لم تكن تجارة الرقيق في منطقة الخليج العربي في القرن التاسع عشر مجرد عملية اقتصادية هدفها تحقيق الأرباح، بل كانت ستاراً لصراع استعماري هدفه بسط الهيمنة على هذه البقعة الإستراتيجية المهمة.
ورغم تعدد محطات هذه التجارة في الخليج، إلا أن عمان كانت المحطة الرئيسة لها.
يذكر جون كيلي في كتابه "بريطانيا والخليج 1795- 1870"، وهو كتاب ترجمه إلى العربية محمد أمين عبد الله، أن أغلب العبيد المُصدّرين إلى عمان كانوا يُباعون في عمان نفسها، والبقية منهم ينتهون بيد بعض تجار ساحل القرصنة الذي امتد من قطر إلى عمان على الخليج العربي.
وكان أبناء قبيلة القواسم في رأس الخيمة والشارقة وبندر لجة، من أبرز مشتري العبيد، وكانوا يبيعونهم بدورهم في مناطق الساحل نفسها، أو في أسواق فارس والعراق والبحرين والكويت ونجد.
ومن ميناءي مسقط وصور في عمان نُقل العبيد إلى موانئ السند (إقليم في باكستان حالياً) مثل ميناء "كاتياوار" وإلى إقليم بومباي في الهند.
الأحباش الأغلى سعراً
يروي كيلي أن موسم تجارة الرقيق في الخليج كان يتوافق عادة مع ذروة الموسم التجاري، والذي يعتمد على حصاد البلح في البصرة، واعتباراً من شهر تموز/ يوليو كانت السفن التابعة للمنطقة السفلى من الخليج حيث عمان ومسقط تبدأ رحلاتها السنوية إلى منطقة نهر شط العرب في العراق لمناسبة موسم الحصاد، وأثناء رحلاتها تتوقف في بعض الموانئ الواقعة على طريقها لإفراغ شحناتها من الرقيق في تلك المناطق.
بعد التوقف، كان يتم إنزال المستعبدين المصدرين في الشارقة ورأس الخيمة ولنجة وميناء بوشهر، وكان لكل من الكويت والبحرين حصة من هذه التجارة، بينما يُرسل العبيد المصدرون إلى المنطقة الشرقية من شبه الجزيرة ويتم إنزالهم في ميناء القطيف. وكانت المبالغ التي تتجمع من هذه الصفقات تُنفق بوجه عام على شراء البلح من البصرة لاستهلاك منطقة الساحل أو لبيعها في مسقط.
ورغم أن إفريقيا الشرقية كانت منذ عهد طويل المصدر الأساسي لتجارة الرقيق، إلا أن الاستغلال على نطاق واسع لهذه التجارة لم يبدأ إلا بعد استيلاء عمان على منطقتي زنجبار والجزيرة الخضراء (تُعرف كذلك بجزيرة بمبا) في أواخر القرن السابع عشر.
وبحسب كيلي، تحولت زنجبار تحت حماية دولة اليعاربة (1624-1742) ومن بعدهم آل بوسعيد حكام اليمن (1744- 1964) إلى سوق للمستعبدين، بحيث أصبحت على أيام السيد سعيد بن سلطان (1791- 1856) أكبر مركز تجارة المستعبدين في الشرق.
ويذكر كيلي أن المستعبدين كانوا يُجلبون من المناطق الداخلية لإفريقيا الشرقية من أقصى الغرب على ضفاف بحيرتي نياسا (في مالاوي الآن) في شرق إفريقيا، وتنجانيقا (مقسمة الآن بين 4 دول هي بوروندي والكونغو الديمقراطية وتنزانيا وزامبيا) في وسط القارة، وكانوا يُشحنون إلى زنجبار لبيعهم هناك، سواء للعمل في مزارع العرب المقيمين في الجزيرة، أو إلى المتعاملين في الرق من الأقطار العربية في الشمال.
وفي كل عام، مع انطلاق موسم الرياح الشمالية الشرقية في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، تبدأ سفن عرب الشمال في الوصول إلى ميناء زنجبار لنقل شحناتها من المستعبدين، وتعود إلى الشمال قبل أن يصل موسم الرياح الشمالية الغربية إلى أقصى حدته على الساحل الغربي للمحيط الهندي في شهر نيسان/ أبريل أو أيار/ مايو.
وخلال الفترة الأولى من القرن التاسع عشر، كان من النادر أن يُجلب العبيد إلى الجزيرة العربية من البحر الأحمر، إذ كانت تخرج سفن من موانئ ساحل حضرموت، وتقوم برحلات سنوية إلى زنجبار، وتأخذ مجموعات من المستعبدين وتعود لبيعها في موانئ المكلا والمخا والحديدة.
لم تكن تجارة الرقيق في منطقة الخليج في القرن التاسع عشر مجرد عملية اقتصادية هدفها الربح، بل كانت ستاراً لصراع استعماري محتدم... على أي خطوط توزعت تجارة الرقيق في دول الخليج؟ وما الدور الذي لعبه البريطانيون والفرنسيون في هذه التجارة قبل أن يتدخل البرتغاليون؟
وكان تجار الرق من منطقة البحر الأحمر يبحرون عادة إلى زنجبار في فصل الخريف ويعودون في موسم الرياح الشمالية الشرقية، أي في الوقت الذي يبدأ تجار الرق من منطقة الخليج رحلاتهم السنوية إلى زنجبار.
وبحسب كيلي، كان العبيد الأحباش يباعون بأسعار غالية ويدرّون أرباحاً كبيرة مقارنة بباقي الإفريقيين، نظراً لما يتميزون به من ذكاء وحسن مظهر، وكان أغلب هؤلاء أسرى الحرب التي كانت تشنها مملكة "شوا" (أقدم مملكة في الحبشة أسسها مهاجرون من قبيلة بني مخزوم العربية عام 896 ثم سقطت على يد ممكلة أوفات عام 1289) ضد شعب "جالا" (قبائل وثنية تحولت للإسلام) على الحدود الحبشية.
وكان يتم شراء العبيد الأحباش من جانب تجار الخليج عادة في بربرة على الساحل الصومالي، حيث يقام سوق سنوي للعبيد يستمر من تشرين الأول/ أكتوبر حتى نيسان/ أبريل من العام التالي.
صراع استعماري
كانت هذه التجارة محوراً لصراع بين قوى دولية تسعى لفرض هيمنتها على المنطقة.
يذكر جاسم محمد شطب، في دراسته "النفوذ البريطاني وتجارة الرقيق في الخليج العربي في القرن التاسع عشر"، أن بريطانيا رأت في منطقة الخليج العربي وبحر العرب والمحيط الهندي منطقة إستراتيجية لكونها الطريق الأقصر إلى بلاد الهند، فلم تسمح تحت أي ظرف أن يمتد إليها نفوذ دولة أخرى، وكانت قضية محاربة تجارة الرقيق واحدة من مبررات وجودها في المنطقة، لا سيما بعد أن أصبح العرب وكلاء محليين لتوريد الرقيق إلى أنحاء مختلفة من العالم لصالح تجار الرقيق الفرنسيين.
وكان موريس، وهو أحد التجار الفرنسيين في شرق إفريقيا، قد أوصى حكومته بإنشاء مستعمرة فرنسية في جزيرة كلوة (تابعة لتنزانيا الآن) لتكون مركزاً لجمع الرقيق، ثم توريدهم للعمل في المستعمرات الفرنسية، ما أثار اهتمام بريطانيا وأشعرها بالخطر، فانتقل الموضوع برمته إلى أروقة مجلس العموم البريطاني عام 1807، لكن الاهتمام الفرنسي تلاشى مؤقتاً بعد سقوط موريشيوس بيد البريطانيين عام 1810 في إطار حربهم ضد نابليون بونابرت، حيث أثر ذلك سلباً على حركة تجارة الرقيق التي كانت تأتي من شرق إفريقيا وتمر بالمحيط الهندي، وفق ما يذكر شطب.
وعندما أرادت بريطانيا حظر تجارة الرقيق في المحيط الهندي، أوعزت إلى حكومة الهند البريطانية في بومباي التي أخذت على عاتقها متابعة مكافحة هذه التجارة في الخليج. وفي الثالث من آذار/ مارس عام 1812، أبلغت سلطان مسقط وزنجبار السيد سعيد بن سلطان (1806- 1856) بالقوانين التي سُنّت لمكافحة هذه التجارة، وفي عام 1814 طبقت الحكومة البريطانية الحظر فعلياً في موريشيوس، فلم يعد هناك رقيق في مستعمرات بريطانيا بعد عام 1839.
جاء أول تحديد لتجارة الرقيق في منطقة الخليج في المعاهدة العامة (اتفاقية السلم الدائمة) التي عُقدت في رأس الخيمة عام 1820، والتي أعقبت العمليات العسكرية البريطانية ضد قبائل القواسم البحرية في عامي 1819 و1820.
وجاء أول تحديد لتجارة الرقيق في منطقة الخليج في المعاهدة العامة (اتفاقية السلم الدائمة) التي عُقدت في رأس الخيمة عام 1820، والتي أعقبت العمليات العسكرية البريطانية ضد قبائل القواسم البحرية في عامي 1819 و1820، فقد أشير في البند التاسع من تلك المعاهدة إلى أن خطف الرقيق من سواحل أفريقيا الشرقية أو أي مكان آخر يعد نهباً وقرصنة، ولم تنص المعاهدة صراحة على حظر تجارة الرق أو شرائهم وبيعهم، ولم تحدد الحكومة البريطانية عقوبة ما ضد منتهكي هذا الحظر، روى شطب.
أعقب ذلك تعهد فرضه الأدميرال البريطاني فيرفاكس مورسبي، وهو قبطان السفينة الملكية "ميناي"، على سلطان مسقط وزنجبار السيد سعيد بن سلطان حليف بريطانيا في عام 1822، وذلك بموجب تعليمات من السير روبرت فاركهار حاكم موريشيوس.
ونص التعهد على منع رعايا السلطان عن بيع الرقيق إلى رعايا الدول المسيحية، ثم توالت بعد ذلك الاتفاقيات التي سارت على النهج نفسه للحد من تجارة الرقيق شكلاً، وتحقيق هيمنة بريطانيا على المنطقة موضوعاً، لكن الأمر لم يصل إلى حد تحريم التجارة كلياً.
الاتجاه بعيداً إلى صور
اتسم النصف الثاني من القرن التاسع عشر بنشاط فرنسي مكثف في البحث عن الرقيق والمتاجرة بهم، لمواجهة الحاجة المتزايدة إلى العمالة في مستعمرات الأقاليم الاستوائية، والتي كانت تمتد من نهر الكونغو إلى الصحراء الكبرى (تشمل الآن 4 دول هي جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد والكونغو والغابون) ما جعل فرنسا في مواجهة بريطانيا، بحسب شطب.
وفي عام 1847، أعد السياسي البريطاني المقيم في الخليج العربي صمويل هينل (1838- 1852) تعهداً جديداً صيغ بلغة أكثر وضوحاً وحزماً من التعهدات السابقة، وفرضه على صقر بن سلطان القاسمي في رأس الخيمة والشارقة، وحاكم دبي الشيخ مكتوم بن بطي، وحاكم عجمان الشيخ عبد العزيز الأول بن راشد النعيمي، وحاكم أم القيوين الشيخ عبدالله بن راشد وحاكم أبو ظبي الشيخ سعيد بن طحنون، وحُرمت بموجب هذا التعهد المتاجرة بالرقيق، ومُنح للسفن البريطانية حق تفتيش السفن التي يشتبه بخرقها نص هذا التعهد.
دفع تصميم البريطانيين على القضاء على هذه التجارة في مسقط ومشيخات الخليج العربي بتجار الرقيق إلى ميناء مدينة صور (تبعد عن مسقط 150 كيلومتراً) البعيدة عن مراقبة السفن البريطانية، والتي لم تخضع في يوم من الأيام لسيطرة أحد، حتى لسيطرة السيد سعيد التي كان يمارسها عليها من زنجبار البعيدة.
وبحسب شطب، كان الرقيق يُنقلون براً من صور إلى داخل الجزيرة العربية، وصولاً إلى مشيخات ساحل القراصنة أو إلى بجة.
وعلى الرغم من كثرة التعهدات التي فرضها البريطانيون، لكن شيوخ المنطقة لم يكونوا جادين في إنهاء هذه التجارة التي كانت تمثل لهم مصدر ربح مهم، من خلال ضرائب المرور "الترانزيت" المفروضة على نقل الرقيق، أو عوائد مالية جراء فروق الأسعار عند نقلهم من منطقة لأخرى، أو ما يرتبط بهم من نشاط اقتصادي رعوي زراعي لاستخدامهم في السقي أو الحراثة، وكذلك في أعمال الغوص وصيد اللؤلؤ، أو رعي الحيوانات، أو تزويد فرقهم المقاتلة بدماء جديدة.
الأكثر من ذلك أن بريطانيا نفسها لم تكن جادة في كبح هذه التجارة إذ لم تعوّض هؤلاء الحكام عن الخسائر التي لحقت بهم جراء مكافحة هذه التجارة في منطقة شحيحة الموارد، إضافة إلى قلة أعداد السفن المناط بها متابعة هذه التجارة والقضاء عليها في منطقة هائلة بين شواطئ إفريقيا الشرقية وشواطئ شبه القارة الهندية الغربية، بما فيها من خلجان وأرخبيلات وأخوار، حيث لم تزد على سبع سفن.
وإذا كانت الإمارات الصغيرة قد سلمت بإجراءات التفتيش البريطانية واستسلمت لها، فإن الدول الكبيرة نسبياً مثل فارس والدولة العثمانية قاومت التدخل البريطاني لما ينطوي عليه من انتهاك لسيادتها.
استمرار الحماية الفرنسية للسفن
في الوقت ذاته، كان الفرنسيون مستمرون في تجارة الرقيق، فلم يكتفوا بتوزيع أعلامهم وفرض حمايتهم على السفن، بل كانوا أنفسهم تجار رقيق لا يشق لهم غبار، فبلغ عدد الذين جلبوهم إلى المستعمرات الاستوائية الفرنسية 25 ألف شخص تحت شعار ما عُرف بنظام "العمال الأحرار"، والذي عُمل به بعد قرار فرنسا بإلغاء الرق في مستعمراتها عام 1848، ما دفع الحكومة البريطانية إلى إرسال مندوبها السامي في جنوب إفريقيا بارتل فرير إلى زنجبار التي كانت مصدراً رئيساً لتجارة الرقيق، وتكليفه بإثناء حاكمها برغش بن سعيد عن هذه التجارة، لا سيما أن الأسطول البريطاني كان قد ضرب حصاراً حول الجزيرة.
وفي 14 آذار/ مارس عام 1873، تمكن فرير من فرض تعهد على السلطان برغش بن سعيد، نص على منع تجارة الرقيق بين الجزيرة وأي بلد آخر، وإقفال أسواقها أمام تجار الرقيق لا سيما الهنود الذين تعهدت بريطانيا بمنعهم من مزاولة هذه التجارة ومصادرة السفن التي تخالف هذه الأوامر، وحماية الرقيق المحررين.
وفُرض التعهد كذلك على تركي بن سعيد سلطان حاكم مسقط في نيسان/ أبريل من العام نفسه، مقابل اشتراطه على الحكومة البريطانية أن تقدم له تعويضاً عن ذلك، وكذلك على حاكمي الشارقة سالم بن سلطان القاسمي، وأبو ظبي زايد بن خليفة آل نهيان.
وكانت تعهدات إلغاء تجارة الرقيق أسلوباً بريطانياً لمواجهة المنافسة الدولية في هذه المنطقة، لا سيما الفرنسية منها، فكلما زاد خوفها من استشراء النفوذ الفرنسي شددت من دعواتها لمكافحة تجارة الرقيق أو متابعة القراصنة، والتي عادة ما تنتهي بفرض تعهد على هذا الحاكم أو ذاك، وتصل إلى حد التغاضي التام في بعض الأحيان عن هذه التجارة إذا أمّنت المنافسة الأجنبية في المنطقة، وعندها توجه تجارة الرقيق إلى ممتلكاتها التي استحوذت عليها في إفريقيا.
غير أن الفرنسيين لم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام نشاط الإنكليز الرامي لإلغاء تجارة الرقيق، فأظهروا تحفظهم حول قضية مكافحة تجارة الرقيق في مؤتمر بروكسل عام 1890، والذي كرّس من قبل الدولة العثمانية وبريطانيا وفرنسا لمناقشة هذه القضية، واستمرت شحنات الرقيق تصل إلى مدينة صور خلال تسعينيات القرن التاسع عشر، ومن هناك يتم توزيعهم إلى كافة مناطق الخليج وشبه الجزيرة العربية، وتحولت هذه المنطقة إلى مركز التوزيع الرئيس بسبب سريان حظر هذه التجارة في الأماكن الأخرى حتى مطلع القرن العشرين.
الضربة القاصمة من البرتغاليين
اللافت في هذه القضية كان أن الضربة القاضية لهذه التجارة تحت حماية الأعلام الفرنسية لم تأت من بريطانيا، وإنما من البرتغاليين الذين كانوا يحتلون موزمبيق عام 1902، وذلك عندما بلغتهم أنباء تفيد بأن أسطولاً من 12 سفينة رسا بصورة مريبة في خليج ساموكو الصغير الواقع في ساحل موزمبيق، واتضح أن الخليج كان مستعمرة صغيرة للبحارة العمانيين الذين عملوا بنشاط ملحوظ للمتاجرة بالرقيق بعيداً عن المراقبة البريطانية، وذلك مع شيخ خليج ساموكو فامبويتا مونو.
باغت البرتغاليون الخور بالمدفعية، فمات وهرب منهم كثيرون، وأُلقي القبض على الباقين بسفنهم وأسلحتهم البسيطة، وقُدم شيخ ساماكو للمحاكمة، حسب ما روى جون غوردون لويمر في كتاب "دليل الخليج"، وهو كتاب ترجمه إلى العربية قسم الترجمة في مكتب أمير دولة قطر.
وبحسب شطب، لم يكن الموقف البرتغالي نابعاً من مشاعر إنسانية خالصة، إذ كان البرتغاليون حتى ذلك الوقت من أعنف المستعمرين في أفريقيا وأكثرهم تأييداً لاستمرار هذه التجارة، لكن موقفهم هذا جاء خوفاً من نقل التنافس الفرنسي البريطاني إلى مستعمراتهم في إفريقيا، وقمعاً للمنافسة العمانية لهم في هذه التجارة.
تباين وقت إنهاء تجارة الرق بين دول الخليج، ففي عام 1937 صدر مرسوم بمعاقبة من يمارس تجارة الرقيق، وفي عام 1952 أعلنت قطر إلغاء الرق، وفي السعودية صدر قرار إلغاء الرق مطلقاً عام 1962، وشهد العام ذاته إنهاء الرق في اليمن، بينما حُظرت هذه التجارة في عمان عام 1970
أما بشأن الدولة العثمانية والحكومة الفارسية فارتبطتا مع بريطانيا بمعاهدتين عام 1881، التزمتا فيهما بعدم استيراد الرقيق الأفارقة إلى بلديهما، وأباحتا لها حق تفتيش سفنهما التجارية في الخليج العربي والبحر الأحمر وساحل إفريقيا بحثاً عن الرقيق.
ودخلت المعاهدتان طور التنفيذ عام 1882، بعد منافسة عثمانية بريطانية، وكذلك منافسة فارسية بريطانية شديدتين ومتزامنتين للسيطرة على البحرين والساحل الشرقي للخليج العربي امتدت طيلة الربع الأخير من القرن التاسع عشر.
مصير العبيد المحررين
حتى عام 1889، جرت العادة على نقل الرقيق المحررين إلى بومباي إذا كانوا غير راغبين بالبقاء في الخليج، لكن في أواخر هذا العام بدأت حكومة بومباي تتذمر من تزايد عدد المستعبدين على أراضيها، باعتبارهم عنصر اضطراب متزايد، وفق ما ذكر لويمر.
وتبعاً لذلك، بُذلت جهود لاكتشاف مخرج في اتجاه آخر، منها في مضايق سرواك (في ماليزيا) وفيجي جنوبي المحيط الهادئ، وجزيرة بورنيو (مقسمة بين إندونسيا وماليزيا وبروناي)، لكن حكومات هذه المناطق ردت بغير رغبتها في استقبال إفريقيين محررين.
بقيت الأمور كما هي عليه حتى عام 1897، عندما بدأت حكومة الهند نفسها تعترض على استيراد العبيد المحررين إلى الهند، واقترحت إرسالهم إلى شرق إفريقيا بدلاً من ذلك، وهو ما حدث بالفعل حيث أُرسلوا للعمل في مزارع سلطان زنجبار، وفق ما روى لويمر.
ويبدو أن هذه التجارة لم تنقطع تماماً مع مطلع القرن العشرين، فقد نشرت صحيفة "ديلي نيوز"، في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1926، أن الحكومة البريطانية وقعت ميثاقاً مع 30 حكومة في جنيف في شهر أيلول/ سبتمبر من تلك السنة لقطع دابر هذه التجارة إلى الأبد، بعد أن وردتها أنباء تفيد بمزاولتها بين الحجاج القادمين إلى مكة والعائدين منها، إذ كان الحاج يعود إلى بلده مصطحباً معه عدداً من الرقيق، ومن ثم بقي البحر الأحمر وكينيا والحبشة مراكز إعادة تصدير إلى مكة والخليج العربي، كما ذكر شطب.
وبحسب شطب، حاربت بريطانيا تجارة الرقيق عبر السفن التي كانت ترصدها في الخليج ونقلتهم إلى مختلف جهات العالم طيلة القرن التاسع عشر، في حين لم تلتفت إلى تحرير المستعبدين المحليين المتأصلين في المنطقة، أو تأهيلهم بعد تسريحهم من العمل في سفن الغوص بعد انهيار صيد اللؤلؤ في ثلاثينيات القرن العشرين، وحيث وجد هؤلاء أنفسهم بلا عائلات تؤويهم وبلا عمل، في حين بقي الرقيق مستشرياً في المنطقة إلى ستينيات القرن العشرين.
وتباين وقت إنهاء تجارة الرق في الخليج من دولة لأخرى، ففي عام 1937 أصدر حاكم البحرين حمد بن عيسى بن علي آل خليفة مرسوماً بمعاقبة من يمارس تجارة الرقيق، وبعد 9 سنوات، أي في عام 1945 صدر ما يعرف بـ"شهادة العتق" والتي كانت تمنح للمحررين.
وفي نيسان/ أبريل عام 1952، أعلنت قطر إلغاء الرق، وتحوّل المستعبدون إلى أحرار واندمجوا في المجتمع، مُنحوا الجنسية القطرية عام 1961.
وفي المملكة العربية السعودية، أصدر الأمير فيصل بن عبد العزيز، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء السعودي، في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1962، برنامجه الإصلاحي المعروف بـ"النقاط العشر"، والذي قضت نقطته العاشرة بإلغاء الرق مطلقاً، وتحرير جميع الأرقاء وتعويض مُلاكهم.
وشهد العام ذاته إنهاء الرق في اليمن، بعد اندلاع الثورة هناك، إذ جرّم الدستور والقانون ذلك، بينما حُظرت تجارة المستعبدين في سلطنة عمان عام 1970.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع