أمام إدارة شؤون الأفراد في مديرية الأمن العام، في العاصمة الأردنية، عمان، تجمع المئات من الشبان للتقدم إلى التجنيد كسائقين في الأمن العام.
ورغم أن الإعلان يشترط بأن يكون المتقدم حاملاً درجة الثانوية العامة (التوجيهي) فإن الجزء الأكبر من المتقدمين الذين تجاوز عددهم الـ 95 ألفاً، كانوا من حملة المؤهلات العليا.
رصيف22 التقت محمد عبد الكريم (26 سنة) القادم من محافظة الزرقاء والذي تقدم لوظيفة سائق المعلن عنها برغم كونه حاصلاً على شهادة البكالوريوس في السياحة والآثار، استهل محمد حديثه: "أشعر بمرارة من التقدم لوظيفة أقل من الطموح الذي حلمت به وأنا على مقاعد الدراسة، لكن ما هي خياراتي! والدي متوفىً، ونعيش انا واشقائي الأربعة ووالدتي من راتب تقاعدي الذي لا يتجاوز 240 ديناراً (338 دولاراً أمريكياً) في الشهر، نصفه يذهب دفع فواتير وإيجار". ويستطرد: "انا اكبر اشقائي، والمسؤولية القيت على كاهلي، حاولت جاهداً أن أجد وظيفة ملائمة للمؤهل الجامعي. لكن الأبواب غُلقت والمنافذ سدت، أمثالي لا يملكون ترف الاختيار".
تحت قبة البرلمان
الإعلان وما صاحبه من لغط انتقل الى قاعة البرلمان الأردني عبر النائبة صفاء المومني، التي وصفت الوضع خلال جلسة رقابية لمجلس النواب قائلة: "ان الأمر صادم وكبير جداً". مشيرةً إلى الارتفاع غير المسبوق في أرقام البطالة بالأردن والتي تجاوزت 24% ووصلت في بعض المحافظات الى 28٪ وهو ما يعني ان الاردن تجاوز نسب البطالة فيه المعدل العالمي للأمان.
وفقا للأرقام الصادرة من دائرة الإحصاءات العامة، فإن الأردن يواجه أزمة حقيقية تضعه على حافة خطر لا يمكن تجاهله إذ تشير الأرقام إلى أن نسبة البطالة بين الفئة العمرية (15-29) بلغت ما يقرب من 45% وبين صفوف الخريجين الجامعيين اقتربت من 39%
الصادم لم يكن موقف النائبة الغاضبة، بقدر ما كان رد فعل المسؤول الأول عن ملف مكافحة البطالة وزير العمل نضال قطامين الذي اعترف بالأمر وقال: "الأردن يواجه خطر قنبلة البطالة الموقوتة في وجوه الجميع، وذلك نتاج فشل مستمر لعدد من الحكومات التي تولت أمر الوطن". وحاول الوزير القاء تبعية الازمة على عاتق قلة الموارد قائلا": "الـ 12 مليون دولار المخصصة لوزارة العمل غير كافية لوزارة منوط بها حل أزمة البطالة".
أرقام مرعبة
ووفقا للأرقام الصادرة من دائرة الإحصاءات العامة، فإن الأردن يواجه أزمة حقيقية تضعه على حافة خطر لا يمكن تجاهله إذ تشير الأرقام إلى أن نسبة البطالة بين الفئة العمرية (15-29) بلغت ما يقرب من 45% وبين صفوف الخريجين الجامعيين اقتربت من 39% ، مع مراعاة ان نسبة المتقدمين لديوان الخدمة المدنية من الخريجين الجامعيين لم تتجاوز 23% من مجموع الخريجين، ما يعني وجود بطالة خارج الحسابات الحكومية، إضافة للواقع الاقتصادي الأردني.
المشاريع مرتبطة بعمر الحكومات
"البطالة مرتبطة بغياب المشاريع الانتاجية" هكذا يبدأ عدلي قندح، الخبير الاقتصادي، حديثه لرصيف22 عن أسباب أزمة البطالة في الأردن شارحاً: "البطالة اقتربت أرقامها الرسمية من ربع القوى العاملة في الأردن، وهذا مؤشر شديد الخطوره، وبدون التحرك صوب تدشين مشاريع إنتاجية لن يستطيع الاردن إحداث قفزة في معدلات النمو الاقتصادي والتي ستقود لإيجاد فرص عمل. وللاسف الشديد المشاريع الوطنية لدينا مرتبطة بعمر الحكومات. فضلاً عن عدم استغلال مستمر وعبر مختلف الحكومات، للكثير من الموارد، وخاصة رأس المال والتكنولوجيا".
جائحة كورونا تعمق أزمة البطالة
وكأن ظهر البعير ينقصه قشة. ففي نفس الوقت الذي ترتفع فيه معدلات البطالة يوماً بعد يوم في الأردن، تأتي جائحة كورونا لتزيد المشهد قتامة. وينعكس ذلك على قطاعات عدة من بينها قطاع السياحة والمطاعم، ويفقد الكثيرون وظائفهم لينضموا إلى طابور العاطلين عن العمل.
رصيف22 التقت أشرف جوهر (26 عامًا)، الذي لم يكمل دراسته الثانوية، ويعيش في محافظة الزرقاء (وسط المملكة)، وهو من الذين فقدوا وظائفهم خلال الأشهر الماضية، يقول: "كنت أعمل بأحد المطاعم الشعبية وكانت الأمور تسير بشكل مقبول، كانت أجرتي اليومية لا تتجاوز 10 دنانير، حوالي (14 دولاراً) وهو مبلغ بسيط، لكنه كاف لسد الأساسيات. ثم اتت الجائحة لأجد نفسي بلا وظيفة، حاولت البحث عن أي فرصة عمل، فلم أوفق".
"إننا أمام أرقام خطيرة ستنعكس على كل المجتمع الأردني، ما يحدث امام اعيننا من ارتفاع غير مسبوق في نسبة البطالة سوف يقود الى ارتفاع معدلات العنف وانتشار المخدرات والجريمة، وتحديدًا الجرائم ضد المال، وهو ما بدأ يحدث بالفعل..."
طموح الشاب في وظيفة ثابتة قاده لتقديم طلب توظيف (تجنيد) في السلك العسكري - الأمني الذي أُعلن عنه مؤخراً، باحثاً عن واسطة أيضاً لمساعدته في الحصول على القبول، بعد محاولات سابقة له جميعها باءت بالفشل، دون معرفة السبب.
البطالة والفقر
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.