شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"انجليزي دا يا مرسي؟"...مراكز تعليم اللغة الإنجليزية "المضروبة" في مصر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 15 يونيو 201706:44 م
تخرج محمد علي من كلية الحقوق بجامعة القاهرة في العام 2014. كان يدرك جيداً أن فرص العمل في المجال القانوني قليلة فأراد أن يتعلم مهارة جديدة تساعده على إيجاد فرصة عمل في مجال مختلف. التحق بأحد مراكز تعليم اللغة الإنجليزية في محاولة لخلق مستقبل أفضل لنفسه، ولكن… يقول علي لرصيف22: "اخترت أحد مراكز تعليم الإنجليزية التي تناسب قدرتي المادية، ودفعت 200 جنيهاً لكل مستوى". بعد 8 أشهر من الدراسة تخرج من المركز بشهادة تفيد وصوله للمركز الثاني عشر وهو مركز متقدم، لكن حين تقدم للعمل في واحدة من شركات الاتصالات الشهيرة في وظيفة خدمة عملاء رسب في اختبار اللغة الإنجليزية. قالت الشركة لمحمد أن نطقه غير سليم، ويتحدث الإنجليزية ببطء شديد كما أن قاموس مفرداته من الإنجليزية قليل جداً. رغم وجود مراكز مهمة في مصر لتعليم الإنجليزية ومنها الجامعة الأمريكية، والمركز الثقافي البريطاني، والأميديست، إلا أن كلفة اتمام دراسة المستوى الواحد في أحدها تقترب من الألف جنيهاً. وهو مبلغ باهظ لا تقدر عليه النسبة الأكبر من الخريجين، فيتوجهون للمراكز البديلة: المراكز الخاصة الرخيصة والتي لا تزيد التكلفة فيها عن 250 جنيهاً كمتوسط. وفي هذه المراكز تكمن المشكلة. [caption id="attachment_108656" align="alignnone" width="700"]MAIN_TeachingEnglishEgypt_AMIDEASTMAIN_TeachingEnglishEgypt_AMIDEAST شهادات طلاب مركز أميديست[/caption]

الإنجليزي في مصر بشكل عام

يدرس طلاب المدارس الحكومية في مصر اللغة الإنجليزية كلغة ثانية منذ مرحلة الدراسة الابتدائية وحتى التخرج من الجامعة، أي ما يقارب 15 عاماً دراسياً، لكن معظمهم يتخرج من الجامعة دون إجادة هذه اللغة.
هناك أسباب عدة، لعل أهمها نظام التعليم الحكومي المتهم دائماً بأنه يعتمد على الحفظ وليس على الفهم، وقتل الإبداع في الطلاب، وهو ما جعل مصر تحتل تصنيفات متأخرة في مؤشرات جودة التعليم العالمية. وفي مايو من العام الجاري صرح طارق شوقي، وزير التربية والتعليم المصري في مؤتمر للتعليم استضافته جامعة القاهرة أن ترتيب مصر في مستويات التعليم متأخر جداً، وأن التعليم في مصر لا يرتقي لسوق العمل.

بلد شهادات صحيح

تتعرض هالة رضا، مديرة الموارد البشرية في إحدى الشركات المصرية التي تعمل في مجال الـ Call Center، لنفس الموقف في أغلب المقابلات التي تقوم بها: تسأل المتقدم عن مستواه في اللغة الإنجليزية فيجيبها أنه جيد أو جيد جداً، ويخرج لها شهادة تفيد بذلك من مركز غير معروف على الإطلاق. "حين نبدأ في اختباره نجده ضعيف جداً رغم أن الشهادة مكتوب فيها أنه حصل على عدة مستويات" تقول رضا لرصيف22. من جانبه يرى مايكل يوسف الخبير في تعليم اللغة الإنجليزية أن الموضوع عرض وطلب. ويقول لرصيف22 أن أغلب الطلاب والخريجيين يرغبون في تعلم الإنجليزية وبالتالي هي فرصة ذهبية لكل من يمتلك رأس مال لافتتاح مشروع تجاري يتعلق بذلك، بغض النظر عن مستوى المدربين و كفائتهم أو المنهج وأسلوب التدريس.  أما المحامي المصري محمد كارم فيفسر لرصيف22 سبب انتشار هذه المراكز في مصر قائلاً: "يمكن لأي شخص أن يفتتح مركز تعليم لغة إنجليزية بكل بساطة، فقط يقوم باستخراج بطاقة ضريبية وسجل تجاري، بعدها يصبح من حقه عمل تدريبات في مجالات عدة، والأزمة أن الجهات الحكومية لا تشترط أن يعرض عليها المحتوى العلمي الذي سيقوم بتدريسه". وبحسب كارم فإن الحالة الوحيدة التي تطلب فيها الجهات الحكومية الاطلاع على المحتوى العلمي هو حين يرغب المركز في أن تصبح الشهادة التي تخرج من عنده معتمدة من جهة حكومية سواء كانت جامعات أو من وزارة الخارجية، وفي هذه الحالة يطلب منه صورة من المحتوى العلمي كإجراء روتيني ليس أكثر. "لا يوجد رقابة من الدولة على تلك المراكز بأي شكل من الأشكال" هكذا يؤكد كارم، مضيفاً: "ويمكن بسهولة لتلك المراكز إضافة ختم النسر للشهادات التي تخرج منها بتصريح من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، الذي لا يشترط بدوره سوى أن يكون للمركز مقر ولا تقل عدد الفصول الدراسية فيه عن اثنين".

تسويق لا تعليم

يرى يوسف أن انتشار المراكز هو نتيجة طبيعية لانتشار الجهل. "الطالب أو الخريج مشتت ولا يعرف كيف يختار المركز الأفضل لدراسة الإنجليزية، فهو لم يتعلم كيف ومن أين يبدأ أي خطوة، وهو طبعاً غير قادر على تقييم المركز لأن مستواه في الإنجليزية ضعيف"، يقول لرصيف22. ويضيف: "الأزمة الحقيقة أن تلك المراكز مكسبها بسبب قدرتها على التسويق وليس التعليم، فهم يعدون الطالب بأنه سيتعلم الإنجليزية من دون مجهود، فيذهب لهم مقتنعاً أنه سيتخرج خبير في اللغة". هكذا يقول يوسف. يضيف يوسف أن انتشار هذه المراكز حول الموضوع من دراسة وتعليم إلي بيع سلعة، فالجميع يحاول أن يقلل من سعر المستوى للحصول على أكبر عدد من الطلاب على حساب المستوى العلمي. يكمل: "والنتيجة أن الطالب لا يتعلم أي شيء، ويظن أن مجرد حصوله على شهادة يعني أنه مؤهل، لكن حين يقيمه متخصص يكتشف أنه جاهل في الإنجليزية، إذاً فالطالب فقد نقوده ووقته ويزيد إحباطه في النهاية".

يوتيوب

تقول رضا، مديرة الموارد البشرية، أن كثير من الشباب المصري لا يستغل الإنترنت في التعليم، لأن ثقافة التعليم الذاتي غير منتشرة، كما أن شركات عدة تشترط وجود شهادات في اللغة. تكمل "لكن في النهاية الشهادة لن تفيد المتقدم لوظيفة حين يمر باختبار، سيفيده التعلم الحقيقي". تنصح رضا كل من يرغب في تنمية لغته الإنجليزية أن يشترك بقنوات عدة على يوتيوب تفتح له أبواب من المعرفة.

فوضى الأرقام

تواصل رصيف22 مع الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة التي تصدر تراخيص للشركات الجديدة في مصر، في محاولة لمعرفة عدد الشركات المسجلة كمراكز لتعليم اللغة الإنجليزية. لم توفر لنا الهيئة أي أرقام لكن مصدر خاص رفض ذكر اسمه أخبرنا أن متوسط الشركات الجديدة كل عام هو 10 آلاف شركة تعمل في مجالات مختلفة، من بينها التدريب وتعليم اللغات. يعلق المحامي محمد كارم أن أغلب الهيئات المصرية تحجب المعلومات عن المصريين، رغم أن المادة رقم 68 من الدستور المصري تؤكد أن "المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية".

من حقك

يقول يوسف أن من حق كل من سيلتحق بمركز تعليم إنجليزية أن يتأكد قبل الانضمام للمركز أن المدرب لديه خبرة وحاصل على شهادات متخصصة. أهمها IELTS، و CELTA. ويضيف المحامي محمد كارم أن القانون يعطي لكل دارس الحق في أن يتقدم بمحضر رسمي في أحد أقسام الشرطة يتهم فيه المركز بأن مستواه العلمي ضعيف، ووقتها ستحقق النيابة في الأمر. لكن المشكلة بحسب كارم أن هذا النوع من القضايا دائماً ما ينتهي بالحفظ في الأدراج الحكومية بسبب أن النيابة لن يمكنها التأكد من المستوى العلمي للمركز وكل ما ستطلبه من أصحابه هو الأوراق القانونية، إذ لا توجد بمصر جهة حكومية يمكنها تحديد المستوى السليم.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard