شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"ليس مشروعاً خيرياً"... قصة علامة تجارية لأزياء ذوي الاحتياجات الخاصة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 2 مايو 202105:13 م

أزياء خاصة هادفة للربح، تتعامل مع ذوي الإعاقة، أو القدرات الخاصة كزبائن عاديين، ويروج لها عارضو/ات أزياء منهم، كانت هذه فكرة أشجان الأبحر وزميلها محمد وجدي، وتجسدت في خط إنتاج ملابس أطلق عليه "أدبتديف".

ومنذ انطلاق الفكرة في عام 2019، عُقدت جلسات ضمت 4 فئات هي "الشلل الدماغي، الكراسي المتحركة، الأجهزة التعويضية والأطراف الصناعية"، وبعدها تم ضم فئة قصار القامة.

مشكلة الفئات التي ضمتها أشجان في "أدبتديف"، أنهم غير مرئيين بالنسبة لشركات وخطوط الإنتاج الكبرى، فلا توجد مقاسات تناسبهم، وإذا صُممت ملابس تكون بشكل فردي، وكثيراً ما تتجاهل تفاصيل مهمة.

"ليس مشروعاً خيرياً"... قصة علامة تجارية لأزياء ذوي الاحتياجات الخاصة

أزياء لذوي القدرات الخاصة من خط إنتاج ملابس أطلق عليه "أدبتديف"

التحضير لوضع أول تصميم لم يكن سهلاً على فريق التصميم، استغرقت أشجان وزملاؤها أربعة أشهر حتى يشعر الجميع بأريحية في الحديث ويفصح عن احتياجاته دون خجل، تقول: "الموضوع ماكانش سهل إن حد يقول إنه بالغ ويرتدي حفاضة، أو إنه يحتاج مكان يضع فيه قسطرة، لأن دخوله الحمام يكون صعباً إذا كان خارج المنزل على الكرسي المتحرك".

في ذلك الوقت، بدأت أشجان تعقد جلسات مع هذه الفئات لمعرفة مشاكلهم وأمنياتهم في الملابس التي يرغبون في ارتدائها بخلاف التي تباع، ويكون تصميمها بأقمشة فرضت عليهم لعدم وجود بدائل أخرى مناسبة، تلائم احتياجاتهم وتلبي رغباتهم في ارتداء ملابس مريحة وعصرية.

"ليس مشروعاً خيرياً"

كثيراً ما ينظر إلى أي تجربة جديدة لسد احتياجات فئة ما داخل المجتمع بأنها عمل خيري أو مبادرة تأخذ فترة ومن ثم تختفي، وهو ما ترفضه أشجان، ولا تحبذ أن يتعامل البعض مع منتجاتهم بطريقة الشفقة، فهي تقدم منتجاً لكي يشتريه شخص، وتحصل على ربح، وفي الوقت ذاته تسد احتياجاً ما.

من وجهة نظر أشجان فإن تلك الطريقة الربحية هي الأفضل لاستمرار مشروعها.

"جميع الفئات مهمة، ولديها احتياجات وأولويات، فعلى سبيل المثال أصحاب الأجهزة التعويضية كانت تواجههم مشكلة في وضع الجهاز، لذا تم حل الأزمة من خلال وضع الأطراف من داخل الملابس، وربطها بشكل داخلي"، تقول أشجان.

"ليس مشروعاً خيرياً"... قصة علامة تجارية لأزياء ذوي الاحتياجات الخاصة

أزياء لذوي القدرات الخاصة بعلامة تجارية

وعبر جلسات عدة، تلاشى الخجل تدريجياً بين فريق "أدبتديف" وفئات ذوي الإعاقة، حتى يفصحوا بكل احتياجاتهم، بدأ ذلك بعد 3 شهور، حينما تحدث أحدهم عن ارتداء الحفاضات وسأل عن طريق لحل هذه الأزمة. تقول أشجان: "استمرت النقاشات عاماً كاملاً، وظهرت بعدها تصميمات صيفية وشتوية على يد المصممة خلود عماد الدين".

وبحسب من تحدثوا إلى رصيف22، التصميمات الشتوية كانت للمصممة سارة فاروق، والتصميم الصيفي للمصممة خلود عماد الدين.

وتقول أشجان لرصيف22 إن مشاكل قصار القامة تتركز في عدم وجود مقاس مناسب لهم، لأنهم ليسوا أطفالاً وليسوا كبار سن، لافتة إلى أنه كان من الصعب إجراء عرض أزياء بسبب وجود فيروس كورونا المستجد كوفيد-19، ولكن تم إقامة عرض أزياء مصغر في ديسمبر 2020.

تصميمات عصرية

"الملابس غير عصرية، وليست مناسبة للجسد"، كانت تلك أبرز مشاكل قصار القامة التي نتجت عن إهمال خطوط إنتاج الملابس لقصار القامة، بحسب محمد وجدي.

"قصار القامة يتخلصون من نصف الملابس التي يشترونها لأن مقاس الملابس لا يناسبهم، وتواجههم صعوبة أخرى، إذ إن التصميمات الموجودة على الملابس لا تناسب شخصياتهم وحياتهم، فأغلب ملابسهم يوجد عليها رسومات أطفال، وهذا لا يناسبهم في عملهم أو في حياتهم، لذا حاولنا حل هذه المشكلة من خلال إيجاد المقاس المناسب لهم، بتصميمات جيدة تعبر عن الكبار وليس الأطفال، لذا يلجأ كثير منهم إلى التفصيل، وهذا مرهق مادياً ومن الناحية الوقت، كما أنهم يقضون وقتاً طويلاً في إيجاد ترزي جيد".

"ليس مشروعاً خيرياً"... قصة علامة تجارية لأزياء ذوي الاحتياجات الخاصة

ويستطرد وجدي لرصيف22: "يستلقي الشخص الجالس على كرسي متحرك على سرير من أجل ارتداء الملابس بشكل سليم كالأشخاص العاديين، وبعدها يتحرك من أجل إغلاق البنطلون حول منطقة الوسط، وهذا قد يستغرق 15 دقيقة، بخلاف الشخص العادي الذي يرتديه خلال 3 دقائق، ولحل هذه المشكلة تم توفير خطاف يمكن أن يرفعه الشخص لكي يلبس البنطلون بشكل أسرع".

"الموضوع ماكانش سهل إن حد يقول إنه بالغ ويرتدي حفاضة، أو إنه يحتاج مكان يضع فيه قسطرة، لأن دخوله الحمام يكون صعباً إذا كان خارج المنزل على الكرسي المتحرك"

ولفت إلى أن دخول الحمام يمثل صعوبة لذوي الإعاقة، في ظل عدم وجود حمامات مجهزة في أغلب الأوقات، لذا يلجأ جزء كبير منهم إلى الإخراج بسهولة، لأنهم أصحاء، وآخرون يعانون من أزمات في الحبل الشوكي ويتبرزون في الحفاضات، وهذه مشكلة، لأنهم يحتاجون دخول الحمام كذا مرة، وقد وجدنا حلاً لهذه المشكلة من خلال توفير أنبوبة يرفعها الشخص ليفرغ البراز أو البول في قاعدة الحمام، ويتم ارتداء الحفاضات بشكل معين، من أجل أن يتحرك الشخص بسهولة.

"قميص مغناطيسي"

تذكر أشجان أن أصحاب الأجهزة التعويضية يرتدون جهازاً، ويكون مربوطاً بمسامير ويتمزق مع الوقت بسبب المسامير، ولا يتحمل البنطلون أكثر من شهر واحد مهما كانت ماركته، لذا تم توفير بطانة في البنطلون من مادة تسمى كابتونيه، وهي سميكة وتتحمل أكثر من القماش العادي، وقللت المشكلة لدى أصحاب الأجهزة التعويضية.

وأشارت إلى أن هذه المادة زادت من مدة استخدام البنطلون، مبينة أنه لا يمكن استخدام بطانة سميكة لكي يبدو البنطلون متناسقاً، كما يوجد بعض الأشخاص لديهم بتر في قدم واحدة، وهذا يحتاج تبطين القدمين حتى لا تكون إحدى القدمين شكلها أضخم من أخرى.

"ليس مشروعاً خيرياً"... قصة علامة تجارية لأزياء ذوي الاحتياجات الخاصة

عارضة أزياء ملابس ذوي الإعاقة

وتحكي أشجان قصة إحدى العارضات: "دينا لديها بتر في يدها، وبتر في قدمها منذ الولادة، وهي تعاني من مشكلة أن أحد الأكمام في الملابس تكون فارغة، ولا تستطيع أن ترفع كمها إلى درجة عالية، لذا تم استخدام طريقة لفك وتركيب الكم من خلال سوستة، لكي يفعلها الشخص بالطريقة المناسبة لطول يده المبتورة".

وأوضحت أشجان أن التصاميم المختلفة كانت في مرحلة التجريب، لكن حالياً سيتم إنتاج هذه التصاميم وعرضها في السوق بمقاسات مختلفة وألوان متنوعة، إذ يتم توفير بناطيل أجهزة متحركة، أجهزة تعويضية وقمصان مناسبة أيضاً لهم، وكذلك قمصان مغناطيسية لمن يعانون من الشلل الدماغي، خاصة أنهم لا يستطيعون إغلاق القمصان بأزرار، وتم اللجوء إلى قمصان سكوتش في الصيف، لكن هذا القميص يتلف مع كثرة الغسيل، ويحتاج مجهوداً كبيراً لتتلاقى المناطق اللاصقة، أما في الشتاء فالقميص المغناطيسي كان أسهل حل لهم".

مشاعر مختلفة

الإحساس بارتداء ملابس مصممة خصيصاً لك، تناسبك وتلبي احتياجاتك، كان جديداً على المشاركين في عروض أزياء ذوي الإعاقة، بدت عليهم السعادة حينها لأن شخصاً فكّر فيهم، وسط نظرة لذوي القدرات الخاصة تمثل تصنيفاً غير منصف ضدهم.

شاركت ندى سامح، في عرض أزياء "أدبتديف" للملابس الشتوية، وما شجعها معاناتها خلال شراء الملابس، إذ إنها كانت تعاني في العثور على مقاس مناسب لطولها، موضحة: "لو هشتري حاجة لازم أقص نص الموديل عشان يكون مناسب ع طولي، فطبيعي شكل الموديل كان بيروح لما يتقص ليناسب طولي".

شعور ندى كان راحة ممزوجة بسعادة عند ارتداء ملابس اختارتها بإرادتها، وطرأ تعديل أكثر من مرة دون كلل أو ملل من المصمم، حتى يخرج أفضل منتج تتمناه، ذلك الشعور كان موازياً لشعورها بأنها ستصبح عارضة أزياء ممثلة لفئتها من قصار القامة.

تقول ندى لرصيف22: "دخلت حاجة بحبها، وشعرت باختلاف، وكنت سعيدة جداً أن أتعامل مع أشخاص جديدة، وإن شاركت في التجربة، وكانت تجربة مهمة جداً، وناوية إن شاء الله أكمل أن أمثل فئة قصار القامة على مستوى دولي، وزي ما في عارضات ازياء طوال في برده عارضات أزياء من قصار القامة".

ساعد "أدبتديف" ندى في أن تهتم أكثر بمجال الموضة والملابس، وأن تهتم بمواءمة ملابسها أو أن تصمم موديلات على هواها بعيداً عن المعدة سلفاً.

مشكلة الفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة أنهم غير مرئيين بالنسبة لشركات وخطوط الإنتاج الكبرى، فلا توجد مقاسات تناسبهم، وإذا صُممت ملابس تكون بشكل فردي، وكثيراً ما تتجاهل تفاصيل مهمة

لا تهتم الشركات بتوفير سبل مناسبة لذوي الإعاقة داخل المحال لمشاهدة الملابس، فبحسب ندى فإن الأمر كان شاقاً في العثور على ملابس في المحلات، حتى إذا أرادت مشاهدة موديل في المحل لا تستطيع، لأن الموديلات تكون في أرفف عالية، توضح ندى: "حينما كنت أنادي على أحد الموظفين في المحل حتى يجلب لي ما أريد، إضافة إلى أني لو اشتريت منتجاً وقلت لصاحب المحل هقيسها، ولو مش مظبوطة هرجعها، حينها كان يقبل البعض ويرفض البعض، وقتها كنت بشتري المنتج ومعرفش ألبسه لأنه مش مناسب لطولي".

"ليس مشروعاً خيرياً"... قصة علامة تجارية لأزياء ذوي الاحتياجات الخاصة

علامة تجارية لأزياء ذوي الإعاقة

يقتصر التركيز على تلك الفئات في أحداث تحقيق إنجاز رياضي أو حينما يبرز أحدهم في موهبة ما، بحسب أشجان، التي ترى أن الضوء لا يُلقى عليهم باعتبارهم أشخاصاً مستهلكين عاديين، يحتاجون ارتداء ملابس مثل باقي الأشخاص، ولم يجربوا من قبل تجربة قياس الملابس الخاصة بهم، لأن أصحاب المحال لا يصممون لهم بروفات لقياس الملابس مناسبة.

وكذلك قوائم الطعام للمكفوفين، إذ لا يوجد في مصر قوائم مكتوبة بطريقة برايل، وكثير من الخدمات المقدمة لا يتم تدريب الأشخاص على تقديم خدمة لذوي الإعاقة، سواء في المواصلات أو محلات الأطعمة أو الملابس، ويعتبرهم البعض عدداً قليلاً على الرغم من أن عددهم بالملايين في مصر، فهل ممكن أن تهتم بهم شركات ومصانع الملابس لتلبية احتياجاتهم كأفراد مستهلكين مثل غيرهم؟

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard