شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
أرديتُ رجلاً في رينو، فقط لأتفرّج عليه وهو يموت... قصائد جوني كاش

أرديتُ رجلاً في رينو، فقط لأتفرّج عليه وهو يموت... قصائد جوني كاش

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مجاز

الاثنين 16 أغسطس 202112:36 م

مجاز الجِوار، مؤانسة الغرباء في البستان المجاور


قبل موته بوقتٍ قصير، خطَ جوني كاش بيد مرتعشة ثمانية أسطر قصيرة، من الواضح أن فكرة الموت كانت تملأ رأسه:

تخبرني أنّه لا مفرَّ لي من الموت والتعفّن

تماماً مثل أزهاري المدلّلة

لا شيء يبقى من اسمي، لا شيء يُتذكَّر من اسمي

لكن الأشجار التي زرعت، ما زالت يانعة

والأغاني التي غنّيت، سوف تظلُّ تُغنَّى.

هذه القصيدة من كتاب Forever Words (كلمات الأبد) الذي صدر عام 2016، وهو عبارة عن قصائد غير منشورة لجوني كاش، جمعها وحرَرها، وقدّم لها البروفيسور والشاعر الفائز بجائزة بوليتزر "بول ميولدن".

يقال إنَّ الفنّان العظيم هو الذي يقيس نبض عصره، هو أيضاً يسرّع ذلك النبض. في حالة جوني كاش، تبدو موسيقاه وكأنّها تنبثق مباشرة من العوز والحرمان المرتبطين بحياة الريف خلال فترة الكساد العظيم، مروراً بحالة الريبة الجمعية في الحرب العالمية الثانية، الحرب الباردة، كوريا وفييتنام، وصولاً إلى انتصارات المدمن المداهنة والمتقلِّبة.

لا تأخذ مسدّسيكَ إلى البلدة ـــ Don't take your guns to town

في المزرعة، ترعرع راعي بقر صغير مضطرب

كان يُدعى بيلي جو

صبيٌ مفعمٌ بحب السفر ورغبة الاكتشاف،

 صبيٌ لم يكنّ الضغينة لأحد يوماً.

بدَّلَ بيلي ملابسه، لمَّع حذاءه

ومشَّط شعره الغامق

لكنَّ أمَه صاحت فيما كان يخطو خارجاً

لا تأخذ مسدسيكَ معك للبلدة يا بني،

دع مسدسيكَ في المنزل يا بيل، لا تأخذ مسَدسيكَ معك للبلدة.


ضَحِكَ وقبَّل أَمه

وقال: إنَّ ولدكِ بيلي جو رجل.

يمكنني أن أطلق النار بسرعةٍ ودقَةٍ متل أيٍّ أحد

لكنني لن أطلق النار دون سبب، سوف لن أردي أحداً

لكنَّها صاحت مرة أخرى متوسلة بينما كان يمضي مبتعداً

لا تأخذ مسدّسيكَ معك للبلدة يا بني

دع مسدّسيكَ في المنزل يا بيل، لا تأخذ مسَدّسيكَ معك للبلدة.

تتساءل كيف (أين) يذهب الحبُّ الحقيقيّ، لا أحد يمكنه القول، إذْ لا أحد يعرف، مثل مطرٍ على صخرة، مثل ورقةٍ في الهواء... مجاز في رصيف22

دندن أغنية وهو على ظهر مطيّته

ومن وركيه يتدلى مسدّساه

ركب وصولاً إلى بلدةٍ للرعاع

مع ابتسامة فوق شفتيه.

توقف ودخل الحانة

أخرج نقوده ووضعها على الطاولة

لكن صدى كلمات أمّه تردّد مجدداً

لا تأخذ مسدّسيكَ معك للبلدة يا بنيّ

دع مسدّسيكَ في المنزل يا بيل، لا تأخذ مسَدّسيكَ معك للبلدة.


عندئذٍ، شرب بيل الكحول المركَّز لأوّل مرّة،

 علَّ الرعشة في يده تهدأ

ثمَّ حاول أن يخبر نفسه أنَّه أصبح رجلاً أخيراً

بالقرب منه، أخذَ راعي بقرٍ أغبر يضحكُ عليه

وسمع بيل مرّةً أخرى كلمات أمّه

لا تأخذ مسدّسيكَ معك للبلدة يا بنيّ

دع مسدّسيكَ في المنزل يا بيل، لا تأخذ مسّدسيكَ معك للبلدة.


ممتلئاً بالغضب، مدَّ بيلي جو يده نحو مسدسه

لكن الغريب سحب مسّدسه

وأطلق النار قبل أن يتمكّن بيلي من رؤيته حتّى،

وبينما سقط بيلي جو على الأرض

تجمّع الحشد حوله،

وتساءلوا عن معنى كلماته الأخيرة

لا تأخذ مسّدسيكَ معك للبلدة يا بنيّ.

دع مسّدسيكَ في المنزل يا بيل، لا تأخذ مسّدسيكَ معك للبلدة.

جرح ــــ Hurt

آذيتُ نفسي اليوم

لأرى إنْ كنتُ ما أزالُ أشعر بشيء

ركَّزت في الألم

فهو الشيء الوحيد الحقيقي

تشج الإبرة جرحاً، تلك اللسعةُ القديمةُ المألوفةُ

أحاول طرد كل شيءٍ بعيداً، لكنّني أتذكّر كل شيء.


ما الذي أصبحتُ عليه، يا صاحبي الأحبّ؟

كل مَن أعرفه، يرحل بعيداً في نهاية المطاف

ولكَ أن تحظى بها كاملةً، إمبراطوريةُ قذارتي.

لسوف أخذلكَ، لسوف أجعلكَ تتألم.

حين كنتُ مجرّد طفلٍ صغير، قالت لي ماما: "يا بنيّ، كُن فتىً مطيعاً دائماً، ولا تلعب بالمسدسات أبداً". لكنّني أرديتُ رجلاً في رينو، فقط لأتفرّج عليه وهو يموت... مجاز في رصيف22

أضع تاجَ الأشواك هذا

فوق كرسي الأفَاك خاصّتي

متخماً بأفكار مهشَّمة ليس في وسعي إصلاحها

تحت لطخات الزمن،

تضمحلُ المشاعر

أنت شخصٌ آخر

فيما أنا ما زلتُ هنا

ما الذي أصبحتُ عليه، يا صاحبي الأحبّ؟

كل مَن أعرفه، يرحلُ بعيداً في نهايةِ المطاف

ولكَ أن تحظى بها كاملةً، إمبراطوريةُ قذارتي

لسوف أخذلكَ، لسوف أجعلكَ تتألم.


وإذا استطعتُ أن أبدأ من جديد،

مليون ميل بعيداً عن هنا

لسوف أبقى وحيداً، ولسوف أعثر على الدرب.

الرجل المتّشح بالسواد ـــ Man in black

حسنٌ، أنت تتساءل لماذا أرتدي الأسود دائماً

ولماذا لم ترَ يوماً ألواناً برّاقةً على ظهري،

ولمَ لمظهري ذاك الوقع الكئيب

حسنٌ، هناك سببٌ وراء الأشياء التي أضعها عليَّ

أنا ألبس الأسود لأجل الفقراء والمسحوقين

أولئك الذين يعيشون في جانب المدينة المتضوِّر جوعاً بلا أمل

ألبسه لأجل سجين دفع ثمن جريمته منذ وقتٍ طويل

لكّنه هناك لأنَّ الزمان أراده كواحدٍ من ضحاياه

ألبس الأسود لأجل أولئك الذين لم يقرؤوا يوماً

أنَّ الطريق إلى السعادة تمرُّ عبر المحبّة والخير.


حسنٌ، نحن نبلي بشكل رائع.

إننا في أحسن حال، أفترض ذلك.

مع سيّاراتنا ذات الخطوط اللامعة وملابسنا الفاخرة

لكنّنا فحسبُ مُذكَّرون بأولئك المتقهقرين

هناك في الأمام، لا بُدَّ من وجود رجلً مُتَّشحٍ بالسّواد.


ألبسه لأجل المرضى والعجائز الوحيدين

للطائشين المستهترين، الذين حوّلتهم رحلتهم التعيسة إلى حفنةٍ من قُساةِ القلب

ألبس الأسود حداداً على حيواتٍ كان يمكن أن تعاش

وألبسه لأجل آلاف الذين ماتوا

وهم يؤمنون أنَّ الله كان إلى جانبهم

ألبسه لأجل مئة ألفٍ آخرين ماتوا

وهم يؤمنون أنّنا جميعاً إلى جانبهم

حسنٌ، أعرف أنَّ هناك أشياء سوف لن تصطلح يوماً،

وأشياء تحتاج إلى تغيير أينما ذهبت

لكن، إلى أن نبدأ في فعل شيءٍ ما، في وضع بعض الأمور في نصابها

حتى ذلك الحين، سوف لن تراني مرتدياً بذلةً بيضاء

آه، كنتُ أرغبُ في ارتداء قوس قزح كلَّ يوم

وأن أُخبِرَ العالم أنَّ كُلَّ شيء على ما يرام

لكنّي سأحاولُ أن أُلقيَ القليل من السّواد عن كاهلي

وإلى أنّ تصبح الأشياء أكثر إشراقاً

أنا الرّجل المتَّشح بالسّواد.

جسدٌ على جسد ــ Body on body 

من كتاب (كلمات الأبد)

تتساءل كيف (أين) يذهب الحبُّ الحقيقيّ

لا أحد يمكنه القول، إذْ لا أحد يعرف

مثل مطرٍ على صخرة، مثل ورقةٍ في الهواء

لا سبيلَ للقول إلى أين، لكنّه يذهب إلى مكانٍ ما

تتساءل ما الذي يعرفه الحبُّ الحقيقيُّ

لا أحد يمكنه القول، إذْ لا أحد يعرف

ليس له منطقٌ مفهوم، مثل شمسٍ في منتصفِ الليل

واحدٌ وواحد، هو فقط واحد

كنتُ أرغبُ في ارتداء قوس قزح كلَّ يوم، وأن أُخبِرَ العالم أنَّ كُلَّ شيء على ما يرام، لكنّي سأحاولُ أن أُلقيَ القليل من السّواد عن كاهلي... مجاز في رصيف22

قلبٌ على قلب، روحٌ على روح

جسدٌ على جسد، تلك هي طريقته

قلبٌ على قلب، وروحٌ على روح

جسدٌ على جسد – هو كلُّ ما يعرفه.

سجنُ فولسوم ــ Folsom prison

أسمعُ القطار قادماً، يتلوَّى منزلقاً على السّكة

ولا أعرفُ لِكم من الوقتِ لم أرَ نور الشّمس

عالقٌ في سجنِ فولسوم، والوقتُ ما فتئ يمضي بلا جدوى

وذاك القطارَ لم يزل ينزلق على سكّته، نزولاً إلى سان أنطون.


حين كنتُ مجرّد طفلٍ صغير، قالت لي ماما: "يا بنيّ،

كُن فتىً مطيعاً دائماً، ولا تلعب بالمسدسات أبداً".

لكنّني أرديتُ رجلاً في رينو، فقط لأتفرّج عليه وهو يموت

إذ أسمع صوت تلك الصّافرة، أطرق برأسي وأجهش في البكاء.


أراهنُ أنّ هناك قوماً أثرياء الآن يأكلون في عربات طعام فاخرة

هم على الأرجح يشربون القهوة، ويدخنون السيجار

حسنٌ، أعرف أنّي نلتُ ما أستحق، أعرف أنّه لا يمكنني أن أكون حرّاً

لكنَّ أولئك النّاس يمضون في حياتهم قُدماً

وهذا ما يجعلني أتعذّب.


حسنٌ، إذا ما حرّروني من هذا السجن

إذا ما كانت سكةُ الحديد تلك ملكي

أراهنُ أنّني كنتُ لأنقلَ خطّها أبعدَ قليلاً نحو الأسفل.


هناكَ أريدُ أن أبقى، بعيداً عن سجن فولسوم

ولسوف أجعل تلك الصّافرة المهجورة تنفخ أحزاني مع الريح.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image