في المتجر الوحيد لبيع القرطاسية في ناحية الشمال في قضاء سنجار (120 كيلومتراً غرب الموصل)، قضى الطفل الإيزيدي صلاح ناصر (12 عاماً) ساعات من نهار الـ15 من حزيران/ يونيو 2022 محاولاً إثبات رجولته المبكرة لوالده الذي كلّفه بإدارة المتجر في غيابه بهدف تعويده خلال العطلة المدرسية الصيفية على تحمل المسؤولية وإبعاده عن مخاطر اللعب في الشوارع.
لم يكن الأب يعرف أن الموت سيهبط على ابنه من السماء، فقد استهدفت طائرات مسيّرة تابعة للجيش التركي المبنى المجاور للمتجر، وهو مقر مجلس الإدارة الذاتية في سنجار، ما أدى إلى تدمير المبنيين ومقتل خمسة أشخاص كان بينهم الطفل صلاح.
كتب الأب المنكوب خبر مقتل ابنه بنفسه وتناقلته وسائل التواصل الاجتماعي: "ابني الصغير وقرة عيني في ذمة الرب الرحيم إثر قصف جوي على مبنى المجلس المحلي، كان ابني في مكتبته لبيع الأقلام والدفاتر المدرسية واستشهد جراء القصف الغاشم الظالم إنا لله وإنا إليه راجعون".
منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) كانت أسرع من الحكومة العراقية في إدانة الحادث، وذلك في بيان أصدرته القائمة بأعمال ممثل اليونيسف في العراق مادس أوين في ذات يوم الحادث، أعربت فيه عن مشاركة عائلة الطفل حدادها وإدانة كل أعمال العنف التي تستهدف أطفالاً، مضيفة: "يجب ألا يكون أي طفلٍ ضحية للعنف أو مشاهدته أو الخوف منه".
ودعا البيان جميع الأطراف، دون الإشارة إلى تركيا مباشرة، للوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحماية الأطفال ودعم حقهم في الحماية والعيش في بيئة خالية من العنف في جميع الأوقات.
أما وزارة الخارجية العراقية، فقد تأخرت يومين لتتفاعل مع الحادث وتصدر بياناً يدين القصف التركي، ذكرت فيه "أنَّ هذه المواقف تمثِّلُ انتهاكاً صارخاً لسيادة العراق، وتهديداً واضحاً للآمنين من المدنيين، الذين استُشهِدَ عددٌ منهم وجُرِحَ آخرون جرّاء هذا الفعل"، داعيةً إلى اتخاذ موقف موحد لمواجهة استهداف أمن العراق، ومشيرة إلى أنها ستتخذ إجراءات بعد اكتمال التحقيقات اللازمة.
في ناحية الشمال، كان سلام (25 عاماً)، الشقيق الأكبر لصلاح، يحاول استيعاب صدمة فقدان شقيقه. بكثير من الحزن، قال لرصيف22: "صلاح كان تلميذاً مجداً ومتحمساً كثيراً للانتقال إلى الصف الخامس الابتدائي، وكان محباً للقراءة وشغوفاً بالرسم والحرف اليدوية ويحلم بأن يصبح صيدلياً لكنه غادر وترك جرحاً عميقاً جداً في قلوبنا".
مسح دموعه بظاهر يده وتابع: "أتمنى لو بقينا لسنوات أخرى في مخيم جمشكو للنازحين في إقليم كردستان ولم نعد إلى سنجار ونخسر صلاح".
عائلة صلاح المؤلفة من عشرة أشخاص تركت مخيم النازحين بعد خمس سنوات، لتعود إلى بلدتها التي كان تنظيم داعش قد سيطر عليها في الثالث من آب/ أغسطس 2014.
بعد العودة، قام الأب ناصر بإعاده ترميم مكتبة القرطاسية وافتتحها مجدداً في 2020، ليستحصل منها على دخل يوفّر تكاليف عيش أسرته. بنبرة تصميم، يقول الأب لرصيف22: "سبق لداعش أن هدم مكتبتي، وأعدت بناءها، والآن هدمها الأتراك وسأعيد بناءها مجدداً، وسأعلق عليها لافتة كبيرة باسم صغيري صلاح".
قصف مستمر منذ عام 2015
مصدر مطلع في ناحية الشمال أخبر رصيف22 أن حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا والمعروف اختصارا بـPKK يدعم اثنين من الفصائل المسلحة النشطة في المنطقة هما "وحدات مقاومة سنجار- يبشه" و"أساييش إيزيدخان"، وكلاهما كانا يشغلان بناية الإدارة الذاتية الذي قصفته المسيرات التركية في 15حزيران/ يونيو 2022، موقعة أربعة مقاتلين من الفصيلين قتلى، إضافة إلى الطفل صلاح، ومتسببة بجرح آخرين.
وأكد المصدر أن هنالك حالة من الاستياء بين سكان ناحية الشمال بسبب تواجد المسلحين ومقراتهم في أحيائهم السكنية التي يقصفها الجيش التركي بين الحين والآخر، وما يحدث أن "مدنيين عزل يفقدون حياتهم وصلاح ليس الأول ويبدو أنه لن يكون الأخير"، وفقاً لتعبيره.
ويلفت الناشط المدني خيري سعود إلى جملة أسباب يعتبر أنها تقف وراء القصف التركي المتكرر لمناطق مختلفة من القضاء. يقول لرصيف22 "بحجة تواجد عناصر من حزب العمال الكردستاني والفصائل الموالية له، تستغل تركيا الوضع العراقي حيث التناحر والانقسام السياسيين". وبرأيه، تهدف تركيا من وراء ذلك إلى "القضاء على الإيزيديين وإنهاء وجودهم، كما فعل العثمانيون على مر التاريخ بقتلهم الآلاف منهم وتهجيرهم من أراضيهم، وإعاقة عودة النازحين ومنع استقرار الوضع الأمني في المنطقة".
"تاريخ الأتراك مع الإيزيديين أسود منذ مئات السنين، ومليء بالدماء والقتل والإبادات ومصادرة الحقوق، حتى قبل أن يخلق حزب العمال وقبل حتى أن يكون هنالك أي من الأحزاب الكردية"
وذكر سعود أن القصف التركي والغارات الجوية التركية منذ 2015 كثيرة، وكثير منها لا يُعلن عنها باستثناء تلك التي يشير إليها الإعلام التركي، لافتاً إلى أن لا وجود لإحصائية بعدد القتلى الإيزيديين جراء ذلك، مرجحاً أن يكون العدد خلال الفترة بين عاميْ 2015 و2022 أكثر من خمسين شخصاً بينهم نساء وأطفال.
ويضيف: "ما زالت 37 ألف عائلة في مخيمات النزوح في إقليم كردستان ولم تعد إلى مناطقها في سنجار، والقصف التركي من بين أسباب عدم عودتها وتفضيلها البقاء هناك"، متابعاً بسخرية: "على الأقل سيكونون آمنين في خيامهم من القصف التركي".
وعدد الناشط أمثلة للغارات التركية على سنجار: "أولى العمليات كانت في نهاية 2015 حين قصفت طائرة مسيرة مجموعة من المدنيين كانوا بالقرب من نقطة تفتيش. وجرى قصف جوي في 15 آب/ أغسطس 2018 في ذكرى فاجعة قرية كوجو قتل فيه قيادي من قوات حماية سنجار اسمه مام زكي ومجموعة من الأشخاص كانوا يرافقونه. وفي 15 كانون الثاني/ يناير 2020 قُتل في قصف جوي قائد قوات اليبشه زردشت وشقيق له وعدة أشخاص معهما. وفي 16 آب/ أغسطس 2020، قُصف رتل لقوات اليبشه، فقتل قياديٌ في الحشد اسمه سعيد حسن سعيد ومجموعة أخرى من الأشخاص، وكان القصف حينها قد تزامن مع زيارة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لسنجار. وبعدها بيوم واحد، استهدف قصف تركي آخر مدرسة كان يستخدمها الأهالي في سنوني كمستشفى، وسقط وقتها العشرات بين قتلى وجرحى. هذا فضلاً عن عملية مخلب النسر التي أطلقت سنة 2020 واستمرت لأيام متواصلة وسقط فيها مثل كل مرة ضحايا من المدنيين لكون القصف يستهدف في الغالب أحياءً سكنية".
وتُعَدّ سنجار الموطن التاريخي للأقلية الإيزيدية التي تقدّر أعدادها بنحو 500 ألف نسمة ويتركزون فضلاً عنها في أقضية الشيخان وبعاج وتلكيف وناحية بعشيقة وأيضاً في بلدة بحزاني شرقي مدينة الموصل إضافة إلى محافظة دهوك.
خلال فترة سيطرته، عدّ تنظيم داعش الإيزيديين كفاراً وهاجم عناصره في الثالث من آب/ أغسطس 2014 قراهم ومجمعاتهم السكنية في مدينة سنجار وناحية الشمال وبعشيقة، وقتل المئات منهم، وخطف بحسب مكتب المختطفين الإيزيديين 6417 من النساء والأطفال، وما زال مصير 2865 منهم مجهولاً لغاية الآن على الرغم من أن تحرير سنجار تم في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015.
الهجوم الداعشي وانتشار أخبار تعامله الدموي مع السكان في 2014 دفع أكثر من 300 ألف إيزيدي للفرار إلى إقليم كردستان، وأنشأت لهم الأمم المتحدة مخيمات عديدة في محافظ دهوك أشهرها مخيم شاريا وجم مشكو وإيسيان ومام رشان وداودية وبيرسفي.
اتفاقية غير منفذة
إثر القصف التركي الأخير، طالب رئيس الكتلة الإيزيدية في البرلمان العراقي النائب نايف خلف بوقف الأعمال العسكرية في سنجار، وتدخل المجتمع الدولي لوضع حد لمعاناة الشعب الإيزيدي وإبعاده عن الصراع الدائر فيها، والذي يعتقد أنه بات يشكل خطراً حقيقياً على الوجود الإيزيدي في العراق.
خلف ذكر هذا في بيان أصدره أن "الصراع يهدد حياة الإيزيديين ويذهب الأبرياء المدنيين ضحيته وآخرها استشهاد الطفل صلاح ناصر".
بينما طالبت زميلته فيان دخيل حكومتيْ بغداد المركزية وإقليم كردستان بالإسراع بتنفيذ اتفاقية سنجار التي أبرمت في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، وهي اتفاقية كان هدفها إقناع النازحين بالعودة إلى مناطقهم، وقعها عن جانب الحكومة العراقية وكيل رئيس جهاز الأمن الوطني رشيد حميد فليح، وعن جانب حكومة إقليم كردستان وزير داخلية الإقليم ريبر أحمد خالد.
ونصت الاتفاقية على تنصيب قائمقام جديد في قضاء سنجار وتولي الشرطة المحلية وجهازي الأمن الوطني والمخابرات حصراً الملف الأمني، وتعيين 2500 عنصر جديد في قوى الأمن من أبناء القضاء، وإنهاء تواجد قوات PKK من المنطقة بالكامل وألا يكون لها أو لتوابعها أي دور فيها، وتشكيل لجنة مشتركة من حكومتي بغداد وأربيل لإعادة إعمار القضاء تمهيداً لعودة النازحين.
"كل أسبوع نفقد مجموعة من الشباب بسبب قصف المسيرات التركية العشوائي. ما ذنبهم؟ يجب أن يتوقف هذا وعلى الدول التي تحترم حقوق الإنسان التدخل الفوري وإنهاء معاناة المجتمع الإيزيدي وعلى الحكومتين العراقية والكردية الوقوف إلى جانب الإيزيديين وإنصافهم"
عدم تنفيذ الاتفاقية تسبب بصدام مسلح بين قوات الجيش العراقي وميليشيات إيزيدية مسلحة في ناحية الشمال، أبرزها إيزيدخان ويبجه المواليتين لـPKK، في الأول من أيار/ مايو 2022، بعد رفض عناصر تلك القوتين ترك الناحية.
وعلى الرغم من نزوح 800 عائلة إيزيدية إلى مخيمات النزوح في إقليم كردستان مجدداً بعد أن كانت قد عادت منها منذ فترة وجيزة، فإن الهدوء سرعان ما عاد إلى المنطقة، وظلت اتفاقية تطبيع الأوضاع في سنجار حبراً على ورق.
ويسلط الباحث المتخصص في الشأن الإيزيدي سامان علي الضوء على الصراع في سنجار وخارطة تحركات القوى هناك، مشيراً إلى أن القضاء فضلاً عن مناطق أخرى في سهل نينوى كانت خاضعة لسلطة إقليم كردستان منذ سقوط النظام العراقي في 2003، وعرفت بالمناطق المتنازع عليها بموجب المادة 140 من الدستور العراقي، لكن في مرحلة ما بعد تحرير سنجار من داعش في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 شهدت المنطقة تنافس عدة قوى للسيطرة عليها ومسك الأرض فيها.
ويلفت علي إلى أن هناك الآن فرقتين تابعتين للجيش العراقي هما 20 و15 وواحدة من أفواج الفرقة المدرعة 12، ونحو 1000 عنصر من الشرطة المحلية، تفرض سيطرتها على مدينة سنجار، مركز القضاء.
إضافة إلى ذلك، تنتشر ميليشيات كثيرة في المنطقة بعضها تابعة للحشد الشعبي مثل "قوة سنجار" وتضم زهاء الـ200 مقاتل من الشيعة و"صقور سنجار" وعناصره كذلك من الشيعة وعددهم يقترب من 150 مقاتلاً يتمركزون في جنوبي القضاء، وفصيل "نوادر شمر" الذي يضم 500 مقاتل من العرب السنّة يتمركزون في الأجزاء ذات الأغلبية العربية، ويتزعمه عضو في مجلس النواب العراقي اسمه عبد الرحيم الشمري، و"فوج 79" ويضم أكثر من 50 مقاتلاً يمسكون الأرض في ناحية سنوني، وفوج "لالش" الذي يتمركز في منطقة شيخ خدر ويضم أكثر من 150 مقاتلاً، و"وحدات مقاومة سنجار" المعروفة بقوات "يبشه"، وهي تابعة للحشد الشعبي وتمول من بغداد، لكنها في ذات الوقت مدعومة ومسنودة من عناصر الـPKK المتواجدين في جبل سنجار، وفوج" كوجو" وجل عناصره المقدرة أعدادهم بـ250 مقاتلاً هم من سكان قرية كوجو (أكثر منطقة تضررت من هجوم داعش على القضاء في 2014)، وقوة "أسايش إيزيدخان" التي تضم ما يقرب من 3000 مقاتل، و"فرماندا الإيزيديين" وهي قوة مؤلفة من 2000 مقاتل، والقوتان الأخيرتان مواليتان لإقلم كردستان.
ويلفت علي إلى أن تواجد هذه القوات على مدى أكثر من ست سنوات، وما يحدث بينها من توترات، "هي التي منعت إعادة إعمار مدينة سنجار والبلدات المحيطة بها، وبالتالي منعت عودة عشرات الآلاف من أهالي المنطقة النازحين، مفضلين البقاء في مخيمات كردستان أو الهجرة إلى خارج العراق".
ويشير أيضاً إلى أن تعدد القوى أفرز وجود حكومتين محليتين بإدارتين مختلفتين واحدة تتبع المركز في بغداد ويمتد نفوذها في مركز القضاء وجنوبها، فيما الثانية موالية لأربيل عاصمة إقليم كردستان، ويقتصر نفوذها على الجهة الشمالية لجبل سنجار.
فقدان للسيادة
الإعلامي غازي شنكَالي يعتقد أن القصف التركي المستمر على سنجار هو نتيجة لفقدان حكومتي المركز وإقليم كردستان السيادة على حدودهما "وأجواء البلاد متاحة أمام الأتراك والإيرانيين والأمريكيين وأي دولة أخرى تنوي قصف الأراضي العراقية".
ويصف شنكَالي القصف التركي وملاحقة أنقرة لعناصر حزب العمال بالذريعة ويقول: "تاريخ الأتراك مع الإيزيديين أسود منذ مئات السنين، ومليء بالدماء والقتل والإبادات ومصادرة الحقوق، حتى قبل أن يخلق حزب العمال وقبل حتى أن يكون هنالك أي من الأحزاب الكردية".
"ثمانية سنوات من الانتظار، ثم ماذا؟ منزلنا في سنجار مدمر ولم تعوّضنا الحكومة بفلس واحد، وفرضاً لو عدنا إلى هناك، مَن سيحمينا من القصف التركي ومن الصراع المسلح المحتمل بين القوى التي تكره إحداها الأخرى هناك؟"
ويتهم النظام التركي بأنه يحاول دائماً خلق أزمات للتغطية على أخرى ويستدرك: "لنفرض أن جبال كردستان والجبل في سنجار يتواجد فيها عناصر PKK، لكن ماذا عن قبرص واليونان وليبيا؟ النظام التركي لا يعترف لا بقانون دولي ولا بقرارات مجلس الأمن ولا بسيادة الدول، في حين أن العراق بلد ضعيف وغارقٌ في الفساد والديون والصفقات الإقليمية على حسابه، وليس بإمكانه ردع أي عدوان عن حدوده وسمائه".
ويشير عيسى برجس، وهو من أبناء سنجار ويبلغ من العمر 26 عاماً، إلى أن الضرر التركي على الإيزيديين لا يقتصر فقط على سنجار، بل يمتد أيضاً إلى ناحية بعشيقة (20 كيلومتراً شرق الموصل) حيث عمد الجيش التركي على إنشاء قاعدة في منطقة قريبة منها تدعى "زليكان"، في أعقاب سيطرة داعش على الموصل في صيف 2014.
ويقول: "تتعرض تلك القاعدة لقصف بالصواريخ تنفذه ميليشيات من الحشد الشعبي، وتسقط بعضها على بعشيقة مما يثير رعب وهلع السكان هناك باستمرار".
حراك شبابي
منذ القصف التركي في حزيران/ يونيو المنصرم، ومجموعات شبابية مستقلة تنظم وقفات احتجاجية في مركز ناحية الشمال، مطالبة بوقف القصف وإبعاد المظاهر المسلحة وتسليم الملف الأمني للجهات الأمنية العراقية في سنجار.
"لن نترك الحراك إلا بعد تنفيذ مطالبنا"، يقول لرصيف22 حسين حجي (26 عاماً)، وهو أحد المشاركين في الاحتجاجات، ويتابع بشيء من الحدة: "وصلت أعداد القتلى في صفوف المدنيين الإيزيديين جراء قصف المسيرات التركية العشوائي إلى العشرات. كل أسبوع نفقد مجموعة من الشباب. ما ذنبهم؟ يجب أن يتوقف هذا وعلى الدول التي تحترم حقوق الإنسان التدخل الفوري وإنهاء معاناة المجتمع الإيزيدي وعلى الحكومتين العراقية والكردية الوقوف إلى جانب الإيزيديين وإنصافهم".
يلزم جانب الصمت لبرهة، ثم يعود الصفاء إلى ملامحه ويقول بهدوء: "نحن لسنا سوى دعاة سلام ولقد تعرّضنا رغم ذلك لإبادة جماعية، كل آمالنا هي أن نعيش بسلام وبكرامة وألا نُقتل بدم بارد".
سعي إلى الهجرة
وثق ناشطون ومنظمات إيزيدية هجرة ما يزيد عن 2000 إيزيدي إلى خارج البلاد. هؤلاء عاشوا مغامرات للوصول إلى أوروبا عبر طرق التهريب المحفوفة بالمخاطر، لينضموا إلى عشرات الآلاف من أبناء جلدتهم الذين تركوا البلاد منذ عام 2014.
يقول الباحث الإيزيدي داود علي الشنكالي لرصيف22: "الإبادة الجماعية للإيزيديين مستمرة منذ أكثر من ثماني سنوات، ولا يوجد حل لوضع الإيزيديين، وحياتهم في مخيمات النازحين وفي سنجار وبقية المناطق سيئة، ويفاقمها سوءاً في سنجار القصف التركي ودمار البنية التحتية، وعدم إنصاف الضحايا وتحقيق العدالة وعدم استقرار الوضع الأمني. هذه كلها أسباب تمنع الإيزيديين من البقاء في وطنهم".
ويضيف بأسف: "الهجرة أصبحت واقع حال وقد تكون وسيلة جميع الإيزيديين للبحث عن الخلاص".
خدر عيدو فاضل (27 عاماً) يعيش منذ عام 2014 في مخيم شاريا، في محافظة دهوك، في إقليم كردستان. نجح في جمع مبلغ من المال من خلال عمله كعامل، يقول إنه يكفيه للحصول على فرصة للهجرة إلى ألمانيا والالتحاق بشقيقين له وعدد كبير من أقربائه.
يفتح قلبه لرصيف22 ويقول: "ثمانية سنوات من الانتظار، ثم ماذا؟ منزلنا في سنجار مدمر ولم تعوّضنا الحكومة بفلس واحد، وفرضاً لو عدنا إلى هناك، مَن سيحمينا من القصف التركي ومن الصراع المسلح المحتمل بين القوى التي تكره إحداها الأخرى هناك؟".
يشير بيده إلى صف طويل من الخيام المتجاورة، ويتابع: "هنالك الآلاف من الفقراء الذي يريدون فقط الحصول على قوت يومهم، وحتى هذا مهدد الآن بعد أن أبلغونا بأن الأمم المتحدة ستوقف مساعداتها لنا، وسيزيلون سياج المخيم لكي يدمجوننا بالمجتمع".
يُبقي ذراعه في الهواء ويغرق في لحظة شرودٍ، ثم يقول: "لا أشعر أني في وطني، لذا فلا بد أن أبحث عن وطن آخر يُشعرني بالأمان وأحفظ فيه كرامتي".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع