في عام 1939، نشرت أجاثا كريستي، التي ستصبح فيما بعد ملكة الرواية البوليسية، روايتها الشهيرة "عشرة زنوج صغار"، بيع من هذه الرواية أكثر من 100 مليون نسخة، وأصبحت في الترتيب السادس للكتب الأكثر مبيعاً في العالم، كما تم اقتباسها أكثر من 100 مرة، ومنها مسلسل لبناني بعنوان "عشرة عبيد صغار".
مناسبة الحديث عن هذه الرواية أن حفيد أجاثا، والوصي على حقوقها الفكرية، جيمس ريتشارد صرح أن الطبعات الحديثة من الرواية ستحذف منها كلمة "زنجي، negro" لأنها تتضمن تحقيراً عرقياً، وسيستبدل بعنوان "كانوا عشرة"، ويستعيض بكلمة "زنجي" بالنص بكلمة جندي.
يقول جيمس ريتشارد: لم تكن أجاثا كريستي لتحب أن يتأذى أحد بسبب أي من كتاباتها، وهذا ما يجب أن نفعله في 2020".
في هذا الأسبوع، قامت شركة والت ديزني بتعديل على بعض أفلامها الأكثر شهرة، بسبب "الأوصاف السلبية للأعراق والتحريفات للناس والثقافات"، مثل أفلام "Dumbo" ،"Aristocats" "،Ropenson of the south seas".
وبالتالي ستظهر للمتفرجين رسالة تقول: يتضمن هذا البرنامج تمثيلات مؤرخة أو معاملة سلبية للأشخاص والثقافات. كانت هذه الصور النمطية في غير محلها في ذلك الوقت ولا زالت موجودة حتى اليوم. بدلاً من إزالة المحتوى، نود أن نعترف بتأثيره الضار حتى لا نكرر نفس الأخطاء...".
هل تجدر إعادة النظر بتاريخ الأدب والفن برمته على ضوء المفاهيم الحديثة التي تنادي بالمساواة في العرق والجنس والدين؟ ألا يجب أن نتخلص من عنصرية الذكور البيض وإيحاءاتها الفوقية؟
ولكن، هل يجدر بنا أن نعيد النظر بتاريخ الأدب والفن برمته على ضوء المفاهيم الحديثة التي خلصنا إليها؟ ألا يقودنا هذا إلى قسر تاريخ الأدب وليّ عنقه؟ وبنفس الوقت، ألا يجب أن نتخلص من عنصرية الذكور البيض وإيحاءاتها الفوقية؟ تحمل العديد من أمهات الكتب، الأدبية والتاريخية، نظرة عنصرية تجاه العرق الأسود وبعضها يحمل تحقيراً للمرأة، هل يجب أن نعيد كتابة روبنسون كروزو وألف ليلة وليلة؟ وماذا عن عنصرية "الذكاء" التي حفلت بها سلسلة هاري بوتر، هل نشيع أدباً يساوي بين "الأذكياء" "والأغبياء"؟ هل نعيد كتابة كتب التاريخ بأكملها لتتخلص الحضارة من فترة كانت مظلمة واستمرت آثارها حتى اليوم؟
لنرفق "تنويه"
الآراء تتباين هنا، هناك من يدعو إلى "تنقيح" بعض الصفحات دون الإساءة إلى محتواها، كما فعل حفيد أجاثا كريستي، وهناك من يدعو لوضع ملاحظة تدل على وجود محتوى مسيء لطرف ما، في بداية الكتاب أو الفيلم، كما تفعل حالياً شركة ديزني.
هل نضع رسائل مرفقة ببعض الكتب، تقول إن في الفترة التي كتبت فيها هذه الرواية أو التي أحداثها فيها، كان من المقبول أن يعامل ذوي البشرة السوداء معاملة الماشية، وأن من الطبيعي وقتها أن تسجن النساء في "حرملك" محرومات من الخروج والدخول إلا بإذن، وأن الزواج بتسعة أو إحدى عشرة طفلة كان أمراً مطروقاً للغاية؟
لكن الأمر يبقى حتى الآن محمولاً، إذ يتعلق بمحتوى أدبي وفني ليس مصيرياً، ماذا عن الكتب المقدسة؟
هل نضيف إلى كتبنا المقدسة وسم +18 كتنويه لقارئها الذي يوشك أن يصطدم بكل ما تحويه من عبارات تمييز ضد المرأة والمثليين و"الكفار"، مهما كان دينهم؟
هناك العديد من الجمل العنصرية والتحيزية في كتبنا المقدسة، التي تحيل إلى عنصرية عرقية أو جنسية، ناهيك عن آلاف الكتب المتفرعة عنها والتي تنشر شرحاً لمضمونها، من وصف "الكفّار" مهما كان دينهم، بأحفاد القردة والخنازير، وأن مصيرهم سيكون الشي أو التقلب في نار الجحيم، إلى ربط الكفر والمعصية باللون الأسود، كما للمرأة أيضاً نصيب وافر من عبارات التحقير، ويحتل "المثليون" الدرك الأسفل من التصنيف، وبعض الكتب يحمل من العبارات ما لا يجب أن يسمعه طفل في طور التكوين، إذا أردنا إنشاء أجيال سليمة النظر إلى نفسها والآخر.
ما العمل؟ هل نضيف إلى كتبنا المقدسة وسم "+18"؟ على أحدهم أن يفعل.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين