20000 كلية تتم التجارة بها كل عام بشكل غير قانوني في العالم. السعر المدفوع لانتشالها من كائن حي ينحدر ليصل إلى 650$، بينما سعر بيعها قد يصل إلى 300000$ . تجارةٌ رابحة تتحكم بها شبكات مافياوية عدة، تفرضها كضريبة على أجساد الفقراء، لتنقلها مجلّدة عبر الحدود إلى أغنى بلدان العالم. كيف تتم عملية البيع والشراء في العالم العربي؟ كيف تحثّ الحروب على انتشال الأعضاء من الجثث والجرحى، ومن هي المافيات التي تتحكم بهذه السوق السوداء؟
مصر
سعر بيع الكلية 3100$
سعر شراء الكلية 18600$
مصر اليوم هي البلد الثالث الأكثر تضرراً في العالم من تجارة الأعضاء بعد الصين والباكستان. أحوال المجتمع الفقيرة حوّلت الشعب المصري إلى مصدر «رخيص» لقطع الغيار البشرية للأثرياء، من مصر إلى العالم أجمع.
في مصر مافيات محلّية تستغل الفراغ القانوني، وتشمل لائحة طويلة من أطباء ومختبرات وسماسرة، تتغلغل في الأحياء الفقيرة لتصطاد جائزتها بطريقة غير شرعية وغير إنسانية، إما عن طريق السرقة أو الشراء أو تزوير مستندات تثبت استخدامها الشرعي.
قد تلجأ تلك المافيا إلى حيلٍ عديدة تشكّل غطاءً حامياً للعبتها غير القانونية، كتزويج فتيات فقيرات يردن بيع أعضائهن من أثرياء عرب بشكل قانوني ظاهرياً، ليتم الطلاق عقب إجراء عملية الزرع.
السعر الذي ذكرناه أعلاه هو الكلفة المثالية التي يتلقاها الفرد عند بيعه لكليته، لكن على أرض الواقع هبط سعر الأعضاء بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة، بسبب زيادة العرض بطريقة مذهلة من جانب الفقراء الذين يرغبون ببيع كلاهم، ليصل إلى ما يساوي 1700$ ، كأي عملية تجارية أخرى. يعود الأمر لشطارة البائع، أي الذي يرغب ببيع أحد أعضائه أو أكثر، ليجلب سعراً يناسبه، ومهارة الزبون، أي السمسار، ليخفض سعر الشراء معتمداً على نسبة فقر وحاجة البائع ونوعية العضو.
وفق دراسة أعدها التحالف الدولي لمكافحة تجارة الأعضاء البشرية، فإن 78% من المانحين المصريين يعانون من تدهور في حالتهم الصحية بعد العملية الجراحية، ما يعيقهم عن إكمال واجباتهم وأعمالهم بالطريقة المناسبة. سعر الكبد يتراوح بين 10000$ و14000$، سعر البنكرياس 5800$، والكلية ما يقارب 18000$، في مصرٍ لقبُها برازيل الشرق الأوسط، وباتت تجارة الأعضاء فيها أكثر ربحاً وأمناً من تجارة المخدرات والأسلحة.
سوريا
السعر: الدفع ليس إلزامياً
غالباً ما تكون ساحات الحرب مغرية لتجار الأعضاء البشرية، وهو ما يحصل اليوم في سوريا. الحصول على تقارير حاسمة حول الوضع الفعلي اليوم غير ممكن، نظراً للحرب الإعلامية التي يبدو كأن الطرفين المتنازعين في سوريا يخوضانها، وكل منهما يتهم الآخر بالاتجار. وفق مصادر عدة، تكثر هذه التجارة اليوم على الحدود التركية السورية، تغذّيها العمليات الإجرامية الناشطة في البلاد.
الروايات التي يتم تناقلها تتحدث عن شهادات لممرضات ونساء وعائلات سوريات شاهدن أجساداً عدة مجردة من بعض أعضائها، وحتى جثثاً تعود لأهلها، تنقصها كلية أو عضو آخر. شبكات منظمة عدة تتولّى هذه المهمة، من الفريقين المتنازعين، غير أن الكشف الفعلي عن الأرقام وإلقاء المسؤوليات غير ممكن في الوقت الحالي لأي جهة كانت.
الجزائر
السعر: تحدده المغرب
منذ بدء انطلاق تلك التجارة في السوق السوداء، كانت المافيا المغربية تحتل المرتبة الثالثة في العالم، وتسيطر على شمال أفريقيا من خلال ممرها الرئيسي، مضيق جبل طارق، وتقيم مراكز لها على حدود المغرب وتونس والجزائر، متخذة من البحر سبيلاً للتهريب. لربما اختُطفت مرتبة التصنيف العالمي منها، ولكن الجزائر لا تزال تعتبر خبيرة في طرقها لتهريب الأعضاء البشرية، فقد فككت الشرطة العسكرية منذ ما يقل عن عامين شبكة تجارة بالأعضاء البشرية من الجزائر إلى المغرب يديرها بروفيسور جامعي، وذلك بعد أن أقامت تحقيقاً حول قضية اكتشاف جثة شاب مريض عقلياً انتشل منها بعض أعضائها. شبكة مخصصة بالمرضى العقليين، تم توقيف زعيمها، ولكن ما يزال بعض أعضائها فارين من العدالة حتى اليوم..
لبنان
السعر: متعلق بالحروب
المافيا الرابعة عالمياً في الثمانينيات، ليست إلا المافيا اللبنانية، كانت تنفذ عملياتها التجارية في مناطق الجنوب والبقاع والشمال اللبناني، حيث تغري الشباب العاطل عن العمل والمعرض للموت بسبب النزاعات والحروب، ثم تهرب أعضاءه من خلال مدينة صور الجنوبية إلى دمشق، نحو تركيا ورومانيا. كان من أخطر ما يحيط المافيا اللبنانية في الحرب الأهلية إمكانية استغلال جوازات السفر وتسهيل وصولها إلى الأجهزة الأمنية في إسرائيل. هكذا التحكم بمصير أصحابها. كما كانت حركات اللجوء والنزوح المختلفة جراء الحروب الى لبنان تحثّ على تعزيز التجارة بالأعضاء. اليوم ومع الأحداث السورية الأخيرة، وما نتج عنها من حركة لجوء كبيرة، ولد تخوف من عودة موجة تجارة الأعضاء، بالأخص على الحدود، ولكن ما من معلومات أكيدة بعد حول إعادة إحياءها، رغم شيوع الحديث عن الأمر.
باكستان
سعر الكلية والعملية: 8000$
لا بد من التطرق الى الحالة الباكستانية، إذ أن أكثر من 13 مليون شخص في باكستان مصابون بالفشل الكلوي، 15000 منهم يموتون سنوياً، لذا فإن حاجة المستشفيات في السنة تصل إلى 6500 كلية.
تلك الأرقام الهائلة جعلت من تجارة الكلى مجالاً للتنافس على الربح، وأصبح سوق الكلى في باكستان ذو طابع عالمي أكثر منه محلي، حيث يتوافد المئات من دول الخليج وأوروبا سنوياً إلى باكستان للحصول على كلية سليمة. واقعٌ أثار اهتمام المستثمرين الأجانب، فقام عدد منهم بفتح مستشفيات خاصة لهم في باكستان، وفي مدينة لاهور تحديداً يزيد عددها عن 15 مستشفى لإجراء عمليات زراعة الكلى لمرضى أجانب. تصل عملية زراعة الكلية في بريطانيا إلى 22500$، أما في باكستان فلا تتجاوز تكلفة مثل هذه العملية 8000$. أرقامٌ تؤكد على الحاجة الهائلة لتلك العمليات، وتبرهن أنه حتى ولو وضع قانونٌ يحد من التجارة بالأعضاء، مثلما حصل في الهند، وهو الأمر الذي تطالب به منظمات عدة في باكستان، فمن غير الممكن أن تتأثر به السوق السوداء المتجذرة في تلك البلاد.
نشر على الموقع في تاريخ 02.10.2013
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...