أيام قليلة بعد نقلي من سجن صيدنايا العسكري إلى فرع التحقيق التابع لإدارة المخابرات الجوية ربيع عام 2013، والذي يشغل الجزء الشمالي الغربي من مطار المزة العسكري في دمشق، كنت على موعد مع نقل جديد لي إلى مشفى المزة العسكري 601، والذي سبق للطبيب علاء موسى الذي يمثُل هذه الأيام أمام القضاء الألماني بتهمة مشاركته في جرائم تعذيب بحق مرضى معتقلين في مشفى عبد القادر الشقفة العسكري في حمص، أن عمل فيه.
بالنسبة إلى وافد من مجاعة صيدنايا وبردها، يغدو كل طعام يُقدَّم في الجوية نعيماً غير متوقع، حتى ولو كان ملوّثاً ببقايا متناثرة للبراز على أكف 12 معتقلاً محشورين في زنزانة لا تتجاوز مساحتها المترين. يتقاسمون الطعام في ما بينهم، بعد عودة دموية من أحد خروجين يوميين إلى جورتي مرحاض على الجميع أن يقضي فيهما حاجته، وينظّف نفسه خلال 10 إلى 15 "عدّة" (أي تعداد). المهم أن كمية الطعام جيدة، ولا مجاعة بعد اليوم.
ينتقي العقيد الطبيب محمد، من الساحل السوري خمس حالات شديدة المرض من المعتقلين، ليحيلها في مساء يوم من أيام الأسبوع إلى المشفى العسكري 601. ويشغل العقيد محمد منصب طبيب إدارة المخابرات الجوية، وهو كما علمنا آنذاك، مقرّب من رئيس الإدارة السابق اللواء جميل حسن، ويمتلك صلاحيات واسعة في الإحالة إلى المشفى، والإحالة من المشفى إلى الفرع مجدداً، أو حتى إلى القضاء، بناءً على تقييم الحالة الأمنية من حيث انتهاء التحقيق من عدمه، وتقييم الحالة الطبية أيضاً.
بالنسبة إلى وافد من مجاعة صيدنايا وبردها، يغدو كل طعام يُقدَّم في الجوية نعيماً غير متوقع، حتى ولو كان ملوّثاً ببقايا متناثرة للبراز على أكف 12 معتقلاً محشورين في زنزانة لا تتجاوز مساحتها المترين
كانت إجراءات التحقيق والإحالة إلى المشافي، أو القضاء، في المخابرات الجوية على الأقل تتكامل بشكل ممنهج مع المنظومة الطبية العسكرية، من أجل ضبط مستويات التعذيب دون الحد المميت، ريثما يتم انتزاع أكبر قدر من المعلومات من الضحية، ومعالجة الحالات الحرجة جراء التعذيب، لتعود إليه مجدداً، وأيضاً لإيجاد مخارج طبية لتبرير حالات الوفاة تحت التعذيب، بالإضافة إلى المساعدة في عمليات التفريغ والتعبئة من سجون الأفرع، وإليها.
للعقيد محمد، مجموعة من العيادات في مختلف سجون إدارة المخابرات الجوية في دمشق، سواء في فرع التحقيق في مطار المزة العسكري، أو في آمرية الطيران، أو في فرع ساحة التحرير، أو في فرع العباسيين، بالإضافة إلى مكتبه في المشفى العسكري 601، حيث يعاين من خلالها جميعاً كل الحالات الحرجة الناجمة عن التعذيب، والحالات الحرجة التي تسببت بها ظروف الاعتقال المأساوية في أفرع الإدارة الدموية، وقد رافق وصولي إلى الجوية انخفاض نسبي مؤقت في جرائم التعذيب والقتل على الأقل في فرع التحقيق في المزة، و في المشفى 601، وتحسن نسبي ملحوظ في تعامل العقيد محمد مع المعتقلين المرضى، ومتابعته لحالاتهم الصحية.
