عقب نجاح التجارب على القرود، خضع مريض في نيوزيلندا لعملية تعديل جيني لخفض نسبة الكوليسترول الوراثي، من خلال وقف عمل أحد جينات الكبد أو عكس مساره، في تجربة قد تُسهم لدى نجاحها في "إيقاف أكبر قاتل على وجه الأرض" -أي النوبات القلبية- و"بدء حقبة جديدة للوقاية من الأمراض".
وفق ما نشره موقع "Technology Review" المتخصص، الثلاثاء 12 تموز/ يوليو الجاري، فإن المتطوع في نيوزيلندا هو أول شخص في العالم يخضع لعملية تعديل وراثي للجينوم البشري لغرض خفض نسبة الكوليسترول في الدم، وهي خطوة قد تؤدي إلى التوسّع في توظيف هذه التقنية لمنع النوبات القلبية، في اختراق طبي عالمي.
ما هي طبيعته؟
تتمثل العملية، وهي جزء من تجربة سريرية تجريها شركة "Verve Therapeutics" الأمريكية للتكنولوجيا الحيوية، في حقن نسخة من أداة التحرير الجيني "CRISPR" لتعديل حرف واحد من DNA خلايا كبد المريض.
قد يُسهم نجاحه في "بدء حقبة جديدة للوقاية من الأمراض"... تجربة أمريكية لتعديل جيني من شأنه "خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL) في الجسم بشكل دائم" وتوفير "العلاج الشافي" للنوبات القلبية التي تمثل السبب الأول للوفاة في العالم
تعتقد الشركة الأمريكية أن التعديل البسيط المستهدف من تجربتها "كافٍ لخفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL) في الجسم بشكل دائم"، لأنه يمثل البروتين الدهني المتسبب في انسداد الشرايين وتصلبها بمرور الوقت. وتتوقع أن تُسهم التقنية في نهاية المطاف في الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية لدى ملايين الأشخاص.
ويعتقد أطباء أن خفض مستوى LDL بشكل دائم قد يمنع وفيات أمراض القلب والأوعية الدموية. يمكن أن يساعد اتباع نظام غذائي صارم في إبقاء الكوليسترول الضار منخفضاً، لكن قلة من الناس تنجح في التقيّد بهذا طوال الحياة.
وهناك العلاجات التي تقوم بنفس الدور عن طريق الحقن والحبوب، لكنها لا تخلو من الآثار الجانبية أولاً، وهي باهظة الثمن ثانياً، ويُرهق بعض المرضى الاضطرار لأخذها بشكل يومي أو أسبوعي وحتى شهري ثالثاً. من هنا يكتب العلاج "الدائم" المقترح أهميته القصوى، لا سيّما مع الاعتقاد بأنه سيكون "أرخص بكثير" من العلاجات المتاحة حالياً، خاصة إذا تم استخدامه على نطاق واسع.
كان المتطوع في نيوزيلندا أحد هؤلاء المعرضين لخطر ارتفاع الكوليسترول لأسباب وراثية ويعاني من أمراض القلب.
تعقيباً على التجربة، قال سيكار كاثيريسان، المدير التنفيذي لـ"Verve Therapeutics": "إذا نجح هذا وثبت أنه آمن للبشر، فهذا هو الحل للنوبات القلبية والعلاج الشافي".
بالرغم من مرور 10 أعوام على تطوير تقنية "CRISPR" لإجراء تعديلات محددة على الشفرة الجينية للخلايا، فإن استخدامها اقتصر على أعداد محدودة من المرضى المصابين بأمراض نادرة مثل فقر الدم المنجلي، كجزء من التجارب الاستكشافية فقط.
لدى نجاح تجربة "Verve"، فقد يتبع ذلك استخدام أوسع لتعديل الجينات للوقاية من الأمراض الأكثر شيوعاً. يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من مستويات مرتفعة من LDL غير القابل للسيطرة عليه، والذي يتسبب في وفاة أعداد كبيرة من المرضى سنوياً بأمراض القلب والأوعية الدموية الناتجة عن تصلب الشرايين.
هناك علاجات تقوم بنفس الدور حالياً، لكنها لا تخلو من الآثار الجانبية، وباهظة الثمن. ويُرهق المرضى الاضطرار إلى المداومة عليها يومياً أو أسبوعياً أو شهرياً. من هنا يكتسب العلاج المحتمل "الدائم" أهميته
توسع في التجربة
وتتضمن تجربة شركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية إعطاء العلاج الجيني لـ40 مريضاً ممن يعانون ارتفاع الكوليسترول الوراثي الذي يُعرف باسم "فرط كوليسترول الدم العائلي" المعروف اختصاراً بـ"FH". وقد تصل قراءات الكوليسترول للأشخاص الذين يعانون هذا الشكل من ارتفاع الكوليسترول إلى ضعفَيْ المعدل الطبيعي، بمن فيهم الأطفال. والكثيرون منهم يكتشفون الإصابة به عندما يصابون بنوبة قلبية، والتي تحدث غالباً في سن مبكرة.
في تجربة "Verve"، فإن التعديل يتعلق بجين PCSK9، الذي تُفرزه خلايا الكبد ويلعب دوراً كبيراً في تحديد مستويات "LDL"، ما يُصبح معه إيقافه عن طريق إدخال خطأ إملائي من حرف واحد وسيلةً لخفض الكوليسترول الضار.
تشبه هذه التقنية إلى حد كبير لقاحات mRNA لفيروس كورونا إذ تعتمد الوقاية فيها على تعليمات وراثية مغلّفة في الجسيم النانوي الذي ينقل كل شيء إلى الخلية.
وأظهرت تجارب "Verve" التي أُجريت على القرود انخفاض الكوليسترول الضار بنسبة تناهز الـ60% لأكثر من عام، مع ترجيح أن الأثر قد يدوم.
لكن تجربة العلاج على البشر قد تنطوي على بعض المخاطر، بما في ذلك نتيجة أن يكون للجسيمات النانوية تأثير سام إلى حد ما، علاوة على تقارير عن ظهور آثار جانبية، بينها آلام العضلات، لدى الأشخاص الذين كانوا يتناولون أدوية أخرى لخفض PCSK9.
وبينما يمكن إيقاف العلاج بالأدوية العادية لدى حدوث آثار جانبية، فلا توجد حتى الآن خطة للتراجع عن التعديل الجيني بمجرد إجرائه.
تيدروس أدهانوم غيبرييسوس: بإمكان تعديل الجينوم البشري أن يعزز قدرتنا على معالجة الأمراض والشفاء منها، بيد أنه لا يمكننا تحقيق الأثر الكامل إلا إذا عمّمنا هذه الممارسة على الجميع
أهمية العلاج بتعديل الجينوم
وفي مثل هذا الشهر من العام الماضي، أوصت منظمة الصحة العالمية بـ"تكريس تعديل الجينوم البشري كأداة من أدوات الصحة العامة، مع التركيز على المأمونية والفعالية والأخلاقيات".
وصرّح تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، المدير العام للمنظمة، بأنه "بإمكان تعديل الجينوم البشري أن يعزز قدرتنا على معالجة الأمراض والشفاء منها، بيد أنه لا يمكننا تحقيق الأثر الكامل إلا إذا عمّمنا هذه الممارسة على الجميع، بدلاً من زيادة تعميق الغبن في المجال الصحي بين البلدان وداخلها".
وعدّدت المنظمة "الفوائد المحتملة" لتعديل الجينوم البشري، قائلةً إنها تشمل "زيادة سرعة ودقة التشخيص وتحسين توجيه العلاجات والوقاية من الأمراض الوراثية".
يُشار إلى أن هذه التقنية استُخدمت بنجاح أيضاً في مكافحة فيروس العوز المناعي البشري فيما تُتوقع قدرتها على تحسين علاج طائفة واسعة من أنواع السرطان إلى حد كبير.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 18 ساعةمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع