شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
مها أبو عوف…

مها أبو عوف… "ليدي" الدراما المصرية ترحل في خفّة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 6 يناير 202212:14 م

"إزاي بقى حد مش مبسوط يربي حد سعيد؟"، هذا السؤال طرحته الفنانة مها أبو عوف خلال أحد مشاهدها في مسلسل "ليه لأ"، الجزء الثاني، الذي عُرض قبل بضعة أشهر.

لم يكن مجرد سؤال بالنسبة إلى الآلاف من عشاق فنها، بل اعتبروه حكمة تصلح لأن تكون ناموساً ينظم حياة الأشخاص على اختلاف ثقافاتهم وانتماءاتهم، وطُبعت الكلمات التي قيلت بصدق شديد في القلوب لا سيّما أنها تشبه مها نفسها التي عاشت الحياة بخفة تضاهي بساطة سؤالها.

ولدت مها في أسرة فنية ثرية ربّها هو الملحن والموسيقار أحمد شفيق أبو عوف، لكن حياتها كانت فصولاً من المآسي أو لنقل التحديات المؤلمة. حققت مها أول أحلامها بالانضمام إلى فرقة "فور إم" مع شقيقها الأكبر الفنان عزت أبو عوف وشقيقاتها الثلاث منى وميرفت ومنال في أواخر سبعينيات القرن الماضي.

على العكس من شقيقاتها، واصلت العمل في السينما والتلفزيون، وظهرت كوجه جديد في فيلم "لا تظلموا النساء" عام 1980 أمام الفنانة القديرة تحية كاريوكا وسعيد صالح وحسين الإمام بينما كانت تواصل دراستها في الجامعة الأمريكية بالقاهرة.

أكثر من 130 عملاً فنياً متنوعاً مع عمالقة الدراما المصرية… مها أبو عوف ترحل بعد 65 عاماً كرستها لنجلها الوحيد وفنها 

تحديات متتالية

آنذاك، التقت حبها الأول عازف الغيتار الشهير عمر خورشيد، وتزوجا عام 1981 ليقضي في نفس السنة خلال حادث سير صرّحت في مقابلات عديدة بأن الحادث كان مدبراً. عقب وفاته، غابت عن الشاشة نحو ثلاث سنوات قضتها في كمد ويأس.

ساهم شقيقها عزت في إخراجها من نوبة الحزن على رحيل زوجها، فأصر على اصطحابها في جولة غنائية لفرقته في تونس. وحين ابتسمت لها الحياة مرة أخرى، وتزوجت، صدمها الأطباء باستحالة إنجابها لمشاكل صحية. لكن "المعجزة" -كما وصفتها- حدثت، وحملت وأنجبت نجلها الوحيد شريف بعد نحو 15 عاماً من الزواج الثاني. 

ابتعدت مها مرة أخرى عن الفن وكرّست 10 سنوات لتربية طفلها الذي اعتبرته "حلماً" تحقق. لم تغب عن جمهورها حتى عندما عاجلها السرطان وتدهورت حالتها الصحية خلال العام المنقضي الذي شهد إنتاجاً فنياً وفيراً لها، وكأنما كانت تودع جمهورها عبر مسلسلات: "الدايرة" و"كله بالحب" و"زي القمر" و"ليه لأ2"، وأخيراً "الحرير المخملي".

وكان عام 2019 آخر عهد مها في السينما حين شاركت في فيلم "الفيل الأزرق 2"، وفي المسرح حين شاركت في مسرحية "3 أيام في الساحل".

توفيت مها أبو عوف في ساعة متقدمة من مساء الأربعاء 5 كانون الثاني/ يناير، بعد نحو 30 شهراً على رحيل شقيقها عزت الذي تحدثت مراراً عن أهميته في حياتها وافتقادها له. وكانت قد أصيبت بالتهاب رئوي حاد تسبب مع تطورات إصابتها بالسرطان في نقلها إلى العناية المركزة في أحد مستشفيات القاهرة الجديدة حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.

فقدت حبيبها وزوجها عمر خورشيد، وصُدمت باستحالة إنجابها وأُصيبت بالسرطان… ولدت مها أبو عوف في أسرة فنية ثرية وحققت نجاحاً فنياً باهراً لكن حياتها كانت دروباً من المآسي المتعاقبة والتحديات المؤلمة

بصمات فنية واضحة

في جعبة مها، بعد حياة امتدت 65 عاماً قضت نحو نصفها تقريباً في العمل الفني، أكثر من 130 عمل متنوعاً بين المسلسلات والأفلام والفوازير (فطوطة - عمو فؤاد) والسهرات التلفزيونية والمسلسلات الإذاعية.

بقدرتها الفريدة على الأداء السلس وتعبيراتها التلقائية غير المبالغ فيها، وقفت مها أمام مجموعة من أعظم نجوم الدراما المصرية، مع أحمد زكي في "أنا لا أكذب ولكني أتجمل"، ومع يحيى الفخراني في "يتربى في عزو" و"بالحجم العائلي" و"الخواجة عبد القادر"، ومع نور الشريف في "حضرة المتهم أبي" و"الرجل الآخر"، ومع محمد صبحي في "ملح الأرض" و"أنا وهؤلاء" و"فارس بلا جواد" وبعض أجزاء مسلسل "ونيس"، وغيرهم. 

وفي السينما، تركت أدواراً لافتة في أفلام: "من نظرة عين" و"أحلى الأوقات" و"غش الزوجية" و"المجنونة" و"حالة حب" و"زي النهاردة"، وسواها.

برغم جذورها الصعيدية، حصرتها ملامحها الغربية في دور "الليدي" الأرستقراطية لكنها استطاعت أن تتغلب على ذلك أحياناً حين هربت إلى الكوميديا التي حازت بها قبول الجمهور، فأدت دور الفلاحة في "معلش إحنا بنتبهدل" مع أحمد آدم، ودور الحماة في ست كوم "راجل وست ستات" مع أشرف عبد الباقي.

في رثائها، نعى العديد من نجوم الفن العرب والمصريين الطيبة والحنان والرقة واللطف والرقي - الصفات التي تجسدت فيها وهي التي لم تغب عنها الابتسامة رغم كل ما عانت.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image