شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
اكتشاف متعة الزراعة من البذور في البيت

اكتشاف متعة الزراعة من البذور في البيت

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد

الخميس 22 أكتوبر 202011:10 ص

بدأت رحلتي في زراعة النباتات من البذور، بعد ابتلاء العالم بوباء كورونا وأثناء فترة الحظر التي استمرت شهراً، حيث أعيش في مدينة فيلادلفيا في الولايات المتحدة الأمريكية. وجدت نفسي، كمعظمنا، أقضي طوال الوقت في المنزل. اكتشفت في هذه الهواية متعة من طراز مختلف، تختلف عن المتع التي اعتدت عليها كأستاذ جامعي، فنان مسرحي أو ناشط مجتمعي، حيث تنتج المتعة من عملي من تعاملي المباشر مع الطلاب، الفنانين المسرحين أو أفراد المجتمع. لم أكن معتاداً على متع أمارس فيها نشاطاً معيناً لوحدي.

بدأت القصة وكأنها فيلم ذو سيناريو محكم. يقوم البطل بجلي الصحون أثناء الاستماع لراديو NPR، ثم تلتقط عيناه بذوراً متناثرة لليمون. تصدح قناة NPR بقصة حول زراعة شجر الليمون من البذور، فيتوقف البطل عن الجلي ويلتقط بذور الليمون والتي كان على وشك إلقائها في سلة المهملات. تصدح قناة NPR بموسيقا كلاسيكية. يتجول خيال البطل بحرية في غابات مثقلة بشجر الليمون، ويرى حبيبات بذور الليمون في يديه تتحول لنباتات صغيرة، لشجيرات صغيرة، لأشجار كبيرة، لأغصان مثقلة بثمر الليمون. وأخيراً، يتجه البطل لقناة يوتيوب ويبدأ رحلة البحث عن طرق زراعة الليمون من البذور.

رحلة زراعة بذور الليمون

أخذت نفساً عميقاً، وبدأت التعلم. لأبدأ رحلتي يجب أن أنظف بذور الليمون من المادة الهلامية المحيطة بها، هذه العملية تسهم بجزء كبير من نجاح عملية تشجير الليمون من البذور، حيث أن إزالة المادة الهلامية حول البذور بشكل كامل تمنع البذور من التعفن. وجدت العديد من الطرق المختلفة، كنقع البذور في الماء ليوم، أو تنظيف البذور بصبر بواسطة منديل مبلل بالمياه، ورغم صبري الشديد في عملية التنظيف إلا أن نسبة نجاح تجاربي لم تتجاوز 20%.

أخيراً وجدت الطريقة المثالية لإزالة المادة الهلامية، وهذه الطريقة رفعت نسبة نجاح الزراعة لـ 90%، وتتمثل هذه الطريقة بمصّ البذرة حتى يتحول طعم الليمون لطعم مرّ، وهذه علامة بأن البذرة جاهزة. بعد عملية تنظيف البذرة ننتقل لوضع البذرة في منديل مبلل بالمياه ثم نضع المنديل في كيس بلاستيكي، نضع الكيس في مكان مظلم ودافئ، وعندها تبدأ لعبة الصبر... يوم، يومان، أحاول جهدي ألا أتلصص على البذور، وأن أنتظر أسبوعاً قبل أن أتأكد أن المنديل لا يزال مبللاً بالماء.

بعد مضي حوالي أسبوع، أفتح الكيس، ويا للمفاجأة، لقد نبت جذر صغير لأحد بذور الليمون. هذه لحظة المتعة الأولى. أول مرة رأيت الجذر الصغير، انتابتني العديد من الأسئلة: "هل أنقلها للتربة؟ هل أبقيها في المنديل والكيس لفترة أطول؟". بعد العديد من التجارب وجدت أن أفضل طريقة هي الانتظار لمدة أسبوع بعد ظهور الجذر لأول مرة، حيث بدأت ألحظ أن الجذر سيقوى بل وربما ألحظ وريقة صغيرة تنبت في الجهة المعاكسة للجذر، وهذه لحظة المتعة الثانية. البذرة الآن جاهزة بشكل كامل لتنتقل للتربة.

أجلب كوباً بلاستيكياً وأملؤه بالتربة، وبتروٍ شديد أنقل البذرة للكوب البلاستيكي وأغمرها بطبقة رقيقة من التراب، وأنا متأكد بأن النبتة سترى طريقها للنور. أضع الكوب في مكان مشمس ولا أبالغ بسقايتها بالمياه، مرة بشكل أسبوعي هو القدر المثالي للري. بعد حوالي أسبوع من نقلها للتربة، ينبثق من التربة كائن أخضر على استحياء، هذه لحظة مدهشة وهي أحد لحظات المتعة المميزة، إذ غالباً ما نرى هذا الانبثاق في الصباح الباكر، وإذا كنت تشبهني في عادتي لتفقد الكوب البلاستيكي كل ساعة، فإنك ستتفقد الكوب قبل ذهابك للنوم، وسترى فقط تربة، وستخلد للنوم، وعند استيقاظك ستجد كائناً أخضر صغيراً، وستشعر بالسعادة.

سيكون عليك الانتظار لثلاثة أعوام على الأقل لتشهد لحظة المتعة القصوى، وهي لحظة الإثمار، وهي لحظة لم أختبرها بعد، إذ تبلغ "ليموناتي" من العمر أقل من سنة.

حالياً أتعايش مع هذه الهواية بشكل يومي، ولا أستطع تخيل أي ثمرة تدخل المنزل بدون أن أحاول زراعة بذورها. حالفني الحظ مع الأفوكادو، المانغا والدراق، لكن تبقى متعة زراعة الليمون هي المتعة القصوى.  وربما سأفرد بعض الوقت لأكتب حول زراعة الأفوكادو والمانغا لاحقاً.

أخيراً، لمن تحمّس مثلي لهذه الهواية، أن يتابع قناتي على يوتيوب وأنستغرام، حيث أضع الفيديوهات والصور، ونتبادل الأفكار سوية.




رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image