أعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن رئيس الحكومة استقبل صبياً قال إنه ضحية التعذيب على أيدي قوات حفظ القانون. هذه الحادثة أشعلت غضب العراقيين طوال الأيام الماضية ولا تزال ارتداداتها مستمرة، علماً أن ناشطين كثراً شككوا في أن يكون الفتى الذي ظهر مع رئيس الحكومة هو "الضحية الحقيقية".
قبل ثلاثة أيام، تداول عراقيون على نطاق واسع مقطع فيديو لصبي عارٍ تماماً وهو يتعرض لاستجواب لدى عناصر أمنية عن سبب وجوده في ساحة التحرير. وردّ على أحد الأسئلة باكياً متوسلاً: "والله أول مرة أجي". خلال المقطع طُرحت على الطفل أسئلة محرجة عن والدته في جوّ من الترهيب والتخويف، فيما استمر أحد الأمنيين في حلق شعر رأسه.
وفي 3 آب/ أغسطس، ذكر مكتب الكاظمي، في بيان نقلته وسائل إعلام محلية، أن رئيس الوزراء التقى "المواطن القاصر حامد سعيد (16 عاماً)، الذي تعرض لتعذيب غير أخلاقي وغير قانوني على يد قوات حفظ القانون بعد إطلاق سراحه"، مبرزاً أن لجنة التحقيق في الواقعة "شخصت أسماء المتجاوزين من قوات حفظ القانون وقررت فسخ عقودهم وإحالتهم إلى القضاء".
"عُذّب عارياً وسُئل عن لون مؤخرة والدته"... رئيس الوزراء العراقي يلتقي الصبي الذي عذّبته وأذلته قوات "حفظ القانون"، متعهداً معاقبة المعتدين وإعادة هيكلة هذه القوات
الحكومة تعهدت وقف الانتهاكات
جاء ذلك بعدما أعلنت وزارة الداخلية، في 2 آب/ أغسطس، الكشف عن هوية الصبي الضحية، حامد، واعتقال "الفاعلين الرئيسيين" في فيديو التعذيب "غير الأخلاقي".
وقالت الوزارة إن "الشخص الذي ظهر في الفيديو ووقع عليه الاعتداء موقوف لدى مديرية مكافحة إجرام بغداد وفق أحكام المادة 446 من قانون العقوبات بتاريخ 18 أيار/ مايو الماضي، لسرقته دراجة نارية"، لافتةً إلى أن "حادث الاعتداء عليه تم من قبل منتسبي ‘حفظ القانون‘ قبل حوالى 20 يوماً من تاريخ توقيفه".
وأضافت: "الفاعلون الرئيسيون الذين ظهروا في مقطع فيديو، وهم يقومون بتعذيب أحد المواطنين، قد اعتقلوا، ولا تزال الجهود مستمرة للقبض على المتورطين الآخرين"، مشددةً على أن "العناصر التي ارتكبت هذا الفعل الإجرامي ستُحاسب وفق قانون العقوبات أو قانون الخدمة والتقاعد لقوى الأمن الداخلي".
ومع استمرار الغضب الشعبي والتفاعل مع الحادثة، كشفت الوزارة لاحقاً عن إجراء "دراسة موضوعية سريعة تتعلق بإعادة هيكلة قوات حفظ القانون بناء على توجيه القائد العام ومتابعة وزير الداخلية".
"معلومات مضللة"؟
فيما أثارت الحادثة غضب العراقيين الذين استنكروا "امتهان كرامة العراقيين من قبل العناصر الأمنية" و"المساس بشرف العراقيات"، عقب الشتائم التي وجهها أمنيون إلى الصبي وسؤالهم إياه عن "لون مؤخرة أمه".
اللافت أن عدة ناشطين قالوا إن الشخص الذي تحدث عنه بيان الداخلية ليس "المتظاهر ضحية التعذيب"، محمد، بل شقيق له متهم في قضية جنائية، معتبرين أن هذا "التضليل غرضه تشويه الموجودين في ساحة التحرير". وسخر معلقون من تأكيد "الداخلية" تعرض الصبي للتعذيب حتى قبل اتهامه بسرقة الدراجة المزعومة.
ودشنوا وسم #نريد_حق_محمد، كما هتف محتشدون في ساحات بغداد والمحافظات باسم الصبي، مرددين #امك_امي، ورافعين لافتات كُتب عليها "عرضك عرضي".
ابشر يمحمد امك صارت من ذي قار #العراق pic.twitter.com/XI3qVRRijT
— hamza Al-khazraji (@hamzaAlkhazraji) August 2, 2020
في هذا السياق، كتبت الفنانة والناشطة العراقية آلاء حسين: "هذا هو الولد الحقيقي حر طليق، وهذه هي القصة الحقيقية. تم تضليل حتى رئاسة الوزراء فجاء بيانها بمعلومة خاطئة عن شخص آخر سرق دراجة. أما الفيديو اللي انتشر هو لشخص آخر للتغطية لا أكثر. مع العلم أن الشخص الثاني تعرض للتعنيف ذاته، مخازي (شيء مخزٍ) إذا الشغلات الصغار هيج (هكذا) تتلفلف لعد الكبار شلووووون (كيف)".
هذا هو الولد الحقيقي حر طليق
— Alaa Hussein - الاء حسين (@actress_alaa) August 2, 2020
وهذه القصة الحقيقية
تم تضليل حتى على رئاسة الوزراء فجاء بيانهم بمعلومة خاطئة عن شخص اخر سرق دراجة
اما الفيديو اللي انتشر هو لشخص آخر
للتغطية لا اكثر
مع العلم ان الشخص الثاني تعرض للتعنيف ذاته #مخازي
اذا الشغلات الصغار هيج تتلفلف لعد الكبار شلووووون pic.twitter.com/tAc2UPR0Kj
وأرفقت حسين تغريدتها بمقطع فيديو للضحية، وهو يروي ما حدث معه وتهديده بوضع سكين على رقبته، كاشفاً عن حلق شعره بشكل غير متناسق.
لكن ناشطين آخرين قالوا إن حامد هو نفسه مشهور في ساحة التحرير التي يبيع فيها المياه باسم محمد، وإن التعذيب الذي تعرض له قبل توقيفه اضطره إلى الاعتراف في مقطع فيديو بسرقة الدراجة تفادياً لمزيد من التعذيب.
وظهرت عدة مقاطع للطفل من ساحة التحرير وهو يُعالج من آثار التعذيب على بدنه، ويقول: "رجعوني لأمي".
"الظلم يصنع التطرف"... عراقيون يحذرون من تفلّت الأمنيين والميليشيات من تبعات انتهاك حقوق الإنسان وتعذيب المواطنين، ومن مغبة ذلك على "نشر التطرف" و"كراهية الوطن"، وذلك عقب واقعة تعذيب #امك_امي
تحذير من التطرف
في أثناء ذلك، انتقد عراقيون، منهم النائب محمد شياع السوداني، الانتهاكات المتكررة التي يتعرض لها أفراد هذه "العائلة التي تواجه مشاكل الفقر والبطالة بعدما بات أفرادها في أوضاع مأسوية"، محذرين من تفلت المعتدين من العقاب والسماح بتكرار حوادث كهذه تدفع الشباب إلى "التطرف" و"كراهية الوطن".
وقال مغردون إن "أرخص شيء في العراق هو الإنسان"، مذكّرين انتهاكات مماثلة، إحداها حادثة "طفل ساحة الوثبة" الذي سحل وقتل وعلق على عمود عدة ساعات وسط صمت أمني.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 4 ساعاترائع
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحبيت اللغة.