تُشير الأدلة العلمية المتزايدة من جميع أنحاء العالم إلى أن فيتامين (د) يمكن أن يحمي من الإصابة بفيروس كوفيد-19، وقد يخفف من حدة الأعراض بالنسبة إلى من أصيبوا به، بالإضافة إلى إبعاد شبح الوفاة.
ظهرت الدراسات الأولى في العالم في نيسان/ أبريل الماضي. إحداها أجراها معهد الأبحاث التابع لمنظمة "لئوميت" الإسرائيلية للحفاظ على الصحة بالتعاون مع جامعة بار إيلان الإسرائيلية، وخلصت إلى "نتائج مبهرة"، وفق صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
يفغيني مارزون، مدير قسم الطب المدار في لئوميت والمشرف على الدراسة، قال: "كان واضحاً للغاية" نقص فيتامين (د) لدى كثير من المصابين بفيروس كورونا الذين تعامل معهم.
"ارتباط خطي تام"
للتحقق من هذا الحدس، جمع فريق الدراسة بيانات من نحو 7000 شخص تم اختبارهم للكشف عن فيروس كورونا بين شباط/ فبراير ونيسان/ أبريل الماضيين. أظهرت النتائج، بعد الأخذ في الاعتبار متغيرات عدة، مثل العمر والجنس والمستوى الاجتماعي والاقتصادي والأمراض الكامنة: " أن الأشخاص الذين لديهم مستويات منخفضة من فيتامين (د) كانوا أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، وكلما انخفض مستوى فيتامين (د) لديهم، زاد احتمال دخولهم المستشفى. بمعنى آخر، مع ظهور أعراض أكثر خطورة. بدا الأمر كما لو أن المستويات الأعلى (من فيتامين د) تحمي الناس من الإصابة".
منذ ذلك الحين، نُشرت مقالات مماثلة في الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا والصين وإيران وكوريا الجنوبية والهند وبريطانيا وسويسرا وإسرائيل. مراراً وتكراراً، سُلط الضوء على علاقة كبيرة بين مستوى فيتامين (د) في الدم وقابلية الإصابة بفيروس كورونا.
"هناك ارتباط خطي تام بين خطورة الفيروس ومستوى الفيتامين في الدم"... أدلة علمية متزايدة من جميع أنحاء العالم على أن فيتامين (د)، قد يحمي من الإصابة بفيروس كورونا، أو يخفف من حدة الأعراض لدى المصابين، علاوةً على إبعاد شبح الوفاة
ورجحت المنشورات المتعاقبة أن الأفراد الذين يعانون نقص فيتامين (د) هم أكثر عرضة للإصابة بالفيروس التاجي، وأن ذلك يؤدي في حالة الإصابة إلى زيادة احتمال حدوث مضاعفات. والعكس صحيح أيضاً.
بشكل عام، يمكن القول إن هناك ارتباطاً خطياً تاماً بين خطورة المرض ومستوى فيتامين (د) في الدم.
نتائج مثيرة في إسبانيا
في الآونة الأخيرة، أجريت تجربة مماثلة في إسبانيا قائمة على فحص العلاقة بين فيتامين (د) وأعراض فيروس كورونا. وخلصت إلى نتائج مثيرة.
تم تقسيم 76 مصاباً بالفيروس، وكانوا يخضعون للعلاج من صعوبات التنفس في المستشفى، إلى مجموعتين. تلقى مرضى المجموعة الأولى جرعات عالية بشكل خاص من فيتامين (د)، بينما استمر علاج أفراد المجموعة الثانية بالطريقة العادية.
في نهاية التجربة، اتضح أن 2% من المرضى الذين تلقوا فيتامين (د) احتاجوا النقل إلى العناية المركزة لاحقاً مقارنة بـ50% من مرضى المجموعة الثانية، توفي اثنان منهم.
كان الاستنتاج واضحاً: فيتامين (د) له تأثير كبير على تحسن حالة مرضى الفيروس التاجي. ومن الممكن أن يقلل من شدة الأعراض، ويقلل من احتمال الحاجة إلى العناية المركزة، وبالتالي من خطر الوفاة.
اللافت في ارتباط فيتامين (د) بالفيروس التاجي هو أنه قد يفسر، على سبيل المثال، لماذا الأشخاص ذوو البشرة السمراء في الغرب هم أكثر عرضة من الأشخاص ذوي البشرة الفاتحة للإصابة بفيروس كورونا أو للأعراض الشديدة له.
وذلك لأن كثافة الميلانين في البشرة الداكنة تمنع إنتاج فيتامين (د). إذا كان هذا دقيقاً، فإنه يفسر لماذا، في الولايات المتحدة مثلاً، الأشخاص الذين يعانون نقص فيتامين (د) هم أصحاب البشرة السوداء وذوو الأصول الإسبانية، ولماذا هم أكثر المصابين بفيروس كورونا.
