خلال الأسابيع الأخيرة، بزغ نجم تطبيق "كلوب هاوس" في صفوف المستخدمين العرب، وانضم إلى منصته المزيد منهم، بالتزامن مع ارتفاع قيمته السوقية، واستشعار فيسبوك – منصة السوشيال ميديا الأكبر – الخطر من صعوده. مع ذلك، فإن مخاوف أثيرت بشأن الخصوصية وأمن المعلومات في التطبيق الفتي.
في 4 شباط/فبراير الجاري، ارتفعت فجأة شعبية تطبيق "كلوب هاوس" بعدما انضم الملياردير الكندي الأشهر إلون ماسك إلى المنصة وحقق رقماً قياسياً بتسجيل أكثر من 5000 شخص، السعة القصوى لغرف دردشة "كلوب هاوس"، رغبتهم في الحضور في غرفته. وبسبب الشعبية الواسعة لـ"ماسك" قام بعض متابعيه في غرفة الدردشة ببث اللقاء عبر منصات أخرى، منها يوتيوب، بالإضافة إلى تغطية حية على يوتيوب، مما أسهم في خلق حالة من الفضول الواسع نحو التطبيق الجديد، خاصة أن ماسك استبق ظهوره على "كلوب هاوس" بإعلان عبر حسابه الذي يتابعه ما يزيد عن 46 مليوناً، مما تسبب في ازدياد عدد طلبات الانضمام إلى المنصة التي تقصر خدماتها، حتى الآن، على مستخدمي نظم تشغيل شركة آبل iOS.
Just agree to do Clubhouse with @kanyewest
— Elon Musk (@elonmusk) February 10, 2021
في اليوم التالي لظهور عملاق تسلا، انضم مارك زوكربيرغ مؤسس فيسبوك بنفسه إلى "كلوب هاوس" باسم Zuck23، ليحل ضيفاً على برنامج حِواِري يُقدَّم من خلال التطبيق الجديد.
نظرة لمستخدمي أندرويد
"كلوب هاوس" هو تطبيق صوتي أمريكي لا يمكن الانضمام إليه إلا بدعوة، أو طلب انضمام يدعمه أحد المنضمين إلى المنصة. ويمكن لأعضائه الاستماع، أو المشاركة في محادثات مباشرة غير خاضعة لأي شكل من أشكال الرقابة أو الشروط، تجري في "غرف" رقمية. وهو متوفر حالياً لأجهزة آبل، ومن هنا عُرف بـ"نادي الأثرياء".
عقب الانضمام، يحدد المستخدم موضوعات اهتمامه، مثل التكنولوجيا أو الكتب أو الأعمال أو الصحة. كلما زادت المعلومات حول التفضيلات الشخصية التي يتم منحها للتطبيق، زاد عدد غرف المحادثة والأفراد الذين يوصي التطبيق بمتابعتهم أو الانضمام إليهم.
خلال أيام ارتفعت قيمته السوقية 10 أضعاف وأمرت فيسبوك مطوّريها باستنساخ بعض ميزاته. لكن ما هي التحذيرات المتعلقة بالخصوصية في تطبيق "كلوب هاوس"؟
صعود مفاجئ
قبل الدَفعة التسويقية التي تلقاها التطبيق بظهور كل من ماسك وزوكربيرغ عبره، كانت القيمة السوقية التقديرية للتطبيق قد ارتفعت من 100 مليون دولار في العام الماضي إلى مليار في كانون الثاني/ يناير من العام الجاري. وخلال الشهر الأخير فقط، جمع التطبيق 100 مليون دولار من الاستثمارات مع ارتفاع الاعتماد على شبكات التواصل الاجتماعي واستمرار القيود على السفر والحركة واستمرار فرض إجراءات التباعد الاجتماعي.
في الأثناء، زاد عدد المستخدمين من 1500 عام 2020 إلى أكثر من مليون في 1 شباط/ فبراير. يعتقد خبراء ومهتمون بالشأن التقني أن العدد تضاعف بضع مرات الآن عقب ترويج ماسك.
فيسبوك يُقلّد
دفع نجاح التطبيق، الذي أطلقه رائدا الأعمال بول دافيسون وروهان سيث الشركة العملاقة إلى بحث توفير بعض ميزاته لمستخدميها كما نشرت صحيفة "نيويورك تايمز". نقلت الصحيفة الأمريكية عن مصدرين مطلعين أن فيسبوك "تبني منتج دردشة صوتية مشابهاً للتطبيق الشبابي الشهير "كلوب هاوس" في إطار سعيها إلى التوسع في أشكال جديدة من الاتصال".
وأضافت أن المسؤولين التنفيذيين في الشركة أمروا فريقهم التقني بإنشاء منتج مماثل، لافتةً إلى أن المنتج المشار إليه في مراحله الأولى من التطوير ولم يُستقر على تسميته بعد.
تحرك فيسبوك لم يشكل مفاجأة للمجتمع التقني من المطورين والمهتمين بأخبار التطبيقات والخدمات الرقمية. حالما ظهر زوكربيرغ على منصة "كلوب هاوس" غرَّد سال رودريغز، محرر التقنية لشبكة NBC الأمريكية: "أستمع الآن إلى محادثة زوكربيرغ عبر "كلوب هاوس"، ومن المستحيل ألَّا أتساءل كم سيمر من الوقت قبل أن يطلق فيسبوك نسخته الخاصة من هذا المُنتَج".
Listening to Mark Zuckerberg chat on Clubhouse, it's impossible not to wonder how long before Facebook releases its own version of this product
— Sal Rodriguez ? (@sal19) February 5, 2021
تُعرف شركة فيسبوك في وادي السيليكون بأنها لا تتوانى عن استنساخ المنافسين. مثلاً نسخ "انستغرام" - المنصة الاجتماعية التي استحوذت عليها فيسبوك - عام 2016 إحدى الميزات البارزة في سناب شات، وهي القصص Stories، التي تتيح للمستخدمين مشاركة مقاطع الفيديو والصور السريعة الاختفاء. قلّد انستغرام أيضاً مقاطع الفيديو المميزة لـ"تيك توك".
مع الإقبال الكبير على "زووم" لعقد الاجتماعات عن بعد في ظل جائحة الفيروس التاجي، أنشأت فيسبوك غرف الدردشة الجماعية Rooms. ويبدو أن استجواب مارك زوكربيرغ المتحكم الوحيد تقريباً في فيسبوك امام الكونغرس والاتهامات والبلاغات بالاحتكار التي يواجهها لن تثنيه عن حلمه الأكبر الذي هو ابتلاع سوق التكنولوجيا والتطبيقات الخدمية والترفيهية.
مخاوف الخصوصية
من عوامل رواج "كلوب هاوس" حالة الحرية الواسعة التي يتيحها لمستخدميه بإنشاء غرف للدردشة والحوار في كل شي تقريباً دون قيود تذكر على عكس فيسبوك الذي نوه بتوسعه في سياسات عدها مستخدموه "رقابية"، وأحدثها إعلان زوكربيرغ في بيان أن فيسبوك تعتزم التدخل كي تخفض من تعرض مستخدميها للمحتوى السياسي الذي يشاركه مستخدمون آخرون. خاصة بعدما استخدم مقتحمو "كابيتول هيل" فيسبوك ضمن منصات اجتماعية أخرى في الحشد لتحركهم.
لا يمكن الانضمام إلى التطبيق في هدوء أو متابعة المحادثات في صمت… كيف يمكن أن يكون تسجيلك في "كلوب هاوس" الأمر الأكثر إزعاجاً على الإطلاق؟
لكن هروب مستخدمي "كلوب هاوس" من الرقابة اللصيقة التي يمارسها فيسبوك على مستخدميه، وطموحهم إلى المزيد من الخصوصية من خلال استخدام المنافس الجديد، ربما لا يستند إلى حقيقة. إذ عبّر العديد من خبراء التقنية والأمن السيبراني عن مخاوفهم بشأن درجة الخصوصية والأمن الرقمي التي يوفرها التطبيق لمستخدميه.
أول المخاوف يتعلق بالطريقة التي تستخدم بها البيانات الشخصية للمشتركين. لا يختلف "كلوب هاوس" عن التطبيقات الأخرى في ما يخص طريقة جمع معلومات حول المستخدم وجهات الاتصال الخاصة به عند التسجيل. أما اللافت فهو أن المستخدمين قد لا يكونون على علم بذلك بالضرورة. كذلك، الطرق التي يمكن بها التحكم في إعدادات الخصوصية عليه محدودة وليست واضحة على الفور.
حتى اعتماد الدخول إلى التطبيق عبر "دعوة" قد يواجه مشكلة خصوصية محتملة: عندما تنضم إلى التطبيق، يمكن لأي شخص آخر يستخدم التطبيق أن يعرف الشخص الذي دعاك، وتظهر هذه المعلومات في ملفك الشخصي.
لدى التسجيل، يطلب التطبيق الوصول إلى جهات الاتصال الخاصة بالمستخدم، حتى يتمكن من معرفة من قد تعرفه في "كلوب هاوس"، ودعوة معارفك غير المستخدمين له، يبدو هذا خاصية لطيفة تتيح لك ضم المزيد من أصدقائك للتطبيق، خاصة أن "كلوب هاوس" يمنحك حق الرفض. ولكن الأمر الذي يخشاه خبراء التقنية هنا هو تصنيف جهات اتصال المستخدم حسب عدد جهات اتصالهم في Clubhouse، أي أنه يتم وضع قائمة بجميع جهات اتصالك مرتبة بحسب عدد جهات اتصالهم على "كلوب هاوس"، حتى لو لم ينضم الشخص نفسه.
ولأن التطبيق ليس لديه طريقة لمعرفة مدى قرب جهات الاتصال من المستخدم، وما إذا كان قد يرغب في التحدث إليهم مرة أخرى، رأى البعض أنه بمجرد تسجيل الدخول، تم حث المستخدم على دعوة طبيب الأطفال السابق، أو الحلاق، أو أشخاص انقطعت الصلة بهم وإن ظلت أرقامهم على الهاتف.
قد يظن البعض أن في رفض طلب التطبيق الوصول إلى جهات الاتصال مخرجاً من هذه الورطة. لسوء الحظ، يظل المستخدم يرى هذه القوائم والتوصيات، لأنه بمجرد تسجيل رقمه في التطبيق يكون من حق التطبيق تقديم التوصيات إليه كونه ضمن قائمة اتصال شخص آخر أو أكثر من شخص.
المزعج أنه قد يكون من هؤلاء المستخدمين الذين يحتفظون بك في جهات اتصالهم غرباء أو أشخاص ترغب في تجنب نشاطهم. الخلاصة هنا أنه لا يمكن الانضمام إلى التطبيق في هدوء أو متابعة المحادثات في صمت.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...