شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
أين

أين " نحن" منهن/م؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الثلاثاء 4 أغسطس 202002:22 م


أنا فتاة أنتمي جغرافياً للعالم العربي، وروحياً لعالم لست أدري ما أصنفه.

تعبت من البحث عن أناي وسط تجاذبات تتعامل معي، بصفتي "أنثى"، كعورة، كناقصة عقل ودين، كوعاء جنسي، كمشروع زوجة مطيعة وأم صالحة، من قال إني مؤهلة لذلك؟ لازلت تلك الطفلة التي تتحسس الأشياء وتريد اكتشافها.

تعبت من تبرير وجودي وإثبات كفاءتي بمجهود مضاعف لأبي وأستاذي وخالي وصديقي ومرؤوسي... للمجتمع.

تعبت من العلاقات القائمة على النفاق الاجتماعي، جلسة القهوة التي تتردد فيها شعارات النسوية والممارسات الملائكية البعيدة عن الواقع، المناسبات التي توثّقها صور في غاية التناغم ولكنها في انفصال شديد مع الواقع، القُبَل والعناق المثقل بسخط ثقافتنا.

تعبت من ذكريات تكشف لي في كلّ مرّة سذاجتي. تعبت من رسائل الفيسبوك السخيفة المرسلة من مجهولين يعانون من مركزية القضيب. تعبت من مدعي/ات الثقافة والنضال. تعبت من ثقافة "المسمار في حيط" والوظائف العامة. تعبت الكلام والنقاش، حتى إني تعبت من تعبي هذا ...

ما هذه إلاّ أمثلة قليلة والقائمة طويلة. قائمة يمكن حصرها في ثلاثة مقاييس مجتمعية تجعل من الدنيا جنة: فحولة نشيطة، سيارة وبيت جميلان ورضاء المجتمع.
أما الأولى فهي الهاجس الأكبر في مجتمعاتنا العربية والعقدة الأكبر، كيف ذلك؟

ثلاثة مقاييس مجتمعية هي ما تجعل من هذه الدنيا جنة: فحولة نشيطة، سيارة فارهة وبيت ملك ورضاء المجتمع الذي يشكل الهاجس والعقدة الأكبر في مجتمعاتنا العربية

طقس الدخول إلى دائرة الفحولة

"الذكر" لا يدخل دائرة الرجال إلا إذا عبر طقس "ممارسة الجنس"، وعدد المرات في هذا المستوى مقياس مفصلي، فكلّما ارتفع العدد كلّما ارتفع منسوب الفحولة. في المقابل تعدّ "عاهرة" تلك التي تبادله ممارسة الجنس طبعاً، فزوجة المستقبل يتعين عليها أن تكون عذراء و"دون سوابق". الأمر مضحك، فهل ستمارس فحولتك مع شجرة مثلاً؟ وهل العذرية كوكب يصعب الوصول إليه؟
وحتى الذين يمتنعون عن ممارسة هذا الطقس هم يتزهدون واعدين أنفسهم بحوريات الجنة وحور العين، فهنيئاً للشقراوات بإعفائهن من هذه المهمة.
لنعتبر أن ذلك غير مهم، لنعتبر أنني خارجة عن السرب، وكالعادة ما أقوله نابع من الثقافة الغربية ولا يتلاءم مع مجتمعنا "العربي المسلم" ونمرّ...
لا يدخل الذكر دائرة الرجال إلا إذا عبر طقس "ممارسة الجنس"، وفي حين يعدّ فحلاً من كثرت تجاربة في العالم الرجال، تكون شريكته بالفعل الجنسي عاهرة في نظر المجتمع

البيت والسيارة. ما رأيكم/ن في البيت والسيارة؟ ألا يعتبر مواطن/ة درجة ثانية من لا يملك/تملك سيارة آخر صيحة وبيت ملك؟
هل تملك بيتاً وعملاً ثابتاً؟ أليس هذا من الأسئلة المحورية التي تطرح عندما يتقدم شخص للخطبة، أو يتعرّف شخص على حبيب/ة جديد/ة؟
ألا يعتبر من "المعذبين في الأرض" ركاب النقل العمومي وخاصة النساء منهن. فكم من مرّة أشعر بالاشمئزاز والانزعاج لنظرات ذلك الثمل الذي يجلس في الحافلة قبالتي، عند الساعة 19.45، عندما يتحول هذا الفضاء إلى فضاء ذكوري بامتياز.
وبما أننا من المعذبين/ات في الأرض فجنة الدنيا ليست مطروحة، لنمرّ...

رضاء المجتمع، (صمت)
ألا يكفي الصمت كإجابة؟

بحثاً عن كائنات تشبهني، أكتب هذه الكلمات

بحثاً عن مجتمع تُعامل المرأة فيه كالرجل، أشارك هذه الكلمات... لأعزز أملي.
بحثاً عن سلاسة ومصداقية في التعامل مع النص الديني، أشير في بعض كلماتي إلى هذه المسألة. بحثاً عن أناي أصوغ هذه الأفكار، وعلى رأي ألفة يوسف "نحن كائنات روحانية" في عالم مادي.

أقول "نحن"، ولكن في المقابل هناك "هم/ هن".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard