شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
من لا يستعمل عقله بشكل إيجابي لن يفهم معنى الحرية

من لا يستعمل عقله بشكل إيجابي لن يفهم معنى الحرية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الاثنين 23 مايو 202201:12 م

"يكفي أن تقول قال فلان ليتوقف العقل عن عمله".
نصر حامد أبو زيد

يحاول صاحب العقل المتفتح والمتنور التقليل من الأخطاء وتصحيحها بين وقت وآخر، اعتماداً على التفكير الموضوعي المدروس، والحكم بالدلائل المعقولة، وعدم الاعتماد على الأقوال والأحكام الجاهزة في أيّ تحليل. ومن لا يستعمل عقله بشكل إيجابي لن يصل إلى أيّ حلّ، ولن يغادر واقعه المهزوم، ولن يكون فعله مؤثراً، وفي النهاية لن يفهم معنى الحريّة ولن ينالها، وسيبقى أسير واقعه المرّ.

إذاً ما الذي يجعل الفرد لا يجيد لغة الصدق؟

كلّ عمل يُدرس وينفّذ في رحم الحريّة يقترب من حالة الكمال. في الحرية يكتمل الوعي، يقول أحدهم، وغالبيّة الأفعال تكون مدركةً وهذا الشيء يساهم في تغيير بعض الجينات القلقة ليبدأ البحث عن سبل وحلول معقولة من أجل تغييرات جذرية على المدى المتوسط والبعيد.

النظام الاجتماعي وحريّة الفرد

مساهمة المجتمع في خنق المبادرات الفرديّة، وتفعيل الأدوات الموروثة من دون وعي، هو الإبقاء على واقع مأزوم، وتمرير الفشل بكلّ أشكاله، وزيادة في تمديد حالة السبات الفكري. كثيراً ما تساهم المجتمعات وأنظمتها التي تخلو من القوانين المهمة في تسريع حتفها من دون التفكير في أسباب ذلك، فالنظام الاجتماعي الخامل سجنٌ مؤبدٌ للحريّة، وللإنسان.

الغالبيّة تعيش ضمن سلسلة معقدة من العقد الاجتماعيّة، وفي علاقات غير متجانسة مع الذات الفرديّة، والجمعيّة، وأغلب العلاقات مبنيّة على "الازدواجية والوصوليّة والنفعيّة، والنفاق والمراوغة"، وهنا تجدر الإشارة إلى أهميّة التركيز اليومي والمستمر على أهميّة التصالح مع الذات أولاً، مع التأكيد والمتابعة والاستماع إلى تنبيه خلايا المخ المسؤولة عن هذه الأفعال ومنحها صفة الأولويّة، فالاستماع إلى هذه التنبيهات محفّز قوي للخروج من أزمات الذات المتراكمة والمأزومة، فالحاجة ملحّة إلى "فلتر عقلي" من أجل الدخول في دائرة الأسوياء.

مساهمة المجتمع في خنق المبادرات الفرديّة، وتفعيل الأدوات الموروثة من دون وعي، هو الإبقاء على واقع مأزوم، وتمرير الفشل بكلّ أشكاله، وزيادة في تمديد حالة السبات الفكري

هل جميع الأسئلة تحتاج فعلاً إلى أجوبة؟

فقدان أشياء كثيرة من حياة الأفراد يدفعه أحياناً، وليس دائماً، إلى الانفعال، وردود الأفعال، والرد على أسئلة الآخرين بتفاسير مختلفة وهناك من تبقى أصابعه مرتجفةً كما أجوبته متخاذلة، وغير مقنعة ويشعر بالنقصان، والخذلان، ويسكت ولا يردّ، ويصفق للمارقين بحرارة.

إذاً ما الذي يجعل الفرد لا يجيد لغة الصدق؟

هل حقاً كما يقول البولندي، أندريه جيد، إنّ الصدق مهنة شاقة؟ وهل يستطيع المجتمع الذكوري أن ينصف المرأة على سبيل المثال ويصل معها إلى أبعد مدى من الأنسنة الواعية؟

للمرأة خاصيّة مورفولوجيّة (علم التشكّل)، لا يمتلكها الرجل إلا بحدود لا تتجاوز 8% وهذه صفة من الصفات الممنوحة للمرأة صانعة الحياة، فإلى أيّ مدى يستطيع المجتمع أن يتعامل معها بصدق كي يصل إلى حقائق، وأحاسيس، وحدس صادق لا تشوبه شائبة الفحولة المتخاذلة أمام الحقوق والواجبات، والمعطّلة في أغلب الأحيان؟

هناك وجه تقصير متعمّد في حق المرأة وأحياناً تناسي وجودها بالكامل لأمور لا تريد الغالبية الخوضَ فيها وهي من الأسباب المهمة في ركود الفكر وغياب الفعل المتغيّر، وفي النهاية يكون التقصير وجهاً آخر للاستبداد، وترك المشكلات من دون معالجة وحلول هي أفعال مقصودة، ومتعمدة.

هناك وجه تقصير متعمّد في حق المرأة وأحياناً تناسي وجودها بالكامل لأمور لا تريد الغالبية الخوضَ فيها وهي من الأسباب المهمة في ركود الفكر وغياب الفعل المتغيّر، وفي النهاية يكون التقصير وجهاً آخر للاستبداد

كيف نسمع نداء العقل والضمير ونتبع حدسنا المبكر؟

الحياة لا تقبل الخطأ ولو سمعَ الجميع نداء العقل والقلب والضمير لما كان الضجيج يملأ الآذان.

الغالبيّة تهرب من نداء العقل الفعّال، والجريء، أو بالأحرى لا تريد سماع هذا النداء لأسباب كثيرة مترسخة جذورها داخل عقولها التي أمستْ كالصناديق المغلقة، ومعظم المفاتيح صدئة وقابلة للكسر في أي وقت وهذا بحدّ ذاته نوع آخر من الهروب والبقاء في سجن الوهم وإطالة عمر الألم.

هل يستطيع المفكر المبتدئ مواصلة تفعيل فكره والوصول إلى قرارات تبعده حدسيّاً عن الفعل الخطأ وتجعل منه فرداً مشاركاً فعّالاً في تغيير المفاهيم الخطأ التي استفحلتْ وصارت ثوابت مميتةً للعقل البشري؟

لقد وصلت العبوديّة حدّ عبادة الأسماء، لذا يتباهى الكثيرون بإضافة كلمة عبد أمام اسم المولود تبركاً وفخراً بالتبعية، والغالبية تتبجح بترديد مقولات بعض السادة والشيوخ من دون الغور في تأثيرها على طريقة التفكير عن قصد، أو عن قلة دراية.

هل صحيح أن الإنسان مرهون بما هو موجود في عقله؟ وهل من يفكر بشكل عقلاني يصل إلى ما هو جدير بالتفكير؟

حين لا ينفع الحديث والنصح، فذلك يعني أن الحاجة ماسة إلى وقفة جديّة لدراسة أسباب التعنت والتشبث بالخطأ، والوقوع في أخطاء أشدّ إيلاماً من الخطأ الأول.

لو وقفَ المجتمع في الماضي ضدّ أفعال السادة الأوليين بحزم وقوة، لمّا ازدادت الأخطاء وتوسعت وأصبحت أفعالاً لا تُغتفر في وقتنا الراهن، فمراقبة الوضع من دون تفاعل وتشارك فعليين تزيد من حدّة الأزمات، وتبعد الغالبيّة عن طريق الحوار، وعن إيجاد وسائل الحل والعبور.

من يجاري الظالم ويسكت عن الظلم بأنواعه، ويبرر مواقفه المختلفة، يزيد من حدّة الأزمات واستفحالها، ولا يصل إلى أيّة نتيجة من شأنها تغيير الوضع لصالح الجميع والحصيلة تراكمات لا حصر لها من الإخفاقات، والابتعاد عن درب التصحيح، والتعديل، والتغيير النوعي.

نسف جسور التواصل مع الآخر، وزيادة حدّة الخلاف، هما المشهد الذي لا يغيب عن الواقع في كافة دول المنطقة والجميع يسيرون في الدرب المغلق ذاته.

لم تستطع أيّ جهة استقطاب الآخر لفترة طويلة، فالهوّة تكبر وردمها يحتاج إلى الاستقامة والصدق والصراحة وهذا غير موجود عند الغالبية ولذلك الجميع في متاهة تكبر مع الأيام وكلّ التبريرات عبارة عن أفعال ناقصة وغير مقنعة وغير صادقة والنهاية نتائج كارثيّة لا تُعد ولا تحصى.

من يجاري الظالم ويسكت عن الظلم بأنواعه، ويبرر مواقفه المختلفة، يزيد من حدّة الأزمات واستفحالها، ولا يصل إلى أيّة نتيجة من شأنها تغيير الوضع لصالح الجميع والحصيلة تراكمات لا حصر لها من الإخفاقات، والابتعاد عن درب التصحيح، والتعديل، والتغيير النوعي

قراءة الأفكار

بتقدم طرق التواصل الاجتماعي المتعددة ازدادت بوضوح سيكولوجيّة الجميع، فهناك من يقرأ الأفكار بوضوح من خلال الحديث، والكلام المكتوب، وردود الأفعال، والتعليقات المتباينة، فبعض النفوس مليئة بعاهات مستديمة تحتاج إلى دراسات وبحوث جادة وهناك في المقابل طاقة خلّاقة جديرة بالاهتمام والرعاية لقابليتها واستطاعتها على التواصل مع المتمكنين الذين يهمهم خير الجميع وسلامتهم وتطورهم من دون التقيّد بالروابط القديمة والعادات، والتقاليد الموروثة التي عفّى عليها الزمن لعدم قدرتها على مواكبة التقدم العلمي والسيكولوجي للفرد والجماعة.

كم من الوقت تحتاج البشرية لتبدأ التفكير في أسباب وجود الإنسان على الأرض، وكيفية العمل للارتقاء الفكري، والشروع في إزالة العثرات من طريق التطور، وخلق جسور التواصل مع الحضارات المختلفة في عالمنا والعوالم المختلفة القريبة منّا والبعيدة؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image