خصّ البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، العراق بأول زيارة خارجية له منذ تفشي جائحة الفيروس التاجي، وتعد في الوقت ذاته أول زيارة لحبر أعظم إلى البلد العربي.
وفق إعلان المتحدث باسم الفاتيكان، ماتيو بروني، فإن البابا (84 عاماً) سيكون في العراق بين 5 و8 آذار/ مارس عام 2021 في زيارة رسولية "تلبيةً لدعوة جمهورية العراق والكنيسة الكاثوليكية المحلية" بعدما كان قد علّق زياراته الخارجية طوال الـ15 شهراً الماضية بسبب الجائحة.
وتشير التفاصيل المعلنة إلى أن البابا سيزور "بغداد وسهل أور المرتبط بذكرى النبي إبراهيم ومدينتي أربيل والموصل وقرقوش في سهل نينوى".
وذلك مع التأكيد أن "الرحلة تمثل بادرة قرب ملموسة من جميع سكان ذلك البلد المعذب"، مع إشارة إلى أن البابا فرانسيس كان قد أعرب عن نيته زيارة العراق في 10 حزيران/ يونيو عام 2019، خلال استقباله للمشاركين في اجتماع هيئة أعمال مساعدة الكنائس الشرقية (رواكو).
قال البابا آنذاك: "هناك فكرة ملحة ترافقني عندما أفكّر في العراق"، معلناً رغبته في زيارته عام 2020 للتمكن من "التطلع إلى الأمام من خلال المشاركة السلمية والمشتركة في بناء الخير العام لجميع المكونات الدينية في المجتمع، ولا يسقط مجدّداً في توترات تأتي من صراعات القوى الإقليمية التي لم تهدأ قط".
دعماً للأقلية المسيحية ووأداً للفتنة الطائفية… البابا فرانسيس، حاج السلام، أول بابا للفاتيكان يزور العراق مطلع العام المقبل في أول زيارة خارجية له منذ تفشي جائحة كورونا
"رسالة سلام للعراق والمنطقة"
في العراق، رحب المسؤولون بالزيارة "التاريخية" -على حد وصف الرئيس برهم صالح- وعدّوها "رسالة سلام للعراق والمنطقة" بأسرها، وفق تأكيد وزارة الخارجية العراقية في بيان.
وكان الرئيس العراقي قد دعا البابا إلى زيارة رسمية للبلاد في تموز/ يوليو من العام الماضي على أمل أن تساعد زيارته على التعافي بعد سنوات من الفتنة الطائفية والتطرف. وفي كانون الثاني/يناير الماضي، استقبل البابا صالح في الفاتيكان.
ومنذ أن سيطر تنظيم داعش على سهل نينوى بين عامي 2014 و2017، لم يعد المسيحيون في شمال العراق بأعداد كبيرة ولم يعودوا إلى ديارهم حتى عقب رحيل التنظيم بسبب التوترات بين الجماعات المسلحة، علاوةً على تدمير البنى التحتية على نطاق واسع.
يُذكر أن زيارة البابا هي الأولى لمسؤول أجنبي إلى الموصل، التي عانت الويلات تحت حكم داعش، منذ أكثر من خمس سنوات. وتعد الزيارة عامل دعم قوياً لمسيحيي العراق للبقاء في بلدهم ومواجهة محاولات التطهير العرقي التي اتهمت الجماعات المتطرفة بالسعي بانتهاجها ضدهم.
قبل العراق، زار البابا فرانسيس مصر والإمارات والمغرب. في كل زيارة إلى بلد شرق أوسطي، عمد إلى نشر السلام وتعزيز الحوار بين الأديان ودعم أتباعه من المؤمنين المسيحيين
حتى عام 2003، كان العراق ذو الغالبية المسلمة الشيعية وطناً لمليون ونصف المليون مسيحي. لكن عددهم الآن يراوح بين 300 و 400 ألف فقط، بحسب منظمة "حمورابي" غير الحكومية التي تدافع عن حقوق الأقلية المسيحية في البلاد.
الزيارات الرسولية للشرق
قبل العراق، زار البابا الإمارات والمغرب في العام الماضي. في شباط/ فبراير الماضي، وتلبيةً لدعوة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد والكنيسة الكاثوليكية في الإمارات، زار البابا البلد الخليجي للمُشاركة في حوار عالمي بين الأديان ضمّ شيخ الأزهر أحمد الطيب ونحو 700 من ممثلي العقائد والأديان من مختلف الجنسيات، شعاره: الأخوة الإنسانية.
اعتبرت الزيارة "زيارة محبة وسلام لدعم التعايش بين أكبر ديانتين في العالم: المسيحية (ينتمي إليها 2.4 مليار شخص) والإسلام (1.8 مليار شخص)، وتعزيز قيم ومفاهيم الأخوة الإنسانية والتعايش السلمي بين الشعوب". وقّع الطيب والبابا آنذاك على "وثيقة حول التآخي الإنساني" التي ندّدا فيها بالتطرف الديني والدعم المقدم للإرهابيين.
لاحقاً، زار البابا فرانسيس المغرب في آذار/ مارس الماضي في أول زيارة له للبلد العربي استجابةً لدعوة من الملك محمد السادس لـ"تطوير الحوار بين الأديان".
حتى عام 2003، كان العراق ذو الغالبية المسلمة الشيعية وطناً لمليون ونصف المليون مسيحي. لكن عددهم الآن يراوح بين 300 و 400 ألف فقط
اعتبر البابا أنه ذهب إلى المغرب "كحاج للسلام والأخوة في عالم هو في أمس الحاجة لهذه القيم"، معبراً عن سعادته بـ"الفرصة الثمينة للقاء الجماعة المسيحية الموجودة على أرض المغرب، وتشجيع مسيرتها، كما سألتقي المهاجرين الذين يمثلون نداءً لبناء عالم أكثر عدلاً وتضامناً".
وأمل مسيحيو المغرب أن تسهم الزيارة في تخفيف التضييق الرسمي الذي يعوق حرية ممارستهم شعائرهم الدينية.
عام 2017، زار البابا مصر حيث قدم الدعم والتعازي للبابا الراحل تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية آنذاك، عقب سقوط ضحايا في تفجيرين استهدفا كنيستين في شمال مصر. وتفقد أيضاً الكنيسة البطرسية التي استهدفها تفجير في نهاية العام 2016. وذلك عقب لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي,
التقى البابا شيخ الأزهر أيضاً وألقى كلمة خلال مشاركته في مؤتمر الأزهر العالمي للسلام. وكان من أهداف هذه الزيارة تعزيز العلاقات بين الكنيسة الكاثوليكية والمسيحيين الأرثوذوكس في مصر فيما تبلغ نسبة المسيحيين الكاثوليك في البلاد نحو 0.3%. وقاد البابا قداساً جماهيرياً دعا خلاله إلى نبذ التطرف الديني.
في زيارة أخرى لدولة شرق أوسطية، وصل البابا تركيا عام 2014. ركز خلالها على الدعوة إلى حرية الأديان وضرورة تمتع جميع المواطنين أياً تكن طائفتهم بالحقوق نفسها أمام القانون.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...