شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"نحن خير امتداد للمصريين القدماء"... رحلة في عالم مليء بالأسرار والحكايات المثيرة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 15 يونيو 202211:00 ص

الروائي وعالم الآثار، حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، عاشق لمصر الفرعونية القديمة، لدرجة أن من يراه يعتقد بأنه اكتسب الملامح الفرعونية نفسها، فتنغمس في كل ما يقول.

حصل على الماجستير والدكتوراه في الآثار المصرية القديمة وتاريخ وآثار الشرق الأدنى القديم من جامعة هوبكنز بالولايات المتحدة الأمريكية. ألف عدداً من الروايات، منها "البحث عن خنوم"، "الأحمر العجوز"الحب في طوكيو"، "ثلوج كانازاوا" و"إيبو العظيم"، وفي التاريخ المصري القديم ألف عدداً من الكتب، منها "ملكات الفراعنة: دراما الحب والسلطة"، "أسرار الآثار: توت عنخ آمون والأهرامات والمومياوات"، "أسرار الفرعون الذهبي الملك توت عنخ آمون"، "أسرار الفراعنة" و"عظمة مصر الفرعونية"، وألف باللغة الإنجليزية عدداً من الكتب، منها "الصورة والصوت في مصر الصاوية".

سأختتم المقال بسؤال عن آخر الأخبار، وبالتحديد عن الاكتشاف الأثري الجديد بسقارة التي يصفها عبد البصير بأنها " كنز كنوز العالم". ولكن أبتدأ الحوار عن الأدب!

صدرت لعبد البصير حديثاً رواية تدور أحداثها المتخيلة في مصر الفرعونية، في فترة ما بعد عصر الدولة القديمة، عنوانها "إيبو العظيم". عن هذه الرواية يقول عبد البصير، "يتعلم القارئ من شخصية الحكيم إيبوور، كبير الكتَّاب في القصر الملكي في العاصمة "مَنف"، المهموم بمراقبة أحوال العباد في البلاد، ويتعرف على زوجته الجميلة سِشن، وابنه بِتاح، ويعجب بالجميلة مِيريت، شقيق قائد الجيش الملكي "نخت"، ويقرأ القصص الشيقة للكاتب مرو العاشق، ويدخل إلى أعماق وأقوال وأفعال الكاتب المهرطق جحوتي، ويغوص في حياة وأسرار عشيقته المثيرة حتحور، وتأخذه فيلسوفة الحب الغانية الجميلة تي في رحلة إلى عالمها السري وبيوت الهوى التي تمتلكها في طول البلاد وعرضها، ويعرف الملك المسن اللاهي مِيكو وعالمه، ويراقب تصرفات زوجته الداهية الملكة سِخمت، ويضحك من أفعال ابنه وولي عهده الأمير الأبله جِمني، ويرصد أفعال الوزير الشرير سُوبك، ورجله الثعلب، رئيس البلاد الملكي عِبو، ويُعجب بالأعمال البطولية لنائب قائد الجيش، مِسحتي، ويقابل كبير كهنة الإله بتاح في منف، خِنتي، المشغول بالأوضاع في البلاد، ويعرف مغامرات مساعده، الكاهن إِنتف، ويسعد بوجود حاكم الجنوب أَميني.

عالم الآثار المصري حسين عبد البصير: عالم الفراعنة مليء بالأسرار والحكايات المثيرة، قصص وأعمال كثيرة

في هذه الرواية، يرصد القارئ تأثير عواقب غياب العدالة وانتشار الفساد والظلم والفقر والقهر على الملك وعرشه وعلى البلاد، ويطالب الحكيم إِيبوور الملك بضرورة إقامة العدل في البلاد.

الدافع وراء كتابة هذه الرواية التي تعيش معي وأكتب فيها منذ حوالي 15 عاماً؛ أنها تجسد عظمة مصر القديمة، وأنها تشير إلى أن التاريخ ربما يعيد نفسه، وأن اللحظة التاريخية التي مرت بها مصر في العام 2011 وما قبلها، قد تكون حدثت في مصر القديمة بعد نهاية عصر الدولة القديمة في مصر القديمة. والمهم أن نتعلم من التاريخ ونفيد من دروس الماضي ونأخذ منه العبر والحكم، وكذلك أن يعرف المصريون الحاليون والعالم كله عظمة التاريخ والأدب والحضارة في مصر القديمة التي كانت منارة للعالم كله، وما تزال."

رأس الاسكندر الاكبر-من مقتنيات متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية

عندما سألته، "لماذا تلجأ دائماً للتاريخ المصري القديم في كتاباتك الإبداعية؟ وما الجديد في التاريخ الفرعوني القديم لتقدمه للقارئ، والعالم؟" كان جوابه أن الكتابة عن مصر نابعة من خبرته وحبه لهذه التواريخ، بصفته عاشقا ودارسا لها. وبصفته  عالم آثار مصري يعمل في آثار بلاده. وكذلك حتى يعرف العالم كله، وخصوصاً المصريين والأجيال الشابة منهم، أهمية تاريخ وحضارة بلادهم. وأضاف، "أكتب عن مصر القديمة من منطلق حبي وعشقي لحضارة المصريين القدماء الذين أعيش بينهم، كما أعيش بين أفراد أسرتي، وأعرفهم بالاسم، وأعرف تاريخهم وحضارتهم وآثارهم وقصصهم وحكاياتهم... وأكتب عن مصر الآن في كل أعمالي على الرغم من أن البعض قد يراها أعمالاً تاريخية، غير أنها في الحقيقة ترتبط بالواقع واللحظة المعيشة ارتباطاً وثيقاً، على الرغم من الزي الفرعوني الذي ترتديه؛ فأنا أديب الحاضر، ولست أديب الماضي."

يدعونا الروائي وعالم الآثار حسين عبد البصير للاطلاع على كنوز أدبية من مصر القديمة لم تلق اهتمامًا حقيقًا حتى اليوم منها "قصة الأخوين" و"قصة ون آمون" و"قصة خوفو والسحرة" و"قصة الملاح الغريق" أو "قصة نجاة الملاح"

أعمال أدبية من تاريخ مصر القديم 

عرف العالم قصة "شكوى الفلاح الفصيح" و"كتاب الموتى". ولكن عبد البصير يودّ أن يعلم القراء بأن "عالم الفراعنة مليء بالأسرار والقصص والحكايات المثيرة، وهناك العديد من الأعمال الأدبية الهامة القادمة إلينا من مصر القديمة (تهم) كل الناس في العالم من المتخصصين والجمهور العام."

سألت، ما القصص التي تُشير إليها في أعمالك وبرأيك توازي بأهميتها قصة "المصري الفصيح" و"كتاب الموتى" ولكنها لم تلق اهتماماً شعبياً؟ وكان جوابه: "هناك عدد كبير من القصص الأدبية والأعمال الدينية الجميلة والمتميزة والفنية العالية والنصية المهمة من مصر القديمة، والتي لا يعرف عنها الكثيرون، خصوصاً جمهور المثقفين سواء في مصر أو في العالم العربي أو في العالم كله. وأدعو الجميع لقراءة الأدب المصري القديم والأعمال الدينية الفريدة من مصر القديمة، والاطلاع الدائم والمستمر عليها. وأذكر، على سبيل المثال لا الحصر، "قصة الأخوين"، و"قصة ون آمون"، و"قصة خوفو والسحرة"، و"قصة الملاح الغريق" أو "قصة نجاة الملاح"، غيرها الكثير من عيون الأدب المصري القديم الجميل. وبالنسبة للأدب الديني، فهناك الكثير من الأعمال المهمة والمعروفة لدينا نحن المتخصصين في المصريات، وأتمنى أن تخرج إلى الجمهور العام، مثل متون الأهرام، ومتون التوابيت، وكتب العالم الآخر، مثل كتاب البوابات، وكتاب الكهوف، وكتاب الليل والنهار، وكتاب ما هو موجود في العالم السفلي وغيرها الكثير من تراث مصر القديمة الديني المتميز."

أهم قطع متحف مكتبة الإسكندرية

وبصفته مدير الآثار بمكتبة الاسكندرية، طلبت من عبد الصمح أن يحدثنا عن أهم القطع في متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، فكان تعليقه: "متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية يحكي أكثر من خمسة آلاف سنة... ويضم أكثر من ألف ومائتين قطعة أثرية من مختلفة العصور من مصر القديمة، مروراً بمصر اليونانية-الرومانية ومصر القبطية ومصر الإسلامية، وصولاً إلى مصر الحديثة.

يضم متحف الآثار في مكتبة الإسكندري أكثر من ألف ومائتين قطعة أثرية من مصر القديمة، مروراً بمصر اليونانية-الرومانية ومصر القبطية ومصر الإسلامية، وصولاً إلى مصر الحديثة

من أهم قطع متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية: تممثال ايمحتب "المهندس العبقري، الذي بنى هرم زوسر المدرج أول هرم في تاريخ مصر القديمة وصار إلهاً للطب في العصر المتأخر"

رأس لملكة بطلمية قد تكون كليوبترا، رأس الإسكندر الأكبر، تمثال باني أول هرم في مصر، مجموعة الآثار الغارقة، بقايا أسطول بونابرت... بعض من الآثار التي يقتنيها متحف مكتبة الإسكندرية 

ولعل من بين أهم القطع الأثرية في متحف الآثار بمصر القديمة:

 تمثال الكاتب المصري القديم، وتمثال المهندس المصري العظيم إيمحتب باني هرم سقارة المدرج، أول هرم في مصر والعالم كله، وقطعتان من الفسيسفاء عثرنا عليهما في موقع آثار مكتبة الإسكندرية، ويعدان من أجمل القطع في العالم من تلك الفترة، ومجموعة آثار الإلهة إيزيس، ومجموعة آثار معبد الرأس السوداء، ومجموعة آثار جزيرة نلسون في منطقة "أبو قير"،

ورأس الفاتح العظيم الإسكندر الأكبر، ورأس كبير لملكة بطلمية قد تكون الملكة كليوباترا السابعة الملكة البطلمية الشهيرة، ومجموعة الآثار الغارقة التي اكتشفت تحت مياه بحر الإسكندرية في الميناء الشرقية وفي خليج "أبو قير" وبالقرب من جزيرة فاروس، وأجزاء من بقايا أسطول نابليون بونابرت، والمنجلية،

وتمثال الراعي الصالح، ومجموعة متميزة من البردي، وسجادة عثمانية، ومجموعة آثار المحمرة، ورأس أكتافيوس أغسطس، ومجموعة آثار قاعة العالم الآخر، ومومياء رومانية، وبعض من بورتريهات الفيوم، وغيرها الكثير من الآثار الجميلة والفريدة والمنتقاة بعناية فائقة والمعروضة بطريقة جميلة جداً تشجع الزائرين على زيارة المتحف مراراً وتكراراً.."

قطعتان من الفسيسفاء من مقتنيات متحف مكتبة الإسكندرية

 المصريون الحاليون خير امتداد للمصريين القدماء

يعتقد عبد البصير بأن المصريين الحاليين خير امتداد للمصريين القدماء. وكان سؤالي حول هذه الفكرة أن لدى العالم الغربي، والمراكز البحثية، تمسّك بتاريخ مصر القديم، وتعظيم له - ربما، برأي البعض- على حساب تواريخ وتجارب مرت بها مصر في عصور أخرى إلى العصر الحديث، ما موقفك من هذا الرأي؟

وكان جواب عبد البصير أنّ البعض في الغرب، وخصوصاً في أوروبا، وتحديداً في فرنسا، أن الاهتمام بمصر القديمة هو نتاج الولع الأوروبي، وخصوصاً الفرنسي بمصر القديمة، والذي أوجد ظاهرة "الإجيبتومانيا" أو "الولع بالمصريات" أو "الهوس بالمصريات" في العالم كله منذ حملة نابليون بونابرت إلى الآن، وهذا كلام له ما له وعليه ما عليه (وقد تناوله رصيف22 في دراسة مفصّلة هنا رابطها) وأرى أن هناك اهتماماً غربياً كبيراً بمصر وتاريخها وحضارتها وآثارها في كل العصور، وحتى إلى على الفترة الحالية، لكن للآثار المصرية القديمة سحرها الطاغي على أية فترة تاريخية أخرى في مصر، وحتى على أية حضارة أخرى في العالم كله، وذلك هو ما يعطى الانطباع لدى البعض بأن مصر القديمة هي التي تحظى بنصيب الأسد من اهتمام العالم الغربي بمصر وتاريخها عبر العصور. وهذا ليس صحيحاً."

منجلية مسند الكتاب المقدرس من مقتنيات متحف مكتبة الإسكندرية

عودة للرواية التاريخية

عدت لحديثنا الأول، عن الأدب والرواية التاريخية، وأشرت إلى أنّ تناول التاريخ بصفته خلفية للسرد الروائي يثير عددًا من التساؤلات، على رأسها كيفية تناول وتأويل التاريخ وطرح الحدث التاريخي أو الواقع التاريخي بشكل فني. في هذا الصدد، يعقتد عبد البصير بأن "للكاتب حرية التعبير عن التاريخ في عمله الفني؛ وذلك لأنه عمل فني يتناول التاريخ، وليس عملاً علمياً تاريخاً يمكن للمؤرخين والعاملين في حقل الدراسات التاريخية والأثرية نقده نقداً علمياً." ويضيف بأنه "من مدرسة تميل إلى محاكاة الواقع التاريخي وبعث الحقيقة الأثرية وإعادة إحيائها، والذي لا يكون قد حدث في مصر القديمة، غير أنه من الممكن أن يكون حدث، ولا يتعارض مع الحقيقة التاريخية أو الدليل الأثري أو المعلومة المثبتة علمياً وأثرياً.".

من مقتنيات متحف مكتبة الإسكندرية

في ختام جلستنا، يخبرني عبد البصير عن عمله القادم وهو رواية عنوانها بلتيمور، فيقول: "هي رواية معاصرة عن مجتمع المصريين في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كنت أدرس للحصول على درجة الدكتوراه في الآثار المصرية القديمة في جامعة جونز هوبكنز بمدينة بلتيمور في ولاية ميريلاند على الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية. وهي رواية عن مصر والمصريين في أمريكا في أوائل الألفية الأولى. وأتمنى أن تعجب هذه الرواية، التي أعمل عليها منذ أكثر من 18 عاماً، وأعيش بحب كبير بين أبطالها وشخصياتها المختلفة، القارئ وتقدم له عالماً جديداً، ومثيراً بالنسبة له تماماً؛ إنها الرواية عندما تتحدث عن الواقع، ولا تفقد صلتها بالماضي، ولا تنسى أن تستشرف المستقبل."

تمثال الملكة بطلمية (قد تكون كليوبترا) من مقتنيات متحف مكتبة الإسكندرية

مستقبل تاريخ مصر

عن مستقبل تاريخ مصر، سألت، هل هناك إقبال على دراسة تاريخ مصر من الجيل الجديد؟ وهل يوجد لدينا أرقام واحصائيات؟ وهل ترى أن اهتمام الشباب بمصر القديمة سيزيد من عدد العلماء المختصين من مصر؟ فكان جوابه: "الاحتفاليات الكبرى التي تمت في الآثار في الفترات الأخيرة (هي خير دليل على الاهتمام بالآثار) وهي شيء يدعو إلى الفخر والفرح والدهشة والإعجاب والاحترام." وأضاف "هناك اهتمام كبير للغاية من الشباب المصري الحالي بتاريخ مصر عبر العصور، وخصوصاً الشابات وأحاضر لهم في كل مكان في الجامعات والأندية وغيرها، وأقابلهم باستمرار، وأجيب عن أسئلتهم، ويرسلون لي عبر صفحتي على الفايسبوك، ومنهم شباب وشابات في سن صغيرة جداً في مراحل الابتدائية والإعدادية، وأرد عليهم، وأعمل محاضرات لايف لهم كثيراً، وأهدى لهم مؤلفاتي سواء الروائية أو الأثرية، وأرى منهم تفاعلاً كبيراً يدعوني للفخر والتفاؤل بمستقبل دراسة الآثار في بلادنا...وأرى أن اهتمام الشباب بمصر القديمة في تزايد مستمر، وسوف يزيد مع الوقت عدد العلماء المختصين من المصريين، وبالفعل لدينا عدد كبير ومبشر ومتميز من شباب علماء وعالمات الآثار المصرية القديم."

وعن مصير متاحف مصر الأثرية وأدائها يعلّق عبد الصمد: "هناك اهتمام كبير من القيادة السياسية والدولة المصرية بكل قطاعاتها بملف الآثار في الفترة الحالية، وهو اهتمام غير مسبوق في الحقيقة. وشهدنا في هذه الفترة العديد من الافتتاحات للمتاحف الأثرية وغيرها من المناطق الأثرية، والاكتشافات الأثرية التي جعلت من مصر قبلة السياحة في العالم كله، مثل افتتاح متحف الحضارة، والذي شرفت بإدارته في فترة من الفترات، واحتفالية نقل المومياوات، ثم احتفالية افتتاح طريق الاحتفالات في الأقصر، والأقصر هي أكبر متحف أثري مفتوح في العالم كله، وفي انتظار افتتاح المتحف المصري الكبير، والذي شرفت بإدارته في فترة من الفترات، وتطوير منطقة الأهرامات بالجيزة، والتي شرفت بإدارتها في فترة من الفترات، وكل ذلك وغيره الكثير يدعو إلى الفخر، ويؤكد أننا نعوض ما فاتنا، وأننا نسير في الطريق الصحيح للحفاظ على تراثنا وآثارنا وحضارتنا العظيمة في الجمهورية الجديدة".

سقارة الأثرية هي "كنز كنوز العالم"... لقاء ثريّ مع الروائي وعالم الآثار حسين عبد البصير تحدث فيه عن متحف مكتبة الإسكندرية الذي يرأسه، وعن آثار مصر الأدبيّة وعن الرواية التاريخية، وعن مستقبل قريب يصبح فيه أبناء وبنات مصر خبيرات وخبراء لآثار بلدهم/ـن

الاكتشاف الأثري الجديد بسقارة

"تعد منطقة سقارة الأثرية كنز كنوز العالم، وواجهة مصر الأثرية الكبرى" يؤكد عبد البصير. ويضيف بأنها ستكون "قبلة السياحة الوافدة لمصر في السنوات القادمة بعد أن نجحت في السنوات الأخيرة البعثات الأثرية المصرية بوزارة السياحة والآثار برئاسة الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور مصطفى وزيري في اكتشاف العديد من الكنوز الأثرية في المنطقة."

طلبت أن نعرف القراء على قصة الآثار فيها، واكتشافات البعثات الأثرية، فكان جوابه: "بدأت البعثة الأثرية المصرية عملها بالموقع منذ عام 2018. ونجحت في الكشف عن مقبرة كاهن الأسرة الخامسة "واحتي"، بالإضافة إلى 7 مقابر صخرية، منها ثلاث من عصر الدولة الحديثة، وأربعة من عصر الدولة القديمة، والكشف عن أكثر من ألف تميمة من القاشاني. وفي عام 2020، كشفت البعثة عن أكثر من 100 تابوت خشبي من العصر المتأخر في آبار الدفن، و40 تمثالاً لإله جبانة سقارة بتاح سوكر، و20 صندوقاً خشبياً للإله حورس. وعدت مجلة الآثار الأمريكية الشهيرة هذا الكشف واحداً من أهم عشرة اكتشافات أثرية لعام 2020.

مقطع من فيل وثائقي عن بعثة أثرية مصرية في سقارة  Secrets of the Saqqara Tomb (2020):

وهذا العام، وفي موسمها الرابع، نجحت نفس البعثة المصرية بجبانة الحيوانات المقدسة (البوباسطيون) بسقارة في الكشف عن أول وأكبر خبيئة. وهي عبارة عن 150 تمثالاً برونزياً من العصر المتأخر. وكشفت عن 250 تابوتاً خشبياً من نفس العصر، والتي تعطينا فكرة كبيرة عن تفاصيل وأهمية واستمرارية المعتقدات الدينية والجنائزية في مصر القديمة في العصر المتأخر، وتحديداً في العصر الأسرة السادسة والعشرين، أو ما نطلق عليه العصر الصاوي، أو عصر النهضة في مصر القديمة. ووجدت البعثة مومياوات بحالة جيدة من الحفظ بداخل التوابيت الخشبية الملونة. وسوف تمدنا دراسة المومياوات بالكثير من المعلومات عن المصريين وحياتهم وأسباب وفاتهم في ذلك العصر. وتمثل التماثيل مختلفة الأحجام المكتشفة عدداً كبيراً جداً من المعبودات المصرية القديمة التي شاع تقديسها في ذلك العصر مثل أنوبيس وآمون مين وأوزيريس وإيزيس ونفرتم وباستت وحتحور. وعثرت البعثة أيضاً على مجموعة من الأواني البرونزية الخاصة بطقوس الإلهة الشهيرة إيزيس مثل الصلاصل، وعلى تمثال برونزي في منتهى الجمال والدقة للمهندس إيمحتب دون رأس.

عثرت البعثة على تمثالين خشبيين ملونين للإلهتين الحاميتين إيزيس ونفتيس في وضع النائحتين، بالإضافة إلى عثور البعثة على دفنة من عصر الدولة الحديثة منذ حوالي 3500 من الآن، وبها عديد من أدوات الزينة مثل مرآة من البرونز ومجموعة من الأساور، والعقود، والأقراط ومكاحل بها المراود الخاصة بها، وأدوات من النحاس خاصة بالحياة اليومية. وعثرت البعثة على بردية طولها تسعة أمتار. ربما تحتوي على بعض من فصول أحد الكتب الدينية في مصر القديمة مثل كتاب الموتى. وتم نقل البردية لمعامل الترميم بالمتحف المصري بالتحرير للتعقيم والترطيب ودراستها ومعرفة النصوص التي تحتوي عليها. ومن المقرر أن تعرض هذه الكنوز في المتحف المصري الكبير في الجيزة عند افتتاحه قريباً."

صور المقال من متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image