"إنتي حدا كوول" هي الكلمة التي تردد دائماً على لسان أصدقائي من الرجال والنساء على حد سواء. لا أعرف بدقة كيف لا أكون كوول ومتى أكون كذلك؟
معنى الكلمة واسع ولا معادل لها بالعربية، بعضهم يقول لي: "رواق" أو "بينقعد معها"، خصوصاً من الذكور الذين يحاولون "تطبيقي" أو قضاء الوقت معي لأني "أشبههم ربما"، أو لأنني "سهلة"، حسب تعبير صديقة اتهمتني بأن من تحاول "تطبيقه" يتحدث عني أكثر مما يتحدث عنها. حاولت أن أفهم معنى هذا السلوك، أو هذه الصفة التي تنطبق على الذكور والإناث، والنتيجة المأساوية دفعتني لإعادة التفكير في الصورة النمطيّة التي تقدّم عن الكول وتاريخ هذه الصورة.
"إنتي حدا كوول" هي الكلمة التي تردد دائماً على لسان أصدقائي من الرجال والنساء على حد سواء. لا أعرف بدقة كيف لا أكون كوول ومتى أكون كذلك؟
الشب الكول
حسب كتاب "مولد الكول" للويز ماك أدمز، ولد المصطلح في الثقافة الشعبية في الخمسينيات والستينيات، وأطلق على فئة من الذكور، الفنانين والأدباء، كمايلز دايفس، جاكسون بولوك وغيرهم ممن مشوا "عكس التيّار"، مارسوا أهواءهم وأشياءهم دون أن يقف بوجههم شيء، حتى لو عنى ذلك نفيهم خارج المجتمع أو انحصارهم في طبقة ما.
الشهرة التي يتمتع بها هؤلاء جعلت الكول رجلاً خفيفاً، لا تعيقه الأخلاق والحواجز الاجتماعية المصطنعة. هو شخص يتصرف على طبيعته، ثوريّ ولديه مشكلة مع السلطة، وأسماء كجيل البيت ومالكوم أكس ودايفس كلهم رجال كول. هذه "الكولنيس" معدية، من حولهم يؤسر بها ويحاول تقليدها، إذ تبدو غير مصطنعة: يدخنون بلا تصنّع، مبدعون وأي جماعة ترحب بهم، والأهم أن النساء ينجذبن لهنّ، وكلنا كنساء نعرف أحداً "كول"، ذاك الذي لا مشكلة لديه بالجنس، وأصحاب عبارات "لا مشكلة في العري، فأنا لست منجذباً لك". هذه الراحة التي يمنحها الكول لمن حوله تخلق للوهلة الأولى مساحة آمنة للتصرف "بطبيعيّة"، دون تصنّع.
لكن مع زيادة الوعي النسوي، تبين أن هذا "الكول" في الكثير من الأحيان مجرد أداء، أسلوب لخلق فقاعة زائفة من الراحة التي يستغلها الكول لينال ما يريد، أو ببساطة ليهيمن على دور المرأة وسلوكها. خصوصاً مع المشاهير، نكتشف أن هؤلاء النساء الكوول ليسوا إلا إكسسواراً، وتسريبات جديدة كشفت أن مالكوم أكس، الأشد "كولنة" لم يكن لديه مشكلة بالتحرش والاغتصاب، ذات الأمر مع مايلز دايفيز، الذي لم يكن لديه مشكلة في أن يجبر صديقه إحداهن على الجنس الفموي في المقعد الخلفي، بينما كان هو يأكل الدجاج في المقعد الأمامي.
أفكر الآن بالمرات التي وجدت نفسي فيها بمواقف "غريبة" دون أن أعلم بدقة كيف أنتهى الأمر هنا، لا أقول تحرش أو اغتصاب، لكن فضاء ودي يتداخل فيه المزاح مع السخرية، ينتهي بأن أتحول إلى ألعوبة، لأن علي أن أكون "كوول" في حضرة الرجال الكوول.
البنت الكول
تثير البنت الكول غيرة قريناتها "المؤنّثات"، أو اللواتي يبحثن عن "رجل"، فالبنت الكول تهتم بشؤونها التي، للصدفة، تشابه شؤون الرجال: تحب ألعاب الفيديو والموسيقا التي يحبونها، بل تشاركهم جلساتهم الذكورية في شتم وتقريظ "الأخريات"، هي تؤدّي بدقة المتخيل الذي يمتلكه الرجل عن الفتاة، تفعل ما يفعل، تحب ما يحب، ولا مانع لديها في قضاء كل يوم العطلة مستلقية تدخن المارجوانا مع صديقها.
ما يميز البنت الكول هو قناع القوة التي تمتلكه، هي تتحمل بذاءة الرجال وتشارك بها أحياناً، تحرشاتهم وخبثهم يبدو لها مزاحاً وغير جدّي، مع العلم أنه مؤذ، لكن ردة فعلها مختلفة. وما يميز هذه البنت الكول أنها دائماً "جميلة"، صحيح هي لا تشابه النساء "المنسونات"، لكنها جميلة بأسلوبها، ثيابها قليلة الإتقان، شعرها متروك على راحته، هي "على طبيعتها" التي بحاجة أيضاً لذات الوقت اللازم كي تكون كالفتيات "المنسونات".
لا تقول الفتاة الكول إنها تبحث عن الحب، بل تترك الأشياء على طبيعتها، لا تصر ولا تطلب، بل تفعل ما تريد، لكنها أيضاً غرض رغبة، حسب المصطلح المهين من التحليل النفسي، لذا يجب أن تكون جاهزة دوماً لممارسة الجنس، فكل شيء "كول" ولا داعي للتصنع والتكلف، سواء كانت لوحدها مع "صديقها" أو بحضور الآخرين. فمن وجهة نظر "الرجل"، البنت الكول لا مشكلة لديها بالجنس، حتى لو كان في قبو متسخ مليء بأنصاف الشعراء وأنصاف الفنانين.
قدمت لنا السينما والمسلسلات الأمريكية الكثير من النماذج عن البنت الكول، الشقراء التي تحب ألعاب الفيديو، السمراء التي تتعرى أمام صديقها وتغير ثيابها دون أي مشكلة، والغريب أننا لا نراهن بعيداً عن الرجال، بل يأسرن قلب من يشاهد، ألم يقع بطل فيلم "المتحولون" في حب الشخصية التي تؤديها ميغان فوكس، لأنه رآها تصلح سيّارتها دون أن تتسخ أبداً، بل بقي جسدها برّاقاً تحت أشعة الشمس، بل ولم تتسخ طوال الفيلم بالرغم من هجوم كائنات فضائية على الأرض لتدميرها؟
حكايات لفتيات قررن نزع قناع "الكول" وفعل ما يشأن
الـ Uncool
أجد هذا النموذج منفراً للرجال، الفتاة القوية التي تفعل ما تريد، لا يهمها إرضاء أي رجل، في ذات الوقت لا مانع لديها من مشاهدة الرياضة، أو تقضية الوقت في ألعاب الفيديو. بصورة أخرى، تفعل ما يحلو لها دون الخوف ممن يشاهد، وجدت كتاباً بعنوان " Uncool: A Girl's Guide to Misfitting" ويتحدث على ألسنة المراهقات عن ميزات ألا تكون الفتاة كوول، في ذات الوقت لا تفقد أصدقاءها، يخبرنا الكتاب عن حكايات حقيقية لفتيات قررن فقط نزع قناع "الكول" وفعل ما يشأن.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يومينوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت