شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
مباراة كرة قدمٍ تنتهي بفوضى ومزاعم حول

مباراة كرة قدمٍ تنتهي بفوضى ومزاعم حول "حرق علم البلاد"... الهوّة بين كردستان والعراق تتّسع

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 6 ديسمبر 202107:03 م

لم تنتهِ مباراة كرة القدم بين فريق الشرطة من جهة، وفريق نادي أربيل من جهةٍ أخرى، والتي أُقيمت في 4 كانون الأول/ ديسمبرالجاري، على خير. المباراة التي جرت على ملعب فرانسو الحريري، في محافظة أربيل في شمال العراق، والتي فاز فيها فريق أربيل بركلات الترجيح ضمن بطولة كأس العراق بدورها السادس عشر، تبعتها فوضى عارمة، وضرب، وشغب، واتهامات متبادلة بين الطرفين.

وحسب جمهور الشرطة، فإن رفض مشجعي فريق نادي أربيل رفع العلم العراقي على أرضهم، هو سبب المشكلة، وهو ما أكده النادي في بيانٍ أعقب الأحداث، جاء فيه: "قامت مجموعة من جمهور فريق نادي أربيل بالاعتداء على إدارة النادي، وجمهوره، وتمزيق علم العراق الحبيب أمام مرأى كل مسؤولي المحافظة، ومسمعهم، في ظاهرةٍ بدأت تتكرر في كل مناسبةٍ رياضيةٍ، من دون أن تجد من يتوقف عندها". 

نفى نادي أربيل الإساءة إلى العلم العراقي، متّهماً البعض بتحريف الموضوع، ومحاولة إخفاء الخسارة بحججٍ عنصرية

في المقابل، نفى نادي أربيل الإساءة إلى العلم العراقي، متّهماً البعض بتحريف الموضوع، ومحاولة إخفاء الخسارة بحججٍ عنصرية، وكذلك بالنسبة إلى مديرية رياضة الإقليم التي استدلّت في نفيها على مشاركة رياضيي الإقليم في المباريات الدولية والمحليّة كافة، تحت اسم العراق، ورايته، بالإضافة إلى وجود العلم في مختلف مؤسسات حكومة الإقليم، وشوارعه.

وسبق أن مرّ العراق بأحداثٍ مشابهة، إذ أدّت هتافات طائفية وسياسية أطلقها مشجّعون في ملعب النجف، إلى انسحاب فريقي أربيل وزاخو من الدوري المحلي عام 2016.

شهد مطلع العام الحالي اعتداءاتٍ على سيّاحٍ من بغداد، والمحافظات الوسطى والجنوبية في أربيل، استنكرها رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني وقتها

وشهد مطلع العام الحالي اعتداءاتٍ على سيّاحٍ من بغداد، والمحافظات الوسطى والجنوبية في أربيل، استنكرها رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني وقتها، داعياً إلى التحقيق فيها.

وتزداد الفجوة بين السياسيين، على إثر نتائج الانتخابات البرلمانية، إذ استنكرت عصائب أهل الحق إحدى قوى الإطار التنسيقي المعارض، بيان الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده مسعود برزاني، والذي اتّهم فيه الهيئة القضائية بتسييس قراراتها، إثر اتخاذها قراراً قضائياً يقضي بفقدان هذا الحزب مقعدين.

الباحث والكاتب السياسي، شاهو القرة داغي، تحدّث إلى رصيف22، عن "وجود استغلال لهذه الأزمة، وزجّ النزعة القومية وتوظيفها كاعتداء مُمنهج على الرمز العراقي، لإشعال الكراهية بين الطرفين"، داعياً إلى "عدم ربط العلاقات العربية الكردية بالتفاعلات السياسية بين الأحزاب في أربيل وبغداد، لضمان تعايش صلب بين المكوّنات"، مبدياً أسفه "من سرعة تأثر هذه العلاقة بالسياسة، وسهولة استغلالها لتهييج مشاعر الناس، والانقسام المجتمعي، بغية تحقيق مكاسب سياسية".

من جهته، يُشدد مدير مركز المستقبل للدراسات، مراد كردستاني، على "عدم إفساح المجال أمام استغلال الموضوع من قبل السياسيين"، فيما لم يُصدر سياسيو الجانبين أي تصريح في هذا الخصوص، حتى الآن.

"الأحداث الأخيرة دلّت على رغبات في الانفصال، بعد تمزيق العلم، ومن يمزّق راية العراق مستعدّ لتمزيق أرض الوطن"

ويؤكد رئيس مركز الرفد للإعلام والدراسات، الدكتور عباس الجبوري، أن "الشعب الكردي مُحبٌّ للسلام، وتجمعه مع بقية القوميات علاقة جيدة، إلا أن الأحداث الأخيرة دلّت على رغبات في الانفصال، بعد تمزيق العلم، ومن يمزّق راية العراق مستعدّ لتمزيق أرض الوطن"، مشيراً إلى أن "بغداد لم تشهد مثل هذه التصرفات، نظراً لإيمان أبنائها بوحدة وطنهم، وتالياً هناك نية لخلط الأوراق، من خلال التصرفات الأخيرة".

ومنذ نهاية الحرب العالمية الأولى، توتّرت العلاقة بين حكومة الانتداب والأكراد، بعد أن نقضت بريطانيا وعدها بمنح الأخيرة استقلالها، وأُعلن في إثر ذلك، عن قيام مملكة كردستان في السليمانية عام 1923، بزعامة محمود الحفيد، والتي أنهتها القوات البريطانية العراقية، تلتها ثورة الأخوين البرزانيين 1931/ 1937، التي انتهت بنفيهما، ليعود لاحقاً مصطفى البرزاني لتزعّم ثورة 1943، التي انتهت بنفيه أيضاً، لتستمر علاقة الشدّ والجذب بين البرزانيين وبغداد، حتى احتلال العراق عام 2003.

وصل التوتر إلى أوجه عام 2017، بعد شروع الجانب الكردي بالقيام باستفتاء شعبيّ للانفصال، وشملت مناطق الاستفتاء محافظة كركوك التي تضمّ منشآتٍ نفطيةً متنازعاً عليها

ولاحقاً، وصل التوتر إلى أوجه عام 2017، بعد شروع الجانب الكردي بالقيام باستفتاء شعبيّ للانفصال، وشملت مناطق الاستفتاء محافظة كركوك التي تضمّ منشآتٍ نفطيةً متنازعاً عليها منذ عام 2014، ومنح البرلمان العراقي نتيجةً لذلك، رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي، كامل الصلاحية للحفاظ على وحدة البلاد، ونشر في إثرها قواتٍ مسلحةً داخل المدينة، كما علّق البرلمان عضوية النواب الأكراد، وجمّد المعاملات المالية مع الإقليم، الأمر الذي دفع بالأخير إلى التنازل عن فكرة الانفصال التي فازت بـ92% من عدد المصوّتين، في مشاركة بلغت 72%.

واستُخدمت فكرة الاستفتاء كورقة ضغطٍ على الحكومة، من أجل زيادة المخصصات المالية الممنوحة للإقليم، حسب الباحث الاستراتيجي محمد النعيمي، الذي يُشير إلى أن "الاتفاق الحالي يمنح الإقليم إمكانية استثمار المنشآت النفطية الموجودة في مناطقهم، لصالح وزارة النفط العراقية التي تتعهد بدورها بتخصيص موازنةٍ ماليةٍ للوزارات الخدماتية الكردية".

وهو ما يندرج، حسب النعيمي، ضمن رغبة بغداد في الحفاظ على وحدة البلد، من خلال التحكّم برواتب موظفي الإقليم، مشيراً إلى أن سبب تأخّر بغداد بالإيفاء بما يعنيها من الاتفاق، يرجع إلى إخلال حكومة الإقليم به، بعد أن أجّلت سداد أرباح استثمار الآبار النفطية لسنوات عدة".

وشهد الشهر الماضي مظاهراتٍ لطلبة جامعة السليمانية، الدّاعين إلى تحسين ظروفهم، وحاولت القوات الأمنية فضّها بالقوّة، ما دفع نحو تصعيد وتيرة الاحتجاجات، وشكّل ضغطاً على حكومة الإقليم التي وعدت بدعم أوضاع الطلبة مالياً.

العلاقة الحالية هي أشبه بوجود دولةٍ داخل دولة، إذ يستوفي الإقليم شروط قيام الدولة كافة، من برلمانٍ وحكومةٍ مستقلّةٍ لا تحتاج إلى إذن الحكومة المركزية في قرارها

ويؤكد النعيمي، أن "العلاقة الحالية هي أشبه بوجود دولةٍ داخل دولة، إذ يستوفي الإقليم شروط قيام الدولة كافة، من برلمانٍ وحكومةٍ مستقلّةٍ لا تحتاج إلى إذن الحكومة المركزية في قرارها، كما يمتلك قوةً أمنيةً واستخباراتيةً، وعلاقاتٍ دوليةً خاصة".

وفي الوقت الذي تكبُر فيه المشاكل بين الجانبين، كان مقاتلون ينتمون إلى داعش يُداهمون قرية اللهيبان اليوم الإثنين، مستغلة الفراغ الأمني، فعمدت إلى إحراق البيوت والاعتداء على ساكنيها، ليُطلق بعدها جهاز مكافحة الإرهاب عملية مشتركة مع قوات البيشمركة نتجت عنها استعادة المدينة من أيدي عناصر التنظيم.

رغبة الشعب الكردي بالانفصال متغيرة وفقاً لتأثيرات الخلافات السياسية على الشعب ومتفاوتة يمكن تعميمها على نسبة 60 في المئة من الأكراد

ويرى الباحث الاجتماعي الكردي علي الجاف أن "الموقف الشعبي الكردي من الحكومة الاتحادية متعلّق بما تروجه الماكينات الإعلامية الحزبية في أوقات الصلح أو الخلاف"، واصفاً "رغبة الشعب الكردي بالانفصال بالمتغيرة وفقاً لتأثيرات الخلافات السياسية والإعلامية على الشعب ومتفاوتة يمكن تعميمها على نسبة 60 في المئة من الأكراد".

يُذكر أن حكومة الإقليم تُلزم الوافدين من المحافظات الاتحادية، منذ عام 2012، باستخراج بطاقة إقامةٍ سياحيةٍ من وزارة الداخلية الكردية، تمنح حاملها إذن البقاء لمدة شهرٍ واحدٍ داخل كردستان، وألغتها عام 2018 شكلياً، وهي مستمرة في اتّخاذ إجراءاتٍ احترازية، كاحتفاظ المداخل الحدودية ببطاقة إثبات هوية الزائر حتى خروجه من الإقليم.

الواقع الحالي، يُشير إلى تنامي الحساسيات بين القوميتين، وهي حساسيات تهدد وحدة النسيج العراقي، فيما تبدو معالجتها بعيدةً، وليست على جدول أحدٍ، اليوم.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard