شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"أحلم بتأسيس مدارس الغابات"... حوار مع سالي أسامة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الجمعة 4 مارس 202201:53 م

منذ سنوات، كانت الرغبة في تحقيق الراحة والأمان هي الدافع القوي والمحرِّك للصحفية سالي أسامة، ولم يكن ذلك لتريح نفسها، ولكن لتنشر الشعور بالراحة والاطمئنان في قلوب وصدور أمهات مثلها.

في أغلب الأوقات يخرج الأمل من قلب المعاناة، وهو ما حدث مع سالي، الصحفية التي عملت في بلاط "صاحبة الجلالة" لسنوات طويلة، ولم تتجاوز الثلاثين من عمرها حين تمكنت من تحقيق النجاح في مجالات عدة، مثل: الإعداد، المراسلة التلفزيونية والتحقيقات الصحفية.

وعملت كذلك في مؤسسات إعلامية وصحفية كبرى، مثل قناتي دريم وTEN، وموقع "دوت مصر" و"المنصة"، كما حصدت عن تحقيقات صحفية جوائز من منتدى الصحافة الإلكترونية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة.

ولكن كان عملها كصحفية مُرهِقاً، نفسياً وبدنياً، بحثاً عن حضانة يمكن أن يظل بها ابنها البكر، مازن، حين كان عمره 3 سنوات ونصف، حتى تُنهي عملها، وكانت تُسارع الوقت بعد انتهاء عملها لتأخذ صغيرها من الحضانة وتعود للمنزل، خاصة أن الحضانة كانت تُغلق أبوابها في الرابعة مساءً، فيضطر الأطفال لانتظار أمهاتهم في الشارع.

وعقب مناقشة مع زوجها، الكاتب أحمد الفخراني، قالت سالي إنه على إحدى الصحفيات أن تفتح حضانة للأطفال أبناء زميلاتها، فشجعها زوجها أن تقوم هي بذلك، وتستعد له من خلال الحصول على دورة تدريبية من البنك المصرفي حول إدارة المشروعات الصغيرة، بالإضافة إلى دبلوم في الإرشاد النفسي والتربوي، وتمكنت بواسطتهما من أن تختار بعناية مكان الحضانة المناسب للأطفال، والأمهات العاملات بالصحافة.

معادلة الأحلام الصعبة

استطاعت سالي أن تفتح حضانتها "Mamy 1 nursery"، التي أكدت أنه لا يوجد لها فروع أخرى في القاهرة، التي راعت فيها أن تناسب مواعيد العمل غير الثابتة للصحفيات والمذيعات، لتصبح أول حضانة تعمل حتى منتصف الليل لأبناء الصحافيات والإعلاميات، توفّر لهن مستوى أفضل من الرعاية والتعليم، وبمقابل مادي يتناسب مع الدخول الضعيفة لبعضهن، لتنجح في تحقيق المعادلة الصعبة التي كانت بالنسبة إليها هي شخصياً طوق النجاة للحفاظ على أحلامها.

كما قدمت للأطفال أنشطة تنمي قدراتهم العقلية وتؤهلهم لدخول المدارس، وتُطبق منهج منظمة اليونيسيف للأنشطة، ونظراً لانشغال الصحفيات وعدم امتلاكهن لمزيد من الوقت، قامت سالي بتقديم وجبات صحية للأطفال، كما أن المكان يظل مفتوحاً طوال الوقت خلال أيام الأسبوع، وكذلك في الإجازات الرسمية، وبذلك تكون سالي حققت ما كانت تتمنى أن تجده في الحضانات الأهلية.

ودفعهن نجاح المشروع، وانتشار فكرته بين الأمهات إلى الاعتماد على الحضانة بشكل كبير، خاصة أن مواعيدها مرنة، وغير مُقيدة بساعات عمل، ولم تكتفِ سالي بذلك، بل صقلت مهاراتها بالغوص في مجال تربية الأطفال، من خلال الالتحاق بكلية رياض الأطفال التي تُركز على تشريح الجوانب النفسية للطفل في مراحله العمرية المختلفة، وتأثره بالعادات والتقاليد.

ساعدت الدراسة والعمل في الحضانة سالي على إدراك ما قد يؤثر على طفلها، ما دفعها للتفرغ مخصصة المزيد من الوقت له، خاصة في مرحلة دخوله المدرسة.

صحفية تربوية

عملت سالي في الصحافة، كتبت مقالات تربوية. ولم تأل جهداً في إيجاد حلول للمرأة العاملة، فقد وفرت خدمة الاستضافة المسائية لأي أم تريد أن تدخل السينما بصحبة زوجها، بعدما حال الإنجاب دون ذلك، إذ إن كثير من الأمهات امتنعن عن دخول السينما مع قدوم أول مولود.

عقب تجربة سالي في افتتاح أول حضانة ليلية، كان هدفها فيما بعد تأسيس مركز متكامل لتأهيل الأسرة وتنميتها، إلى جانب عقد ورش لتنمية الأطفال وأهاليهم، حتى يتحقق حلمها في تأسيس موقع إعلامي يقدم مادة للطفل والأهل، وإصدار مجلة مختلفة للأطفال، ثم إطلاق قناة أطفال تُذيع مادة تتوافق مع كل الشرائح العمرية، ويكاد يتم مشروعها الأخير عامه الثالث.

سالي أسامة وزوجها أحمد الفخراني

ليس هذا فحسب، فقد انتقلت سالي وزوجها، الحاصل على جائزة ساويرس الأدبية في الدورة الـ16 عن روايته "بياصة الشوام" إلى مدينة "دهب" في جنوب سيناء، ليستمر الأمل، وتقديم المساعدات للأمهات وأطفالهن من خلال "بيت دهب للأنشطة".

أسست سالي هذا المشروع بالتعاون مع مجموعة من المدرسين المحترفين تماماً، أجانب ومصريين. والمشروع يعتبر كمدرسة تعليم مرن تتبع المناهج البريطانية، والمرونة والتعليم الآخر الموجود خارج المناهج، وهو ما يُتيح مزيداً من الوقت للعب وقت طويل ويخلق إبداع لدى الأطفال من خلال برامج ودروس في المسرح، الفخار، موسيقى حقيقية، تاريخ وجغرافيا.

الأمومة ومدينة دهب

وتقول سالي، البالغة من العمر 36 عاماً، صاحبة الأصول العراقية، وطالبة ماجستير الصحة النفسية للأطفال، إنها تمارس الكتابة إن وجدت موضوعاً تحب الكتابة عنه، وأنها تكتب بشكل متقطع، ومهتمة بشكل كبير بكل ما يتعلق بالتربية والتعليم، سواء كان ذلك في مصر أو في أنحاء العالم، وهكذا الأبحاث الحديثة.

سالي أسامة وابنها

وعن مشروع الحضانة اليلية التي قامت بتأسيسها، ومصيره، تقول: "لم تكن الحضانة مشروعاً غريباً، بل هو مشروع موجود بالفعل منذ وقت طويل، ولكنه متاح بأسعار مرتفعة، وهو ما قادني لفكرة تأسيس حضانة تخدم الشريحة المتوسطة من المجتمع، ونحمد الله على مرور 7 سنوات على وجودها، وهو يدُل على نجاحها".

وقالت سالي إن ازدحام القاهرة، وكونها مدينة مُكلفة واستهلاكية بقدر كبير، من أسباب انتقالها هي وعائلتها من القاهرة إلى مدينة دهب، وأضافت: "نظراً لكوننا نُعلِّم أبنائنا تعليماً منزلياً، فكان خياراً مناسباً جداً لهم ليصبح لديهم مساحة أكثر حرية وأماناً، خاصة أن تربية الأبناء وسط الطبيعة والهدوء شيء مهم، وبالفعل بعد مرور ثلاث سنوات من الانتقال أرى أثر ذلك على شخصيات أبنائي بشكل إيجابي جداً".

"إن كان من طبع الأسرة (الزعيق)، الطفل سينمو إما جباناً، خائفاً وعصبياً أو يلجأ للصوت العالي"

وعن الأسباب الأخرى للانتقال، قالت: "اختيارنا لمدينة دهب يعود لمحبتنا لها، خاصة أنها واحدة من الأماكن التي قمنا بزيارتها أكثر من مرة فوقعنا في حبها، كما اعتقد أنه إن أُتيح إلينا زيارة محافظات أخرى كان من الممكن أن يختلف الاختيار، لأن مصر تضم محافظات كثيرة وجميلة".

"و"بيت دهب" للأنشطة هو مساحة تعليم مرن، تحاول تقديم التعليم المنهجي من خلال دمجه مع المتعة والاستكشاف، وهو أساس أي عملية تعلّم، فلابد أن يكون هناك فضول، ثم إتاحة الفرص للاستكشاف والتعلم، كما أننا نحاول تقديم مجمع تعليمي بسيط وعميق أيضاً، لتعزيز المهارات الأساسية، ومنها على سبيل المثال اللغة والقدرة على تطوير المهارات المختلفة، وكل ذلك بمصاريف معقولة"، هكذا شرحت سالي أنشطة مشروعها التعليمي في مدينة دهب.

سالي أسامة وابنها

وعن آمالها التعليمية الأخرى، قالت: "أحلم أن يتم في مصر تأسيس "مدارس الغابات" الموجودة في الخارج، وأن نتمكن من تأسيس مدارس الطبيعة القائمة على التعلم من خلال استغلال الطبيعة الخاصة بكل منطقة.

وتقول سالي حول دور دبلوم الإرشاد النفسي والتربوي في مساعدتها في التعامل مع الأطفال: "أي علم يُضيف لصاحبه، حتى وإن كان ذلك من خلال مقالة أقرأها، وذلك لكوني آخذها بجدية وإخلاص، واستفدت منه بالفعل لكونه يقوم (بتسهيل) التفكير علي مثل الطفل، والحل يأتي من هنا... أقصد من الطفل، لذا لا أقوم بحل الأمر كإمرأة كبيرة".

وعن نصائحها لكل أم فيما يتعلق بتعاملها مع المشاكل التي يتعرّض لها الأطفال، وكيفية التعامل معها، تقول سالي: "الأطفال مرآة لأسرهم، وليس هناك ما هو مُطلق، أي أنه لا يمكنني التحدث عن (الغضب) بوجه عام، ولكن يمكنني أن أقول لأسرة الطفل: يمكنكم تغيير أنفسكم لتُصبحوا قدوة، فإن كان من طبع الأسرة (الزعيق)، الطفل سينمو إما جباناً، خائفاً وعصبياً أو يلجأ للصوت العالي، والأهم هنا فهمنا سبب سلوك الطفل، لنصل لكيفية مساعدته لتصحيح سلوكه. إن كنتم تأملون في غدِ أفضل عاملوا أبنائكم بطريقة أفضل، وحين تخطئون اعتذروا، وحاولوا مرة أخرى، لكي نُغيّر كأسر ما بنا من أمور سلبية بداخلنا".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image