أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن مراجعة شاملة لكل الملفات المتعلقة بالتحقيقات التي أجرتها الأجهزة المختصة في الولايات المتحدة، بشأن هجوم 11 أيلول/سبتمبر لرفع السرية عنها، استجابة لضغوط الكونغرس وعائلات الضحايا الذين يحاولون منذ سنوات مقاضاة السعودية لاعتقادهم بمسؤوليتها عن الجريمة.
وأصدر بايدن أمراً تنفيذياً، أمس الجمعة 4 أيلول/سبتمبر، جاء فيه: "مع اقتراب الذكرى العشرين لهجمات 11 أيلول/سبتمبر2001، يستحق الشعب الأمريكي الحصول على صورة لما تعرفه حكومته عن تلك الهجمات".
وأعلن أنه سيتم الكشف عن السجل الكامل للتحقيقات خلال الأشهر الستة المقبلة "ما لم توجد أسباب أقوى تحول دون ذلك".
ويظل التركيز على 28 صفحة سرية، تتعلق بالتحقيقات حول تورط السعودية، وخصوصاً سفيرها لدى واشنطن، وقت وقوع الهجمات، الأمير بندر بن سلطان، الذي يُعتقد أنه كان على اتصال مباشر بمختطفي الطائرات.
وذكر الأمر التنفيذي أن الإفراج "العشوائي" عن المعلومات يمكن أن يعرض الأمن القومي للخطر والقدرة على منع الهجمات المستقبلية، وعليه يجب تحقيق توازن أفضل بين الشفافية والمساءلة. مما يرجح أن بعض المعلومات أو جميعها المتعلقة بالسعودية وأطراف أخرى متورطة، قد تظل طي الكتمان، إذا أُرتُئي أنها تهدد الأمن القومي الأمريكي.
يأتي أمر بايدن بعد يوم واحد فقط من تقديم عائلات الضحايا شكوى إلى وزارة العدل بشأن ادعاء مكتب التحقيقات الفيدرالي فقدان أدلة حاسمة، منها صور ومقاطع فيديو يظهر فيها الخاطفون مع مسؤولين سعوديين
تواطؤ سعودي؟
لطالما طالبت عائلات الضحايا في الولايات المتحدة بالإفراج عن نتائج تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI المتعلقة باحتمال تواطؤ السعودية في الهجمات، لا سيما الاتصالات بين المسؤولين السعوديين واثنين من خاطفي الطائرات، كانوا يعيشون في كاليفورنيا في الأشهر التي سبقت الهجمات.
ونفت الرياض أي تورط لها في عملية الاختطاف وتكافح حالياً ضد دعوى قضائية رفعتها العائلات في محكمة اتحادية في نيويورك، تطالب بإدانة المملكة وتجبرها على دفع تعويضات.
يأتي الأمر التنفيذي بعد شهر من تقديم تشريع بدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس، يطالب بمزيد من الشفافية في هذه التحقيقات.
قالت تيري سترادا، التى توفي زوجها توم في الهجوم على مركز التجارة العالمي، وهي رئيسة مشاركة في مجموعة العائلات والناجين المعروفة باسم"9/11 Community United": "أنا متحمسة للغاية، ويسعدني أن لدينا أمراً تنفيذيًا الآن يفرض مراجعة كاملة لرفع السرية عن جميع الوثائق".
وأضافت سترادا: "يقع العبء الآن على وكالات الاستخبارات لشرح سبب قيامهم بتصنيف وثيقة. الطريقة التي كانوا يعملون وفقها حتى الآن تحت جنح الظلام. لن تكون ممكنة بعد اليوم".
بموجب الأمر التنفيذي، يجب الإفصاح عن رسالة إلكترونية صدرت عن مكتب التحقيقات الفيدرالي في 4 نيسان/ أبريل 2016. ويعتقد محامو العائلات أن تلك الرسالة ستكون ملخصاً من 16 صفحة لنتائج التحقيقات التي جرت باسم علمية "Encore"، وتبحث تحديداً في احتمال تواطؤ السعودية في الهجمات، وفقاً لصحيفة الغارديان.
اعترفت الولايات المتحدة بوجود هذا الملف في تحقيقات القضية بنيويورك، لكن لم يتم الكشف عن محتوياته.
بموجب الأمر التنفيذي، يجب الإفصاح عن رسالة إلكترونية صدرت عن مكتب التحقيقات الفيدرالي في 4 نيسان/ أبريل 2016. يعتقد محامو العائلات أنها تحوي ملخصاً لنتائج التحقيقات التي تبحث تحديداً في احتمال تواطؤ السعودية في الهجمات
وسيتعيّن على مكتب التحقيقات الفيدرالي والوكالات الأخرى الإفراج عن "جميع السجلات الأخرى التي تم حجبها سابقًا على أنها سرية، كليًا أو جزئيًا" خلال شهرين، بالإضافة إلى الملف الإلكتروني المتعلق بمكتب التحقيقات الفيدرالي المعروف باسم عملية "Encore".
في غضون أربعة أشهر، سترفع الحكومة السرية عن "جميع تقارير المقابلات، والوثائق التحليلية، والوثائق، أو غيرها من السجلات الموضوعية (بما في ذلك سجلات الهواتف والسجلات المصرفية، إن وجدت).
وفي غضون ستة أشهر، يجب على الحكومة الإفراج عن أي شيء ذي صلة بأي تحقيق آخر يتعلق بالخاطفين وأي "علاقة مع حكومة أجنبية".
ضياع الملفات
وسيكون الأمر متروكاً للمدعي العام أو رؤساء مكتب التحقيقات الفيدرالي أو الوكالات الأخرى إثبات أن الإفراج عن أي معلومات "من المتوقع بشكل معقول أن يؤدي إلى الإضرار بالأمن القومي".
في رأي صحيفة الغارديان البريطانية، "من غير المرجح" أن يحل رفع السرية جميع الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها والتي تحيط بـ 11 أيلول/سبتمبر. قائلة: "بعد عقدين من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أصبح التهديد الحقيقي للولايات المتحدة هو يميننا المتطرف".
ويأتي الأمر التنفيذي بعد يوم واحد فقط من تقديم العائلات شكوى إلى المفتش العام في وزارة العدل، بشأن ادعاء مكتب التحقيقات الفيدرالي بفقدان أدلة حاسمة، بما في ذلك صور ومقاطع فيديو للخاطفين مع المسؤولين السعوديين، وسجلات مقابلات الشهود وسجلات محادثات هاتفية مع المتورطين.
شكوك في نيات بايدن
لم تصدر السعودية رداً رسمياً على قرار الرئيس الأمريكي، إذ دعت في الماضي إلى الكشف عن الوثائق حتى لا يظل اسمها موضع شكوك.
لكن كتاباً سعوديين مقربين من الديوان الملكي هاجموا بايدن وشككوا في غرضه من هذا القرار. منهم إبراهيم سليمان، الذي كتب عبر حسابه على تويترقائلاً: "تعالت أصوات السعوديين مطالبين بكشف تقارير 11 أيلول/سبتمبر، كما سبقهم بذلك الراحل سعود الفيصل رحمه الله (وزير الخارجية السعودي السابق) وهو ما يؤكد أن الابتزاز السياسي والزج باسم السعودية لأجل تغيير اتجاه الأنظار عن قضايا فشلت فيها السياسات الامريكية أصبح مستهلكاً". في إشارة لانهيار الوضع في أفغانستان.
كاتب سعودي: "بايدن يريد صرف النظر عما يجري في أفغانستان، في ظل شعبية هي الأدنى في تاريخ رؤساء أمريكا"
وكتب الناشط البارز منذر آل الشيخ مبارك، المعروف بقربه من ولي العهد السعودي: "جو بايدن يريد صرف النظر عما يجري في أفغانستان في ظل شعبية هي الأدنى في تاريخ رؤساء أمريكا خلال أشهرهم الأولى من الرئاسة! ضع ذلك في اعتبارك وأنت تنظر لأي خطوة يقوم بها، فهو في هذه الأيام كالغريق الذي يبحث عن قشة".
ومع ذلك لا يبدو أن بايدن اتخذ هذا القرار لحرف الأنظار عن سياساته، إذ يؤكد الكاتب الأمريكي جورج فويل في مقال بصحيفة واشنطن بوست، أن أكثر من ألفي فرد من عائلات الضحايا ضغطوا على الرئيس الذي يعاني بالفعل من انخفاض معدلات شعبيته بعد التحولات الأخيرة في أفغانستان. وبيّن فويل أنه تلقى مخاطبة من عائلات ضحايا هجوم 11 أيلول/سبتمبر في 6 آب/أغسطس الماضي، أعلنوا خلالها أن بايدن "لن يكون موضع ترحيب" في الاحتفالات المنتظرة في الذكرى العشرين، ما لم يكشف عن مواد سرية مرتبطة بالتواطؤ المحتمل للسعودية.
لم يجد تقرير عام 2004 الصادر عن لجنة 11 أيلول/سبتمبر، والذي تمت صياغته، أي دليل على أن الحكومة السعودية "كمؤسسة"، أو أن المسؤولين السعوديين "الكبار" موّلوا الخاطفين "بشكل فردي"، لكنه أشار إلى "احتمال" أن "الجمعيات الخيرية التي ترعاها الحكومة السعودية قدمت أموالاً للقاعدة".
في الأسبوع الماضي، أفادت شبكة سي بي إس نيوز بوجود دفتر ملاحظات يخص "طالب" سعودي من سان دييغو، يحصل على راتب حكومي من المملكة وشريك مقرب لخاطفين.
وقالت الشبكة: "احتوى دفتر الملاحظات على رسم بخط اليد لمستوى ومعادلة رياضية يمكن استخدامها لعرض هدف ثم حساب معدل الانحدار إلى الهدف".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...