شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
تنظيم النسل ليست

تنظيم النسل ليست "مهمة نسائية" فقط... حقن جديدة لمنع الحمل للرجال

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 17 أكتوبر 202202:49 م

لا شك أن وسائل تنظيم الحمل غيّرت حياة الملايين من الأشخاص حول العالم، بدءاً من تقليل عدد أفراد الأسرة وصولاً إلى تحسين أساليب التربية، ففي عالم تقلّ فيه الموارد بينما يزداد فيه عدد الأفراد بشكل مطرد، فإن فرضية عدم التوصل لاختراع مثل هذه الوسائل التي تحدّد النسل كان سيضع البشر في ديستوبيا مرعبة من الجوع والعطش.

لكن من الملاحظ أنه لعقود من الزمن، كان عبء التحكّم بالحمل يقع على عاتق السيدات فقط، بحيث أن أغلب وسائل تنظيم الحمل كانت موجّهة للمرأة: أدوية تتلاعب بالهرمونات، أو تركيب أجهزة داخل الرحم، والمفارقة أنه في الآونة الأخيرة، كشف العلماء عن وسائل لتنظيم الحمل موجّهة للرجال أيضاً، سوف يتم طرحها قريباً في الأسواق ويدوم مفعولها ل10 سنوات.

التجارب النهائية

أُعلن الباحثون في المعهد الهندي للتكنولوجيا عن طرح حقنة منع الحمل للذكور خلال عام، والتي تدوم لمدة 10 أعوام، وكذلك تمنع الرجال من نقل فيروس نقص المناعة البشرية وغيرها من الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال جنسي.

واللافت أن هذه الحقن غير مؤلمة ولا تتلاعب بالنظام الهرموني للرجل ويمكن عكسها أيضاً، ما يجعلها أبسط من عملية قطع القناة الدافقة، والتي تعتبر الوسيلة الوحيدة لمنع الحمل للرجال، بالإضافة إلى الواقي الذكري.

في الآونة الأخيرة، كشف العلماء عن وسائل لتنظيم الحمل موجّهة للرجال أيضاً، سوف يتم طرحها قريباً في الأسواق ويدوم مفعولها ل10 سنوات

يعمل الباحثون في المعهد الهندي على التجارب النهائية، وكشف الخبراء أن الحقن المعروفة باسم RISUG، وهو اختصار للتثبيط القابل للانعكاس للحيوانات المنوية، يمكن أن تكون متاحة في غضون 12 شهراً فقط، مع العلم بأنها عبارة عن هلام بوليمر غير هرموني، قابل للانعكاس ويمكن استخدامه كبديل لعملية قطع قناة الحيوانات المنوية.

يتم تطبيق مخدر موضعي على كيس الصفن في موقع الحقن أولاً، ثم يتم حقنها في إحدى قنوات الحيوانات المنوية، ثم تكرّر في القناة الأخرى، بمجرّد الوصول إلى هناك، يلتصق الجلّ بالجدران الداخلية لمجاري الحيوانات المنوية، ويتلف الحيوانات المنوية التي تمرّ عبرها حتى لا تتمكن من الوصول إلى البويضة وتخصيبها.

وبخلاف تورّم كيس الصفن المؤقت والألم الخفيف في كيس الصفن، لم يتم الإبلاغ عن أي آثار جانبية ضارّة أثناء التجارب البشرية لـ RISUG.

في حديثها مع رصيف22، أكدت الطبيبة ياسمين أبو العزم، أخصائية نساء وتوليد، صحّة هذه المعلومات المتداولة عبر شبكة الإنترنت: "إنها مادة تدخل في كيس الصفن وتعمل لمدة 10 سنوات متواصلة على إتلاف الحيوانات المنوية، ويمكن في أي وقت حقن مادة جديدة توقف عمل المادة الأولى، ويستعيد الرجل خصوبته"، مشدّدة على أن هذه المادة لا تؤثر بأي شكل على القدرة الجنسية لدى الرجال.

هل ستشهد هذه الحقن إقبالاً من قبل الرجال؟

في حال أبصرت هذه الحقن النور في وقت قريب، كما يؤكد العلماء، ما مدى إمكانية استخدام الرجال لهذه الوسيلة الجديدة التي تزيل عن المرأة العبء الذي تحمّلته طويلاً في تنظيم الحمل؟

ترى الدكتورة ياسمين أبو العزم أن هذا الخيار ممتاز للغاية، ويجب على الرجل المشاركة في تنظيم النسل: "للأسف البعض منهم لا يشعر بالعبء الذي تتحمله المرأة نتيجة لوسائل منع الحمل المختلفة، سواء النزيف الناتج عن اللولب، أو التغيرات الهرمونية التي تحدث نتيجة الوسائل الأخرى، مثل الحبوب أو الحقن، مع ما يحمله ذلك من آلام الثدي، الإجهاد أو تقليل الرغبة الجنسية"، غير أنها كشفت أنها شخصياً غير متفائلة بأن يوافق الكثير من الرجال على استخدام هذه الحقن، خاصة في مجتمعاتنا العربية.

في هذا السياق، كشف بحث أجرته الدكتورة أماندا ويلسون، أخصائية علم نفس الصحة العامة في جامعة دي مونتفورت، أن الرجال مترددون جداً بشأن استخدام هذه الحقن، وبالمثل، كانت الدراسات السابقة تدور حول عدم تحمل معظم الرجال مسؤولية تنظيم النسل بصورة مساوية للنساء، على الرغم من توافر وسائل مثل الواقي الذكري أو عملية قطع القناة الدافقة.

