شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
بأسعار مقبولة أو تقديمها مجاناً... سوريات يصنعن كمامات

بأسعار مقبولة أو تقديمها مجاناً... سوريات يصنعن كمامات "على الموضة" للوقاية من كورونا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 5 سبتمبر 202003:26 م

تعيشون في سوريا وتخافون من التقاط العدوى بفيروس كورونا مع وصول عدد الإصابات لحوالي ثلاثة آلاف في مختلف المدن والمحافظات، وفق آخر الأرقام الرسمية؟

تحاولون اتباع بعض القواعد التي يمكن أن تجنبكم أن تصبحوا أحد هذه الأرقام، لكن أبسط وربما أهم الإجراءات وهو ارتداء كمامة في الأماكن العامة بات بمثابة معضلة بالنسبة لكم، إما بسبب تكلفتها المرتفعة، أو لأنكم ببساطة لا تحبونها؟

قد يكون الحل أو الجواب عند نساء اخترن من خلال ورشات الخياطة الخاصة بهن، افتتاح خطوط لتصنيع أنواع وأشكال مختلفة من الكمامات، باستخدام أقمشة ملونة وتطريزات حديثة، وبيعها بأسعار مقبولة أو تقديمها بشكل مجاني.

"نهدف من ذلك لتشجيع الناس على أن تصبح الكمامة جزءاً من حياتهم اليومية في أوقات تفشي الوباء، ومساعدتهم على ألا تتحول لعبء مادي يفوق قدراتهم"، تقول هؤلاء النساء من مشاغلهن وورشاتهن الصغيرة المنتشرة في أنحاء البلاد، من دمشق وريفها وصولاً لحماه وحلب.

زينة حلال داخل مشغلها | تصوير: زينة شهلا

كمامات على الموضة

في مشغل كبير يقع في أحد أقبية حي التجارة، شرق العاصمة دمشق، تقضي مصممة الأزياء زينة حلال (29 عاماً)، ساعات طويلة من يومها وهي تعتني بتفاصيل منتجها الجديد الذي لم يمضِ أكثر من شهرين على دخوله قائمة منتجات ورشتها: الكمامات المطرزة والملونة والقابلة لإعادة الاستخدام.

بين غرفتها المخصصة لرسم تصاميم مختلف أنواع الأزياء، كفساتين السهرة والسراويل والكنزات، وغرف أخرى تحتوي ماكينة وأدوات الخياطة، تنشغل زينة، التي درست تصميم الأزياء في دبي، باختيار أنواع الأقمشة والألوان والخيوط، وبرسم زخرفات يطلبها زبائن جدد، ومن ثم الاستعانة بالحاسب لبرمجتها ونقلها إلى آلة التطريز، ويهتم عاملان آخران بباقي مراحل الخياطة. "نتلقى طلبات لتصميم وصناعة كمامات بشكل يومي"، تقول الفنانة أثناء لقاء مع رصيف22 داخل المشغل.

تُصنع الكمامات في المشغل الذي يحمل اسم صاحبته "زينة" من القطن أو الليكرا، وتُقص بشكل يغطي كامل منطقة الفم والأنف، ويمكن غسلها بالماء والصابون بشكل يدوي، وقد خضعت لتجارب وفحوص من أحد المختصين في وزارة الصحة للتأكد من فاعليتها، كما تشرح زينة.

تُصنع الكمامات في المشغل الذي يحمل اسم صاحبته "زينة" من القطن أو الليكرا، وتُقص بشكل يغطي كامل منطقة الفم والأنف، ويمكن غسلها بالماء والصابون بشكل يدوي، وقد خضعت لتجارب وفحوص من أحد المختصين في وزارة الصحة للتأكد من فاعليتها

وحسب الطلب، يمكن أن تصمم الكمامة بحيث يمكن ارتداؤها على الجهتين، أو على جهة واحدة، وتضع زينة أمام الزبائن مجموعة كبيرة من الخيارات لتطريز وجه أو وجهي الكمامة بأشكال وتصاميم مختلفة، كالأحرف والأسماء باللغتين العربية والإنكليزية، وعبارات تشجع الناس على التباعد الاجتماعي مثل "لا تقرب" أو "خليك بعيد" أو "بعد عني" أو "Keep your distance"، أو رسومات معينة يطلبها الأطفال بشكل خاص، وعلى رأسها أبطال أشهر مسلسلات الرسوم المتحركة مثل سوبرمان وباتمان.

وتتراوح تكلفة الكمامة بين ستة وعشرة آلاف ليرة سورية (ثلاثة وخمسة دولارات تقريباً) حسب كمية التطريز ونوع القماش المستخدم، في حين يصل سعر الكمامة الطبية التي يمكن استخدامها لمرة واحدة فقط لأربعمئة أو خمسمئة ليرة. 

"هي بمثابة حجة كي نضع الكمامة أطول وقت ممكن"، تقول زينة مبتسمة. "أنا شخصياً لا أحب الكمامة، وأشعر بانزعاج كبير عند ارتدائها وحتى عند رؤية شخص يرتديها، وأعتقد بأن كثيرين يشاركونني هذا الرأي، خاصة في أيام الحر الشديد. بذلك يمكنني القول بأن الهدف الأساسي من تصنيعنا لهذه الكمامات الملونة والمطرزة هو أن نشجع بعضنا على أن تصبح قطعة القماش الجديدة هذه جزءاً من حياتنا، وهي إن كانت جميلة ومصممة وفق أذواقنا والألوان التي نحبها، قد تتحول فعلاً لرفيقة يومية لنا".

بأقمشة ملونة ومزخرفة، اختارت مجموعة سما للأعمال اليدوية في دمشق ومنذ بداية جائحة كورونا في آذار/ مارس الفائت، أن تُطلق خطاً جديداً لإنتاج الكمامات القابلة لإعادة الاستخدام، وطرحها للبيع بسعر يقارب تكلفة تصنيعها، أو بشكل مجاني لمن لا يمتلك القدرة المادية لشرائها

كمامات مجانية لمن لا يستطيع لشرائها سبيلاً

بأقمشة ملونة ومزخرفة، اختارت مجموعة سما للأعمال اليدوية في دمشق ومنذ بداية جائحة كورونا في آذار/ مارس الفائت، أن تُطلق خطاً جديداً لإنتاج الكمامات القابلة لإعادة الاستخدام، وطرحها للبيع بسعر يقارب تكلفة تصنيعها، أو بشكل مجاني لمن لا يمتلك القدرة المادية لشرائها.

المجموعة التي تعمل منذ العام 2014 في مجال الحرف والأعمال اليدوية المستوحاة من الثقافة السورية على اختلاف تنوعاتها، وجدت نفسها مع اشتداد وطأة الجائحة في سوريا، أمام مسؤولية مزدوجة، "فنحن نريد حماية العاملات في مجموعتنا، وعددهن يفوق الثلاثين، كما أننا نرغب، وفق إمكانياتنا، بتقديم وسائل حماية بأسعار معقولة، وفي الوقت ذاته بجودة عالية ومعايير صحية عالمية، وهو ما دفعنا لإدخال الكمامات كواحدة من منتجاتنا التي بتنا نصنعها بشكل يومي"، هو ما شرحته علا حسن، مديرة الإنتاج بمجموعة سما، أثناء لقاء مع رصيف22.

تتضمن المعايير التي تتحدث عنها علا صنع الكمامة من طبقتين، الأولى من قماش البوبلين الملوّن والذي يحتوي نسبة عالية من القطن، والثانية من الشاش الطبي، ويمكن غسلها وكويها عند الحاجة. تحتوي الكمامة أيضاً جيباً صغيراً يمكن وضع طبقة عازلة إضافية ضمنه، ونزعها بهدف تعقيمها أو التخلص منها حسب الحاجة.

وقد استشارت علا العديد من الأطباء والخبراء داخل سوريا وخارجها للتأكد من كون الكمامة المصنعة بهذه الطريقة آمنة بشكل كامل، كما استعانت بالعديد من المصادر الموثوقة على الإنترنت لذات الغرض.

من كمامات مجموعة سما

"طرحنا الكمامة أولاً بسعر خمسمئة ليرة سورية، ثم رفعناه لألف ليرة (نصف دولار) مع ارتفاع تكاليف التصنيع"، تقول علا منوهة إلى أن هذا السعر والربح البسيط الناتج عنه يتيح للمجموعة تصنيع المزيد من الكمامات وتوزيعها دون مقابل، حين لا يتمكن الراغبون بشرائها من دفع ثمنها.

وحتى اليوم، صنعت المجموعة ووزعت مئات الكمامات الملونة، وبقياسات مختلفة تناسب الرجال والنساء والأطفال. "فكرتنا ألا يحتاج أحد لارتداء الكمامة ويمتنع عن ذلك بسبب تكلفتها المادية، وبالتالي يصبح غير قادر على حماية نفسه والآخرين"، تقول علا وتضيف بسعادة أن مجموعة سما باتت معروفة بكونها الجهة التي تقدم كمامات قابلة لإعادة الاستخدام وبشكل مجاني.

لا يعلم السوريون كغيرهم متى سينتهي الوباء. يأمل بعضهم بأن تخرج الكمامة من حياتهم بأقرب وقت. آخرون يقولون بأنها ستصبح رفيقة دائمة لهم حتى بعد التخلص من الفيروس والمرض، فهي عادة صحية ضرورية. وبكل الأحوال تستمر النساء في أرجاء البلاد بمحاولة إضفاء بعض الألوان والتغيير على أكبر أزمة صحية عرفها السوريون منذ وقت طويل.  


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image