في إسرائيل أيضاً، فإن أكثر المجموعات السكانية عرضة لنقص فيتامين (د) هي العرب والحريديم، المجموعتان اللتان تميلان إلى ارتداء ملابس طويلة لا تكشف على جلدتهما وهما الأكثر تضرراً من الوباء.
يمكن القول أيضاً إن المعدل المرتفع للمرض في هذه المجموعات يرجع إلى تدني حالتهم الاجتماعية والاقتصادية، واعتبار أن مستويات فيتامين (د) مؤشر وليس سبباً. فسوء التغذية، والسمنة، والاستعداد للإصابة بمرض السكري، والاكتظاظ، كلها عوامل قد تفسر حدوث المرض.
في هذا السياق، يمكن الإشارة إلى دراسة جديدة لصندوق المرضى الإسرائيلي "كلاليت" الذي فحص أكثر من نصف مليون شخص في 200 موقع بالداخل المحتل. كما أظهرت الدراسات السابقة ارتباطاً مثيراً للإعجاب بين نقص فيتامين (د) وخطر الإصابة بكوفيد-19.
كذلك تبيّن أن الأماكن التي يعاني أفرادها نقصاً في الفيتامينات هي "المدن الحمراء"، أي الأماكن التي ترتفع فيها نسبة الإصابة بشكل خاص. كانت جميعها مدناً وبلدات عربية وأرثوذكسية متشددة. وتُعزى الظاهرة عادة إلى وضع اجتماعي واقتصادي متدنٍ.
بينما الشتاء يقترب والتحذيرات من تصاعد الإصابات على أشدها، وبسبب إلحاح المشكلة، فإن النصيحة هي البدء في تناول فيتامين (د) لأن الأمر يتعلق بـ"تحسين العلاج وتقليل المخاطر"... لا وقت للانتظار وخسارة مزيد من الأرواح
مع ذلك، لاحظت الدراسة اختلافات كبيرة بين الرجال والنساء في العالم العربي. كانت معدلات الإصابة بين النساء أعلى بكثير من الرجال، ومستويات فيتامين (د) لدى النساء أقل أيضاً. التفسير المحتمل هو أن المرأة في المجتمع العربي ترتدي ملابس تغطي جسدها أكثر من الرجل، وتميل أيضاً إلى البقاء في المنزل أكثر منه. وبالتالي هي أقل تعرضاً لأشعة الشمس. ويُحيّد هذا الاختلاف إلى حد ما العامل الاجتماعي والاقتصادي إذ إن هؤلاء -رجالاً ونساءً- من الوسط الاجتماعي نفسه.
لماذا لا يتم اعتماده علاجاً؟
العديد من المشاهير والأطباء البارزين يتناولون فيتامين (د) ويحثون المقربين منهم على تناوله. لكن بالرغم من ذلك، ليس من السهل تعميم ذلك في نشرات طبية إلزاميةً.
اختصاصي علم المناعة الأمريكي الشهير، أنتوني فاوتشي، كبير خبراء فريق البيت الأبيض بشأن فيروس كورونا، صرح بأنه يأخذ 6000 وحدة منه يومياً، كما أفاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من سريره في المستشفى بأنه كان يتناوله.
وأصدرت دائرة التغذية في وزارة الصحة الإسرائيلية خطاباً إلى صناديق المرضى توصي فيه بوصف فيتامين (د) للأشخاص الذين يعانون نقصاً فيه. لم يتخط الأمر كونه رسالة روتينية لعدة اعتبارات، أبرزها أن اختبارات الكشف عن نسبة الفيتامين مكلفة للغاية.
ولا يمكن تحديد جرعة يومية مثالية من الفيتامين من دون معرفة نسبته وظروف تعرض الشخص للشمس من عدمه وغيرهما من العوامل البيئية والغذائية المؤثرة مثل لون الجلد ونسبة الدهون في الجسم والسن.
ويعتقد بأن جرعة يومية مناسبة من الفيتامين لمدة تراوح بين شهرين وثلاثة أشهر يمكن أن تساعد في منع الإصابة بالفيروس، أو في تخفيف الأعراض عند الإصابة.
في النهاية، برغم قلة البحوث ذات الصلة، وعدم استكمالها مراحل التحقق من الفرضية، فإن التوصية بتناول الفيتامين تبدو مهمة، لا سيما مع اقتراب فصل الشتاء وتحذير الخبراء من شتاء قد يكون سيئاً بسبب الفيروس، ومع عودة حالات الإصابة والوفاة في أوروبا ومناطق مختلفة من العالم إلى التصاعد.
باختصار يمكن القول إنه بسبب إلحاح المشكلة، فإن الأمر يتعلق بـ"تحسين العلاج وتقليل المخاطر" إذ لا وقت للانتظار وخسارة مزيد من الأرواح.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 15 ساعةرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.