أعادت مصر ترشيح الثمانيني أحمد أبو الغيط أميناً عاماً لجامعة الدول العربية لولاية ثانية، في وقت يعتبر محللون أبو الغيط دبلوماسياً هادئاً متحفظاً لا يتناسب مع المرحلة الحالية والتي تتطلب شخصاً سياسياً، لا سفيراً سابقاً في وزارة الخارجية المصرية التي لا تزال تؤثر على قراراته.
وفي مناسبات مختلفة، نادى العديد من السياسيين العرب بضرورة تداول منصب الأمين العام، وألا يكون مقتصراً على دولة المقر وهي مصر، مؤكدين أن ترشيح أبو الغيط لولاية ثانية يعني نهاية جامعة الدول العربية.
ترشيح أحمد أبو الغيط
أعادت مصر ترشيح أبو الغيط أميناً عاماً لجامعة الدول العربية لولاية ثانية، إذ بعث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي برسائل إلى القادة العرب، أعرب فيها عن عزم القاهرة إعادة ترشيحه لمدة خمس سنوات أخرى، مضيفاً أنه يتطلع إلى تلقي دعمهم وفقاً لميثاق الجامعة.
وتم اختيار أبو الغيط الذي شغل منصب آخر وزير خارجية في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية عام 2016 خلفاً لنبيل العربي.
وترأس وزارة الخارجية المصرية لأكثر من سبع سنوات منذ عام 2004، حتى عام 2011، ورشحته مصر عام 2016 لمنصب الأمين العام للجامعة العربية.
التحق أبو الغيط بوزارة الخارجية المصرية عام 1965، ثم تدرج في المناصب وخدم في أكثر من دولة، وكان من بين أبرز المناصب التي تدرج فيها، تعيينه عام 1982 كمستشار سياسي خاص لوزير الخارجية، وفي عام 1984 عين مستشاراً سياسياً خاصاً لدى رئيس الوزراء.
عام 1987، عُيّن أبو الغيط مندوباً مناوباً لمصر لدى الأمم المتحدة، وفي عام 1999 عُيّن في منصب مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة.
وفي عام 1992، عُيّن سفيراً لمصر لدى إيطاليا ومقدونيا وسان مارينو وممثلاً لبلده لدى منظمة الأغذية والزراعة (الفاو). وفي تموز/ يوليو عام 2004 عُيّن وزيراً للخارجية ليخلف أحمد ماهر في منصبه.
يعتبر محللون أن أبو الغيط بهدوئه لا يتناسب مع المرحلة الحالية التي تتطلب شخصاً سياسياً لا سفيراً سابقاً في وزارة الخارجية المصرية، فيما ينادي العديد من السياسيين العرب بضرورة تداول منصب الأمين العام، وألا يكون مقتصراً على دولة المقر
لا يُعرف عن أبو الغيط أي مواقف في الخارجية المصرية سوى أنه ظهر في مؤتمر صحافي مع وزيرة الخارجية الإسرائيلي تسيبي ليفني ليلة شن تل أبيب لهجوم واسع على قطاع غزة، كما ظهر في التوقيع على اتفاقية تقسيم السودان عام 2010.
هل يكون هناك رفض؟
في عام 2016، اعترضت قطر على ترشيح أبو الغيط لمنصب الأمين العام بحجة "مواقفه العدائية" السابقة ضد الدوحة، وحاولت دفع الصومال والجزائر لدعم جهودها لمنعه من تأمين النصاب القانوني اللازم للحصول على المنصب.
كانت العلاقات المصرية القطرية في ذلك العام متوترة للغاية، لكن مع عودة القاهرة والدوحة إلى العلاقات الدبلوماسية الشهر الماضي، من المرجح أن موقف الدوحة من ترشيح أبو الغيط لولاية ثانية سيكون بمثابة اختبار جاد لما إذا كانت العلاقات المصرية القطرية قد تحسنت.
في مؤشر سلبي، نشر رئيس الوزراء القطري الأسبق الشيخ حمد بن جاسم سلسلة تغريدات دعا فيها إلى "إخراج الجامعة العربية من وضعها المحزن وضخ دماء جديدة فيها، وعدم جعل منصب الأمين العام لتكريم المتقاعدين".
وقال: "كلنا ندرك ما يعاني منه الوضع العربي من تآكل مستمر بات يهدد دولنا بأزمات مستفحلة عاماً بعد عام. فلا بد والحال هذه من بث دماء وروح وسياسات جديدة في الجامعة العربية تكون مبنية على فلسفة مستقلة عن تفاصيل السياسات الفردية للدول الأعضاء في الجامعة".
وأضاف: "سبق أن تحدثت في قضية الحاجة الملحة لإصلاح وضع الجامعة العربية. فإذا قدر الله عز وجل وتحقق الأمل في أن يكون هناك في الأيام والأسابيع القادمة توجه جاد لإعادة بناء مجلس التعاون الخليجي بشكل ينهي الانقسام و يؤطر العلاقة بين دوله".
اعتبرت وسائل إعلام مصرية حديث بن جاسم طمعاً قطرياً في المنصب واعتراضاً مبكراً على ترشيح أبو الغيط لولاية ثانية.
من المرجح أن تكون هناك صعوبة في عقد قمة عربية في آذار/ مارس المقبل، إذ تم إلغاء قمة الجزائر في العام الماضي بسبب تفشي فيروس كورونا، لكن قد يتم عقد الاجتماع هذه المرة عبر الفيديوكونفرنس، وبالتالي يمكن تمرير ترشيح أبو الغيط.
ويمكن للقادة العرب تفويض وزراء خارجيتهم لعقد اجتماع على المستوى الوزاري لمناقشة الأمر قبل انتهاء الولاية الأولى للأمين العام الحالي.
أبو الغيط محل جدل
بموازاة ذلك، عبر عدد من المحللين السياسيين والناشطين العرب عن استيائهم من إعادة ترشيح أبو الغيط، مطالبين بتدوير المناصب بين الدول الأعضاء.
وقال أستاذ العلوم السياسية في الكويت عبدالله الشايجي في تغريدة: "رشحت مصر الثمانيني وزير خارجيتها الأسبق أحمد أبوالغيط أمين عام الجامعة العربية خمسة سنوات ثانية. إلى متى تبقى الجامعة العربية أقدم منظمة إقليمية حتى أقدم من الأمم المتحدة مؤسسة هامشية بدون إصلاحات؟ ومتى تنتهي مجاملات وبدعة الأمين العام من بلد المقر؟".
وغرّد الحقوقي المصري البارز بهي الدين حسن: "لا أظن أن هناك من هو أفضل منه لاستكمال مهمة دفن الجامعة العربية".
وكتبت العمانية إيثار الشبلي في تغريدة: "مصر ترشح أبو الغيط لولاية ثانية. أعتقد بأنه حان للسلطنة أن تُرشح أحد أعمدة سياستها كأمين عام لجامعة الدول العربية، حيث تحتفظ مصر بهذا المنصب منذ إنشائها في 1945 باستثناء الفترة من 1979 - 1990 التي تولى خلالها التونسي الشاذلي القليبي المنصب أعقاب اتفاقية كامب ديفيد".
"لا أظن أن هناك من هو أفضل منه لاستكمال مهمة دفن الجامعة العربية"... عبّر كثر عن استيائهم من إعادة ترشيح أحمد أبو الغيط، في وقت يُطرح السؤال عما إذا كانت مشكلة الجامعة العربية تكمن في شخصية أمينها العام أم أن الأزمات كانت أكبر من قدرات أية شخصية؟
ورد الصحافي المصري جمال سلطان في تغريدة، قائلاً: "الأشقاء في الكويت غاضبون من طرح فكرة التجديد لأحمد أبو الغيط أميناً عاماً للجامعة العربية خمس سنوات أخرى، رغم كبر سنه، وغياب أية قيمة قدمها، الأشقاء يريدون أن يغيروا قواعد المعاشات في مصر، هل يرضى أحد أن يخرج وزير خارجية مصر على المعاش فيجلس على المقهى مثلاً؟".
في تصريحات سابقة لرصيف22، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة أن أبو الغيط تولى منصبه في فترة صعبة جداً شهدت تدهوراً كاملاً للجامعة بسبب انهيار النظام العربي، ويرى أن سلطته محدودة جداً ويستمدها من مجلس الجامعة وقدرة الدول الأعضاء على العمل معاً.
وأضاف أن أبو الغيط لا يعرف عنه أنه مقاتل عروبي أو لديه لغة خطاب قومي عربي، مضيفاً أن الأمانة العامة تحتاج إلى شخص سياسي أكثر مما تحتاج إلى "شخصية دبلوماسية هادئة الطبع" مثله.
وأشار إلى أن شخصية الأمين العام الحالي "الدبلوماسية المحترفة الزائدة" خلقت خللاً في بنية الجامعة العربية، وأطفأت دورها، مضيفاً أن الأمانة العامة كانت في حاجة إلى خطيب وسياسي متكلم وليس إلى "هذا التحفظ الدبلوماسي الشديد".
ولفت نافعة إلى أن أبو الغيط لا يؤمن بالعمل العربي المشترك وليس لديه التوجه العروبي القومي، ويختلف من هذه الزاوية عن كثيرين من السفراء والشخصيات الأخرى التي شغلت منصب الأمين العام أو كانت مرشحة له، إذ كانت تتبنى خطاباً قومياً.
ويعتبر البعض أن أبو الغيط ما زال أسيراً للدبلوماسية المصرية التي عمل فيها ويسير في فلكها، ولم يستطع أن يكون أميناً عاماً لكل العرب، وهو ما يفسر عدم قدرته على أن يكون وسيطاً لحل الخلافات الداخلية.
في المقابل، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي أن شخصية أبو الغيط أدت أفضل ما يمكن القيام به، في مختلف القضايا، رغم أنه مقيد، وهو ليس الشخصية الضعيفة التي أضعفت الجامعة، لكن الأوضاع المتدهورة في سوريا وليبيا وغيرها من الدول الأعضاء أكبر وأقوى من قدرات أية شخصية عربية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه