شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"طمنونا على علاء"... مخاوف من تبعات إخفاء الناشط المصري البارز

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن وحرية التعبير

الخميس 28 يوليو 202205:24 م

"ماعندناش دليل على حياة علاء من بعد يوم 16 يوليو". في فيديو يبدو فيه الخوف والقلق جليين، أكدت الباحثة منى سيف شقيقة المبرمج والكاتب والناشط المصري علاء عبدالفتاح على انقطاع التواصل مع شقيقها المضرب عن الطعام منذ نحو 120 يوماً.

في الفيديو الذي بثته منى على حسابها في فيسبوك وانستغرام أول من أمس، السادس والعشرين من يوليو/ تموز الجاري، أكدت الباحثة أن المستشار حمادة الصاوي، النائب العام في مصر، حفظ بلاغها الرسمي الذي تقدمت به عبر الموقع الإلكتروني لنيابة العامة بعد ساعات قليلة من تلقي بلاغ طالبت فيه بالتحقيق في إخفاء شقيقها المودع في مجمع السجون الجديد في وادي النطرون، بعدما باتت السبل القانونية للتعرف على مصير علاء المضرب عن الطعام منذ 117 يوماً (وقت بث الفيديو) مغلقة.

حتى لحظة نشر هذا التقرير، لا تزال الدكتورة ليلى سويف أمام أسوار السجن، تنتظر جملة "بخط الإيد" من نجلها للاطمئنان عليه، في مقابل غياب أي بيانات أو ردود رسمية تفسر ما يحدث

في اليوم التالي لفيديو منى توجهت والدتها للمرة الخامسة إلى مجمع السجون مطالبة بزيارة ابنها أو الحصول على خطاب بخط يده تتأكد من خلاله أنه لا يزال بصحة جيدة في ظل إضرابه المستمر والذي ترفض السلطات المصرية الاعتراف به، إلا أنها تلقت الإجابات نفسها من سلطات السجن التي تكرر التأكيد على "امتناع علاء عن الزيارة وكتابة الخطابات" وهو ما لا تصدقه العائلة كونه "لا يتناسب مع شخصية علاء وتعلقه الشديد بأسرته وإدراكه أهمية تماسك الأسرة واطمئنانها عليه" بحسب شقيقته منى سيف التي تقود وشقيقتها الأصغر سناء محاولات للإفراج عن علاء بعد حصوله على الجنسية البريطانية.


وفي الوقت الذي توجد فيه الدكتورة ليلى سويف والدة علاء أمام مجمع السجون الجديد في وادي النطرون، أملاً في الاطمئنان على ابنها، أصدرت منظمة العفو الدولية اليوم، 28 يوليو/ تموز 2022، بياناً جاء فيه "نحن قلقون بسبب عدم حصول عائلة ومحامي الناشط علاء عبدالفتاح المضرب عن الطعام منذ أكثر من 110 أيام، على أنباء عنه منذ 17 يوليو/ تموز، بينما تدّعي إدارة سجن وادي النطرون أنه يرفض التواصل مع أسرته، من دون أي أدلة، وهو أمر لا يُصدَّق". وطالبت المنظمة بتحرك عاجل للكشف عن مصير علاء وإنقاذه إن كان بحاجة إلى التدخل الطبي. وأعلنت شقيقة علاء ان ولدتها أرسلت تلغرافاً عاجلاً إلى مدير مركز تأهيل وادي النطرون 2 - وهو مجمع السجون الجديد الذي نُقِل إليه علاء بعد تعرضه للاعتداء في طرة- تطلب فيه مقابلة مدير المركز للتعرف على مصير علاء وأسباب رفضه الزيارة.

علاء عبد الفتاح، هو مبرمج وناشط حقوقي يساري مصري، ونشط كمدون منذ عام 2004، وألقت قوات الأمن القبض عليه في 29 سبتمبر/أيلول 2019، أثناء وجوده في قسم الدقي شرق الجيزة، لأداء عقوبة المراقبة الموقعة عليه، بعد سجنه لمدة خمس سنوات بدعوى تنظيم مظاهرة للاعتراض على إدراج المحاكمة العسكرية للمدنيين في الدستور. وأتى القبض على علاء وقتها ضمن حملة اعتقالات واسعة قامت بها السلطات لوأد موجة احتجاجية ضد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أدت إلى مظاهرات محدودة شهدتها أماكن متفرقة من البلاد. وفي اليوم التالي ظهر علاء في نيابة أمن الدولة حيث وجِّهت إليه اتهامات عدة، منها نشْر أخبار كاذبة والانتماء لجماعة إرهابية، وظل قيد الحبس الاحتياطي من دون تحقيق أو محاكمة لمدة عامين، ثم أحيل فجأة إلى محاكمة استثنائية عشية تعليق العمل بقانون الطوارئ.

انقطعت أخبار علاء عن أسرته منذ 16 يوليو/ تموز الجاري، وهو التاريخ الذي تصفه منى سيف بثقب أسود ابتلع شقيقها. فيما أمر النائب العام المستشار حمادة الصاوي بحفظ بلاغ الأسرة الذي يطالب بالتحقيق في حقيقة الادعاء بامتناع علاء عن الزيارة، بموجب القانون

انقطعت أخبار علاء عن أسرته منذ 16 يوليو/ تموز الجاري، وهو التاريخ الذي تصفه منى سيف بثقب أسود ابتلع شقيقها، فكان موعد آخر زيارة تمكنت خلالها الدكتورة ليلى سويف من رؤية نجلها، واطمأنت على صحته، وفقاً لتصريحات شقيقته، التي أوضحت أنه كان مستقراً نفسياً خلال تلك الزيارة، وأبلغ الأم أنه كتب خطاباً يمكنها استلامه عقب الزيارة، ولكنها لم تتمكن من ذلك.

 وفي 24 يوليو/ تموز توجهت سويف لسجن وادي النطرون لزيارة نجلها، وبعد انتظار ست ساعات تم إبلاغها أن علاء ممتنع عن الزيارة، من دون أسباب واضحة، فطلبت الأم خطاباً بخط يده للتأكد من سلامته، ولكن دون جدوى.

وفي اليوم التالي، تقدمت الأسرة ببلاغ للنائب العام يحمل رقم 179304، تزامن مع زيارة سويف للسجن مجدداً، وحصلت على نفس الرد "علاء ممتنع عن الزيارة"، ولم تحصل أيضاً على أي خطابات منه، وهو البلاغ الذي جرى حفظه في اليوم نفسه من دون التحقيق فيها حسبما ذكرت شقيقته. وفي اليوم نفسه تقدم المحامي خالد علي، الممثل القانوني لعلاء، ببلاغ للنائب العام، ضد إدارة سجن وادي النطرون بسبب عدم السماح لوالدة علاء بزيارته.

وفي المقطع المصور، الذي سبقت الإشارة إليه، حمَّلت منى سيف رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي المسؤولية عن حياة شقيقها المضرب عن الطعام، وأيضاً النائب العام، حمادة الصاوي، والحكومة البريطانية، التي سبق أن تعهدت العمل على إطلاق سراح علاء الذي يحمل هو وشقيقتاه ووالدته الجنسية البريطانية.

ودخل علاء في إضراب عن الطعام منذ نحو ثلاثة أشهر، حوّله من الإضراب الكامل إلى الإضراب على منهج غاندي (استهلاك أقل من 100 سعرة حرارية في اليوم، بينما يحتاج جسد الذكر البالغ إلى 1500 سعرة حرارية على الأقل للحياة بشكل طبيعي)، إلا إن السلطات ترفض الاعتراف بإضرابه عن الطعام، وأصدرت وزارة الداخلية بياناً مقتضباً في يونيو/ حزيران الماضي، قالت فيه إنها سلّمت إلى النيابة العامة "مقاطع مصورة داخل زنزانة المحكوم عليه علاء عبد الفتاح، تثبت عدم صحة الادعاء باضرابه عن الطعام"، وأضاف البيان: "وكذا عدم صحة الادعاء بعدم السماح له بدخول الكتب لمحبسه"، ويطالب محاميه خالد علي بالتحقيق معه وسماع أقواله في حضور دفاعه وتمكينه من مشاهدة الفيديوهات والرد عليها، وإحالة علاء للجنة طبية مستقلة للكشف عليه وإثبات مدى إضرابه عن الطعام من عدمه.

وتؤكد منى سيف أنه خلال الزيارة الأخيرة له، لم تكن هناك أية مؤشرات حول اختفاء علاء أو نيته في الامتناع عن الزيارة، بل وعد حينها بكتابة خطابين، واحد لها والآخر لشقيقته الصغرى سناء، كما أنه "على مدار سنوات حبسه لم يقرر علاء الامتناع عن الزيارة". ووفقاً لتصريحات الأسرة "لو كان هذا قراره الشخصي فهذا يعني أنه وصل لمرحلة نفسية سيئة لم يصلها من قبل، مع وجود احتمالات أخرى حول نقله للمستشفى بسبب تدهور حالته الصحية، أو الاعتداء عليه بالضرب، أو نقله من السجن لمكان غير معلوم".

تأتي مخاوف الأسرة في ظل تزامن إخفاء علاء، مع افتضاح واقعة اعتداء سلطات سجن طرة بالضرب على الناشط والشاعر أحمد دومة الذي يعاني من مشكلات صحية متفاقمة، بسبب احتجاجه على تجاهل سلطات السجن للوضع الصحي المتراجع للباحث أحمد سمير سنطاوي، بعد انتشار فيروس كورونا المستجد وسط السجناء.

وكانت أسرة دومة قد واجهت رفض سلطات سجن طرة تمكين ابنها من زيارة شقيقه في 19 يوليو/ تموز الجاري، إلا أن رسالة تمكن دومة من تسريبها إلى عائلته كشفت عن تعرضه للضرب والاعتداء البدني واللفظي من قبل رئيس مباحث السجن، و"أصيب بكدمات في غالبية أجزاء جسمه، بعد أن قام عشرة عساكر بتقييده"، بسبب اعتراضه على تأخر إنقاذ سجين آخر هو أحمد سمير سنطاوي، بعد دخوله في نوبة اختناق، يرجح أنها ترجع لإصابته بفيروس كورونا المستجد.

إجراءات قانونية

يوضح المحامي الحقوقي جمال عيد لرصيف22 أنه عند رفض سجين الخروج لزيارة ذويه، يجب على سلطات السجن تحرير محضر إثبات امتناعه عن الزيارة، وأيضاً إثبات هذا الامتناع في دفتر أحوال السجن. مشيراً إلى أنه في حالة فقدان الثقة في إدارة السجن أو "ورود المخاوف"، يتوجب على النيابة التدخل للتحقيق، ونقل عن السجين أسباب امتناعه عن الزيارة، وتمثل النيابة هنا الطرف المحايد.

ويضيف عيد أنه في حالة علاء يمتد فقدان الثقة للنيابة أيضاً، بسبب وجود خصومة بينها وبين الأسرة، فهنا يتوجب انتداب قاضي تحقيق ليقوم بدور النيابة، والتحقيق في امتناع السجين عن الخروج للزيارة، كما أن هناك وسائل يمكن الاستعانة بها، مثل الكاميرات التي من الممكن أن تثبت الأمر، والتي قد تنقل للأسرة حقيقة الوضع، وتطمئنها على صحة السجين، والتأكد من عدم تعرضه لمكروه.

ويؤكد عيد أنه لا يمكن اعتبار علاء سجيناً مختفياً، ولكنه سجين حياته في خطر، ويجب التدخل الفوري لإعلام أسرته بحقيقة الأمر وسبب امتناعه عن الزيارة، خاصة في ظل استمراره في الإضراب عن الطعام، وتعرضه لأكثر من واقعة أكدتها الأسرة في بلاغات عدة، لكن من دون أي تدخل أو تحرك في أي بلاغ منها من خلال المسار القانوني الذي تحاول الأسرة السير به منذ البداية.

ووفقا للمادة 37 من قانون تنظيم السجون، فإنه إذا بلغت حالة المسجون المريض درجة الخطورة، وجب على إدارة السجن أن تبادر إلى إبلاغ جهة الإدارة التي يقيم في دائرتها أهله لإخطارهم بذلك فوراً، ويؤذن لهم بزيارته.

ودشن عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وسم "طمنونا على علاء"، الذي حمل تدوينات ومنشورات تطالب بالكشف عن سبب امتناعه عن الزيارة، وحصول أسرته على المعلومات الكافية للاطمئنان عليه وعلى صحته، وفقا لما يقره القانون.

صباح اليوم كررت الأسرة الأمر نفسه الذي أصبح يومياً منذ 24 يوليو الجاري، فذهبت الأم لسجن وادي النطرون، وحتى نشر هذه  السطور، لا تزال أستاذة الرياضيات بكلية العلوم أمام أسوار السجن، تنتظر جملة "بخط الإيد" من نجلها للاطمئنان عليه، في مقابل غياب أي بيانات أو ردود رسمية تفسر ما يحدث.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image