شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
جنسياً

جنسياً "ما بيعرفش" واجتماعياً "رجل لعوب"... حين يصبح الرجل "عانساً"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 26 يونيو 201703:32 م
لطالما لاحق مصطلح "عانس" الفتاة التي تتأخر في الزواج في مجتمعاتنا العربية. بل زاد الأمر في بعض المناطق، ليصبح شبحاً يطارد الفتاة منذ بلوغها، خشية من التصاق هذا المصطلح بها، وما يترتب عليه من تمييز واتهامات، حتى إهانات لها. لكن ماذا عن الرجل؟ لماذا لا يلقّب بالعانس؟ هل يرى المجتمع تأخر الرجل في الزواج عنوسة؟ وفقاً للإحصائيات التي صدرت عن معهد الدوحة الدولي للأسرة منذ عامين، 50.87% من الرجال في تونس من الفئة العمرية 20-49 غير متزوجين، 40.83% من الرجال من الفئة العمرية نفسها في الأردن أيضاً عزاب، 36.97% في مصر، 30.03% في اليمن، 62.70% في البحرين، 32.51% في قطر. via GIPHY

أمثلة عن "عنوسة" الرجل

رغم ما تتعرض له المرأة من انقضاض الرجل على حقوقها في المناطق الريفية والشعبية وقرى صعيد مصر، وما يحصل عليه الرجل من امتيازات، فإن الرجل أيضاً لا يسلم كثيراً حين يفوته قطار الزواج، فماذا يقال عنه؟

"بعد ما شاب ودوه الكتاب"

فتاة في أواخر العشرين، يتقدم لخطبتها رجل تخطى الأربعين عاماً بخمس سنوات، توافق عليه خوفاً من شبح "العنوسة" الذي يطاردها بنظرات من حولها، لتسمع تعليقات قريباتها وأقرباء العريس ليلة زفافها. تقول فاطمة علي: "سمعت زوجة شقيقه تطل من شباك منزلها ونحن في أول أيام زفافنا، تحدث ابنتها وجيرانها وتقول ضاحكة "بعد ما شاب ودوه الكتاب"، ساخرة من تأخر سن زوجي". وتضيف فاطمة: "كل من حولي حذروني منه لأنه كبير في السن ومعقد وتأخره في الزواج قد يؤخر عملية الإنجاب". via GIPHY

"ما بيعرفش"

تلاحق الرجل عدة اتهامات من المجتمع المحيط به، ويعد أشهرها "ما بيعرفش". جملة سريعة بسيطة، لكن تحمل معاني كارثية لأي رجل، إذ تشكك في قدرته الجنسية، فترجع أسباب تأخره في الزواج إلى ضعفه الجنسي. via GIPHY

"رجل لعوب"

على الجانب الآخر، تلتصق بالرجل، الذي لا يبدي رغبته في الزواج رغم تأخر سنه، تهمة يتهامس بها الجميع وهي أنه رجل "لعوب"، ومتعدد العلاقات العاطفية والجنسية. لذلك لا يرى أنه بحاجة للزواج وتقييد حريته، وتعد هذه أصعب الأشياء التي يمكن أن تلاحق الرجل، حين يقرر الزواج في ما بعد، فتكثر الشكوك والتساؤلات من حوله للفتاة التي يتقدم لخطبتها، بجانب ملاحقاتهم بشكوك أنه تابع لوالدته، وهي من تتحكم في قراره وتبحث له عن زوجة تشبهها. via GIPHY كما يلاحق الفقر والبطالة عدداً كبيراً من هؤلاء الشباب، فلا يستطيعون الحصول على تكاليف الزواج وإعالة أسرة. منهم من تعدى الخامسة والثلاثين عاماً، وما زالت أسرته تعيله مادياً، خصوصاً في مصر ولبنان. يختلف الأمر في بلاد الخليج العربي، حيث يفضل الرجال الزواج في سن الأربعين، ومنهم من يتعدى ذلك، لغلاء المهور وارتفاع كلفة الأعراس، والمبالغة في شراء المجوهرات، وتكاليف شهر العسل المرتفعة. via GIPHY

هل تعترف المرأة بـ"عنوسة" الرجل؟

تقول ليلى رحال (سيدة أعمال): "في ظل التكنولوجيا ووسائل التواصل الحديثة، اختلفت نظرة المرأة إلى من سوف ترتبط به كرجل، مادياً واجتماعياً وفكرياً وعاطفياً وأخلاقياً. كما أن الزواج التقليدي لم يعد موجوداً، وأصبح كل من الشريكين يختاران أحدهما الآخر عن حب ووعي بالعلاقات العاطفية، لذلك تأخر سن الرجل في الزواج ليس كارثة ولا شيء قد يعيبه". وتضيف: "لكل بلد عاداته وتقاليده، ففي بعض البلدان العربية المتأثرة بالغرب مثل لبنان والمغرب والجزائر وتونس، يفكرون بالعلاقات العاطفية أكثر من الزواج، بينما في بعض البلدان الأخرى كمصر والأردن، هي قصة معاناة من الحالة الاقتصادية الصعبة". وتعتبر وفاء الأحمد (طبيبة): "كلما تقدم الرجل في العمر زادت معرفته بالحياة، وقدر قيمة المرأة والحياة الأسرية، ومال أكثر إلى تحمل المسؤولية من الشباب الصغار الطائشين. ومعظم الرجال يتقدمون في العمر ويظهرون بشكل أصغر من أعمارهم ويكونون محبين للحياة ومقبلين عليها أكثر من شباب لا يعرفون ماذا يريدون وهم تائهون في أحلامهم وغارقون بعيداً عن الواقع".

المرأة عانس بعد الثلاثين والرجل لا؟

via GIPHY   تقول زينب المهدي، استشارية الصحة النفسية: "الشاب الذي يتأخر في زواجه لم يأخذ لقب عانس قط، لأننا في مجتمع ذكوري يعطي الحق للرجل في كل شيء، ويسلب من المرأة أشياء كثيرة، رغم أن العدالة تقول إنهما في العمر نفسه وحالة التأخر في الزواج نفسها، لكن للأسف، نظرة المجتمع لم تكن قاسية عليه كما هي قاسية على الفتيات، لأن الجميع يرددون: "بمزاجه مش عايز يتجوز". وترى المهدي أن أحداً لم يفكر أنه يوجد شباب غير قادرين على تحمل المسؤولية، وشباب لم تقبلهم الفتيات اللواتي تربين في أسر ترعاهن وتحميهن، وشباب يأخذون فكرة سيئة عن الزواج، وغيرها من الأسباب التي تجعل الشاب يتأخر في الزواج". وبحسب المهدي، درجة تأثر الرجل المتأخر في سن الزواج نفسياً تصبح ضعيفة، لأنه قلما يتم رفضه، خصوصاً أن المجتمع يبرر تأخره في الزواج لأنه رجل وحر في قراره، كما يوجد العديد من الشباب الذين تزوجوا فتيات أصغر منهم في العمر بعشرات السنوات. وترجع "المهدي" أسباب تأخر الرجل في الزواج إلى عدة اسباب أهمها:

الظروف المادية

يعاني الكثير من الشباب من ظروف مادية قاسية جداً، تجعلهم لا يفكرون في الزواج، لأنهم غير قادرين على تحمل المسؤولية المادية لإعالة منزل وأطفال وزوجة.

المسؤولية

عدد كبير من الشباب يكونون أكبر أشقائهم بالعمر، فتظل المسؤولية على عاتقهم، خصوصاً في حالة وفاة الأب، فيتولى البكر مسؤولية تزويج شقيقاته قبل أن يتزوج هو، وبالتالي يتقدم به العمر حتى يصل لسن الأربعين والخمسين دون زواج.

الشك

تختتم المهدي: "نحن نسمع كلمة قاسية جداً في حق الفتيات من الشباب، هي: (لم أجد من تستحق حمل اسمي). ومن هنا نقول إن نسبة كبيرة من الشباب يتأخرون في الزواج والدافع هو الشك في سلوك الفتيات، وكأنهم لم يجدوا فتيات تستحق أن تحمل اسماءهم وتستحق أن تكون زوجةً وأماً.

"العنوسة ذكر لا أنثى"

كثيراً ما يحمّل الرجل في مجتمعاتنا العربية المرأة أسباب "عنوستها"، بل تحاسب الفتاة على ذلك. عكس ما يراه الكاتب شادي عبد السلام، الذي يؤكد أن تأخر سن الرجل في الزواج يعد عنوسة، لأنه هو الفاعل، بينما المرأة في تأخرها بالزواج ليست عانساً لأنها مفعول بها. ففي مجتمعاتنا لا تذهب عادةً الفتاة لخطبة شاب حين تصل إلى سن الزواج المناسب، بل هي مرغمة على انتظاره حتى يتخذ القرار. ويعبر عن ذلك في مقدمة كتابه "الرجالة العوانس"، الذي يعد أول كتاب يتناول "عنوسة" الرجل وعزوفه عن الزواج قائلاً: "فعنوستك عزيزي الرجل لم تقتصر على التردد في الزواج، والتأخر فيه، والاستسلام لأغلال الحرية المزعومة، عنوستك في سوء المعاملة، وفحش المجادلة في الاستعلاء، وفي الاستهزاء، في المظهرية، وفي الازدواجية في الخيانة، وفي الإهانة، في التسلط، وفي التشرط، في حب الذات، واللذات… عنوستك في أنك تحكم فتظلم، دون أن تبالي، فتزوج وأنجب وتحمل مسؤوليتك كاملة… ولا تمر في هذه الدنيا كورقة شجرة لا تحمل ثمراً، ولا تنشر ظلاً، ولا تنفع أحداً… فتحيا ثم تذبل ثم تسقط، تخرفش تحت أحذية المارة... غير مأسوف عليها… وعليك!".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image