شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
خذ قميصي واعطني دجاجة... ظاهرة المقايضة تنتشر في إيران

خذ قميصي واعطني دجاجة... ظاهرة المقايضة تنتشر في إيران

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 14 ديسمبر 202205:06 م
Read in English:

My shirt for that chicken? Iranians resort to bartering to survive

نشرت قناة "بي بي سي فارسي" على حسابها في تليغرام صوراً تظهر دعاياتٍ لمقايضة الطعام مع الأثاث المنزلية أو المستلزمات الشخصية، وقد تم نشرها على موقع وتطبيق "دِيوار" الإيراني المخصص لبيع البضائع من قبل المواطنين.

وتُظهر إحدى الصور التي يتداولها رواد منصات التواصل الاجتماعي طلباً عن استبدال حذاء كتان مستعمل بسعر 100 ألف تومان (أقل من ثلاثة دولارات)، بكمية من الأرز أو الزيت، في مدينة إصفهان وسط إيران.

كما نشر مواطن آخر من مدينة أرُومِيّة في شمال غربي إيران إعلاناً لخمسة من قمصانه، يطلب استبدالها بكمية من الأرز أو الزيت بسعر 260 ألف تومان أي نحو سبعة دولارات. أما في العاصمة طهران، فقد نشر مواطن إعلانه الخاص على التطبيق، يظهر كتباً دراسية كانت ملكاً لأطفاله، يطالب بمقايضتها مع لحم الدجاج أو أي مادة غذائية أخرى.


ونقلت صحيفة شرق الإيرانية خلال تقرير شامل عن هذه الظاهرة الجديدة التي تتحدث عن تفاقم الأزمة المعيشية في البلاد: "تم الاتصال بالرجل وقال لنا إن الكتب خاصة بمرحلة الثانوية، ويتم تسليمها مقابل كمية من المواد الغذائية حسب تقييم السعر من جانب الزبون".

رجل آخر أراد مقايضة أحذيته بالبقوليات، وآخر في مدينة مشهد شمال شرقي البلاد عرض مكنسة كهربائية قديمة، وبحث عن مواد غذائية بدلها. وهكذا تأتي نتيجة التقرير الصحافي معلنة عن حدوث ظاهرة مقايضة المواد الغذائية بالأثاث المنزلي والمقتنيات الشخصية.

نشر مواطن من مدينة أرُومِيّة إعلاناً لـ5 من قمصانه، يطلب استبدالها بكمية من الأرز أو الزيت بسعر يعادل نحو 7 دولارات

"كان حجم الإعلانات للمقايضة قليلاً جداً قبل أسابيع، ولكنها ازدادت خلال الأيام الأخيرة، فمن المقايضة بين أجهزة منزلية كالمكواة، والأرائك، وجهاز حاسوب قديم، والنظارات، مع المواد الغذائية وصل الحال إلى المقايضة مع الملابس والأحذية"، حسبما نقلت صحيفة شرق.

إنتاج الفقر

في تعليقه كشف الصحافي محمد مالي: "أستطيع القول إن الأمر بالنسبة للكثيرين قد تخطی بيع الأثاث المنزلي لملء البطون"، تلميحاً إلى حجم التضخم والفقر المستشري في البلاد.

أما الخبير في مجال الفقر جعفر خَير خَاهان، فكتب: "الظاهرة قد حدثت في الماضي في فنزويلا واليونان لفترة محدودة أثناء الأزمة الاقتصادية. هذه الإعلانات ليست عجيبة؛ إنها تعكس واقع إحصائيات التضخم الشديد التي لا ينقلها الإعلام الرسمي في البلاد".


وشدد الخبير على أن ظاهرة المقايضة هي امتداد لتلك التي كانت في الماضي أي بيع الأعضاء البشرية بسبب الفقر. وشرح أن الحكومة بدلاً من أن تكافح الفقر، تنتج الفقر دوماً وعلى مدى عقود عبر سياساتها الاقتصادية.

"في الوقت الراهن وصل دخل الفرد في إيران المليئة بالموارد الطبيعية والفرص الاقتصادية إلى دخل المواطن في بنغلاديش، البلد الفقير من حيث الموارد والأراضي والذي يعاني باستمرار من كوارث مثل الفيضانات"، هكذا وصف خَير خَاهان حالَ البلاد.

من جهته أعلن مركز الإحصاء في إيران أن معدل التضخم السنوي للمواد الغذائية هو 61.3 في المئة، بينما بلغ التضخم الشهري للأسعار في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، نحو 68 في المئة.

نصيب الفرد من اللحوم والألبان والأرز

بدوره كشف رئيس اتحاد الثروة الحيوانية في البلاد أفْشِين صَدر ‌دَادْرَس، عن انخفاض نصيب الفرد من استهلاك اللحوم الحمراء من 12 كيلوغرام سنوياً إلى 6 كغم خلال السنة الماضية.

أما وزارة الصحة الإيرانية فقد حذرت من أسباب انخفاض نصيب الفرد من استهلاك الألبان، والذي وصل إلى نحو 60 كيلوغرام سنوياً بعد أن كان 100 كغم.

ليس ببعيد عن ذلك صرح رئيس اتحاد أسماك الماء البارد، آرَشْ نبي زاده، عن تقليص حصة المواطن الإيراني من استهلاك الأسماك بنسبة 60% في العام الماضي، والتي وصلت اليوم إلى 7 كغم سنوياً.

أما الأرز الذي يبحث عنه المواطنون الإيرانيون هذه الأيام ويُزرع بكثرة في البلاد، فقد شهد استهلاكه المحلي انخفاضاً بنسبة 50% بسبب غلائه، حسب ما وصف رئيس اتحاد الأرز في مدينة بابُل حسن تقي زاده.

"دخل الفرد في محافظة سيستان وبلوشستان يساوي خُمس دخل الفرد في طهران. كما أن دخل الأفراد في محافظتي كِرمانشاه وكُردستان هو ثلث الدّخل في العاصمة"... الخبراء الاقتصاديون في إيران يحذرون

ليس واضحاً حتى الآن ما إذا كانت هذه الأرقام والأعداد قد زادت أم تقلصت وفق الإحصاءات الرسمية في العام الحالي الإيراني، الذي يشهد شهره التاسع، ولكن انتشار ظاهرة المقايضة بين الأحذية وحبات الأرز عبر تطبيق "دِيوَار" المتداول بين أوساط المجتمع، وكذلك تسليط الضوء على الظاهرة من قبل وسائل إعلام إيرانية، تدلنا على أزمة تتفاقم في ظل ما تشهدها البلاد من سياسات داخلية وخارجية لا تصب في صالح المواطنين.

الفقر والاحتجاجات

عن الاحتجاجات القائمة في البلاد منذ 3 أشهر، والتي وُصفت بأنها جاءت للمطالبة بالحريات الفردية واحترام حقوق المواطنة، خاصة بالنسبة للنساء والشباب، وكان الفقر والحرمان ركيزة أساسية في تأجيج الأوضاع واستياء المتظاهرين، قال الاقتصادي حُجّت ميرزايي: "دخل الفرد في محافظة سيستان وبلوشستان (شرق إيران) يساوي خُمس دخل الفرد في طهران. كما أن دخل الأفراد في محافظتي كِرمانشاه وكُردستان (غرب إيران) هو ثلث الدّخل في العاصمة".

علقت على ذلك الصحافية الاقتصادية مريم شُكراني في قولها: "أعتقد أن واقع ما يجري هذه الأيام، يبرز من خلال هذه الاحصائيات"، إشارة منها إلى الاحتجاجات التي تشهدها هذه المحافظات بكثافة أكثر واستمرارية أكبر عن باقي المحافظات، خاصة في كُردستان التي تعتبر بؤرة الأحداث الأخيرة، وقد اندلعت الاحتجاجات الكثيفة فيها عقب وفاة الشابة الكردية مهسا أميني، ومسقط رأسها تلك المحافظة.

أكد المسؤولون الحكوميون في مرات عديدة أن 60 مليون مواطن من أصل نحو 80 مليون نسمة يعشيون في البلاد، يستحقون استلامَ الدعم المالي المعيشي الذي تقدمه الحكومة، وهو 300 ألف تومان (8 $) لكل فرد شهرياً.

وبینما ترعى المؤسسات الحكومية الداعمة 12 ملیون إيراني من الشريحة الأفقر في المجتمع، وخلف أبوابها يقف مليون شخص آخر ينتظر قبوله ليتمتع بالدعم الحكومي الضئيل، تؤكد صحيفة شرق، حسب معلومات حصلت عليها من مركز الرفاه الإيراني، أن 76 بالمئة من تلك الشريحة لم تعد تحت رعاية المؤسسات الحكومية الخاصة بذلك، كـ"جمعية الإمداد الخيرية" و"مؤسسة الرعاية الاجتماعية".

لم يكن ارتفاع سعر الدولار وسقوط العملة الإيرانية يحدثان شهرياً أو أسبوعياً، بل باتا يحصلان يومياً، كما أن البنك المركزي يكافح التضخم والأزمة الاقتصادية عبر السيولة المالية، إذ شهدت البلاد نمواً للسيولة هو الأكبر من نوعه عبر طباعة النقود في العام الماضي، حسبما يشير تقرير قناة بي بي سي الفارسية حول الغلاء والتضخم في إيران.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image