انتهى العقيد محمد في أحد أيام العشر الأخير من شهر نيسان/ أبريل من العام 2013، من معاينتي. كنت أعاني من جفاف وإسهال خطيرين للغاية، ونحول شديد، وضيق في التنفس، وصعوبة في المشي. في مساء اليوم نفسه، نادى عليّ السجان، واقتادني إلى الباب الداخلي للسجن الجديد. هناك كان في انتظاري خمسة معتقلين من زنازين ومهاجع أخرى من السجن نفسه، أُمرنا باختيار بنطال وقميص لكل منا، من كومة ثياب مركونة جانباً، حيث أن كل معتقلي الجوية يجرَّدون في العادة من كل ثيابهم، عدا السروال الداخلي، ثم وضُعت على جبين كلٍّ منا لصاقة عليها رقم من أربع خانات، سيكون الرقم الذي سيلازم هاماتنا وألسنتنا، إن سئلنا عن أسمائنا في المشفى، أو سيظهر في صورنا إن التقطت صور جثاميننا عدسة المنشق قيصر الذي كان يمضي في المشفى ذاته الذي سنذهب إليه، أشهره الأخيرة قبل انشقاقه.
وضُعت على جبين كلٍّ منا لصاقة عليها رقم من أربع خانات، سيكون الرقم الذي سيلازم هاماتنا وألسنتنا، إن سئلنا عن أسمائنا، أو سيظهر في صور جثاميننا إذا التقطتها عدسة المنشق قيصر الذي كان في المشفى ذاته
وصل الميكرو باص الذي يقلّنا إلى مشفى المزة العسكري 601، وبعد اجتيازه بوابة المشفى توقّف الباص عند مستوصف داخلي، ليقوم أحد الممرضين بأخذ عيّنات من دم المعتقلين، ثم صعوداً صوب البناء الفرنسي القديم، أو قسم الرضوض المعزول في أقصى الزاوية الشمالية الغربية للمشفى، ليتوقف الميكرو باص، فننزل منه مع بعض النعرات والركلات، ولتستقبلنا مفرزة الجوية في المشفى، وعلى رأسها المساعد عزرائيل كما عرّف بنفسه، وتحت الضرب متوسط الشدة أمرنا بالتعري الكامل، ثم تم سوقنا إلى عنبر المرضى.
وهذا العنبر، عبارة عن غرفة واسعة تزيد مساحتها عن 45 متراً مربعاً مليئة بالنوافذ المطلة على أجزاء من المشفى ومدينة دمشق، لا تغادرها الشمس طوال النهار، وهذا من حسنات المكان النادرة. أكثر من 30 سجيناً موزعين على سبعة أسرّة، أي بمعدل أربعة أشخاص على كل سرير، وفي إحدى الزوايا سريران من الأسرّة نفسها يكتظ فوقهما مرضى التهاب الكبد C، كهياكل عظمية شديدة الصفار، كان من بينها يوم دخلنا المهجع متوفى سيبات جثمانه الليلة بين زملائه، ريثما يتم سحل الجثة إلى الحمامات في اليوم التالي، سأكتشف أنه نادراً ما يتم عزل الوفيات وسحبها إلى مكان آخر، وسأنام أكثر من مرة بين جثث لشباب يموتون في المساء، ليلاصق جسمي أجسامهم طوال الليل، مع كل إفرازات عضلاتهم المنحلّة بحكم الموت.
سأكتشف أنه نادراً ما يتم عزل الوفيات وسحبها إلى مكان آخر، وسأنام أكثر من مرة بين جثث لشباب يموتون في المساء، ليلاصق جسمي أجسامهم طوال الليل، مع كل إفرازات عضلاتهم المنحلّة بحكم الموت
على سرير آخر، مرضى فشل كلوي كما شخّص حالتهم الدكتور محمد، سيُساقون في اليوم التالي إلى غسيل الكلى، ليكون الموت مصيرهم المحتم، بعد فترة، بسبب إصرار الممرضين والأطباء على عدم تعقيم مدخل غسيل الدم. بُرك من البراز على بعض الأسرّة، وتحتها، وبعضه في أكياس خبز فارغة. هؤلاء هم مرضى التجفاف الذين سأكون واحداً منهم، إذ لا يُسمح للجميع بالخروج إلى المرحاض إلا مرةً أو مرتين في اليوم، وفق مهلة زمنية ضيقة جداً يمر خلالها السجين حافياً فوق أكوام الجثث الممددة في بهو الحمام.
على طرف أحد الأسرّة الأخرى، أحمد المصاب بتفتت في العظام، وقد وضُعت أسياخ علاجية من فخذه إلى ساقه، وسيُسحب في اليوم التالي ليتم فك أسياخه بلا تخدير، وليزلزل صوت عذاباته المشفى، ولا نراه بعدها. إلى جانبه مريضان أو أكثر، يعانيان من تضخّم مرعب للخصيتين بلغا فيهما حجماً مرعباً يقارب حجم حبة الباذنجان الكبيرة، مع التهاب شديد، تركا لحتفهما، وحالات أخرى كثيرة لعل أبسطها حالة مهند، الشاب الإدلبي الصغير الذي يعاني من داء السكري، وقد تدهورت حالته الصحية في مكان احتجازه في سجن المخابرات الجوية في آمرية الطيران.
وصلت قبل دفعتنا دفعة أخرى أحالها الدكتور محمد من فرع آخر يتبع للجوية إلى المشفى. في كلتي الدفعتين ثمة حالات إسعافية ستكون الأسوء حظاً، إذ سبقت يوم قدومها إلى المشفى جولة العقيد محمد، وعليها أن تنتظر جولته القادمة بعد أسبوع. فإما أن يعاينها ويصف لها العلاج المناسب، أو يكون الموت أسرع إلى واحدة من الحالات على الأقل، فيهز الدكتور محمد عندما تحين جولته برأسه لا مبالياً، ومتناولاً إضبارة المريض التالي، بعد إعلامه بأن صاحب الإضبارة السابقة قد توفي. ثمة حالات أخرى لا تصل إلى قسم الرضوض، بل تُعزل في عنابر ضباط النظام، وتحظى بعناية فائقة، وهم كما علمنا لاحقاً معتقلون يحتاج مدير إدارة المخابرات الجوية إلى إنقاذهم من الموت، بعد جولات من التعذيب الوحشي الذي تعرضوا له. ووفق خبرة السيد اللواء، فإنه يمكن الحصول منهم على المزيد من المعلومات، بعد أن يتكفل الدكتور محمد وغيره بمعالجتهم.
يتناوب المعتقلون على إدخال أعضائهم الذكرية في ثلاث عبوات ماء للشرب مصطفة أمامهم، لقضاء حاجتهم. ولا يُفرغ أي منهم كل مثانته، من أجل أن يترك حيّزاً لبول زميله، خشية تسرّبه، فينزل العذاب بكل المرضى على السرير
يدخل العقيد محمد الذي يحاول أن يكون لطيفاً وأبوياً في بعض الأحيان، فيما يبدو حاقداً موالياً في أحايين أخرى، ويشتم المرضى، ويشتم مواقفهم ويجرّمهم، ويعاين كل الحالات. يصف أدويةً ومراهم ومعقمات، ويحيل البعض إلى عيادات المشفى حسب الاختصاص المطلوب، ويعيد عدداً آخر إلى الفرع، ويحوّل آخرين إلى القضاء العسكري، خاصةً أصحاب الحالات المستعصية التي انتهى التحقيق معها، ويشتم من استعصت حالته، ولا إمكانية لإحالته الآن إلى القضاء، ويهدده بالتصفية كما حدث معي. يقع على العقيد جزء من مسؤولية المساعدة في إفراغ المشفى والفرع من المرضى، ليكون عنبر المرضى جاهزاً لاستقبال نزلاء جدد.
في الأيام التالية، يتجاهل المساعدون والممرضون وبقية الأطباء الصغار، تعليمات العقيد محمد بتقديم الأدوية اللازمة للمرضى، ويضربون أي مريض يتجرأ على المطالبة بها، إلا أنهم قد يمررونها لاحقاً، ويتم نقل الحالات المرضية التي تحتاج إلى علاج في عيادات المشفى الخارجية، إلى هذه العيادات، وسط تعذيب شديد في الذهاب والإياب.
يتجاهل المساعدون والممرضون وبقية الأطباء الصغار، تعليمات العقيد محمد بتقديم الأدوية اللازمة للمرضى، ويضربون أي مريض يتجرأ على المطالبة بها
خلال النهار، يحضر أحد المحققين من الفرع ليستكمل استجواب أحد المرضى بالصفع والضرب، برفقة الممرض الموجود وبمساعدته، وقد يتزامن التحقيق الوحشي مع جولة العقيد محمد. أحياناً يطلب المحقق نقل أحد المرضى إلى غرفة التحقيق المجاورة، حيث يقوم باستجواب المريض بوحشية عبر ضربه على أماكن الإصابة، وسكب الماء المغلي عليه، وغير ذلك. أما بقية المرضى، فيقضون بقية يومهم في محاولة الحصول على أفضل فرص الغذاء والعلاج، وأيضاً قضاء الحاجة إذ تصطف ثلاث عبوات ماء للشرب، ومثلها للتبول، يتناوب المعتقلون على إدخال أعضائهم الذكرية من أجل قضاء الحاجة، ولا يُفرغ أي منهم كل مثانته، من أجل أن يترك حيّزاً في العبوة لبول زميله، خشية تسرّب البول إلي خارج العبوة، فينزل العذاب بكل المرضى على السرير.
وصف العقيد محمد للشاب مهند حقن أنسولين. كان يتناولها بشكل دوري. ولكونه لم يعد يرغب في مغادرة المشفى، فقد صار يطلب من عامل السخرة (معتقل يحظى بظروف أفضل في المشفى مقابل خدمة بقية المعتقلين)، تزويده بكميات من الحلاوة، ليتناولها قبل قدوم العقيد محمد، فيرتفع السكّر، ويقوم العقيد محمد بإبقائه في المشفى. ذات يوم، أبلغ أحد الوشاة العقيد بذلك، فأمر بعزله في غرفة منفصلة، وحرمانه من الماء والأنسولين أياماً عدة، ليعود إلى العنبر وهو فاقد للتركيز، فيهجم على الماء الذي بحوزة زملائه، حتى إذا ما فرغت قواريرنا انقضّ مهند على قوارير البول، ليشرب منها، ثم ليخرّ على السرير فاقداً القدرة على الحركة والتعبير إلا بالأنين، بعد أن دفعه المعتقلون عنها، ثم ليسلّم روحه إلى بارئها، وهو يتكئ رأسه على فخذي، قبل يوم من جولة الدكتور محمد الذي سأل عنه في بداية هذه الجولة، فأعلمه الممرضون بأنه توفي، فأجاب بـ "تمام".
مهند ليس إلا واحداً من عشرات الشبان الذين كنّا نودعهم كل يوم في المشفى اللعين، والذين كانوا يتساقطون بهدوء كالورود الذابلة باستهتار متعمد من كادر نظام بشار الأسد الطبي، وفي كثير من الأحيان بتعمد التصفية، أو تبريرها طبياً. سبق معظم حالات الوفاة دخول المريض بما كنا نسميه "الفصلان"، إذ يفقد المريض تركيزه تدريجياً على مرأى وعلم من الأطباء والممرضين والعناصر، ثم لا يلبث أن يفقد إحساسه بالمحيط بشكل كامل، ثم يموت.
ما اقترفته يدا علاء موسى، هو غيض من فيض منهجية إجرام طبي معممة على مشافي النظام العسكرية، وبعض مشافيه المدنية، ولن تكون محاكمة موسى إلا بداية انهيار جبل الجليد لفضح جرائم القطاع الطبي التابع للنظام
لا يمكن أن أنسى هذه المشاهد وقصصاً أخرى رُويت لي، خاصةً تلك التي سمعتها في زيارتي الثانية للمشفى، بعد شهر، وقد التهبت قدماي بشدة نتيجة الجرب الشديد. لا يمكن أن أنسى قصة أبي بسام الذي ارتأى الطبيب بتر قدميه لاستمرار الالتهاب فيهما، على الرغم من أنه كان ما يزال سطحياً، ولم يصل إلى مرحلة الغرغرينا. كيف يمكن للمرء أن ينسى تكليف العقيد محمد لعناصر الجوية بحقن المرضى بإبر في نقاط عشوائية في الخلف، وتعمّدهم عدم إفراغ بعض الحقن من الهواء بشكلٍ كافٍ، أو جهلهم بذلك.
في طريق العودة من المخابرات الجوية إلى صيدنايا، اختلى أحد العناصر بي، وطلب مني إزاحة العصبة عن عينيّ، ثم قال لي: هل تذكرتني؟ قلت له: "لا يمكنني أن أنساك". كان العنصر هو مساعد المشفى عزرائيل الذي أمرني هناك ذات مساء مع أحد المرضى الذين فقدوا عقلهم في المشفى، بأن نصفع بعضنا حتى الإغماء. هو نفسه الذي كان يتسلى بإعدام بعض المرضى في الليل، بضربهم بهراوة معدنية على كل أجسادهم ما عدا الرأس، حتى يصل المعتقل إلى حالة النزيف الداخلي، فيموت، ثم يسجل الطبيب المناوب أن الوفاة حدثت بسبب النزيف الداخلي. استغرب المساعد عزرائيل جوابي، ثم أردف: "يعني إذا شاهدتني في الطريق فستقتلني؟"، أجبته (كاذباً): لن أفعل، فنحن جميعاً أبناء هذا البلد، فما كان منه إلا أن قال: "جيد أنك أدركت ذلك، ولو متأخراً!"
في لحظة دخول علاء موسى ذليلاً مطأطأ الرأس، إلى قاعة محكمة فرانكفورت، يمثل أمامي في اللحظة ذاتها عزرائيل، وأبو شاكوش، والمساعد كريم، وعناصر مفرزة الجوية والأمن العسكري في المشفى 601، والطبيب علي، والعقيد محمد، وثلاثة أو أربعة بين أطباء وممرضين، لا أذكر غير جرائمهم، إلا أنهم كانوا يتكلمون بلهجة جبال الساحل السوري. يمثلون صاغرين أمامي، وأمام مهند وعمر وعامر ويحيى ونبيل ومهند ومعاذ ومحمد وأحمد وهيثم وصفوان والعشرات من زهراتنا المسحولة بوحشية، بعد توقيع الطبيب المناوب على وفاتهم بنوبة قلبية، أو نزيف حاد، وسحبهم من السرير صوب الحمامات، ثم جرّاً على الدرج إلى المرآب، حيث عدسة قيصر، ثم مقابر الشاهد Z30.
سيبقى مهند متكئاً على رجليّ، يلفظ نفسه الأخير، وأنا أنظر إليه من دون أن أفارقه، حتى نرى معاً، من تلك الزاوية التي لن تخرج من رأسي، العقيد محمد وكل من معه، في محكمة ما، كتلك التي تنتقم لنا من علاء موسى اليوم
ما اقترفته يدا المجرم علاء موسى، هو غيض من فيض منهجية إجرام طبي معممة على مشافي النظام العسكرية، وبعض مشافي النظام المدنية، ولن تكون محاكمة موسى إلا بداية انهيار جبل الجليد لفضح جرائم القطاع الطبي التابع للنظام، سواء وزارة الصحة السورية، أو إدارة الخدمات الطبية المسؤولة مباشرة عن مشفى الـ601، ومشفى الشقفة العسكري، وتشرين، وحرستا العسكريين، وغيرها. وهي، أي المحاكمة، مدخل لازم وغير كافٍ لتجريم هذا القطاع مهنياً وأخلاقياً، ومحاسبته مستقبلاً ضمن منظومة عدالة انتقالية مرضية للناجين والناجيات وللسوريين عموماً.
إلى ذلك الحين، سيبقى مهند متكئاً على رجليّ، يلفظ نفسه الأخير، وأنا أنظر إليه من دون أن أفارقه، حتى نرى معاً، من تلك الزاوية التي لن تخرج من رأسي، العقيد محمد وكل من معه، في محكمة ما، كتلك التي تنتقم لنا من علاء موسى اليوم.
* منير الفقير ، ناشط سياسي وحقوقي ومعتقل سابق في سجون النظام السوري - مؤسس ومنسق في رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...