مؤذن من العاملين صوته أسوا وأعلى من الثاني وهو ما رسخ في ذهني صورة أن المسجد مكان مُزعج.

لم يكن محمد الوحيد الرافض لفكرة إذاعة الأذان، خاصة في حال أن يكون المُسيطر على المسجد يفتقر إلى موهبة الصوت والإلمام بتعاليم الدين، فبينهم من لم يُتم المرحلة الابتدائية أو يحفظ القرآن، يقول أحمد ممدوح إنه يضطر لرفع صوت التلفزيون أو الراديو حتى ينتهي أذان المسجد المجاور لبيته الواقع في محافظة القاهرة، موضحاً أن سوء الصوت وطريقة الآداء يسيئان للأذان، فكيف لمن لم يتعلم التحكم في طبقات صوته وحنجرته ومخارج الألفاظ أن يُقيم الشعائر ويرفع الأذان.

كثير من المساجد المنتشرة في القرى بين الجيزة والبحيرة وغيرها لا تقتنع بقرارات وزارة  الأوقاف ولا تُنفذها، فتستمر في استخدام مُكبرات الصوت ليضطر كل سكان المنطقة إلى الاستماع للدروس الدينية التي قد يكون محتواها بالغ التشدد

محمد عبدالرحمن، 35 سنة، تخرج في كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، يرفض فكرة الأذان الموحد لاعتمادها على مُكبرات الصوت، مُعتبراً استخدامه في الأذان (أي مكبر الصوت الكهربائي)، "عادة بغيضة مُستحدثة فلم ترد بها صحيح سُنة أو غيره". يقول لرصيف22 إن العصر الحديث مليء بالأدوات المُنبهة لموعد الصلاة فلم يعد الإنسان بحاجة لسماع صوت مُرتفع ومُزعج.

دروس إجبارية

إذاعة الدروس الدينية في مكبرات الصوت أمر فُرض على الجميع ولا يحق لأحد رفضه أو الاعتراض عليه وإن كان الصوت مُزعجاً أو أن ما يُقال ينشر أفكاراً مغلوطة وبعيدة عن الدين، يصفه عبدالرحمن بـ"الشيء المُستهجن"، مضيفاً أن "الحسنة الوحيدة لوزارة الأوقاف في السنوات الأخيرة كان قرار وقف استخدام مكبرات الصوت في دروس شهر رمضان داخل المساجد". 

كثير من المساجد المنتشرة في القرى بين الجيزة والبحيرة وغيرها لا تقتنع بقرارات وزارة  الأوقاف ولا تُنفذها، فتستمر في استخدام مُكبرات الصوت ليضطر كل سكان المنطقة إلى الاستماع للدروس الدينية التي قد يكون محتواها بالغ التشدد بحسب شهادات مواطنين تحدثوا لرصيف22 من قاطني إحدى القرى التابعة لمحافظة الجيزة.

منذ طفولتها تسأل تُقى سالم، 33 سنة، عن فائدة تكرار الأذان في المنطقة الواحدة يفرق بين كل منها جزء من الثانية، تأتيها الإجابة ممن حولها في مصطلح واحد "ديمومة ذكر الله". تقول لرصيف22 إنها تعيش في منطقة شعبية بالإسكندرية تمتلىء بالمساجد وهو ما تعده أمراً إيجابياً، موضحة أنها تفضل سماع صلاة التراويح في رمضان عبر مكبرات الصوت، إلا أن الأصوات السيئة والقراءات غير الصحيحة تُشعرها بالضيق.

على مدار سنوات بحثت سالم عن الصوت الهادىء بين مُقيمي الشعائر، ما دفعها لأداء الصلاة في شهر رمضان بمسجد القائد إبراهيم لما عُرف عن شيخه الأسبق من الصوت العذب رغم أنه لم يكن من موظفي وزارة الأوقاف المصرية. توضح تقى أن أزمتها ليست في كون المؤذن أزهرياً أو تابعاً للأوقاف لكن حلاوة الصوت من عدمها هي المقياس.

أحد أبناء القرية اشتُهر بصوته العذب وإجادته لقراءة القرآن فقدمه البعض لإقامة الشعائر في المسجد. وبعد فترة قصيرة أعلن أحد أبناء القرية رفضه لأن يكون فلان ابن الأجير الذي يعمل باليومية إماماً لهم، ليتسلم مهام الأذان وإقامة الصلاة ثلاثة من أبناء العائلات بأصوات مُنفّرة

بين الضيق والعجز تأرجحت مشاعر تُقى حين ناقشها أبناء شقيقها الأكبر في سوء صوت المؤذن في قرية بالبحيرة أثناء زيارتهم لبعض الأقارب، تقول إنها شعرت بمسؤولية مُضاعفة، فالأولاد في سن مُراهقة تكون أراؤهم حادة بعض الشيء إلا أن هذه المرة كان معهم كل الحق، فصوت المؤذن وطريقة أدائه للأذان غير واضحة إذ لا تتبين الحدود بين كلمة لفظ الجلالة، الله، وما بعدها، أكبر، وضعها في موقف لا تستطيع أن تُدافع أو تشرح أن ذلك ليس من الدين في شيء.

يختلف محمد الرشيدي، 20 سنة، مع سابقيه فيرفض وقف استخدام مكبرات الصوت لما لها من ضرورة خاصة في المناطق المزدحمة والوحدات السكنية المرتفعة، يقول لرصيف22 إنه يعاني وأبناء قريته_إحدى قرى محافظة البحيرة_ من سوء أصوات المؤذنين في المساجد التي يتناوب على إقامة الشعائر فيها بعض أبناء القرية، المقياس الوحيد في اختيارهم هو انتماؤهم لعائلات كبيرة.

يروي الرشيدي موقفاً في المسجد المجاور لمنزله، فيقول إن أحد أبناء القرية اشتُهر بصوته العذب وإجادته لقراءة القرآن قدمه البعض لإقامة الشعائر في المسجد. فالأوقاف لم تُعيّن أحداً من موظفيها كمُقيم شعائر، وبعد فترة قصيرة وداخل المسجد أعلن أحد أبناء القرية رفضه لأن يكون فلان ابن الأجير الذي يعمل باليومية إماماً لهم ليتسلم مهام الأذان وإقامة الصلاة ثلاثة من أبناء العائلات بأصوات مُنفّرة.

أسفرت الحملات التفتيشية في 2014 عن غلق مئات من المساجد لمخالفتها قانون تنظيم دور العبادة كان نصيب الإسكندرية منها 900 مسجد، وفي مارس/أذار من العام ذاته أصدر وزير الأوقاف قراراً وزارياً رقم 64 بضم جميع المساجد والزوايا الموجودة في مصر لوزارة الأوقاف

الأوقاف تُحكم سيطرتها على المساجد

في 2014 بدأت وزارة الأوقاف المصرية حملة موسعة للسيطرة على المساجد والزوايا ومنع غير الأزهريين من صعود المنابر، فحصل مفتشو الأوقاف على الضبطية القضائية التي مكنتهم من تحرير محاضر ضد عدد من أبناء الدعوة السلفية وغير المتخصصين ممن يسيطرون على المساجد والزوايا. وكان الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف قد قرر إلغاء التصاريح الصادرة لغير خريجي الأزهر.

أسفرت الحملات التفتيشية حينها عن غلق مئات من المساجد لمخالفتها قانون تنظيم دور العبادة كان نصيب الإسكندرية منها 900 مسجد، وفي مارس/أذار من العام ذاته أصدر وزير الأوقاف قراراً وزارياً رقم 64 بضم جميع المساجد والزوايا الموجودة في مصر لوزارة الأوقاف وتوفير إمام وخطيب مُعين أو مكافأة وخطة لإعادة توزيع مُقيمي الشعائر والمؤذنين والعمال بحيث لا يبقى في أي محافظة مسجد غير خاضع لإشراف الأوقاف.

كانت المساجد الأهلية قبل قرارات وزير الأوقاف تعتمد في تشغيلها على أبناء القرى والمناطق الشعبية من المتبرعين لبناء المسجد، وهو ما ألغاه الوزير مُقرراً ألا يتم التعيين إلا بعد خوضهم الاختبارات اللازمة، وصل الأمر للقضاء فأقام عدد من المتبرعين لبناء المساجد الأهلية دعوى ضد وزير الأوقاف رفضاً لضم المساجد دون العمالة، لتقضي محكمة القضاء الإداري في الإسكندرية عام 2016 بضم المساجد والزوايا لوزارة الأوقاف.

وفي 2019 ناقشت اللجنة الدينية في مجلس النواب طلب إحاطة مُقدم من النائب سعيد طعيمة يسأل عن كيفية ضم الأوقاف للمساجد الأهلية بدون عمالة ودون تحمل أي أعباء مالية خاصة بتركيب المرافق أو الاستهلاك. في 2021 نفت وزارة الأوقاف على لسان مصدر مُطلع في جريدة فيتو فتح باب ضم المساجد بالعمالة، وحتى الآن لم تفتح وزارة الأوقاف باب ضم المساجد الأهلية بالعمالة في الوقت الذي لم يتم السيطرة عليها بالكامل.

الأذان المُوحّد

الدكتور محمد سيد طنطاوي مفتي الجمهورية وشيخ الأزهر الراحل أوضح الشروط اللازمة لصحة الأذان_ في موقع دار الإفتاء المصرية_وعددها 10، بأن يكون مسلماً، ذكراً، عاقلاً، وأن تكون كلمات الأذان متوالية، وأن يقع كله بعد دخول الوقت إلا في صلاة الصبح، أن تكون كلماته مرتبة، يقع من شخص واحد، وأن يكون باللغة العربية إلا في عُجم، فضلاً عن النية، ذاكراً أنه يصح لأي فرد أن يؤذن إذاً توافرت فيه الشروط إلا إذاً كان للمسجد مؤذن فلا يجوز أن يُزاحمه أحد.

سبقت مصر في تطبيق الأذان الموحد أربع دول عربية . كانت البداية في الإمارات العربية المتحدة عام 2004، وفي 2007 قررت سوريا تطبيق الأذان الموحد للقضاء على ما اسمته الفوضى الصوتية، ثم انتقلت التجربة إلى فلسطين عام 2016 والأردن 2017

وزاد الشيخ الراحل عطية صقر، رئيس لجنة الإفتاء بالأزهر، على النقاط السابقة شروطاً للكمال لا للصحة وتشمل أن يكون المؤذن عدلاً حسن السلوك، وحسن الصوت، بالغاً حد التكليف، طاهراً من الحدث الأصغر والأكبر، مضيفاً أنه يُكره الأذان من الفاسق، الرديء الصوت، الصبي، ومن المُحدث حدثاً أصغر أو أكبر.

في 2009 بدأ وزير الأوقاف الأسبق محمود حمدي زقزوق دراسة فكرة الأذان الموحد في محاولة للسيطرة على أصوات المساجد المصرية والقضاء على مشكلة الإزعاج وتأخير وتقديم مواعيد الأذان فضلاً عن سيطرة بعض الأصوات السيئة على رفع الأذان، فلجأ حينها لكلية الهندسة جامعة القاهرة والهيئة العربية للتصنيع لوضع خطة لتطبيق الفكرة. لم تلق فكرة زقزوق قبولاً، فرفضها أعضاء مجلس الشعب والتيار السلفي.

سبقت مصر في تطبيق الأذان الموحد أربع دول عربية . كانت البداية في الإمارات العربية المتحدة عام 2004، بدأ البث التجريبي في إمارة أبوظبي ليشمل بعد ذلك 1050 مسجداً يُرفع فيها الأذان بالأقمار الصناعية، وفي 2007 قررت سوريا تطبيق الأذان الموحد للقضاء على ما اسمته الفوضى الصوتية، ثم انتقلت التجربة إلى فلسطين عام 2016 والأردن 2017.

يعتمد مشروع الأذان الموحد على بث الأذان بصوت مؤذن واحد من داخل الاستوديو لأجهزة الاستقبال في المساجد المرتبطة لاسلكياً بجهاز البث، يُنبه جهاز الاستقبال موظف المسجد المسؤول عن توصيل التيار الكهربائي لمكبرات الصوت وربطها بالجهاز من خلال إشارة ضوئية حسب التوقيت المحلي للمحافظة. 

تداخل أصوات الإشارات في البث التجريبي الأول للمشروع تحالف مع أصوات نواب الشعب الرافضة ليتوقف حينها، حاولت الوزارة تجربة البث مرة أخرى إلا أن سرقة أجهزة الاستقبال من بعض المساجد عقب ثورة يناير حسب ما أعلنه الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بالأوقاف حال دون ذلك، وفي 2015 أرجع الشيخ محمد عبدالرازق عمر رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف توقف المشروع لعدم وجود مخصصات مالية لاستكماله، لتعاود الوزارة إطلاق المشروع مرة أخرى في فبراير/شباط 2019 وشملت المرحلة الأولى 100 مسجد استقبلت الأذان من المبنى التراثي للإذاعة بوسط القاهرة، أعلنت الوزارة نجاح التجربة إلا أنها لم تُعمم في كافة المساجد حتى الآن.

حددت الوزارة محافظات القاهرة، الجيزة، القليوبية لتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع في 2019 وأتمتها في 2020. اللواء عمرو شكري رئيس الإدارة المركزية للإدارة الإستراتيجية بوزارة الأوقاف أعلن في بيان رسمي نوفمبر/تشرين الثاني 2022  تعليقاً على تصريحات الأثاري المصري زاهي حواس إذ نفى فيها تطبيق مشروع الأذان الموحد في الأقصر وانزعاجه من استخدام مكبرات الصوت أثناء محاضرة له في أحد المعابد، عن إتمام تطبيق المشروع في خمسة آلاف مسجد ضمن المحافظات الثلاث.

أعلنت الوزارة أن الربع الأول من العام المالي 2021، شهد ضم 426 مسجداً جديداً للمشروع. ورداً على موعد إتمام المشروع في كافة المحافظات، قال الدكتور هشام عبدالعزيز رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف إن مصر تضم 150 ألف مسجد وزاوية وإن العمل في المشروع ماضٍ بشكل تدريجي، وحين يتم الانتهاء من مساجد القاهرة الكبرى يبدأ تطبيقه في باقي المحافظات.

 في ديسمبر/ كانون الأول الفائت عاد مشروع الأذان الموحد للظهور مرة أخرى في بيان رسمي لوزارة الأوقاف، أعلنت فيه عن تعاقدها على 1700 جهاز بث لاستكمال المنظومة في مساجد القاهرة الكبرى، فيما أعلنت الوزارة في 31 يناير/كانون الثاني 2023 عن مسابقة لتشغيل 1000 إمام و1000 عامل بالتعاقد في كافة محافظات الجمهورية، ولم يشر البيان خلال المهام المذكورة لكل منهم إلى مشروع الأذان الموحد ودور العامل والإمام فيه.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

لا يزال الماضي يحكمنا ويمنعنا من التقدّم، ولا يزال فقهاء عصرنا ينسخون من أفكارٍ بعضها فاق عمره الألف سنة، من دون التفكير في العلاقة بين النص الديني والواقع المعيش، وهو ما نسعى يومياً إلى تحدّيه، عبر احتضان الأفكار التجديدية الساعية إلى بناء عقد اجتماعي جديد يحدد دور الدين في الحياة ويحرره من السلطة السياسية. لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا/ رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard
Popup Image