افتُتحت في الأول من أكتوبر الجاري، الدورة العاشرة من مهرجان القاهرة للفيديو، وذلك في مركز "مدرار" بالعاصمة المصرية، القاهرة، ويدعم المهرجان، الذي قامت أولى دوراته عام 2005، الفنانين وصنّاع الأفلام لتقديم آخر إنتاجاتهم من فنون الفيديو حول العالم عبر برنامج يجسّد روح التجريب.
يقدم المهرجان 9 برامج لأعمال الفيديو هذه الدورة، ستعرض في جميع أنحاء القاهرة، تتنوع بين الأغاني المصورة وفيديوهات الواقع الافتراضي، والفنون الأدائية والرقص والصور المتحركة والصور المولدة بالحاسوب والفيديوهات السردية والفيديوهات الشعرية.
وتركز البرامج كذلك بصورة فردية على مواضيع محددة، مثل الوعي بالمكان والزمان في العالم الرقمي، أو الرموز الخفية لحياة المدينة، ومفاهيم مثل التفكير المزدوج والارتياح والخوف والذاكرة والصورة، ويعرض المهرجان بشكل عام 28 عملاً.
فن الفيديو بين مستقبل السينما والاستقلالية
الفيديو آرت أو فن الفيديو المعني به مهرجان القاهرة العاشر للفيديو، يعتمد بصورة أساسية، كما يتضح من اسمه، على تكنولوجيا الفيديو بجانبيها الصوت والصورة، وقد ظهر في نهايات الستينيات من القرن العشرين، نتيجة لظهور تكنولوجيا شريط الفيديو الذي أصبح متاحاً للجميع.
افتُتحت في الأول من أكتوبر الجاري، الدورة العاشرة من مهرجان القاهرة للفيديو. يدعم المهرجان، الذي قامت أولى دوراته عام 2005، الفنانين وصنّاع الأفلام لتقديم آخر إنتاجاتهم من فنون الفيديو حول العالم عبر برنامج يجسّد روح التجريب
يمكن أن يقدم فن الفيديو أشكالاً متعددة من التسجيلات الصوتية والبصرية، منها على سبيل المثال العروض في صالات العرض والمتاحف، والأعمال التي تبث عبر الإنترنت، أو توزع على شكل أقراص، والعروض التي تبث على شاشة واحدة أو عدة شاشات معاً بشكل متزامن.
أحد الاختلافات الرئيسية بين فن الفيديو والسينما، هو أن الأول لا يلتزم بالقواعد السينمائية المتعارف والمتفق عليها، مثل استخدام الممثلين، أو وجود الحوار أو السرد والحبكة، ويبتعد الوسيط عن كونه مستخدماً بشكل أساسي في الترفيه، لكونه أكثر تجريبية وتجريدية، يبحث في كل من جانبي المفهوم والفكرة، والتقنية ذاتها، لذلك هو يختلف كذلك حتى عن الأفلام القصيرة أو الأفلام التجريبية أو الما بعد حداثية.
ولكن هذا لا ينفي العلاقة بين كل منهما والآخر، فعلى الرغم من أن فن الفيديو هو الأخ الصغير للسينما، إلا أن له أيادي بيضاء عليها، فنتيجة لهذه المرونة الشديدة للفيديو وصناعه تمتع هذا الفن بقدرة على التطور بشكل لا تحظى به الكثير من الفنون الأخرى، مع استخدام للتكنولوجيا بصورة تجريبية ومستمرة، فعلى سبيل المثال، المخرج الأمريكي ستانلي كوبريك، استلهم عند صناعته لفيلمه الشهير للغاية "أوديسا الفضاء" ومشهد البوابة النجمية متعددة الألوان، التقنيات المستخدمة في الفيديوهات التجريبية.
هذا الاشتباك بين السينما وفن الفيديو حاضر في المهرجان عبر عدة أشكال، منها في البرنامج الرابع "تحت خط الماء" الذي يتناول المجاز الخاص بالعمارة بالعالم السينمائي، والجانب السردي للعمارة التي توظف كأداة لها أبعاد فلسفية وسياسية وسيسيولوجية، أما البرنامج السادس "كبسولة"، فهو يركز بالأساس على مجموعة أسئلة تتعلق بالفيلم السينمائي، مثل ما المطلوب منه، هل التوثيق أم الترفيه؟
افتتاح الدورة العاشرة بين نقد الواقع والنسوية
شملت فعاليات افتتاح مهرجان القاهرة العاشر للفيديو بمدرار عرض مجموعة من الأفلام ضمن البرامج المختلفة، وذلك عبر وسائل عرض تنوعت بين الشاشات التلفزيونية المزودة بسماعات أذن، للجمع بين التجربة البصرية والسمعية، أو في صالة عرض خاصة مظلمة، مع جهاز عرض على الحائط بدون صوت.
وتنوّعت الأفلام المعروضة لتقدم لمحات من برامج المهرجان، فمثلاً، البرنامج الأول "الحساسيات المكانية" يركّز على حضور الجسد في العالم والتعرف على المحيط والتفاعلات الذاتية معه، واستكشاف الفاصل بين الواقع والعالم الرقمي دائم التغير، عبر حوار تفاعلي مع المكان والمشاهدين، وعُرض خلاله فيلم "كراسات السفر: دبي الإمارات العربية المتحدة"، للفنانة الإيطالية سيلفيا دي جينارو، وذلك ضمن مشروعها "كراسات السفر"، عن مفهوم المدينة وإدراك المسافر.
يقدم هذا الفيلم عبر عدة صور التحولات الحضارية التي تعرضت لها مدينة دبي، فيبدأ بصحراء شاسعة وشاطئ بحر، ثم تظهر بغتة ناطحات السحاب العملاقة، التي تتسابق وتتنافس على احتلال المشهد، لتغيب الصحراء والطبيعة مقابل المدينة الأسمنتية، بينما يحتل مقدمة الشاشة جمل رابض على أدوات البناء الضخمة، وعلى حاملة عملاقة أخرى، سيدتان بالعباءات السوداء، جالستان في الأعلى، تشاهدان المدينة لكن من مسافة تمنعهما من التفاعل مع كل هذه الحركة.
تستمر عروض مهرجان القاهرة للفيديو حتى العشرين من أكتوبر، وذلك في عدة أماكن مختلفة بالعاصمة المصرية، منها سينما زاوية وكايرو جاز كلوب وفلك ومدرار ومركز الصورة المعاصرة، ليقدم فرصة لمحبي الفنون للتعرف على أحدث الإصدارات من فن الفيديو
يرافق هذه الصور شريط صوتي صاخب بملامح الحداثة، حيث صافرات آلات مختلفة، وأصوات آلية كتلك الموجودة في المطارات ومحطات قطار الأنفاق، ما يعطي انطباعاً بارداً عن المدينة، التي تحولت من شاطئ وصحراء إلى ساحة بناء صاخبة بالأجهزة، لافظة للبشر، ما عدا المتفرجين من الأعلى.
وواحدة من أكثر الأعمال لفتاً للانتباه، والتي حصلت على عرض خاص على شاشة كبيرة، هو فيديو "مجال الرؤية" للفنانة فريبا أولافسون، والذي امتد لنصف ساعة تقريباً، واحتوى على عرض حركي من الرقص الحديث يتناغم في حركاته مع خلفية من الرسوم المتحركة.
حيث تقوم العارضة بالرقص على الشاشة المسطحة، وتترك حركتها بصمة كما تترك خطوات الأقدام أثراً على الرمال، ليصنع الفيديو تداخلاً بين الفن التشكيلي والرقص، لتظهر الشاشة مثل الكانفاس أو لوحة الفنان المشدودة على إطار وهمي.
ترتدي الراقصة ملابس سوداء عملية وبسيطة، ثم تظهر على الشاشة شخصية مرسومة تتحرك بتقنيات الحاسوب، تبدو متعارضة تماماً مع الراقصة، فهي بملابس رياضية قصيرة بألوان النيون الملفتة، وتفاصيل جسدية مثيرة، وكلما تتحرك تمحي آثار الراقصة وحركتها السابقة، وتترك بدلاً منها أثراً غازياً من الأسود والرمادي، يشبه عوادم السيارات، تزداد بعدها حركة الراقصة اضطراباً.
يقدم المهرجان 9 برامج لأعمال الفيديو هذه الدورة، تتنوع بين الأغاني المصورة وفيديوهات الواقع الافتراضي، والفنون الأدائية والرقص والصور المتحركة والصور المولدة بالحاسوب وغيرها
وتبادر بتوجيه نظرتها إلى الكاميرا، في نظرة مستجدية للمشاهد، وتبدأ في الحركة حاملة بيديها قطعتين من الملابس الواحدة تلو الأخرى، قميصاً رسمياً وسروالاً من الأزرق والأصفر، وتظهر هذه المرة آثارها من جديد، والتي تبقى على الشاشة، وفي النهاية تقف الراقصة البشرية محدقة في المشاهد مباشرة، تلمس صدرها، ثم فرجها، في إشارة قد يفسرها المتفرج إلى الضغوط التي تتعرض لها المرأة المعاصرة التي تتصارع مع الصور المرأة المثالية لها في المجتمع.
تستمر عروض مهرجان القاهرة العاشر للفيديو في الفترة ما بين الأول من أكتوبر حتى العشرين، وذلك في عدة أماكن مختلفة بالعاصمة المصرية، منها سينما زاوية وكايرو جاز كلوب وفلك ومدرار ومركز الصورة المعاصرة، ليقدم فرصة لمحبي الفنون للتعرف على أحدث الإصدارات من فن الفيديو.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ ساعةأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ 7 ساعاتحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ يومينمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 3 أيامtester.whitebeard@gmail.com