كفلت شيماء زوجها في قرض بنكي، بعد أن أقنعها أنه سيؤسس به مشروعاً يكفل لهما حياة كريمة حيث يعيشان في محافظة الجيزة. بعد أن استلم القرض هرب، وبسبب عدم السداد تم القبض عليها، لكن بعد أن جمع "أهل الخير" على حد قولها من الأهل والأصدقاء بعض المال ودفعوا الأقساط المتأخرة تم الإفراج عنها.

في التقرير يبحث رصيف22 في أسباب كوارث مالية وعائلية تسبب بها قرار أشخاص بضمان أو كفالة قرض بنكي لزملاء أو أصدقاء وفي بعض الأحيان بعض أفراد العائلة، ويجيب على سؤال من نضمن بالقرض ومتى.  

من مصر... تدفع تقاعدها لسداد قرض ضمنته

قصة شيماء تتكرر يومياً، المكفول يقبض المال ثم يختفي أو يهرب أو يتهرب والكفيل يتورط بالدفع، يحدث هذا بغض النظر عن نوع العلاقة، عائلية أو صداقة أو زمالة.

يتحدث توماس نبيل وهو صاحب معمل دواجن عن قصة عايشها وأدت إلى خلاف كبير بين عائلتين في المنيا جنوب مصر، حيث أقنع شاب من العائلة الأولى زميله بكفالته بقرض 150 ألف جنيه أي بما يعادل 7630 دولاراً، وبعد أن استلم المبلغ هرب المكفول إلى خارج مصر وامتنع عن السداد مما عرض زميله للمساءلة القانونية التي نتج عنها فصله من العمل على اعتبار أن قضية مخلة بالأمانة ولاحقاً تم التحفظ عليه. 

كفلت شيماء زوجها في قرض بنكي، بعد أن أقنعها أنه سيؤسس به مشروعاً يكفل لهما حياة كريمة حيث يعيشان في محافظة الجيزة. بعد أن استلم القرض هرب، وبسبب عدم السداد تم القبض عليها

قامت عائلة المدين بالضغط عليه ليعود ويدفع الأقساط، وبالفعل أرسل لهم قيمة قسط لشهر واحد ثم أغلق بعد ذلك جميع وسائل التواصل معه وغيّر رقم هاتفه، يقول: "اللي سافر ده بعت أول قسط وبعد كده قفل حسابه على الفيسبوك ومحدش عارف يوصله، وفي ناس بتقول اتجوز هناك ومش هيرجع تاني".

أثار ما حدث للضامن تعاطف أهالي قريته الذين جمعوا ما استطاعوا من التبرعات لتسديد مجموعة من الأقساط حتى يتمكن من الخروج من السجن، وقد خرج لكنه لم يستطع العودة إلى عمله من جديد.

 تروي نهلة الديب لرصيف22 عن حكاية والدتها مع جارتها التي جمعتها معها علاقة صداقة عائلية قوية استمرت لثلاثة أعوام، قررت الجارة أن تفتتح مشروعاً للأكل المنزلي، وطلبت من والدة نهلة ضمانتها في قرض بنكي قدره 25 ألف جنيه بما يعادل 1271 دولاراً أمريكياً.

بعد شهر واحد من استلام القرض أخبرت الجارة والدة نهلة عن انفصالها عن زوجها وأنها ستغادر الإسماعيلية، ثم قطعت وسائل الاتصال معها، تقول الديب: "قفلت تلفونها واختفت نهائي، معرفناش نوصلها لما قدرنا نوصل لأهل جوزها قالوا احنا ملناش دعوة".

اضطرت والدة نهلة إلى تسديد قيمة القسط الشهري من القرض الذي بلغ 2000 جنيه مصري بما يعادل 101 دولار أمريكي يتم تسديدها شهرياً، من المعاش التقاعدي الخاص بها، حتى لا يتم الزج بها في السجن.  

من السعودية... "القرض حرام ومش دافع منه شي"

يروي الإعلامي السعودي ابجاد النافل، 37 عاماً، لرصيف22، أن شخصاً كفل زميلاً له في العمل في إحدى المؤسسات الحكومية السعودية لأخذ قرض بنكي، وانتظم لمدة عام في سداد أقساط القرض لكن بعد ذلك تعثر عن السداد، ما دفع إدارة البنك للتواصل مع الضامن، الذي أخذ يبحث عن زميله الذي ترك عمله في المؤسسة التي كانت تجمعهما، وبعد فترة طويلة تمكن من العثور عليه، وحين طلب الكفيل من الدائن تسديد القرض تفاجأ بجوابه: "أنا تركت الشغل، والقرض أصلاً حرام ومش دافع شي منه"، مما أجبر الكفيل على تسديد المبلغ بالكامل. 

حين طلب الكفيل من الدائن تسديد القرض تفاجأ بجوابه: "أنا تركت الشغل، والقرض أصلاً حرام ومش دافع شي منه"، مما أجبر الكفيل على تسديد المبلغ بالكامل 

أما البحرين فلها نظامها الخاص يقول راشد العباسي (30 عاماً) وهو مصمم مشغولات لرصيف22 إن البنوك في البحرين لا يوجد بها شخص يضمن شخصاً لاستلام قرض من البنك، فإذا كان طالب القرض بحرينياً سيقوم بتوقيع إيصالات وعند تعثره عن السداد يتم تقديم الإيصالات الموقعة إلى المحكمة بعد مرور ثلاثة أشهر.

أما بخصوص المقيمين فلا يشترط وجود كفيل بل يجب أن يكون مر على وجوده في البحرين عشر سنوات، ليتم الرجوع إلى الجهة التي يعمل بها للتعرف على قدرته في السداد. فإذا تعثر عن الدفع يتم سحب مكافأة نهاية الخدمة وتقديمها للبنك بديلاً عن الأقساط غير المسددة.

سوريا... الأخ هرب بقرض مليون ليرة سورية

تقول فاطمة ابراهيم (35 عاماً) التي تعمل معلمة إن زميلتها بالعمل كفلت جارتها في قرض بنكي، ثم تراجعت الجارة عن السداد عدة أشهر مما أوقع الكفيلة في مشكلة أسرية مع زوجها الذي أخذ يلومها على موقفها، واضطرت إلى أن تلاحق المعلمة المدينة في كل مكان حتى تدفع الأقساط، بعد أن كانت على وشك الدخول للسجن أو السداد.

ويحكي المهندس السوري فادي العلي (41 عاماً) عن خاله الذي ضمن شقيقه أي خاله الآخر بقرض بنكي، ثم هرب الأخير، مما اضطر الكفيل بسداد كامل القرض الذي بلغ مليون ليرة سورية.

القانون لا يحمي الضامنين

يتحدث لرصيف22 محمد الشافعي المختص في الشؤون القانونية في شركة مختصة ببيع الأجهزة الكهربائية بالتقسيط، يقول : "في حالة عدم وجود المدين في محل سكنه أو في حال امتناعه عن السداد تطبق عليه المادة 341 من قانون العقوبات المصري، والتي تنص على تجريم الاختلاس أو تبديد الأشياء المسلمة على وجه الوديعة أو الرهن وخيانة الأمانة، ويكون القصد الجنائي في هذه القضايا هو جنح خيانة الأمانة".

ويشير إلى أحقية البنك في العودة إلى الضامن في حالة تعثر المدين أو توقفه عن سداد الأقساط، بحيث يضطر إلى دفع المديونية قبل أن يتسلم أوراقه.

يقول: "لو الضامن امتنع عن السداد يتم رفع إيصالات الأقساط على المشتري والضامن، وبيتسجل إن الطرف الأول هارب بحكم غيابي، يعني في أي وقت ممكن يتكشف على بطاقته ويتحبس".

في حالة عدم وجود المدين في محل سكنه أو امتناعه عن السداد تطبق عليه المادة 341 من قانون العقوبات المصري، والتي تنص على تجريم الاختلاس أو تبديد الأشياء المسلمة على وجه الوديعة أو الرهن وخيانة الأمانة، ويكون القصد الجنائي في هذه القضايا هو جنح خيانة الأمانة

بينما تشير المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة أميرة أبو العز إلى أهمية إدراك كل ضامن أن القانون لا يحميه في حالة تعثر المدين عن سداد أقساط القرض. تقول لرصيف22: "مفيش حماية للضامن لأنه يحل محل المدين وقت استحقاق الدين، وبالتالي بيكون مطالب بكامل القرض، وقانوناً تطبق على الضامن نفس الأحكام التي تطبق على المدين عند عدم السداد".

حلول قد تساعد في تقليل المخاطر على الضامن/ الكفيل

تقول المستشارة المالية لشركة "Money wise" التابعة للبنك المركزي المصري، هبة موسى لرصيف22 إن الضامن بالتحديد يكون مسؤولاً أمام البنك عن القرض، بينما المقرض قد لا يتعرض لأية عقوبة، وتضيف: "المقترض أمام البنك ليس ملزماً بالسداد بينما الملزم هو الضامن".

المقترض أمام البنك ليس ملزماً بالسداد بينما الملزم هو الضامن

وتؤكد أن الأشخاص الأولى بالضمان دون غيرهم هم الأب والام، لأنه في حالة تأخر المقرض عن السداد سيرفع البنك دعوى قضائية ضد الضامن "في حالة ضمان ولي الأمر يجب أخذ إيصال أمانة ليتم خصم قيمة القرض من الميراث لصالح الابن الضامن قبل تقسيم التركة".

كما تنصح بضرورة أخذ الضمان على المقترض من قبل الضامن والمتمثل في شكل إيصال أمانة أو شيك، يتم تقسيم قيمة المبلغ على الوثيقتين، بحيث يستخدمهما الضامن للضغط على المقترض لسداد قيمة القرض إن ماطل أو تقاعس، وحتى يحمي نفسه من أي عقاب قانوني.

وأشارت إلى العديد من الضمانات المتنوعة التي يمكن اللجوء إليها مثل القروض بضمان العقارات أو السيارات أو قرض بضمان تحويل راتب الوظيفة، وفي هذه الحالة لن يحاول المقترض التهرب من تسديد أقساط القرض لأنه سيكون الخاسر الوحيد.

أما نصيحتها الأخيرة والأهم فهي ضرورة التأني والتفكير ملياً قبل الموافقة على تقديم هذا النوع من المساعدة، سواء في ضمان الأقارب أو الأصدقاء، لأنه في حالة تورط الضامن في مشكلة مع البنك متعلقة بالقروض فإن البنك يحظر التعامل مع هذا العميل لمدة خمس سنوات.