شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
من بيرة الفراعنة للقهوة والشاي...

من بيرة الفراعنة للقهوة والشاي... "مزاج" المصري على مر العصور

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 31 يناير 202210:30 ص


الشعب المصري من أقدم الشعوب التي عرفت "المزاج" و"الكيف"، ويُعتبر قدماء المصريين أول من عرفوا صناعة واحتساء الخمر، حيث أن أقدم مصنع لصناعة البيرة في العالم، يقع في شمال أبيدوس بمحافظة سوهاج، ويعود تاريخه إلى عصر الملك الفرعوني مينا، موحد القطرين، أي نحو عام 3200 قبل الميلاد، وكان المصنع ينتج حوالي 22.400 لتر من الجعة في اليوم الواحد، وفقاً لما اكتشفته البعثة الأثرية المصرية الأمريكية المشتركة خلال العام الماضي.

وفي مصر الفرعونية، كانت الجعة مشروباً يقدم للصغار والكبار، وتعتبر جزءاً أساسياً من النظام الغذائي بالنسبة لأبناء الطبقة العاملة، منذ عصر ما قبل الأسرات. كما عرفوا خمسة أنواع من البيرة، كانت تُقدّم يومياً وبجرعات كبيرة للعمال الذين بنوا الأهرامات الثلاثة، وقد اكتشفت في منطقة الأهرامات أجزاء من الجرار المستخدمة في حفظها. في حين كان النبيذ هو المفضّل لدى الطبقة العليا، عرف المصريون القُدامى أربعة أنواع منه، مثل نبيذ النخيل ونبيذ البلح، لكن أجودها المصنوع من العنب، وهو المحبب لدى الفرعون والكهنة وكبار رجال الدولة.

عبادة الخمر وتقديس البيرة لدى المصريين القدماء

في كتاب "مزاج الباشا: قصة الخمور في مصر عبر العصور" للباحث والشاعر المصري محمود خيرالله، الصادر مؤخراً عن دار صفصافة للنشر في القاهرة، يُقدّم المؤلف رحلة بحثية للكشف عن لحظات انتشار ثقافة الخمور في مصر، خلال عصور التاريخ المختلفة، بدءاً من مصر القديمة أي قبل ألفي عام قبل الميلاد وحتى القرن التاسع عشر.

ويرى المؤلف أن الماضي كان يحتوي على كل أنواع "الفجور" مثلما كان يحتوي على الإيمان والورع والزهد، وأن بيوت احتساء الخمور كانت موجودة في الزمن القديم بجوار المعابد ودور العبادة، مشيراً إلى أن الخمور هي ثقافة عالمية، وأول ظهور لها كان في مرحلة "ما قبل التاريخ"، وأن إطلالتها الاستثنائية ظهرت في روايات الأديان الوثنية، وفي بعض الأساطير المتعلقة بالخلق، موضحاً أن احتساء الخمر انتقل في الذهن البشري من مرحلة "التقديس" أولاً، في بعض الأديان السماوية كاليهودية، حيث اعتبرت جزءاً من القربان المقدس، إلى مرحلة ثانية هي مرحلة "التحريم" في ذهنية أديان سماوية أخرى، مثل الإسلام.

الشعب المصري من أقدم الشعوب التي عرفت "المزاج" و"الكيف"، ويُعتبر قدماء المصريين أول من عرفوا صناعة واحتساء الخمر، حيث أن أقدم مصنع لصناعة البيرة في العالم، يقع في شمال أبيدوس بمحافظة سوهاج، ويعود تاريخه إلى عصر الملك الفرعوني مينا

ويكشف كتاب "مزاج الباشا"، أن الخمور والمشروبات ذات الطابع المُسكر ذُكرت في كثير من الأديان والمعتقدات ومرويات الثقافة الشفاهية القديمة؛ فقد بدأ إنتاج الخمور عند الشعوب التي عرفت الزراعة، نحو 5000 سنة قبل الميلاد، كما وردت في الملحمة السومرية "جلجامش"، مؤكداً أن أقدم دليل مكتوب على انتشار بيوت بيع البيرة، كمشروب شعبي في مصر، قبل الميلاد، قد ورد في كتاب "رسائل النساء من مصر القديمة، 300 قبل الميلاد إلى 800 ميلادية" والصادر عن المركز القومي للترجمة 2021 من تأليف روجر باجنال ورفايلا كريبيوري وترجمة آمال الروبي.

حيث تشكو صاحبة إحدى الرسائل، وتدعى هاينيخيس، التي كتبت رسالتها باليونانية عام 253 قبل الميلاد، من أنها كانت تدير حانوتاً لبيع الخمور التي تجلبها من المخزن الكبير وتبيع بقيمة 4 درخمات بيرة يومياً، قبل أن يخدع أحدهم ابنتها الشابة ويأخذها معه، بينما كانت الابنة تساعد أمها في إدارة هذا الحانوت.

ويعتبر خير الله أن أجمل وأغني أشكال التوثيق لما يُسمى بـ"عبادة الخمر" جاءتا من مصر القديمة، وتحديداً من مقبرة "سنفر"، التي بنيت نحو عام 1400 قبل الميلاد، والمعروفة بمقبرة "العنب"، وهي من أشهر المقابر التي اكتشفت في العصر الحديث في مدينة الأقصر، لأنها تضم على جدرانها رسومات لأشجار العنب، حيث كان النبيل سنفر يشغل منصب عمدة مدينة طيبة، ومشرفاً على حدائق معبد "آمون" في عهد الملك أمنحوتب الثاني، وكان مسؤولاً في عهد "تحتمس الثالث"، أحد أعظم حكام مصر، عن غابات الكروم الملكية.

في مصر الفرعونية، كانت الجعة مشروباً يقدم للصغار والكبار، وتعتبر جزءاً أساسياً من النظام الغذائي بالنسبة لأبناء الطبقة العاملة

البيرة الأكثر شعبية في مصر و"البوظة" عصير الغلابة

لعقود، اعتادت الأوساط الشعبية المصرية على احتساء البيرة المحلية المعروفة باسم البوظة، والتي تتكون من الشعير المُخمّر والخبز، وتحتوي على نسبة من الكحول، ولهذا المشروب تاريخ طويل في مصر، حيث ذكر جمال الدين أبي المحاسن بن تغري بردي "البوظة" وبائعي البوظة في كتابه "النجوم الزاهرة" في القرن الخامس عشر.

وحرص كثير من المصريين، كباراً وصغاراً، على احتسائها خلال فصل الصيف وفي شهر رمضان، غير أن معظم الفقهاء قاموا بتحريمها لأنها من المُسكرات، ومع ذلك كان يمكنك رؤية بائعي البوظة في الأحياء الشعبية حتى العقد الأول من الألفية الثالثة، فقد اعتُبرت "عصير الغلابة" غير أنها أصبحت نادرة الوجود، وحلت محلها البيرة العصرية.

وعرفت مصر صناعة البيرة الحديثة خلال فترة حكم الخديوي عباس حلمي الثاني، حين أنشأ مجموعة من رجال الأعمال البلجيكيين في عام 1897، مصنع الجعة كراون في الإسكندرية، ومصنع بيراميد الهرم في القاهرة، وكان كلاهما ينتجان بيرة "ستيلا".
عرف المصريون خمسة أنواع من البيرة، كانت تُقدّم يومياً وبجرعات كبيرة للعمال الذين بنوا الأهرامات الثلاثة، وقد اكتشفت في منطقة الأهرامات أجزاء من الجرار المستخدمة في حفظها، في حين كان النبيذ هو المفضّل لدى الطبقة العليا

وفي عام 1937، أصبحت شركة هاينكن الدولية مساهماً رئيسياً في كلا المصنعين، حتى تم توحيد الشركات تحت مسمى "شركة الأهرام للمشروبات" بعد تأميمها في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عام 1963، ولكن تمت خصخصتها وشراؤها مرة أخرى من قبل هاينكن الدولية في عام 2002.

وربما لم تتغير ذائقة المصريين كثيراً عما كانت عليه قبل آلاف السنين، فعقب عقود من الفتح العربي الإسلامي لمصر، وتحريم وتجريم احتساء الخمر؛ لم يتوقف استهلاك المصريين للجعة، وإن كان قد انخفض، فلا زالت الجعة هي الأكثر شعبية بين المشروبات الكحولية، فهي تُمثل وفقاً للإحصائيات 54% من إجمالي استهلاك الكحول بمصر، وتعتبر "ستيل" مشروب البيرة الأكثر شعبية في مصر، وهي تسيطر على ثلث إجمالي استهلاك البيرة في مصر، حيث بيع منها 47.5 مليون لتر في عام 2016.

ولا يقتصر عشق المصريين للجعة على الأوساط الأكثر تحرراً أو غير المتدينين؛ حيث أن البيرة العصرية غير الكحولية، مثل بيريل وفيروز بنكهة الفواكه وديسبادوس بنكهة التكيلا، لها شعبية كبيرة في مصر، ويعتبر مشروب "بيريل" غير الكحولي، بمثابة البيرة الشعبية في مصر، وهي تسيطر على 89%من سوق الجعة في البلاد.

لعقود، اعتادت الأوساط الشعبية المصرية على احتساء البيرة المحلية المعروفة باسم البوظة، والتي تتكون من الشعير المُخمّر والخبز، وتحتوي على نسبة من الكحول، ولهذا المشروب تاريخ طويل في مصر

وفي التصنيف الشعبي الدارج، وفقاً لكتاب "مزاج الباشا" فإن شارب الخمر يقع في قمة هرم مجتمع الشاربين، بينما يقبع في قاع هذا المجتمع من يتعاطون أنواعاً معينة من المخدرات والذين يطلق على ما يتعاطونه "مزاج البوابين".

وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة "فيتش سوليوشنز" بشأن قطاع المشروبات في مصر، فإن حجم مبيعات الكحوليات بلغ نحو 66.9 مليار جنيه في العام 2019، ويتوقع التقرير أن قيمة المبيعات سترتفع بنحو 14% سنوياً لتصل إلى نحو 111 مليار جنيه في 2023.

ويأتي الاستهلاك الكبير نسبياً للخمور في البلد العربي ذي الأغلبية المسلمة، رغم أن القانون رقم 63 لسنة 1976، يُجرّم شرب وبيع الخمور في الأماكن العامة، وتحظر المادة الثانية منه تناول المشروبات الروحية أو الكحولية أو المخمرة في الأماكن أو المحلات العامة، تحت طائلة الحبس سنة، ويستثني القانون الفنادق والمنشآت السياحية والأندية ذات الطابع السياحي المحدّدة طبقاً لأحكام القانون رقم 1 لسنة 1973.

القهوة: حرّمتها الفتاوي وقتلت شاربها

ورغم التاريخ الطويل للخمور والمسكرات في مصر، إلاّ أن "القهوة" كانت من المشروبات المحرمة حتى القرن الـ 18، ويُرجع المؤرخون تاريخ دخولها البلاد إلى القرن السادس عشر ميلادي، على يد أبي بكر بن عبد الله، الذي وجد في البن منبهاً للدماغ ومحفزاً للسهر، وتنشيطاً للعبادة، وأرشد أتباعه المتصوفين إليه، ودخل شراب القهوة إلى مصر نحو عام 905 هــ، غير أن احتساء القهوة واجه اعتراضاً شديداً من رجال الدين وقتها.

وفي عام 1572 أطلق أحد فقهاء المذهب الشافعي، وهو الفقيه أحمد بن عبد الحق السنباطي، حملة مناهضة للقهوة، بعد تداول شائعات عن كونها "مشروب يفسد الشباب"، وكانت قد انتشرت آنذاك بين دارسي الأزهر، لتساعدهم على الدراسة والاستيقاظ والذكر.

وعندما ألقى السنباطي خطبة لتحريم القهوة في منتصف القرن السادس عشر، معتبراً أنها طالما تؤثر على العقل سلباً أو إيجاباً فهي حرام، اندلعت مظاهرات وأعمال شغب لتحطيم المقاهي، ثم صدرت فتوى رسمية بمنع شرب المسكرات والمحرمات ومن بينها القهوة، التي جُرّم شربها وتداولها في التجارة، وتم تدمير الحانات وتحطيم أواني البن في بيوت المسلمين.

رغم التاريخ الطويل للخمور والمسكرات في مصر، إلاّ أن "القهوة" كانت من المشروبات المحرمة حتى القرن الـ 18

تشير المراجع التاريخية إلى نشوب معركة بين التجار ومؤيدي الإمام السنباطي، أصيب على إثرها تاجر بإصابات بالغة، وهرب الشيخ ومؤيدوه إلى أحد المساجد للاختباء، ولكن التجار حاصروهم بعد وفاة زميلهم، وأقاموا صواناً ووزعوا مشروب القهوة بدون السُكّر لتدفئة الموجودين؛ ما تحوّل إلى عادة مرتبطة بالجنازات وتقديم القهوة السادة أثناء العزاء في مصر إلى اليوم.

حالت الفوضى التي سادت في البلاد بسبب القهوة، دفعت السلطان العثماني إلى تغيير المفتي بآخر أقل تشدّداً لم يحرّم شربها، فتكاثرت في مصر الأماكن التي تقدمها، وأطلق عليها اسم "المقاهي". يذكر الرحالة المغربي أبو بكر العياشي أنه زار القاهرة في سنة 1037هـ، ويصف في كتاب رحلاته الشهير "ماء الموائد"، مجالس شرب القهوة في البيوت والأماكن المخصصة لها.

وتظهر المراجع التاريخية أنه في بداية القرن التاسع عشر كانت القهوة تقدم في "بكرج" موضوع على جمر في وعاء من الفضة أو النحاس يسمى "عازقى"، وتستعمل مجمرة تسمى "منقداً" من النحاس المبيض بالقصدير، وكان يُضاف إلى القهوة أحياناً الحبهان، أما الأغنياء فكانوا يضيفون إليها العنبر.

"تعااشّب شاي"

يعتبر مشروب الشاي الأسود بمثابة المزاج الحلال لدى المصريين، وأحد مباهج الحياة. عرفته مصر للمرة الأولى بفضل الزعيم الشعبي أحمد عرابي وزملائه الثوار العرابيين الذين تعرضوا للنفي لجزيرة سيلان، في 25 من سبتمبر 1882؛ حيث التقوا هناك بالسير توماس جونستون ليبتون الاسكتلندي، مالك مزارع الشاي، الذي استضافهم وسقاهم المشروب للمرة الأولى، فاستساغوه وأعجبهم، وأرسل عرابي بعض هدايا من الشاي إلى شقيقه وأصدقائه في مصر ليجربوه.

في عام 1572 أطلق أحد فقهاء المذهب الشافعي، وهو الفقيه أحمد بن عبد الحق السنباطي، حملة مناهضة للقهوة، بعد تداول شائعات عن كونها "مشروب يفسد الشباب"، وكانت قد انتشرت آنذاك بين دارسي الأزهر، لتساعدهم على الدراسة والاستيقاظ والذكر

بدأ استيراد الشاي بمصر في عام 1911م وكان خاصاً بطبقة الأمراء والأعيان والإقطاعيين، وبيع من الشاي بمقدار 895 ألفاً و715 كيلوغراماً، في هذا العام، ولكنه لاقى رواجاً كبيراً، ولا سيما بين الفلاحين، ليصبح المشروب الأول في البلاد، بينما تراجعت القهوة بسبب ارتفاع سعر البن، وتضاعفت تلك الكمية في أعقاب الحرب العالمية الأولى والثانية لنحو591%، وفقاً لما أعلنه وكيل الزراعة، جلال بك فهيم، وقتها ونشرته الصحف المصرية.

المثير في الأمر أن مصر شهدت دعوات لمقاطعة مشروب الشاي، كانت قد أطلقتها صحيفة "المقطم"، وثيقة الصلة بسلطات الاحتلال البريطاني، في شهر أكتوبر عام 1932 تحت عنوان "خطر أسود يهدد الفلاحين... أثر الشاي الأسود في صحة الفلاحين وقواهم"؛ حيث نادت بمنع الفلاحين والمواطنين البسطاء من شربه، مطالبة بعدم استيراده بحجة تأثيره المهلك على الصحة، ولا سيما أنهم يشربون من الشاي أردأ أنواعه، ويقومون بغليه إلى أن يصبح كثيفاً أسود اللون، ويستهلكونه عدة مرات يومياً، وقد يستغنون عن الطعام لكنهم لا يستغنون عنه.

ونشرت الصحيفة مذكرة تفصيلية عن مخاطر الشاي الأسود أعدتها مديرية الطب البيطري بوزارة الزراعة المصرية، حذرت من أنه يطيل ضربات القلب ويرفع ضغط الدم، وإذا أُعطي بنسبة كبيرة يسبب اضطرابات في الأعصاب، فيخفق القلب بشدة ثم يتوقف، كما أنه يؤدي لتباطؤ حركة التنفس بعد إسراعها.

ولكن تلك الدعوات لم تلق صدى لدى المصريين؛ فالعلاقة بالشاي تفصيلة أساسية في حياة المواطن العادي، الذي يتكون جسمه من 30% من الماء و 70% من الشاي، ويقدس هذا المشروب باعتباره "مزاجاً حلالاً"، كما يقول الكاتب عمر طاهر في كتابه "صنايعية مصر".

ويقول طاهر: "نصَّب المصريون الشاي وزيراً لداخلية المعدة، لقدرته على (الحبس) بعد الطعام! أصبح لكل طائفة (شايها)، من الصنايعية كحالة من الراحة المقترنة بالتأمل الذهني في الشغلانة، إلى شاي المذاكرة. ومن شاي عزومة المراكبية «تعااشّب شاي»، إلى شاي العلاج من الصداع والبرد وتعكر الدم. وسجل المصريون باسمهم اختراع استخدام الملعقة المعدنية كأداة عزف تعلن أن الشاي على بُعد خطوات. يقدّس المصريون الشاي لدرجة أن الحكومة أقرته كمادة تموينية أساسية تستحق الدعم، لنصبح أول دولة في العالم تقنن وتدعم مزاج مواطنيها".

يعتبر الشاي بمثابة المزاج الحلال لدى المصريين، وأحد مباهج الحياة. عرفته مصر للمرة الأولى بفضل الزعيم الشعبي أحمد عرابي وزملائه الثوار الذين تعرضوا للنفي لجزيرة سيلان، عام 1882؛ حيث التقوا هناك بالسير توماس جونستون ليبتون الاسكتلندي، مالك مزارع الشاي

ويحكي الكاتب قصة علبة شاي "الشيخ الشريب"، التي لاقت رواجاً كبيراً في فترة الثمانينيات، لتصبح الأشهر بين أنواع الشاي، موضحاً أن علوي الجزار ابن الحوامدية، انطلق في تصنيع الشاي بمشاركة ثلاثة من أشقائه، وكان نجاح مشروعه نموذجاً يستحق الدراسة، كان يستورد الشاي الخام من سيلان ويصدره مُصنّعاً إلى معظم الدول العربية و كان تقريباً الشاي الرسمي المعتمد عند المصريين بالرغم من وجود منافسين مثل شاى "زوزو" من إنتاج مصنع الحوامدية، و شاي "كراون" إنتاج مصنع بورسعيد، لكن "الشريب" تفوق بخلاف الجودة بسبب العقلية الدعائية للجزار.

فقد ارتبط في وجدان المصريين بصورة شيخ ذي ملامح مطَمئنة ارتاحوا له ولابتسامته، ولم يكن الشيخ سوى "عم عرفة"، سائق عند علوي الجزار الذي كان يحبه و يتفاءل بطلّته، فجعل صورته رمزاً للشاي الذي اجتاح مصر بقوة حتى نهاية الثمانينيات.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image