فقد تم إجراء دراسة نوعية باستخدام 18 مجموعة نقاشية جماعية، مع رجال تتراوح أعمارهم بين 15 و54 ونساء تتراوح أعمارهنّ بين 15 و49 عاماً، واستخدام دالّة الأسئلة المفتوحة لاستكشاف تصورات الرجال والنساء فيما يتعلق بالحواجز التي تحول دون مشاركة الرجال في الصحة الإنجابية.

تم تحديد مواضيع كأساس منطقي لمشاركة الرجال المحدودة:

(1) الآثار الجانبية المتصورة لوسائل منع الحمل الأنثوية التي قد تعطل النشاط الجنسي.

(2) الخيارات المحدودة لوسائل منع الحمل المتاحة للذكور.

(3) التصورات بأن الإنجاب مجال للمرأة، بسبب الأعراف الجنسانية والخطاب التقليدي لتنظيم الأسرة الموجه نحو النساء.

(4) تفضيل الأسرة الكبيرة وعدم المباعدة بين الولادات.

(5) المخاوف من يؤدي استخدام المرأة لوسائل منع الحمل إلى علاقات جنسية خارج نطاق الزواج.

بشكل عام، كانت المعرفة بأساليب منع الحمل الفعّالة عالية، ومع ذلك، كان يُعتقد أيضاً أن ضيق الوقت والوعي المحدود العام في ما يتعلق بالدور المحدّد للرجل في الصحة الإنجابية يمنع الرجال من المشاركة الفعالة في القضايا المتعلقة بتنظيم الخصوبة.

بين نعم ولا؟

ما إن انتشر خبر حقن منع الحمل للرجال على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى بدأ الجدل حوله، وجاءت التعليقات بمعظمها ساخرة، مع تصور البعض أنه يؤدي للخصاء، ولو حتى بشكل رمزي، وزعم البعض الآخر أن تنظيم الحمل "مهمة نسائية" فقط، وأي محاولة لعكس ذلك هي إهانة للرجل.

توجهنا بالسؤال لبعض النساء والرجال للوقوف على رأيهم/نّ بشأن هذه الحقنة، فجاءت توقعات العديد من النساء سلبية بالمجمل، بسبب الميراث الطويل من عدم تحمل الرجال مسؤولية تنظيم الحمل.

قالت رغدة مصطفى، وهي طالبة في كلية الطب، لرصيف22: "نحن كنساء نستخدم وسائل تنظيم الحمل التي يمكن أن تصيبنا بالجلطات، أو السرطان، أو ارتفاع ضغط الدم، أو تقتل الرغبة الجنسية لدينا، أو تزيد النزيف خلال الدورة الشهرية، أو تؤدي إلى إيذاء الرحم، أو تمنع التبويض، وفي أقل الأعراض الجانبية تسبّب الصداع، ولكن الرجال لا يفكرون في كل تلك الأعراض، وأتوقع أن يرفض أغلبهم استخدام هذه الحقن".

بدورها، اعتبرت منار حازم، وهي مصمّمة أزياء مصرية، أن عملية الموافقة أو القبول تختلف تبعاً للبلد: "في البلاد التي استطاعت تحقيق مساواة حقيقية بين الجنسين، سيكون من المنطقي استخدام هذه الحقن، على عكس بعض البلدان الأخرى مثل مصر، التي أعتقد أن رجالها سيرفضون استخدام الحقنة".

"نحن كنساء نستخدم وسائل تنظيم الحمل التي يمكن أن تصيبنا بالجلطات، أو السرطان، أو ارتفاع ضغط الدم، أو تقتل الرغبة الجنسية لدينا، أو تزيد النزيف خلال الدورة الشهرية، ولكن الرجال لا يفكرون في كل تلك الأعراض، وأتوقع أن يرفض أغلبهم استخدام هذه الحقن"

وفي السياق نفسه، اعتبرت ياسمين عادل، كاتبة في الثلاثينيات من عمرها، في حديثها مع رصيف22، "أنه في مصر، قد يحاول بعض الرجال تجربة مثل هذه الحقن، أما البعض الآخر فقد يتجنّبها خوفاً من الأعراض الجانبية المجهولة حتى هذه اللحظة"، وهو حال يوسف حسن، مهندس في العشرينيات، الذي قال لرصيف22: "لا أرفض الفكرة بشكل مطلق، ولكن لن أجربها حتى يتم استخدامها لعدة سنوات واختبار أعراضها الجانبية، والتأكد من أنها آمنة تماماً".

أما محمد أحمد، فأشار إلى أنه لا يمانع استخدام هذه الحقن، بعد أن قرأ التأثيرات السلبية المحتملة، ووجد أنها لا تؤثر على الهرمونات، بل تمنع فقط تلقيح الحيوانات المنوية للبويضات.

بالطبع إنها عيّنة صغيرة لا يمكن الاعتماد عليها إحصائياً، لكن من خلال بعض الآراء يبدو أن هناك أملاً يلوح في الأفق، ففي نهاية المطاف، إن عملية تنظيم الحمل ليست "مهمة نسائية" فقط كما يحاول الفكر الذكوري الترويج له لقرون. 

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard